مع اقتراب تحرير "سرت".. انقلاب الإخوان في طرابلس يهدد بمعارك دامية جديدة
الأحد 16/أكتوبر/2016 - 03:11 م
طباعة
في الوقت الذي تواصل قوات الوفاق الليبية، المتحالفة مع الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، مساعيها للقضاء علي التنظيم الإرهابي "داعش" في مدينة سرت، حيث تقدمت القوات في منطقة أخرى لتحرير المدينة من قبضة داعش، وأسفرت الاشتباكات عن سقوط 14 قتيلا من قوات الوفاق، تسعي حكومة الإخوان برئاسة خليفة الغويل والمقيمة في طرابلس إلي استعادة السيطرة علي كافة مؤسسات المدينة، الأمر الذى اعتبره مراقبون بداية حرب دامية في مدينة طرابلس.
وبدأت معركة تحرير مدينة سرت في مايو الماضي بدعم الغارات الجوية الأمريكية، وأوشكت القوات الليبية علي القضاء على آخر فلول تنظيم داعش في سرت مسقط رأس معمر القذافي.
وتتكون هذه القوات من مجموعات مسلحة من مصراتة غرب، حيث تمكنت من استعادة معظم مناطق مدينة سرت الواقعة على بعد 450 كلم شرقي العاصمة طرابلس، بعد معارك أوقعت أكثر من 550 قتيلًا ونحو ثلاثة آلاف جريح بين القوات الموالية للحكومة.
وقال مسؤولون عسكريون لوكالة رويترز إن قتالا عنيفا دار في شوارع منطقة الجيزة البحرية واستخدمت فيه دبابات وعربات مدرعة مزودة بمدافع آلية ثقيلة بالإضافة إلى غارات جوية لاستعادة منازل استولى عليها مقاتلو داعش.
أحمد هدية أحد المتحدثين باسم القوات الموالية للحكومة، قال إن قوات البنيان المرصوص توغلت الجمعة في الجيزة البحرية وإن طائرات القوات الليبية أصابت سيارة ملغومة.
والجدير بالذكر أن التنظيم الإرهابي "داعش" نجح في السيطرة علي مدينة سرت مسقط رأس الزعيم الراحل معمر القذافي، في 2015، حيث استغل الفوضي التي أعقبت سقوط القذافي، وأدى القتال بين الفصائل المسلحة المتناحرة إلى تشكيل حكومتين متنافستين وعدم وجود جيش مركزي للبلاد.
وتقف حكومة الوفاق المدعومة أمميا ودوليا، علي قدم وساق، لتوسيع نفوذها ليشمل فصائل قوية تضم مقاتلين ممن كانوا مناهضين للقذافي ولتسيطر على المناطق المختلفة بالبلاد.
وبدأت قوات من مدينة مصراتة الساحلية عملية لاستعادة السيطرة على سرت قبل ستة أشهر وتكبدت خسائر فادحة لانتزاع المدينة. لكنها تقدمت بدعم من غارات جوية أمريكية وفرق صغيرة من القوات الخاصة الأمريكية التي تقدم المشورة على الأرض.
وسبق أن سيطر قائد الجيش الليبي خليفة حفتر، الذي يعارض حكومة الوفاق، على أربعة موانئ نفط رئيسية، وسمح هذا باستئناف صادرات النفط لكنه أجج المخاوف من تجدد الصراع.
ووفق متابعون، استطاعت كتائب إسلامية تدعمها مصراتة في انتزاع السيطرة على طرابلس من منافسيها في عام 2014 وأسست حكومة من جانب واحد فأجبرت البرلمان المنتخب على مباشرة عمله من شرق البلاد بدعم من حفتر.
وتؤيد قوات مصراتة الآن حكومة الوفاق المقيمة في طرابلس وتدعمها الأمم المتحدة سعيا لتوحيد الفصائل المتنافسة، إلا أن الكتائب المسلحة كثيرا ما تدين بالولاء لمدينتها أو منطقتها وليس للحكومة المركزية في ظل غياب جيش مركزي حقيقي للبلاد.
وسبق لبوابة الحركات الإسلامية، أن ذكرت في تقرير لها، أن حكومة الوفاق الليبية، تواجه تحديًا في ظل عدم منحها الثقة من قبل البرلمان الليبي؛ حيث لم يتقدم المسار السياسي حتى الآن، وأصبح الخلاف بين أعضاء لجنة الحوار الوطني بشأن مكان انعقاد جلسات الحوار حول تشكيل الحكومة المقبلة، هي المشكلة الحالية.
وصرح عضو لجنة الحوار جمعة كوسا بأن الخلاف يتركز حول مكان انعقاد تلك الجلسات؛ حيث يطالب بعض أعضاء اللجنة بعقد الجلسات داخل ليبيا، فيما يدعو آخرون إلى عقدها خارج البلاد؛ نظرًا للوضع الأمني المتردي في الداخل.
من جانبه فإن رئيس الحكومة فايز السراج يرجح أن تنعقد جلسات التشاور داخل ليبيا، كما أن عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق موسى الكوني تحدث عن اتفاق مبدئي بين أعضاء اللجنة على عقد الجلسات داخل ليبيا وتكليف لجنة مصغرة بتحديد المنطقة الأنسب، وتميل الكفة إلى انعقاد الجلسات في مدينة غدامس بالغرب وليس بطرابلس.
ومن المتوقع أن يقدم السراج تشكيلة حكومية ذات تمثيل واسع من أجل حصولها على ثقة البرلمان في طبرق بعد أن رفض الحكومة الحالية.
وقد نجحت قوات الوفاق في السيطرة على أبرز معاقل التنظيم الإرهابي "داعش" في المدينة، والتي تعد أبرز معاقل التنظيم، وحققت القوات انتصارًا مهمًّا بسيطرتها على مقر قيادة التنظيم في مجمع واغادوغو للمؤتمرات، وكانت قالت القوات الليبية إنها انتزعت السيطرة على أحد آخر أحياء وسط سرت من يد مسلحي تنظيم "داعش"، مواجهة القناصة والسيارات المفخخة في حملة لاستعادة المدينة بأكملها.
وتعتبر مدينة سرت آخر وأهم معقل لتنظيم داعش الإرهابي في ليبيا؛ لذا فإن إعادة السيطرة عليها تعني نهاية داعش من الناحية النظرية على الأقل.
وتحظى مدينة سرت بأهمية استراتيجية كبيرة بحكم موقعها الجغرافي على خريطة ليبيا، فهي تعتبر حلقة الوصل بين شرق ليبيا وغربها وتقع بمحاذاة ما يعرف بالهلال النفطي، وتشكل السيطرة عليها نجاحا مهما في معركة محاربة داعش، وكانت أغلب القوات للتنظيم في ليبيا متمركزة في سرت، والتي تضعها أغلب التقديرات قبل الحملة العسكرية التي تخوضها قوات حكومة الوفاق منذ ثلاثة أشهر، بين 2000 و5000 مقاتل.
ووفق ما يري متابعون، فإن القوات الموالية لحكومة الوفاق، أوشكت علي الخلاص من التنظيم الإرهابي ودك كافة معاقلة في مدينة سرت.
وفي سياق مواز، أعلنت حكومة الإنقاذ الوطني السابقة "الإخوان" التي تقيم في طرابلس برئاسة خليفة الغويل، استعادة سلطتها بعد سيطرتها على مقار مجلس الدولة بدون معارك.
وقال رئيس "حكومة الإنقاذ الوطني" السابقة خليفة الغويل الذي يرفض الرحيل، في بيان أن حكومته المنبثقة من المؤتمر الوطني العام، هي "الحكومة الشرعية".
ودعا الغويل "جميع الوزراء ورؤساء الهيئات والتابعين لحكومة الإنقاذ" إلى "ممارسة مهامهم وتقديم تقاريرهم وتسيير مؤسساتهم خاصة فيما يتعلق ويمس الحياة اليومية للمواطن".
وعقب دخول حكومة الوفاق الليبية إلي مدينة طرابلس في مارس الماضي، انتقلت كافة المؤسسات والوزارات التي كانت تابعة لحكومة الإخوان في طرابلس إلى حكومة الوفاق، فيما واصل الغويل في إصدار بيانات تحمل توقيع "حكومة الإنقاذ الوطني" تضمن آخرها في التاسع من أكتوبر انتقادات للوضع الأمني في طرابلس.
وردا على بيان الغويل، توعدت حكومة الوفاق الوطني بتوقيف "كل السياسيين الذين يحاولون إقامة مؤسسات موازية وزعزعة استقرار العاصمة".
وأدانت استيلاء "مجموعة مسلحة" على مقر مجلس الدولة معتبرة إنها "محاولات لتخريب الاتفاق السياسي" الذي ترعاه الأمم المتحدة.
ويري مراقبون أن الانقلاب المفاجئ للإخوان، يهدد بحرب أكثر دموية مما تشهده مدينة سرت.