الانتخابات البرلمانية المغربية تضع إخوان "البنا" بين النصر والهزيمة

السبت 08/أكتوبر/2016 - 03:37 م
طباعة الانتخابات البرلمانية
 
على الرغم من إعلان وزارة الداخلية المغربية يوم السبت8-10-  2016م فوز حزب "العدالة والتنمية" الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في المغرب في الانتخابات البرلمانية التي جرت الجمعة 7-10-2016م بحصوله على 125 مقعدًا من أصل 395، إلا أن ذلك يجبره على التنسيق مع غريمه حزب الأصالة والمعاصرة الذي حل ثانيًا بمجموع 102 مقعد، وهو ما يجعل فوزه بين النصر والهزيمة؛ لأن ذلك يمكنه من البقاء على رأس الحكومة لولاية ثانية. 
الانتخابات البرلمانية
وبحسب بيان لوزارة الداخلية المغربية، حصل حزب العدالة والتنمية على 98 مقعدًا في الدوائر الانتخابية المحلية و27 مقعدًا على اللائحة الانتخابية الوطنية، مجموعها 125 مقعدًا. وتلاه خصمه الرئيسي حزب الأصالة والمعاصرة الذي فاز بـ81 مقعدًا محليًّا و21 مقعدًا وطنيًّا (102( أما حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي كان من الأحزاب الكبرى التي قادت الانتقال الديمقراطي في المغرب بين الملك الحسن الثاني وابنه الملك محمد السادس، فقد انحدر إلى المرتبة السابعة بـ14 مقعدًا، تبعه حزب التقدم والاشتراكية بسبعة مقاعد، والحركة الديمقراطية الاجتماعية بثلاثة مقاعد، ثم فدرالية اليسار الديمقراطي بمقعدين، وباقي الأحزاب حصلت على مقعدين وقد بلغت نسبة المشاركة 43 %، إذ صوت في الانتخابات ستة ملايين و750 ألفا من أصل قرابة 16 مليون مغربي مسجل في اللوائح وهو ما علق عليه عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة وأمين عام الحزب الإسلامي أن نتائج حزبه "جد إيجابية"، معتبرًا أن "الشعب المغربي كسب كسبًا عظيمًا ويستحق أن يكون في مصاف الدول الصاعدة وأن هذا يوم فرح وسرور انتصرت فيه الديمقراطية وظهرت فيه الأمور على حقيقتها".
الانتخابات البرلمانية
واحتفل أنصار العدالة والتنمية مساء الجمعة 7-10-2016م بالفوز في مقر حزبهم في حي الليمون بالعاصمة الرباط حتى قبل الإعلان الرسمي من طرف وزارة الداخلية عن النتائج الأولية وبدوره، قال محمد حصاد: "لا بد من أن نهنئ حزب العدالة والتنمية على الرغم من كونه لا يثق في الداخلية، وهاجمها كثيرا"، في إشارة إلى الانتقادات الحادة التي وجهها الحزب الإسلامي بسبب تدخل موظفي وزارة الداخلية "للتأثير في الناخبين للتصويت لصالح حزب الأصالة والمعاصرة"، بحسب بيان صادر عن الحزب" وبحسب الدستور الجديد في المغرب يختار الملك رئيس الحكومة من الحزب الفائر بالانتخابات ويكلفه بتشكيل التحالف الحكومي.
ووفقًا للنظام الانتخابي في المغرب، لا يمكن لحزب واحد الفوز بأغلبية مطلقة، الأمر الذي يجبر الفائزين على الدخول في مفاوضات لتشكيل حكومات ائتلافية ما يحد من النفوذ السياسي للأحزاب وذلك بعد أن كانت كل السلطات التنفيذية في يد الملك حتى عام 2011، عندما وافق الملك محمد السادس على تحويل الحكم في البلاد إلى ملكي دستوري في غمرة انطلاق حركات المظاهرات والاحتجاجات في المنطقة فيما عرف بالربيع العربي وعلى الرغم من تخلي الملك عن بعض سلطاته كجزء من الإصلاحات الدستورية، إلا أنه ما زال أقوى شخصية في البلاد وهو الذي يختار رئيس الوزراء من الحزب الفائز بالانتخابات ويرأس الملك المجلس القضائي والجهاز الأمني، كما أن بعض المناصب الرئيسية مثل وزير الداخلية يشغلها تكنوقراط يعينهم الملك ومنذ فوز العدالة والتنمية بانتخابات عام 2011 م وهو يقود تحالفًا واسعًا لقيادة البلاد، بعد بروزه كأكبر حزب فيها.
الانتخابات البرلمانية
 وعلى الرغم من أن النتيجة المتقاربة للحزبين المغربين الرئيسيين ستجعل من الصعب بالنسبة للعدالة والتنمية تشكيل حكومة، وأن النظام الانتخابي الساري في المغرب لا يسمح لأي حزب بالفوز بأغلبية مطلقة، وينبغي على الفائز تشكيل حكومة ائتلافية قال عبد الفتاح الفاتحي، الكاتب والمحلل السياسي، أن حصول حزب العدالة والتنمية على أغلبية المقاعد البرلمانية في الانتخابات التشريعية المغربية يؤكد أنه الذي يشكل الائتلاف الحكومي المقبل، وأنه من المتوقع أن يتم تشكيل الائتلاف الحكومي من الأحزاب المؤيدة للعدالة والتنمية حتى تستطيع تمرير مشروعة السياسي في المستقبل القريب وأن حزب الاستقلال وحزب التقدم الاشتراكي من أكبر الأحزاب المؤيدة للعدالة والتنمية، ومن المتوقع أن يكونوا قيادات منهم في التشكيل الحكومي الجديد.
 يذكر أن المحلل السياسي مصطفى السحيمي، قد توقع تصدر العدالة والتنمية لنتائج الانتخابات، كما حدث في انتخابات 2011، لكنه سيواجه صعوبات كبيرة في جمع 198 مقعدا من أجل تشكيل الأغلبية في البرلمان، ويكون بالتالي قادرا على تشكيل الائتلاف الحكومي؛ "لأنه من المستحيل أن تمتد الأغلبية الحكومية الحالية؛ نظرًا للانشقاقات العديدة التي عرفتها"، على حد تعبير السحيمي وانه بصرف النظر عن التحالف الثابت بين العدالة والتنمية وحزب التقدم والاشتراكية، فإن عبد الإله بنكيران لم يحصل على دعم صريح من طرف حلفائه الآخرين ذلك أن التجمع الوطني للأحرار، في شخص زعيمه صلاح الدين مزوار، عبر عن مواقف انتقادية له، واتهمه في أكثر من مناسبة بـ"الهيمنة" كما أن علاقة الحزبين لم تكن جيدة على الإطلاق؛ حيث صار مزوار خصمًا لبنكيران أكثر من كونه حليفًا، حسب تعبير نفس المصدر واعتبر السحيمي أن بنكيران واجه صعوبات أقل مع حليفه الآخر المتمثل في حزب "الحركة الشعبية"، الذي عبر أعضاؤه عن عدم امتناعهم في المشاركة في التحالف الحكومي المقبل إذا فاز "العدالة والتنمية" في الانتخابات.
الانتخابات البرلمانية
 مما سبق نسطيع أن نؤكد أن نتائج الانتخابات البرلمانية المغربية وضعت  جماعة الإخوان المسلمين في المغرب، وذراعهم السياسي حزب العدالة والتنمية- في موقف سياسي صعب قد يدفعه إلى التحالف مع غريمهم السياسي  حزب الأصالة والمعاصرة أو الاتفاق مع الأحزاب الأصغر، وكلا الأمرين يجعل انتصارهم "فوز" بطعم "الهزيمة". 

شارك