هل تنجح فرنسا في الوفاق بين أطراف النزاع الليبي؟
الخميس 29/سبتمبر/2016 - 02:48 م
طباعة
مع زيارة رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، إلى فرنسا، لبحث الأوضاع الجارية في البلاد، والتوصل إلى نتيجة لحل الأزمة الحالية، وصفت مصادر ليبية مُقربة من الوفد المرافق للسراج ، نتائج زيارة السراج لفرنسا، بـ"المتواضعة" سياسيًّا.
فرنسوا هولاند - فايز السراج
وقالت مصادر في تصريحات صحافية من العاصمة الفرنسية: إن السراج الذي كان يُعول كثيرا على هذه الزيارة بالنظر إلى دور فرنسا المؤثر في الملف الليبي، أنهى اتصالاته ولقاءاته ومشاوراته مع المسئولين الفرنسيين، وخاصة منهم الرئيس فرنسوا هولاند، بـحزمة من النصائح التي سبق أن سمع مثلها أثناء مشاركته في اجتماعات الدورة الـ70 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي أعلن فيها اعتزامه إطلاق مشروع مصالحة وطنية شاملة يضم جميع الأطياف السياسية والفكرية.
وأثارت زيارة السراج إلى فرنسا التي وصلها الاثنين الماضي جدلًا إعلاميًّا؛ بسبب فشل وفد المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية الذي زار باريس للتحضير لزيارة السراج، في انتزاع موقف فرنسي واضح في إدانة سيطرة قوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر على منطقة الهلال النفطي.
وفي سياق متصل، قال الناطق باسم الحكومة الفرنسية ستيفان لوفول، أمس الأربعاء 28 سبتمبر 2016: إن فرنسا ستستضيف اجتماعاً دولياً لمناقشة الوضع في ليبيا، الأسبوع المقبل، وستشارك فيه عدة دول من الشرق الأوسط، وذلك بعد يومٍ واحد من زيارة رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج إلى باريس واجتماعه بالرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند.
وأكد الجانب الفرنسي، على دعمه للاتفاق السياسي الذي وقع في "الصخيرات" في ديسمبر عام 2015 تحت إشراف الأمم المتحدة وعن دعمه للمجلس الرئاسي ولحكومة الوفاق، معبرًا عن استعداده التام لتقديم كل الدعم للمجلس لإنهاء الأزمة الليبية الحالية وإنهاء حالة الانقسام.
وكشفت تقارير إعلامية في وقت سابق أن وفد المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية الذي يتألف من نائبي رئيس حكومة الوفاق الوطني، موسى الكوني وأحمد معيتيق، اجتمع في مقر الخارجية الفرنسية بعدد من كبار المسئولين المعنيين بالملف الليبي؛ حيث طالبهم أحمد معيتيق بضرورة إعراب الخارجية الفرنسية في بيان رسمي عن موقف يتضمن إدانة واضحة لعملية "البرق الخاطف" التي مكنت الجيش الليبي من السيطرة على الموانئ النفطية، واستنكارًا غير قابل للتأويل للتحركات العسكرية للمشير حفتر.
واجتمع السراج خلال تواجده في باريس مع الرئيس الفرنسي هولاند الذي أكد أن بلاده لن تدخر أي جهد لدعم حكومة الوفاق الليبية، لا سيما في مجال مكافحة الإرهاب.
فا
وأضاف الرئيس الفرنسي في أعقاب هذا الاجتماع أن مصلحة المجتمع الدولي تكمن في وجود ليبيا مستقرة وآمنة، مؤكدًا على دعم فرنسا لحكومة الوفاق الوطني ولمبادرة السراج للمصالحة الشاملة في ليبيا، مؤكداً على رغبة فرنسا في تعزيز العلاقات الفرنسية الليبية، واستعدادها لمساعدة الحكومة فيما يتعلق بتدريب قوات الشرطة والجيش لحفظ الأمن ومكافحة الإرهاب، وتقديم كل ما تحتاجه الحكومة في مجال الخدمات والمساعدات الإنسانية.
من جانبه أشاد السراج بدعم فرنسا لحكومة الوفاق الوطني وتطلع هذه الحكومة لأن تُسهم فرنسا في قضية تأمين الحدود الجنوبية التي تتدفق منها الهجرة غير الشرعية، خاصة وأن لها مكانة خاصة في دول الجوار ويمكن أن تلعب دورًا بارزاً في عملية التنسيق بين ليبيا وهذه الدول الصديقة.
وقال السراج: لقد دعمت فرنسا الشعب الليبي وساهمت في إنجاح ثورته ونأمل أن تكمل المهمة بدعم أمن واستقرار ليبيا، قائلا: لقد وضعنا أولويات ثلاث لعملنا هي الأمن والاقتصاد والمصالحة الوطنية، ونحتاج إلى مساعدة فرنسا ودعمها لهذه الملفات الثلاث.
ووفق متابعين فقد طلب السراج من الجانب الفرنسي رفع قرار تجميد الأموال الليبية في فرنسا حتى يتمكن المجلس الرئاسي من استخدامها لتغطية نفقاته، والاهتمام أكثر فأكثر بأوضاع الليبيين المعيشية والخدماتية، غير أن الفرنسيين أبلغوه بصريح العبارة أن الأمر بيد مجلس الأمن الدولي الذي وحده القادر على إصدار مثل هذا القرار الذي يستدعي قبل ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية تجمع مختلف الفرقاء الليبيين.
ويصف مراقبون هذا التطور بالإيجابي ما لم يتم الالتفاف على جوهر مبادرة المصالحة التي أعلنها السراج، لإفراغها من محتواها خاصة وأن أصواتا بدأت تتعالى للمطالبة بآليات للمصالحة تبدأ بالعدالة الانتقالية.
وكان مقتل الجنود الفرنسيين بمثابة اعتراف فرنسي رسمي على لسان هولاند بتواجد عسكري لفرنسا على الأراضي الليبية دون تنسيق أو إعلام حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، وهو ما اعتبرته الأخيرة، آنذاك "اعتداء على السيادة الوطنية".
رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق يرى أن ليبيا الآن في حاجة إلى مصالحة تشمل جميع الليبيين بمختلف توجهاتهم وتياراتهم ولا تقصي أحدًا، هذا ما يحتاجه الليبيون بعد هذا التشظي والانقسام.
خليفة حفتر
وحول إذا ما كانت هذه المصالحة تشمل حفتر، قال السراج إنه "ليس هناك خلاف شخصي مع حفتر، هناك خلافات سياسية نسعى إلى تجاوزها والمضي قدما، كما نراهن على الروح الوطنية لجميع الليبيين".
وبشأن بناء المؤسسة العسكرية في بلاده، قال السراج: "نريد سلطة عسكرية تخضع للسلطة المدنية كما هو الحال في كل الدول الديمقراطية، لا نريد استنساخ دكتاتورية جديدة ولكن نريد بناء نظام مدني".
وحول موقفه من سيطرة قوات حفتر على الموانئ النفطية في منطقة الهلال النفطي شرقي البلاد منتصف الشهر الجاري، قال السراج: "كنا نسعى أن لا يقع أي تصعيد في هذه المنطقة لما لها من خصوصية لاحتوائها على النفط الذي هو قوت الليبيين جميعا، لكن المهم اليوم هو أن أي قوة تحمي المنشآت النفطية يجب أن تكون تحت سلطة حكومة الوفاق".
وتتزامن تصريحات السراج مع بيان عقيلة صالح رئيس "مجلس النواب" المنعقد شرقي ليبيا، والذي وصف فيه حكومة الوفاق الوطني بـ"غير الشرعية"، مطالبًا بالتعامل "فقط" مع "الحكومة المؤقتة" المنبثقة عن مجلسه "لحين تشكيل حكومة تمنح الثقة من قبل البرلمان وتؤدي اليمين القانونية أمامه"، وهو ما لم تنجح حكومة الوفاق في الحصول عليه حتى اليوم.