على أنقاض الدولة الليبية.. حرب النفط تُعمق الانقسامات في البلاد

الثلاثاء 20/سبتمبر/2016 - 05:44 م
طباعة على أنقاض الدولة
 
لا زالت التطورات الأخيرة التي حصلت في ليبيا، تثير المخاوف من حدوث انقسام في البلاد، فمع سيطرة الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر على موانئ النفط الليبي، تأتي النزاعات بين كل أطراف الحوار السياسي، فكل طرف يسعى للسيطرة على الهلال النفطي في البلاد، لتحقيق أغراضه التي يسعى للوصول للحكم من أجلها.
على أنقاض الدولة
وقال آمر كتيبة 101 مشاة إجدابيا، الملازم محمد ابسيط: إن القوات المسلحة الليبية تسيطر على منطقة الهلال النفطي بشكل كامل، وأيضًا على مدينة بن جواد والنوفلية حتى هراوة، تحت إمرة غرفة عمليات سرت الكبرى.
ففي الوقت الذي شن سلاح الجو الليبي غارات على ميليشيات إبراهيم الجضران، في منطقة الهروج ورأس لانوف، أول أمس الأحد 18 سبتمبر 2016، شنت ميليشيات موالية لإبراهيم الجضران القائد السابق لحرس المنشآت النفطية الليبية، الأخيرة هجوما معاكسًا على مدينة رأس لانوف.
وكانت تقارير إعلامية قد أكدت تصدي الجيش الليبي لهجوم ميليشيات الجضران المقال من قبل البرلمان الليبي، وأحد المتحالفين مع ميليشيات مصراتة التابعة لقوات "فجر ليبيا" المحسوبة على جماعة الإخوان والمطوية تحت حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج.
ويرى مراقبون، ملامح مشهد جديد تلعبه أيادي خفية في ليبيا، بدأت تتشكل على أنقاض التفاهمات السابقة.
ويرى محللون، أن المواجهات العسكرية تُعبر عن وجه من وجوه الصراع الدولي حول ليبيا ونفطها تحديدا؛ الأمر الذي يوضحه تصريح السفير البريطاني لدى ليبيا بيتر ميليت الذي اعتبر أن صور المنشآت النفطية وهي تحترق تضعف من استرداد ليبيا عافيتها، وكتب ميليت في تغريدة على حسابه على تويتر أن القتال المستمر حول منشآت الهلال النفطي يضر بمستقبل ليبيا الاقتصادي.
وفشل وفد المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية الذي يزور حاليًّا العاصمة الفرنسية، في انتزاع موقف فرنسي واضح في إدانة سيطرة قوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر على منطقة الهلال النفطي.
واجتمع الوفد في مقر الخارجية الفرنسية بعدد من كبار المسئولين المعنيين بالملف الليبي؛ حيث طالبهم أحمد معيتيق نائب رئيس حكومة الوفاق بضرورة إعراب الخارجية الفرنسية في بيان رسمي عن موقف يتضمن إدانة واضحة لعملية "البرق الخاطف" واستنكارا غير قابل للتأويل للتحركات العسكرية للمشير حفتر.
وتسعى الأطراف المتنازعة على النفط الليبي، إلى تبييض صفحتها أمام الغرب؛ حيث إن أوروبا مهتمة كثيرا بمن يسيطر على النفط.
وكان المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا جوناثان واينر قد أكد أن الولايات المتحدة تؤيد تصدير النفط من الموانئ التي خرجت عن سيطرة حكومة الوفاق الوطني طالما أن عائدات المبيعات تصب في صالح هذه الحكومة وحدها.
وفي سياق مواز، تشهد العاصمة الليبية طرابلس حالة من الاحتقان الاجتماعي؛ نظرًا لفشل المجلس الرئاسي بمهامه التي جاء من أجلها ولقي دعمًا أمميًّا ودوليًّا كبيرًا، كما أنه فشل في حل مشكلات المواطنين وفي مقدمتها أزمة السيولة وانقطاع التيار الكهربائي الذي وصل إلى ثماني عشرة ساعة خلال اليوم الواحد، الأمر الذي دفع عددًا من المواطنين، إلى الخروج في مظاهرات للاحتجاج على هذه الأوضاع
فايز السراج
فايز السراج
وتخشى حكومة الوفاق والمجلس الرئاسي من ثورة جديدة ضدهم؛ حيث سارع عضو المجلس عبدالسلام كجمان بعقد اجتماع مع مرشح وزارة الحكم المحلي في حكومة الوفاق بداد قنصو ووزير الداخلية محمد العارف خوجة.
وقالت وسائل إعلام محلية: إن كجمان أكد على ضرورة توفير محطة توليد كهربائي داخل العاصمة، وأن تقبل البلديات والمدن المحيطة بالعاصمة مبدأ توزيع الأحمال قبل حلول الكارثة، مشيرة إلى أن الاجتماع خلص إلى ضرورة تشكيل لجنة أزمة لمتابعة الوضع في العاصمة طرابلس، والحيلولة دون أن تتحول الاحتجاجات إلى ثورة عارمة. 
وعلي الرغم من أن المجلس الرئاسي حظي بدعم شعبي عند دخوله طرابلس منذ حوالي 6 أشهر، من قبل المؤسسات الحيوية في البلاد على غرار الشركة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي، إلا أنه لم يتمكن حتى الساعة من إيجاد حل لمشاكل المواطنين، بداية من نقص السيولة التي أدّت إلى تأخر صرف المرتبات وكذلك تخفيض الأسعار التي أرهق ارتفاعها المواطن الذي علق آماله عليها.
وفي هذا السياق، قال رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، إنه لا يجوز لحكومة ما أن تمارس عملها إلا بعد نيل ثقة البرلمان، وروسيا هي الدولة الوحيدة التي وقفت موقفاً جاداً من هذا الأمر، مشيرا في حوار له إلى أن روسيا هي الدولة العظمى الوحيدة التي وقفت موقفاً جاداً من هذا الأمر، وهو ما أدى إلى وضع الأمور في نصابها الصحيح في المستقبل.
واعتبر صالح الموقف الروسي موقفاً شجاعاً وداعماً لهم وداعماً للدستور الليبي واحتراماً لتداول السلطة المطلوب حسب الديمقراطيات الغربية التي تقول غير ما تفعل".
كما طالب رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح، روسيا بدعم ليبيا من أجل رفع حظر التسليح المفروض عليها من قبل مجلس الأمن الدولي. 
وترددت أنباء في الفترة الأخيرة إلى سعي الجيش الليبي بقيادة حفتر إلى استعادة العاصمة طرابلس لصالح السلطات الشرعية شرق البلاد، وهو الأمر الذي أكده حفتر في تصريح صحافي له.
وقال حفتر إنه لا يمكن أن تبقى العاصمة طرابلس رهينة في يد العصابات إلى الأبد، مؤكدا بأنه سيتم تحريرها دون إراقة دماء بإذن الله، هذا هو ما نسعى إليه.
وحذر حفتر في معرض حديثه من إمكانية انفجار الوضع في طرابلس مشيرا إلى أن الأمور سيئة على جميع الأصعدة، وأن سكان العاصمة يعيشون حياة بائسة بأتم معنى الكلمة، موضحًا أن مقومات الدولة غائبة تماما في طرابلس المختطفة والتي تتقاسمها الميليشيات والعصابات على حد قوله.
ومن الجدير بالذكر أن النفط في ليبيا تم اكتشافة عام 1958، وصدرت أول شحنة منه عام 1963 في عهد الملك إدريس. 
ومنذ ذلك الحين اعتمد الاقتصاد الليبي بشكل شبه كامل على النفط الذي توجه معظم صادراته إلى الأسواق الأوروبية، ورغم تعافي إنتاج النفط في هذا البلد عقب ثورة 2011 ووصوله إلى مليون وستمئة ألف برميل عام 2012، فإنه مع بداية العام 2013 هوى متوسط الإنتاج اليومي في ظل الصراعات المسلحة.
وفي وقت سابق صدّرت حكومة طبرق التي تتخذ من شرق ليبيا مقرا لها أول شحنة لها من النفط الخام في أبريل الماضي، في تحد واضح لحكومة الوفاق في طرابلس، ما أدى إلى تعمق الانقسامات التي أدخلت البلاد في حالة من الفوضى منذ سقوط معمر القذافي.

شارك