السعودية.. وممارسات إيران في اليمن وتسليح الحوثيين

الخميس 22/سبتمبر/2016 - 03:43 م
طباعة السعودية.. وممارسات
 
في إطار تعدد القضايا الإقليمية محل الخلاف بين المملكة العربية السعودية وإيران، فقد تقدمت الرياض برسالة إلى مجلس الأمن الدولي في 14 سبتمبر 2016، حول انتهاكات وخروقات إيران لقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2216) والمتعلق باليمن، وذلك في ظل تعدد المؤشرات على الدور السلبي الذي تقوم به طهران على الساحة اليمنية، ومن خلال ذراعها الرئيسي هناك، والمتمثل بـ"جماعة الحوثي"، بل ودعمها الجماعة بالسلاح في مواجهة قوات التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية.
ولذلك فقد طالبت الرياض مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات المناسبة لمطالبة إيران بأن تتوقف وتكف عن أي عمل غير مشروع في اليمن، مؤكدة في الوقت ذاته على حق المملكة في اتخاذ كل الإجراءات المناسبة لمواجهة التهديدات من جانب ميليشيات الحوثي وصالح المدعومة والممولة من إيران. ومع الإشارة على نحو خاص إلى تزويد إيران بصواريخ باليستية للميليشيا الحوثية وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وهو ما اعتبرته الرياض "عملاً غير ودي، ولا يتناسب مع ما يفترض أن يكون قائماً من علاقات حسن الجوار ولا يتفق مع التزامات إيران الدولية باحترام قرارات مجلس الأمن".
السعودية.. وممارسات
ومع الإشارة كذلك إلى اعتراض عدد من الدول الأعضاء والقوة البحرية المشتركة التي تتضمن قوات تابعة لأستراليا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، في مناسبات متعددة، شحنات ضخمة من أسلحة غير مشروعة تم التأكد من أن مصدرها إيران، حتى أن الأسطول الأمريكي الخامس أصدر بياناً في 4 أبريل 2016 أكد فيه أنه وللمرة الثالثة خلال الأسابيع الأخيرة تصادر القوات البحرية الدولية العاملة في بحر العرب أسلحة غير مشروعة والتي تقدر الولايات المتحدة الأمريكية أن مصدرها من إيران وكانت وجهتها المرجحة إلى المتمردين الحوثيين في اليمن.
والجدير بالذكر، فقد انهارت المحادثات التي رعتها الأمم المتحدة في الكويت لحلّ الأزمة اليمنية، وذلك بعد أن أعلن الحوثيون وحلفاؤهم في "المؤتمر الشعبي العام" بقيادة عبد الله صالح، تشكيل مجلس حاكم من عشرة أفراد في السادس من أغسطس 2016، رغم تحذيرات الأمم المتحدة من أن مثل هذه الخطوة تنتهك قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن كيفية حل الصراع اليمني. وقد اعترفت إيران، كأول دولة في العالم، بالمجلس السياسي الذي شكله حلفاؤهم في اليمن.
ولكن على الجانب الآخر، ورغم اعتراف القيادات الإيرانية بدعم تقدمه بلادهم لـ"جماعة الحوثي"، فإن طهران- ومن خلال "الممثلية الدائمية للجمهورية الإيرانية بالأمم المتحدة- أنكرت ما جاء في الرسالة السعودية، وسط ضبابية في المواقف الدولية من طهران وإمكانية مواصلة التفاوض معها بشأن الأزمة اليمنية.
وذلك ما يستدعي تقديم قراءة تحليلية عن فحوى رسالة السعودية إلى مجلس الأمن حول ممارسات إيران في اليمن وتسليح "الحوثيين"، والتناقض في ردود فعل إيران، وكذلك في المواقف الدولية، وهو ما يهتم تقرير "رسالة السعودية إلى مجلس الأمن حول ممارسات إيران في اليمن وتسليح الحوثيين" والذي أصدره المركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية بالكويت 21 سبتمبر 2016، بتناوله بالتحليل تركيزاً على المحاور التالية.
المحور الأول: يحلل فحوى ما جاء في الرسالة السعودية بحق إيران.
المحور الثاني: يوضح التناقض في مواقف إيران إزاء الرسالة السعودية.
المحور الثالث: يُبيّن الضبابية في المواقف الدولية إزاء إيران.
وفي وقت سابق من هذا التقرير قال مركز دراسات الدبلوماسية الإيرانية المقرب من الخارجية الإيرانية، الثلاثاء 20 سبتمبر 2016: إن على طهران أن تستخدم دبلوماسية السلام في علاقاتها مع الرياض.
وزير الخارجية، جواد
وزير الخارجية، جواد ظريف
وانتقد المركز الدبلوماسي في تقريره، مقال وزير الخارجية، جواد ظريف، الذي نشر في صحيفة "نيويورك تايمز" قائلا: "فيما العالم يبذل جهودا كبيرة من أجل السيطرة على الجيوش حتى لا يكون للعسكر صوتا سياسيا، نجد وزير خارجية حكومة الحكمة (حكومة روحاني) يتحدث بلغة قبل أن تعطي لنا الأمل توحي إلى عقولنا بالخوف".
وأضاف: "إن مقالة نيويورك تايمز لم تحمل رسالة الخارجية الإيرانية وجهود حكومتها المضاعفة للتخلص من التوتر بين البلدين".
وتابع المركز الإيراني قائلا: "ورغم الثورة الإيرانية والأثمنة الباهظة التي دفعتها إيران من أجل الوحدة بين الأمة الإسلامية، لا يزال الشيعة يعانون من غربة تاريخية وعزلة بين المسلمين".
 واستطرد: "ورغم أن الوهابية لم تهيمن على عموم العالم الإسلامي السني، لكن عندما تقف الوهابية على خلاف مع إيران الشيعية، حتى تركيا العلمانية سوف تقف بجانب السعودية".
 وتابع المركز تحليله حول الأزمة بين السعودية وإيران قائلًا: "نحن لا نستطيع أن نرى العالم من خلال النظارة الخاصة التي نضعها على أعيننا، ونحلل ونحكم على هذا العالم وفقا لرغباتنا، لذلك علينا أن لا نأمل بوجود ضعف داخل النظام السعودي الحاكم".
 وأوضح أنه "في الوقت الحاضر، نظام آل سعود هو أقدم نظام سياسي في المنطقة، ولديه علاقات قوية مع الغرب خصوصا أمريكا، واستنادا إلى وجهات النظر الكلية، فإنه يتمتع بعلاقات قوية مع العالم الإسلامي سابقا وحاضرا".
 وحول الصور الذهنية التي تروج عن الطرفين، قال المركز الدبلوماسي الإيراني: "من خلال نظرتنا إلى النظام السعودي نرسم صورة رجعية عن هذا النظام، كما وأن السعودية ترسم صورة من خلال نظرتها عن إيران تتمثل في أن نظامها يسعى إلى توسيع نفوذه السياسي في العالم الإسلامي السني".
ولفت إلى أن "الصور الذهنية هي حصيلة هذه النتائج التي لا يمكننا أن نغير كثيرا فيها"، واستدرك: "ومع ذلك ينبغي أن نبدأ من مكانٍ ما، وإذا لم تتوفر مساحة التغيير يجب أن نوفر هذه المساحة لتغيير هذه العقليات، لأن الأزمة هي فرصة لتبلور فنون الدبلوماسية والدبلوماسيين".
السعودية.. وممارسات
وحول صعوبة الحديث عن السلام مع السعودية داخل إيران قال المركز الدبلوماسي: "أجواء العلاقات بين طهران والرياض وصلت إلى مرحلة حرجة جدا، ومن يتحدث عن وجوب إيقاف الأزمة ربما يدفع ثمنا باهظا لطرحه، ولكن من لديه قلق وخوف على العالم الإسلامي وعلى وطنه ينبغي أن يطرح ويعبر عن آرائه التي تساهم في التخفيف من هذه المخاوف".
وتطرق المركز الإيراني إلى مكانة البلدين في المنطقة قائلا: "لا يمكن لا لإيران ولا للسعودية أن يغيرا من جغرافيتهما، ولا من خصوصيتهما الشيعة والوهابية، ومن هذا المنظور والتزامات الجوار التي تفرض نفسها على البلدين، فإن استعادة العلاقات الثنائية بين طهران والرياض هي ضرورة لكلا البلدين وينبغي أن تكون موضع اهتمام السياسة الخارجية الإيرانية والسعودية".
أما عن فشل سياسة إلغاء الآخر في الصراع مع السعودية، فقد قال المركز "في الواقع الإقليمي والجيوسياسي إيران والسعودية هما الدولتان المؤثرتان في المنطقة، وبعبارة شاملة هما مؤثرتين على العالم الإسلامي وستبقيان كذلك، وتغيير هذه المعادلة وإلغاء الآخر ليس بيد أي منهما، ولو كان هذا الاستنتاج موضعا لاهتمام الطرفين، فإنه عن طريق الحوار من الممكن التوصل إلى أفضل الحلول بين البلدين".
وطالب المركز الإيراني باستخدام الحكمة بدلا من سياسة الهجوم على السعودية قائلا: "الأدبيات البطولية لا مكان لها في السياسية وخاصة السياسة الخارجية".
 وأضاف: "في مجال السياسة تستطيع تحويل الأعداء إلى منافسين وتحويل المنافسين والأنداد إلى شركاء، لأن التدمير سهل جدا وتكلفته منخفضة، ووضع السياسات الإيجابية وتنفيذها يحتاج إلى حكمة".
وأشار إلى أن "خطة عمل الحكومة الإيرانية لا تقتصر فقط على السياسة الداخلية الإيرانية، وفي السياسة الخارجية لا يجب أن نحصر دورها في الملف النووي. اليوم تواجه إيران في علاقتها مع جيرانها مشكلة وأزمة خطيرة مع السعودية، وهذه الأزمة لديها القابلية للتوسع والتأثير داخل إيران وخارجها".
السعودية.. وممارسات
وأشار المركز الإيراني إلى إمكانية الوصول إلى اتفاق مع السعودية على غرار الاتفاق النووي قائلا: "إذا كنا قادرين على التفاوض مع أمريكا، فإنه يمكن أن تكتمل هذه المفاوضات في المنطقة بالحوار مع السعودية، ولا ينبغي أن نسمح للأجانب بأن يقوموا بإدارة الحرب في بلاد المسلمين، حيث لا يوجد أي منتصر في الحروب الداخلية بينهم، ولا يمكن إطلاق تسمية الشهداء على قتلى هذه الحروب".
 وأضاف: "يجب أن يكون هناك احترام متبادل لحقوق الطرفين في مناطق نفوذهم، والسعي إلى تقارب وجهات النظر، وتبديل ميدان الحرب إلى ميدان للصلح، وعلينا أن نغير من نظرتنا وذهنياتنا حول الطرفين حتى نصل إلى نقطة متعادلة".
وحول الاتهامات المتبادلة بين الطرفين، قال المركز الإيراني: "لا يمكن من خلال النظرة العدائية وإيقاع اللوم والاتهامات على الآخر، والقول بأن ظهور داعش نتيجة الوهابية أو تهميش وتجاهل أهل السنة، لا يمكن أن نبني جسرا للسلام بين الطرفين".
 ووصف المركز الدبلوماسي العلاقات بين السعودية وإيران بأنها تمر في مرحلة شديدة الخطورة، وقال: "في الوقت الحالي فإن العلاقات بين السعودية وإيران تمر بمرحلة ظلامية وكئيبة، ولكن يجب أن نعثر على طريق للسلام، فإذا لم نجده، فيجب أن نصنع ذلك الطريق وأن لا نتيح أي فرصة للحرب، وأن نصل إلى نقطة اللاعودة".
 يشار إلى أن بعض التيارات السياسية داخل إيران ترفض لغة الحرب الموجهة من قبل خامنئي وقادة الحرس ضد السعودية، وبدأت هذه التيارات، للإعلام الإيراني ومواقع التواصل، تعبر عن آرائها بصورة واضحة، رافضة سياسة النظام الحالية تجاه الرياض، معتبرة الحرب مع السعودية بمثابة القضاء على جميع المكتسبات الإيرانية في الداخل والمنطقة.

شارك