رُغم تبنيها عملية القدس.. تفاهمات بين "حماس" وإسرائيل لضمان استقرار غزة

الأحد 09/أكتوبر/2016 - 07:40 م
طباعة رُغم تبنيها عملية
 
في الوقت الذي تراجعت فيه الآمال حول استئناف عملية التفاوض بين كيان الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين (حركة فتح)، لم يعد أمام حركة "حماس" إلا العودة مُجدداً إلى تنفيذ العلميات النوعية التي تستهدف من خلالها الجنود الإسرائيلين، حيث أعلنت حركة "حماس" أن منفذ عملية إطلاق النار، صباح اليوم الأحد، في مدينة القدس هو أحد أعضائها الناشطين، وأن العملية جاءت رداً على "الانتهاكات الإسرائيلية" في المدينة.
وعلى الرغم من تصاعد أعمال العنف بين الجانبين واستمرار الفلسطينين شن هجمات مقاومة ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن حصيلة القتلى الفلسطينين بالمقارنة بالإسرائيلين تكون كبيرة ففي أحدث الإحصاءات فإن عدد القتلى من الفلسطينيين منذ أكتوبر العام الماضي، بلغ نحو 249 فلسطينياً في مقابل 36 إسرائيلياً.
وقالت الحركة في بيان لها اليوم إن "منفذ عملية إطلاق النار اليوم في مدينة القدس مصباح أبو صبيح (أبو عزالدين) ينتمي إلى حركة حماس"، وأوضحت الحركة في بيانها أن أبو صبيح أقدم على تنفيذ هذه العملية "ردا على الانتهاكات الإسرائيلية المستديمة في مدينة القدس لاسيما على المسجد الأقصى".
رُغم تبنيها عملية
وأشار البيان إلى أن القوات الإسرائيلية شددت من ملاحقتها للقتيل أبو صبيح خلال الأسبوعين الأخيرين باعتقاله وتوقيفه 5 مرات، حيث أفرج عنه آخر مرة شرط الإبعاد عن شرقي القدس لمدة شهر، وقبلها تسلّم قرارا بالمنع من السفر لنهاية العام الجاري وكذلك بمنعه من دخول المسجد الأقصى لمدة 6 أشهر. 
وقالت حماس في بيانها إن "انتفاضة القدس ماضية وأن أحداً ما لن يتمكن من إيقافها، وأن عملية اليوم حققت عنصر المفاجأة لإسرائيل، وهي التي أتت في ظل الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذتها إسرائيل بسبب الأعياد اليهودية". 
وأسفرت العملية عن مقتل إسرائيليين اثنين بعد نقلهما إلى المستشفى تأثراً بجراحهما، بالإضافة إلى إصابة ثالث بجراح طفيفة، بينما قتل منفذ العملية في تبادل لإطلاق النار مع عناصر الشرطة.  
كانت الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم الأحد، ألقت الضوء على السيناريوهات المتوقعة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ورصدت وجهات نظر مختلفة بشأن المسألة استبعدت في مجملها حدوث مواجهة قريبة، وقال المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" يوآف زيتون إن وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أعلن أن إسرائيل ليست بصدد المبادرة لتنفيذ عملية عسكرية ضد حركة حماس في غزة، لكنها لن تصبر طويلا على توالي سقوط القذائف الصاروخية.
رُغم تبنيها عملية
وزعم ليبرمان الذي يتزعم حزب "إسرائيل بيتنا" أن الجيش الإسرائيلي لا يبحث عن أجواء إثارة مع حماس، ولا أحد يدفعه للتصعيد العسكري ضدها، إلا أنه أكد أنهم سيكونون حريصين على توفير الأمن للإسرائيليين، و"في هذه النقطة بالذات لن تكون هناك تسويات أو مساومات، كل قذيفة صاروخية من غزة سيتم الرد عليها بقوة".
من جهته، ذكر الخبير العسكري في الصحيفة ذاتها رون بن يشاي أن المجموعات "السلفية المسلحة" في غزة تريد من إسرائيل أن تقضي على سلطة حماس من خلال استمرارها بإطلاق الصواريخ على التجمعات الاستيطانية على حدود غزة لإجبار إسرائيل على قصف أهداف عسكرية لحماس تعود إلى بنيتها التحتية التسليحية.
وأضاف أن هذه المجموعات المقربة من تنظيم الدولة الإسلامية تهدف لأن تحل محل حماس في السيطرة على غزة، لكنها تعاني من قوتها العسكرية الصغيرة، ولذلك تسعى إلى استدراج إسرائيل للقيام بهجمات جوية كبيرة ضد حماس.
وأوضح أن هذه المجموعات السلفية كانت تطلق صواريخها في الماضي نحو مناطق مفتوحة في إسرائيل، سواء بسبب نقص التدريبات لديها، أو خوفها من استهداف سلاح الجو الإسرائيلي لها، لكنها في الآونة الأخيرة رفعت درجة تحديها لإسرائيل بهدف إيقاع خسائر بشرية إسرائيلية، مما سيؤدي حتما -من وجهة نظر هذه المجموعات- إلى اندلاع حرب جديدة ستقوم بها إسرائيل، وتقضي فيها كليا على حكم حماس في غزة.
 ومن وجهة نظر الخبير العسكري ذاته فإن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تدرك جيدا أن حماس غير معنية بالدخول في مواجهة عسكرية مفتوحة إضافية، لأن القيادة العسكرية للحركة ليست مستعدة بما فيه الكفاية لخوض مثل هذه المواجهة، فلديها مشاكل في تعويض النقص الحاصل في القذائف الصاروخية بسبب إحباط إسرائيل عمليات تهريبها من الخارج إلى غزة عقب الحصار الذي تفرضه مصر، واستهداف منظومة الأنفاق التي تنشئها الحركة.
رُغم تبنيها عملية
وأوضح أن الوضع القائم مع غزة يدخل إسرائيل في دوامة قاسية، فحكومتها وأجهزتها الأمنية لا يمكن أن تسمح بين حين وآخر بسقوط مثل هذه القذائف الصاروخية داخل أراضيها.
ومن جهة أخرى، إذا خرج الجيش الإسرائيلي لخوض معركة كبيرة ضد غزة فإنها كفيلة بإسقاط خسائر بشرية كبيرة وواسعة، والأخطر من ذلك أنها سوف تنتج تصعيدا في جبهة قتالية واحدة قد تستدعي جبهات قتالية أخرى، خاصة في الشمال وسيناء.
من جهته، قال الخبير الإسرائيلي في الشؤون العربية بموقع ويللا الإخباري آفي يسخاروف إن حركة حماس تحتاج إلى الهدوء، في حين أن إسرائيل تحتاج إلى أن تكون الحركة قوية ومستقرة لفرض هذا الهدوء في غزة، والمحافظة على استمراره.
وأبرز يسخاروف أن هذا يعني أن لدى الجانبين مصلحة مشتركة بالحفاظ على الهدوء عند حدود غزة، لكن هذا لا ينفي وجود مجموعات صغيرة تعمل انطلاقا من أيديولوجية "جهادية سلفية" تحاول بين حين وآخر العمل على تدهور الوضع الأمني هناك، لأنها تعتقد أن الهدوء يخدم حماس، وهو ما لا تريده.
من كل ما سبق يتضح أن إسرائيل تتفهم الأوضاع الجارية في غزة، وبدا أن تفاهمات تدور بين الحركة وإسرائيل، إلى الدرجة التي تقول فيها إسرائيل أنها تعلم ان حماس ليست هي المسؤولة عن إطلاق الصواريخ تجاهها، فضلاً عن حديث المراقبين الإسرائيلين الذين يؤكدون أن كلا الجانبين حريص على الهدوء في قطاع غزة، وأن الحكومة الإسرائيلية تدرك أن بديل حماس في القطاع هم الجماعات الإسلامية المسلحة.

شارك