مقتل محمد كمال وتكهنات باختفاء اللجان المسلحة للجماعة
الثلاثاء 11/أكتوبر/2016 - 04:28 م
طباعة

بعد مقتل محمد كمال مسئول اللجان النوعية داخل جماعة الاخوان والذي كان مكلف بتشكيل جماعات العنف داخل الجماعة ونشر الفوضى في مصر، كشفت مصادر أمنية، أن الوثائق والأوراق التي عثرت عليها مأمورية ضبط قائد الجناح المسلح لجماعة الإخوان الإرهابية، محمد كمال، بمنطقة البساتين، تحتوي على كم هائل من المعلومات عن الخلايا العنقودية للتنظيم ستمكن جهاز الأمن الوطني من القضاء عليها في غضون أشهر قليلة.

وأوضحت المصادر، أن قطاع الأمن الوطني كشف اضطلاع قيادات التنظيم الإخوانى الهاربين خارج البلاد بالتواصل مع عناصرها في الداخل والاتفاق على وضع خطة لإيجاد طرق وبدائل لاغتيال شخصيات عامة وقضائية وشرطية وإعلامية في إطار مخطط يستهدف الإضرار بالبلاد، وإجهاض الجهود المبذولة من جانب الدولة لتحقيق الاستقرار الأمني.
ولفتت المصادر، إلى أن تحليل البيانات والمعلومات سيمكن الأجهزة الأمنية من توجيه ضربات استباقية مقننة موجعة لعناصر التنظيم في كل المحافظات التي يختبئون بها؛ نظرا لدقة المعلومات التي بحوزتها بالإضافة إلى نجاحها في إحباط خطط التنظيم التي كانت معدة سلفا وأمكن كشفها.
وكانت التحريات توصلت إلى أن القيادي الإخوانى وعدد من عناصر الجناح المسلح التابع للتنظيم يختبئون في شقة بالعقار رقم 4147 بالدور الثالث في منطقة المعراج في البساتين، وتم الحصول على إذن نيابة أمن الدولة العليا للقبض عليه، إلا أنه حال مداهمة القوات الأمنية له فوجئت بإطلاق أعيرة نارية تجاهها من داخله ما دفع القوات للتعامل مع مصدرها.
وكشفت التحريات أن القيادي الإخوانى محمد كمال تولى وأحمد وهدان وصلاح الدين فطين وعلى بطيخ، قاما بتأسيس المجموعات المسلحة المتقدمة من عناصر الجماعة المتدربين وممن لهم الخبرة في مجال عمل اللجان النوعية بها كما تولوا التواصل مع قيادات التنظيم الدولي لجماعة الإخوان خارج البلاد، كما كون المتهمون عدة خلايا عنقودية تعمل كل منها بعيدة عن الأخرى وتنقسم كل مجموعة مسلحة لعدد من المجموعات النوعية المتخصصة تقوم بمهام محددة لتحقيق أغراض وأهداف الجماعة لنشر الفوضى.
الا ان مقتل محمد كمال، يطرح سؤالا مهما: "هل تتفرق تلك الحركات عن الجماعة وتنفصل عنها أم ستختفى تماما؟"
وتزداد أهمية هذا السؤال بسبب أن اعترافات العديد من القيادات الإخوانية كشفت أن كمال كان المسئول عن تمويل تلك اللجان والحركات التي تتبنى العنف، وكان تمويل التنظيم يأتي من الخارج لكمال نفسه، وهو ما قد يدل على قرب اندثار تلك الحركات التي نشأت خلال الفترة الماضية وعلى رأسها حركات "حسم" و"لواء الثوار".

ووفقا للمؤشرات التي ظهرت داخل الإخوان بعد مقتل محمد كمال، فإن مجموعة محمود عزت – القائم بأعمال مرشد الإخوان – زادت قوتها بشكل كبير خلال الفترة الماضية واستطاع أن يبسط سيطرته على المكاتب الإدارية للتنظيم، وهي المجموعة التي كانت ترفض تشكيل محمد كمال للجان نوعية، حتى لا تحرج نفسها أمام الغرب.
ان صعود مجموعة محمود عزت داخل الإخوان، يجعل بقاء تلك اللجان النوعية تنفصل عن التنظيم، وستقل قوتها بشكل كبير، أو على الأقل فإن مصادر التمويل الخاصة بها ستتفرق، حيث أن التنظيم لم يعين حتى الآن بديلا لمحمد كمال بسبب الخلاف على مسمى البديل، وإلى أي مجموعة ينتمي.
ووفقا لمصادر مقربة من الجماعة، فإن بعض المكاتب الإدارية التي كانت تتبع قيادة محمد كمال، أصبحت هي المسئولة عن تحريك تلك اللجان، وتوصيل التعليمات لها، إلا أن قطع محمود عزت التمويل عن المكاتب الإدارية التي رفضت الخضوع لإدارته أحدث أزمة فيما يتعلق بتمويل تلك اللجان النوعية.
وتنتمى 5 حركات تبنت أعمال عنف في وقت سابق، للإخوان، وهم حركات "مجهولون" و"المقاومة الشعبية" و"العقاب الثوري" و"حسم" و"لواء الثوار"، ونشطت هاتين الحركتين الأخيرتين خلال الفترة الأخيرة، بينما اختفت الحركات الأخرى .
وأكدت تلك المصادر أن خوف جبهة محمود عزت من غضب الغرب عليها، وحرص التنظيم الدولي على التواصل الدائم مع مسئولين غربيين، سيجعل جبهة عزت تضغط لمنع نشاط تلك الحركات مستقبلا، إلا أن جبهة محمد كمال ما زالت تصارع للإبقاء على هذه الحركات واستمرار تدفق الأموال لها كما كان في السابق.

ويقول خالد الزعفراني، الخبير في شئون الحركات الإسلامية، إن اللجان النوعية داخل الإخوان ضعفت كثيرا وتكاد تكون بلا أثر منذ فترة طويلة قبل مقتل محمد كمال، وأظن انها ستنتهى بمقتله أو تكون شبه معدومة الأثر ولكن الأخطر أن نسبة كبيرة من شباب الإخوان متشبعة بأفكار سيد قطب.
ويضيف الخبير في شئون الحركات الإسلامية:"أظن أن الأمور ستضطرب كثيرا سواء في تمويل تلك اللجان النوعية أو التنظيم او غيره، لأن محمد كمال كان هو نقطة الارتكاز لها ولا يبدو أن هناك شخص آخر يماثل قوته سيخلفه".

وفى ذات السياق قال هشام النجار، الباحث الإسلامي إن هناك مرحلة جديدة كاشفة للجماعة ستتحدد لاحقاً طبيعة منهجها وأسلوب عملها على الأرض وتعاطيها مع الأحداث عندما تحسم صراعات هذه المرحلة إما للفريق المدعوم من تركيا الذى يجر الجماعة نحو العسكرة والصدام الشامل بما يتطلبه من تكوين خلايا وتعزيز قوة النشاط السري المسلح على حساب العمل السياسي، وهذا سيعزز من قوة فصائل وخلايا العنف القائمة، واما يحسمها الفريق الآخر وهذا احتمال ضعيف لصالح العمل السياسي واظهار فصائل وتيار العنف كتيار منشق عن جسد الجماعة.
وأضاف الباحث الإسلامي إن بقاء أو اختفاء اللجان النوعية داخل الإخوان يتوقف على سرعة وحرفية جبهة كمال على التعامل مع الوضع بعد مقتله، فلو لم يتعاملوا جيدا مع الأوضاع سيعطون لجبهة عزت الفرصة والمساحة التي يتحكمون خلالها من الجماعة ومصادر تمويلها.
وليس الهاربون الى السودان من الجماعة بعيدين عن صراع الجبهتين في مصر "جبهة محمود عزت وجبهة محمد كمال" حيث نشبت أزمة جديدة داخل جماعة الإخوان بالسودان، بعدما قامت قيادات بالخرطوم محسوبة على جبهة محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام، بشن حملات تفتيش على منازل قيادات الجماعة، وطرد بعضهم من منازلهم لعدم تنفيذ التعليمات، خاصة التابعين لجبهة محمد كمال عضو مكتب الإرشاد.

من جانبه، كشف عز الدين دويدار، القيادي الإخوانى، أن قيادات جبهة محمود عزت القائم بأعمال مرشد الإخوان، قامت بعمل حملة تفتيش مفاجأة على سكنات الإخوان بالخرطوم. وأضاف دويدار، في تصريح له عبر صفحته على "فيس بوك" قائلاً: "قيادات جبهة محمود عزت قاموا بتفتيش قيادات الجماعة ومنازلهم، وقلبت أغراضهم الشخصية حتى في غياب بعضهم وبدون علمهم، بدون احترام لسن ولا قدر ولا خصوصية أحد كبير أو صغير بشكل مهين وانفعالي جدا".
وكشف القيادي الإخوانى، أن هذا الفعل تسبب في مصادمات وخناقات بين قيادات جبهة محمود عزت وقيادات الجماعة المقيمة بالسودان وأثارت دهشة وصدمة الإخوان ، متابعا :"لما تعرف هذا ممكن تتصدم ، للدرجة ده وصلت ثقتهم واحترامهم للصف الإخوانى".
وأكد دويدار، أن المكاتب الإدارية للإخوان التي استسلمت لإهانة جبهة محمود عزت في الخرطوم، لم تشهد تلك المهازل، لكن من رفض وتمسك بكرامته تم إهانته وحصلت مشاكل وتفتيش إجباري.
وفى ذات السياق أكد عمر عزت، أحد كوادر الإخوان في السودان، أن قيادات وأعضاء الجماعة بالخرطوم تعرضوا لتفتيش من قبل قيادات جبهة محمود عزت، كاشفا أن مشادات نشبت بين بعض القيادات خلال حملات التفتيش التي تمت.
وأضاف في تصريح له نشره على صفحته على "فيس بوك" معلقا على حملات التفتيش التي تمت من قبل قيادات الإخوان على كوادرهم في الخرطوم: "حصل تفتيش و فعلاً حصل مشادات، وأظن الغرض منه كأنهم بيقولوا للناس بالطريقة اللي عنده حاجة يشيلها، لكن طبعاً بلا شك الموضوع بهدل الناس نفسياً و حسسهم إنهم قاعدين في الشارع".
بدوره علق محمد مصطفى، أحد كوادر الإخوان على أزمة قيادات السودان، قائلا :" في ظني إن طرفي الصراع الحالي في الإخوان كلاهما أسوأ من الأخر".
وأضاف في رده على أزمة إخوان السودان، قائلا :" رأس الإخوان المتكلسة الإقصائية ومعدومة الخيال لما انقسمت أصبحت رأسين، كلاهما متكلس وإقصائي ومعدوم الخيال، والانحياز لإحداهما عن الأخر هو غاية البؤس والكآبة".
وبدوره اتهم المصري عبد الله، أحد كوادر الإخوان، جبهة محمود عزت، بالتخلف والإقصاء قائلا :"عقليات متخلفة ربنا يرحمنا منهم، فهم لا يحسبون العواقب التي ستنتج عن ذلك".
وكانت مصادر مقربة من جماعة الإخوان، كشفت أن أزمة نشبت بين إخوان في السودان، أمس الاثنين، بعدما قامت جبهة محمود عزت بطرد عدد من قيادات الجماعة – التابعين لجبهة اللجنة الإدارية العليا للتنظيم - من منازلهم ومطالبتهم بالابتعاد عن المنازل التابعة للإخوان، نظرا لعدم انصياعهم لأوامر القائم بأعمال المرشد.
وأكدت المصادر، أن مسئولي جبهة محمود عزت في السودان، قاموا خلال مساء أمس واليوم بطرد عدد كبير من قيادات وشباب الإخوان الذين يقيمون في الخرطوم على نفقة الجماعة، بعد هروبهم من مصر عقب أحداث فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، على خلفية رفض بعضهم المثول لقرارات محمود عزت، والتي كان أخراها إقامة عزاء لمحمد كمال – عضو مكتب الإرشاد– في أحد مقرات الجماعة بالسودان، وأصروا على تنظيم فاعلية بالساحة الخضراء بالخرطوم، وأعلنوا عدم اعترافهم بعزاء الإخوان.

من جانبه قال هشام النجار، الباحث الإسلامي، إن هذه الأزمة داخل الإخوان مقدمات لتجليات مرحلة ما بعد مقتل محمد كمال، وربما تشهد هذه المرحلة تخبط وضعف وانكشاف لجبهة كمال.
وأضاف الباحث الإسلامي أنه من المتوقع أن يؤدى مقتل محمد كمال، إلى معلومات أكثر دقة عن تياره وأسمائهم ونشاطاتهم وعن أسرار تحركات وعمليات التنظيم السرى طوال السنوات الماضية، لافتا إلى أن هذا يؤدى بطبيعة الحال لنشاط كبير للجبهة الأخرى، للسيطرة ومحاولة استغلال هذه الأوضاع لإحراز نقاط كبيرة في طريق حسم الصراع الداخلي على القيادة.