بعد تقدمه في حلب.. "قضم" الأحياء الشرقية سياسة الأسد لحصار المعارضة
الأحد 02/أكتوبر/2016 - 06:52 م
طباعة
على الرغم من المحاولات الدولية لوقف الأوضاع الميدانية المتدهورة في مدينة حلب السورية، نتيجة إصرار طرفي النزاع الجانب السوري المدعوم من روسيا، وجماعات المعارضة المدعومة من دول إقليمية وأميركا، إلا أن قوات الأسد بدا أنها مصرة على سياسة "قضم" الأحياء الشرقية في حلب، والسيطرة على حيي بستان الباشا والصاخور؛ بهدف تضييق مناطق سيطرة الفصائل المعارضة.
وتقف روسيا إلى جانب النظام السوري بقوة في معركته الدائرة في حلب، إذ لم يكن لقوات الأسد تحقيق تقدم على حساب الفصائل المعارضة في شمال مدينة حلب، إلا بدعم من الطائرات الروسية التي شنت عشرات الغارات ليلًا، فيما استمرت الأمم المتحدة في التنديد بـ"الوحشية" التي يواجهها المدنيون في الأحياء الشرقية، سواء من ممارسات الأسد أو من ممارسات القوى المسلحة.
ورغم المكالمة الهاتفية التي جرت بين وزيري الخارجية الأمريكي جون كيري والروسي سيرغي لافروف لمناقشة الوضع في سورية، خاصة المتعلق بحلب، وفق ما أعلنت موسكو، إلا أن كل هذه المساعي فشلت بدلالة عدم الوصول إلى اتفاق يساعد على احتواء التوتر بين بلديهما حول الملف السوري.
ويعتبر تقدمًا على صعيد الأحياء الشرقية في حلب، هو أولى النتائج التي يستهدف الجيش السوري تحقيقها منذ أعلن عن شنه هجوماً هدفه السيطرة على الأحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب، وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس: "حققت قوات النظام تقدمًا في شمال مدينة حلب، بعد تقدمها من منطقة الشقيف الى تخوم حي الهلك" الذي تسيطر عليه الفصائل والمحاذي لحي بستان القصر، من جهة الشمال، وأفاد بأن هذا التقدم جاء إثر شن "طائرات روسية ليلًا عشرات الغارات الجوية على مناطق الاشتباك" في شمال ووسط مدينة حلب.
وتخوض قوات النظام في الأيام الثلاثة الأخيرة معارك عنيفة ضد الفصائل المعارضة إثر شنها هجومين متوازيين انطلقا من شمال حلب ووسطها، ودارت اشتباكات عنيفة اليوم الأحد بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة على الأطراف الشمالية لحي الهلك، وعلى جبهتي حيي سليمان الحلبي وبستان الباشا في وسط المدينة.
ويعيش نحو 250 ألف شخص، في الأحياء الشرقية، وتتعرض تلك المناطق منذ بدء هجوم الجيش في 22 سبتمبر لغارات روسية وأخرى سورية كثيفة، ومع استمرار العمليات العسكرية في مدينة حلب، حذر رئيس مكتب الشئون الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبريان في بيان اليوم الأحد 2 أكتوبر 2016 بأن المدنيين الذي يتعرضون للقصف في شرق حلب يواجهون "مستوى من الوحشية يجب أن لا يتعرض له أي إنسان"، وجدد المطالبة بتخفيف معاناة نحو 250 ألف شخص في شرق حلب، داعيًا إلى "العمل العاجل لإنهاء الجحيم الذي يعيشون فيه".
وغداة استهداف أكبر مستشفى في شرق المدينة للمرة الثانية في غضون أيام، أشار أوبريان إلى أن "نظام الرعاية الصحية في شرق حلب دمر بشكل شبه تام"، وقال "المرافق الطبية تقصف واحدًا بعد الآخر"، داعيًا الأطراف المتحاربة إلى السماح على الأقل بعمليات إخلاء طبية لمئات المدنيين الذين هم في أشد الحاجة إلى الرعاية.
إلى ذلك، استهدفت غارات روسية الأحد المقر الرئيسي لفصيل سوري معارض يتلقى دعمًا أمريكيًّا في منطقة جبلية بمحافظة حماة في وسط البلاد؛ ما أدى إلى مقتل ستة على الأقل من عناصره، وفق ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس: "قتل ستة مقاتلين على الأقل من جيش العزة جراء تنفيذ طائرات روسية أكثر من 13 غارة بصواريخ ارتجاجية استهدفت المقر الرئيسي لجيش العزة في المرتفعات الجبلية القريبة من بلدة اللطامنة في ريف حماة الشمالي" بوسط سوريا.
وجيش العزة فصيل سوري معارض يتواجد بشكل رئيسي في ريف حماة الشمالي، ويتلقى وفق المرصد دعمًا أمريكيًّا وعربيًّا، وأوضح عبد الرحمن أن "خمسين قياديًّا وعنصرًا من جيش العزة كانوا داخل المركز لحظة استهدافه ولا يعرف حتى اللحظة مصيرهم"، لافتًا إلى أن المركز "عبارة عن مغارة كبيرة تضم مقرات ومستودعات أسلحة".
وفي أولى ضرباتها في سوريا في 30 سبتمبر 2015، استهدفت الطائرات الروسية مستودع أسلحة تابعًا لجيش العزة في اللطامنة، وتنفذ روسيا منذ عام حملة جوية مساندة لقوات النظام في سوريا، تقول إنها تستهدف تنظيم الدولة ومجموعات "إرهابية" أخرى"، بينما تتهمها دول الغرب وفصائل سورية معارضة باستهداف المجموعات المقاتلة المعتدلة أكثر من التركيز على الجهاديين.
ويخوض جيش العزة إلى جانب فصائل إسلامية ومقاتلة أبرزها جبهة فتح الشام- جبهة النصرة سابقًا قبل فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة- معارك عنيفة منذ اسابيع ضد قوات النظام وحلفائها في ريفي حماة الشمالي والشرقي، ويترافق الهجوم مع غارات روسية وسورية على مناطق الاشتباك.
وعلى صعيد ذي صلة، أنه بالرغم من التقارب النسبي بين روسيا وفرنسا خلال الفترة الماضية، إلا أن الخلاف بين البلدين لا يزال قائماً فيما يخص الأوضاع في سوريا؛ حيث قال جوان- مارك ايرولت، وزير الخارجية الفرنسي، إنه لا بد من أن يكون المجتمع الدولي أكثر صرامة في التعامل مع روسيا، وذلك في تعليق على خلفية الأوضاع التي تشهدها روسيا والدعم الروسي الكبير للقوات الموالية لبشار الأسد والتقارير عن سقوط العديد من الضحايا المدنيين كنتيجة لذلك.
جاء ذلك في مقابلة للوزير الفرنسي مع مراسلة الـCNN حيث قال: "كان بإمكاننا ضرب قوات الأسد وقد حاولنا ذلك؛ حيث دعمت فرنسا ذلك في العام 2013 بعد استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية، وذلك كان الخط الأحمر وكنا على توافق نحن وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية على أنه إذا ما تم تجاوز ذلك الخط الأحمر فإننا سنقوم بضرب قوات النظام، ولكن ذلك لم يحدث."
وأردف ايرولت قائلًا: "كان ذلك-عدم توجيه ضربات ضد قوات الأسد بعد استخدام الكيماوي- قرارًا سياديًّا للولايات المتحدة الأمريكية وهو الآن في الماضي، ونحن قد تجاوزناه."