اجتماع السريان يندد بالتمييز الذي يطال المسيحيين في العراق
الإثنين 10/أكتوبر/2016 - 11:46 ص
طباعة
الأوضاع الراهنة في الشرق والحضور المسيحي فيه، متوقّفين خاصةً عند التحدّيات التي تمرّ بها كنيستنا في الشرق ومدى تأثيرها على أبنائنا وبناتنا في أرض الآباء والأجداد، لانتشار كنيستنا بشكلٍ واسع في القارّات الخمس. لذا أكّد الآباء ضرورة تعزيز الوحدة والتضامن فيما بينهم كبطريرك وأساقفة، ومع الإكليروس والمؤمنين، كي يتحسّس الجميع بالنكبة المخيفة التي حلّت بكنيستنا، بغية المحافظة على جماعتنا الكنسية، سواء في الشرق أو في بلاد الإنتشار. كان هذا هو المحور الاساسي للمناقشة لاجتماع السريان برئاسة صاحب الغبطة مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي،حيث عُقد السينودس السنوي العادي لأساقفة الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، بمشاركة آباء السينودس الأساقفة القادمين من الأبرشيات والنيابات والأكسرخوسيات في لبنان وسوريا والعراق والقدس والأردن ومصر وتركيا والولايات المتّحدة الأميركية وكندا وفنزويلا والوكالة البطريركية في روما، في مقر الكرسي البطريركي في دير سيّدة النجاة – الشرفة، درعون – حريصا، لبنان.
في بداية أعمال السينودس، انتخب الآباء سيادة المطران مار أفرام يوسف عبّا، رئيس أساقفة بغداد والنائب البطريركي على البصرة والخليج العربي، أميناً للسّر في السينودس لمدّة ثلاث سنوات.
استهلّ الآباء اجتماعاتهم برياضة روحية تأمّلوا فيها رحمة الله وانعكاساتها في حياة الراعي ورعيته. ودرسوا الإرادة الرسولية "يسوع العطوف الرحوم" التي أصدرها قداسة البابا فرنسيس وتطبيقاتها، والإرشاد الرسولي "فرح الحبّ". واستمعوا إلى تقارير عن الأبرشيات والنيابات والأكسرخوسيات، والمؤسّسات البطريركية الرهبانية والإكليريكية.
وشارك في الجلسة الختامية للسينودس، بدعوةٍ من غبطته، نيافة الكردينال ليوناردو ساندري رئيس مجمع الكنائس الشرقية في الفاتيكان، وسيادة المطران كبريالي كاتشا السفير البابوي في لبنان. وعلى هامش أعمال السينودس، تفقّد الآباء مشروع مار يوسف السكني للعائلات الشابّة في منطقة الفنار - المتن، وكنيسة عذراء فاتيما والمشروع السكني في منطقة حارة صخر - جونيه، وهي مشاريع تقوم بها البطريركية.
أمّا أبرز ما جاء في أعمال السينودس:
أولاً: بحث الآباء الأوضاع الراهنة في الشرق والحضور المسيحي فيه، متوقّفين خاصةً عند التحدّيات التي تمرّ بها كنيستنا في الشرق ومدى تأثيرها على أبنائنا وبناتنا في أرض الآباء والأجداد، لانتشار كنيستنا بشكلٍ واسع في القارّات الخمس. لذا أكّد الآباء ضرورة تعزيز الوحدة والتضامن فيما بينهم كبطريرك وأساقفة، ومع الإكليروس والمؤمنين، كي يتحسّس الجميع بالنكبة المخيفة التي حلّت بكنيستنا، بغية المحافظة على جماعتنا الكنسية، سواء في الشرق أو في بلاد الإنتشار.
ثانيًا: تناول الآباء الوضع السياسي المتأزّم في لبنان وتداعياته على مختلف المستويات، وأشاروا إلى أنّ كلّ ما يحدث من أزماتٍ تتفاقم يُنذِر بعواقب وخيمة، أمنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً، حتى أنّ الشلل ضرب كلّ المؤسّسات الرسمية ومرافق الدولة. وجدّدوا المطالبة بضرورة انتخاب رئيسٍ للجمهورية اللبنانية اليوم قبل الغد، وكذلك المطالبة بإنصاف السريان بتمثيلهم في مختلف مرافق الدولة والوظائف العامة، سيّما بمقعدٍ في المجلس النيابي.
ثالثًا: عبّر الآباء عن حزنهم وألمهم لما يحصل في سوريا التي تعاني من الصراعات الدامية، حيث تدخّلت كلّ القوى العالمية، متحالفةً كانت أم متخاصمة، والنتيجة واحدة أنّ الشعب السوري بأكمله يئنّ بالعذاب وهول الدمار والموت والتشريد تحت مختلف الأعذار والمسمَّيات. وأثنى الآباء على صمود أبنائهم، مشاركينهم الرجاء كي يحلّ الأمن والسلام، ومطالبين مجدّداً بإطلاق سراح المطرانين يوحنّا ابراهيم وبولس اليازجي والكهنة والمدنيين المخطوفين.
رابعًا: ندّد الآباء بالتمييز الذي يطال المسيحيين في العراق، وتحديداً السريان، وهم جزءٌ من نسيج المسيحيين المشرقيين الذين يشكّلون مكوّناً عريقاً وأميناً لقضايا شعوب بلادهم، ولهم الحق أن يشاركوا سائر المكوّنات في البلد الواحد، في المواطنة الحقّة وغير المنقوصة، مطالبين المرجعيات الرسمية والسياسية والمكوّنات العرقية التي يتكوّن منها العراق، بالسعي الدؤوب كي يصار إلى إدراج اسم السريان في الدستور العراقي وفي البطاقة الوطنية (الإستمارة)، ليس كلغةٍ فقط، وإنّما كقومية ومكوّن أساسي في العراق. وكذلك ندّد الآباء بما يحدث من أعمال عنف وإرهاب في البلاد، مجدّدين المطالبة بتحرير مدينة الموصل وبلدات سهل نينوى بأسرع وقت، ليعود النازحون والمهجَّرون إلى ديارهم وينعموا بالأمان والحرّية.
خامسًا: لفت الآباء إلى خيبة المسيحيين كما سائر الأقلّيات في بلدان الشرق الأوسط، من النهج الذي يتّخذه المسؤولون السياسيون في الغرب. وإذ شكر الآباءُ المؤسّساتِ الدوليةَ التي اعترفت بإبادة المكوّنات الدينية، وخاصةً المسيحيين، أكّدوا على ضرورة أن تتحقّق الحلول المنشودة للأزمات الراهنة بالعمل الجدّي لفرض احترام شرعة حقوق الإنسان المدنية لجميع المواطنين دون تمييز. واعتبروا أنّ على الدول المُحِبَّة للسلام والعدل أن تتنادى لتحقيق المبادئ التي عليها قامت الديمقراطيات الحديثة، ومن أجلها بذلت شعوبها التضحيات الجمّة.
سادسًا: ثمّن الآباء القانون الذي أقرّه البرلمان المصري في تنظيم بناء وترميم الكنائس، بما يحفظ كرامة المسيحيين وحقوقهم كمواطنين في هذا البلد.
سابعًا: أكّد الآباء على دعم قضية الشعب الفلسطيني العادلة، وحقّه في إقامة دولته، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم بحسب مقرّرات الأمم المتّحدة.
وصدرت عن السينودس القرارات التالية:
أولاً: الطلب إلى الكرسي الرسولي استحداث أكسرخوسية سريانية في أستراليا بسبب التزايد المطّرد لعدد المؤمنين السريان هناك، وتأمين خدمتهم.
ثانيًا: تكليف اللجنة الطقسية دراسة الملاحظات النهائية حول مشروع تجديد القداس الإلهي مع ترجمات النافورات والحسّايات والأناشيد الخاصة بالأعياد، لتُرفَع إلى السينودس، ويصار إلى إقرارها وطباعتها.
ثالثاً: مراجعة كلندار أعياد القديسين في الكنيسة السريانية الكاثوليكية، وإضافة أسماء قديسين وقديسات جدد عليه، ومن بينهم الطوباوي مار فلابيانوس ميخائيل (عيده في 29 آب)، والقديس مار يعقوب السروجي (عيده في 29 تشرين الثاني)، وقديّسو الكنيسة الجامعة في عصرنا الحديث.
رابعاً: تحديد صلاحيات الشمّاس، والزيّ الكنسي الرسمي لكلٍّ من الشمّاس والكاهن والخوراسقف.
خامساً: تكليف اللجنة القانونية بدراسة الشرع الخاص لكنيستنا السريانية، تمهيداً لإقراره ورفعه إلى الكرسي الرسولي للمصادقة عليه.
وفي ختام السينودس، رفع الآباء شكرهم للآب السماوي "أبو المراحم وإله كلّ تعزية"، الذي جمعهم، مستلهمين منه النعمة والقوّة لتحمُّل الهموم والآلام والمعاناة مع أبناء الكنيسة وبناتها. يا ربّ، ثبِّتنا بالإيمان، وأنعِش في قلوبنا نعمة الرجاء، وألهِمنا لنعيش المحبّة التي تدعونا إليها كلّ حين. وإليك نرفع صلاتنا بشفاعة مريم العذراء سيّدة النجاة، وجميع القدّيسين والشهداء.