مع انطلاق عمليات تحرير الموصل.. آلاف العراقيين بين مطرقة داعش وسندان ملشيات الحشد الشعبي

الثلاثاء 18/أكتوبر/2016 - 01:09 م
طباعة مع انطلاق عمليات
 
حذرت منظمة العفو الدولية من أن آلاف الفارين من المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم  داعش في العراق يواجهون التعذيب والاختفاء القسري والإعدام خارج نطاق القضاء، في هجمات انتقامية من جانب الميليشيات وقوات الحكومة.
وقالت المنظمة في تقرير لها اليوم الثلاثاء إن الأدلة المستمدة من مئات المقابلات تكشف عن "رد فعل مرعب ضد المدنيين" الفارين من الأراضي الخاضعة لسيطرة داعش، وتعكس "خطرا لانتهاكات جماعية فيما تجري العملية العسكرية لإعادة السيطرة على مدينة الموصل الواقعة تحت سيطرة داعش".
وقال فيليب لوثر، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية إن "العراق حاليا يواجه تهديدات أمنية حقيقية للغاية ومميتة من جانب داعش، لكن لن يكون هناك مبرر لأعمال الإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري والتعذيب والاعتقال التعسفي". وأضاف لوثر: "من المهم للغاية أن تتخذ السلطات العراقية خطوات لضمان عدم حدوث تلك الانتهاكات المروعة مجددا".
وحثّ لوثر الدول الأخرى الداعمة للعمل العسكري ضد قوات داعش في العراق أن "تظهر عدم استمرارها في غض الطرف عن الانتهاكات".
ويتهم التقرير الميليشيات الشيعية الموالية للحكومة المعروفة بالحشد الشعبي وقوات الحكومة بارتكاب "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان بما في ذلك جرائم حرب" وتنفيذ الآلاف من أعمال الإعدام خارج نطاق القضاء لمدنيين فروا من المناطق الواقعة تحت سيطرة داعش.
وكان العديد من الضحايا قد نزحوا أثناء العمليات العسكرية مطلع العام الجاري في الفلوجة والشرقاط والحويجة والموصل.
وفي سياق متصل قالت وزارة الدفاع الأمريكية امس  إن القوات العراقية تحقق أهدافها في معركة استعادة الموصل التي أطلقها فجر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي امس . وقال المتحدث باسم البنتاجون إن القوات العراقية متقدمة على الجدول المحدد في أول أيام الهجوم الذي يهدف لاستعادة مدينة الموصل من قبضة تنظيم  داعش.
كما استبعدت الوزارة اضطلاع القوات الأمريكية بأي دور جديد في الهجوم الذي يشنه الجيش العراقي لاستعادة مدينة الموصل من تنظيم "داعش"، قائلة إن الأمريكيين في الخطوط الخلفية للجبهة ويقومون بدور استشاري لدعم العراقيين.
وقال بيتر كوك المتحدث باسم البنتاغون في إفادة صحفية "الأمريكيون يلعبون مجددا دورا استشاريا. دورا مساعدا للقوات العراقية.. معظم القوات الأمريكية في العراق ليست قريبة من الخطوط الأمامية." وقال كوك إن الكثير من الجنود الأمريكيين في مهام لتقديم المشورة والدعم اللوجستي.
في غضون ذلك قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن ما يصل إلى مائة ألف عراقي قد يتوجهون إلى سوريا وتركيا، على خلفية العملية العسكرية العراقية، التي تهدف لانتزاع السيطرة على مدينة الموصل من تنظيم "داعش". وأضافت أن عمالها يبحثون كل الخيارات لتوفير المأوى للفارين من الموصل.
وقال فيليبو غراندي المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مؤتمر صحفي ببغداد "المعضلة الكبرى الآن هي توفير أماكن كافية لاستيعاب الأعداد الكبيرة من النازحين من الموصل. لدينا خيام ومواد إيواء أخرى. نعد أنفسنا لخيارات متنوعة.. ليست مخيمات فقط ولكن إسكان الناس في بيوت ومجتمعات وأماكن مخصصة للطوارئ."
وأطلقت المفوضية نداء لتقديم 61 مليون دولار لتوفير خيام ومخيمات وأفران للنازحين داخل العراق واللاجئين الجدد الذين يحتاجون للمأوى في الدولتين المجاورتين له. ويصل بذلك إجمالي مطالبات المفوضية للتعامل مع الأزمة إلى 196 مليون دولار.
ونزح أكثر من ثلاثة ملايين شخص بالفعل في العراق عن بيوتهم. وتقول وكالات الإغاثة إن ما يصل إلى مليون قد يفرون من الموصل التي يقطنها 1.5 مليون نسمة. ودعت منظمات غير حكومية مثل "سايف ذي تشيلدرن" والمجلس النرويجي للاجئين إلى تحديد "ممرات آمنة" لكي لا يبقى الناس تحت القنابل من دون طعام أو رعاية. وقالت سايف ذي تيشلدرن إن المعارك تهدد نصف مليون طفل.
وفي اطار فعاليات العملية لاستعادة داعش وصف مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق بـ "الرائع" التنسيق بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة عبر القتال جنبا إلى جنب لاستعادة الموصل من قبضة تنظيم "داعش". بارزاني تحدث عن استعادة 200 كلم مربع من سيطرة التنظيم.
وأشاد بارزاني بالتعاون المشترك لاستعادة المعقل الرئيسي للجماعة المتطرفة في شمالي العراق. وقال في مؤتمر صحفي في منطقة خازر على بعد حوالي 40 كلم من الموصل بحضور قادة من الجيش والبشمركة: "هذه هي المرة الأولى التي تختلط فيها دماء البيشمركة والجيش العراقي في ميدان المعركة. آمل أن يكون هذا بشرى خير للمستقبل".
وتحدث بارزاني عن "يوم تاريخي ونقلة نوعية في تعاون قوات البيشمركة والجيش العراقي للوصول إلى اتفاق لتحرير الموصل". وتابع أن "التنسيق رائع وجيد وهي رسالة تحمل معاني كثيرة بأن العدو سيتقهقر بسرعة أمام هذا التعاون بين بغداد وأربيل"، مؤكدا أن "التعاون سيستمر إلى حين القضاء على الإرهاب ".
وكانت أجواء من عدم الثقة تسود بين بغداد وأربيل بخصوص استعادة الموصل بسبب مطالبة الأكراد ضم مناطق متنازع عليها في محافظة نينوى إلى الإقليم.
وبالنسبة لمشاركة تركيا التي تدرب قوات في قاعدة بعشيقة قرب الموصل، قال بارزاني "يجب التوصل إلى تفاهم بين بغداد وأنقرة". وازدادت حدة التوتر بين العراق وتركيا حيث دعت بغداد أنقرة مرارا إلى سحب قواتها من القاعدة الواقع شمال شرق الموصل.
ومحذرا من أن منطقة الحكم الذاتي الكردية في شمال العراق بها بالفعل نحو 1,8 مليون نازح، قال بارزاني إن المنطقة لا يمكنها التعامل مع المزيد من تدفقات اللاجئين، وسط مخاوف من أن عملية الموصل ستضع مئات الآلاف من الأشخاص على هذا الطريق.
اما انقرة فقد جددت تمسكها بالمشاركة فيها. وأكدت على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بقاءها خارج العملية أمر "غير وارد". 
وقال  أردوغان: "ماذا يقولون؟ أن على تركيا ألا تدخل الموصل. لدي حدود (مع العراق) طولها 350 كلم. وإنني مهدد من خلال هذه الحدود". وأضاف "لدينا أشقاء وأقرباء هناك: عرب، تركمان، أكراد، إنهم أشقاؤنا، ومن غير الوارد أن نكون خارج العملية".
وكان أردوغان حذر في وقت سابق بأن أنقرة ستلجأ إلى "خطة بديلة" في حال عدم إشراك الجيش التركي في الهجوم، من غير أن يكشف توضيحات حول الإجراءات التي قد يتخذها. بدوره قال المتحدث باسم الحكومة التركية نائب رئيس الوزراء نعمان كورتولموش إن "المجازفة بتغيير التوازن الديموغرافي والمذهبي في الموصل" قد تترتب عنه "عواقب خطيرة".
وقال كورتولموش من جهة أخرى أن تركيا استعدت لاحتمال تدفق موجة من اللاجئين الهاربين من المعارك. وأفاد أن "ثلاثة آلاف" مقاتل عراقي دربتهم تركيا يشاركون في العملية.
وفي إشارة إلى محاولة أنقرة تحسين الأجواء مع بغداد، أفادت وكالة أنباء الأناضول الرسمية أن وفدا تركيا رفيع المستوى في طريقه إلى العاصمة العراقية برئاسة وكيل وزارة الخارجية اوميد يالجين، من أجل بحث الهجوم على الموصل ووجود عسكريين أتراك في قاعدة بشمال البلاد.

شارك