راديو "مونت كارلو" يناقش هواجس الحرب الثالثة !

الثلاثاء 18/أكتوبر/2016 - 05:19 م
طباعة راديو مونت كارلو
 
بين حرب تحرير الموصل والحرب الدائرة في سوريا هناك حالة من القلق والوساس تدور حتى السنة السياسيين بخصوص انفجار حرب عالمية ثالثة وطرح راديو "مونت كارلو " في هذا التقرير الاحتمالات الواردة حول هذا القلق من خلال اسئلة تقول 
هل تضع النتائج المعلنة لاجتماعات الأطراف الدولية المعنية بالأزمة السورية نقطة النهاية للجهود السياسية؟ وهل يمكن لذلك أن يؤدي لمواجهة عسكرية أمريكية روسية على الأراضي السورية؟
أعلن المراقبون فشل اجتماعات لوزان ولندن، واعتبروا أن الأزمة في سوريا تتجه نحو تصعيد كبير بين موسكو التي أرسلت حاملة الطائرات الروسية الأميرال كوزنيتسوف إلى طرطوس، وبعد تلميحات صادرة عن البيت الأبيض بشأن عقوبات جديدة، محتملة، ضد روسيا وسوريا.
 وذهب البعض حتى التطرق لسيناريوهات كارثية لم يتردد أصحابها في الحديث عن حرب عالمية ثالثة يمكن أن يستخدم فيها السلاح النووي، ولكن الأمر يستدعي نظرة أكثر اتساعا تشمل عناصر أخرى، سياسية هذه المرة.
الإدارة الأمريكية عازفة وعاجزة عن خوض معركة عسكرية على الأراضي السورية قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية، وباراك أوباما أعلن هذا مرارا وتكرارا، والأوربيون، وخصوصا الفرنسيون، لن يغامروا في معركة من هذا النوع دون الولايات المتحدة، وهم أيضا أعلنوا هذا مرارا وتكرارا
أما روسيا صاحبة القوة العسكرية المتواجدة بالفعل على الأرض، والتي تحقق تقدما فإنها تتفق مع كافة الأطراف الأخرى انه لا مخرج من الأزمة السورية سوى عبر طاولة مفاوضات يشارك فيها نظام الأسد، وهي وان كانت تحقق نتائج عسكرية، إلا أن هذه العملية العسكرية التي دخلت عامها الثاني لها تكلفة باهظة، والكرملين يتعجل الجلوس على طاولة المفاوضات، لان بوتين يدرك جيدا انه في حال وصول الإدارة الأمريكية الجديدة إلى البيت الأبيض قبل اتفاق وحسم سياسي، فان الرئيسة أو الرئيس الأمريكي القادم الذي يريد أن يطبق رؤيته الخاصة في هذه الأزمة سيعقد المسيرة السياسية بصورة كبيرة، ويمكن أن يطيل مسارها الحالي.
أضف إلى ذلك أن موسكو تعلم أن معركة الموصل التي بدأت في العراق ستدفع، على ما يبدو، بالمئات، إن لم نقل بالآلاف، من مقاتلي تنظيم داعش إلى سوريا، وإذا كان من الصعب على هؤلاء المقاتلين الوصول إلى حلب، إلا انهم يمكن أن يفتحوا جبهات مزعجة للغاية في دير الزُّور والحسكة، ويعقدون مهمة القوات الروسية إلى حد بعيد.
إذا، يدرك الكرملين انه يجب عليه الإسراع في الوصول إلى طاولة المفاوضات السياسية، وربما ينبغي النظر إلى اجتماعات لوزان ولندن من هذه الزاوية.
بعد فشل اتفاق الهدنة الأمريكي الروسي، ونهاية مرحلة من لعبة لي الذراع، يرى البعض أن اجتماع لوزان الذي شاركت فيه إيران للمرة الأولى، لم يكن مطلوبا منه أن يخرج بنتائج فورية، وإنما يهدف لإطلاق مرحلة جديدة من مفاوضات واشنطن وموسكو، خصوصا وان الأوربيين الذين التقى بهم كيري في لندن بعد لوزان وقبل عودته إلى تلك المدينة لجولة جديدة، سارعوا للتأكيد على عزوفهم عن الحلول العسكرية، بل ورفضوا، رسميا، فكرة فرض عقوبات جديدة على روسيا وسوريا.
واحتفظ الجميع في لوزان ولندن بشعرة معاوية، وربما أكثر من ذلك؟
اثر سقوط دابق 
دابق ليست سوى مدينة ريفية في شمال سوريا كان عدد سكانها 4000 نسمة قبل الحرب، وليست لها أي منفعة استراتيجية خاصة. لا توجد فيها موارد طبيعية ولا طريق سريع أساسي. مع ذلك، تشكل محور إعلام داعش لأنه من المفترض أن تحصل فيها المعركة الكبرى التي ستُطلِق “نهاية الأزمنة”. كذلك، تسمى المجلة الإعلامية المرجعية للمنظمة “دابق” وتُعلن اقتراب المعركة النهائية.
“اكسر الصليب”
إن القذائف الأولى التي أسقطتها المدفعية التركية على المدينة لم تبرّد حماسة الجهاديين. وعلى غلاف العدد الأخير (15) من مجلة دابق، يُذكر قول مؤسس داعش، أبو مصعب الزرقاوي، الذي قُتل في غارة أميركية سنة 2006: “أُشعلت الشرارة في العراق، وسوف يتكثف لهيبها – بإذن الله – حتى يُحرق جيوش الصليبيين في دابق”. يرد هذا القول قرب الصورة الكبيرة التي تظهر جهادياً يهدم صليب برج جرس تحت عنوان “اكسر الصليب”.
“ننتظركم منذ 1400 سنة”
يستندون إلى حديث لأبو الحسين مسلم، أحد التقليديين الأكثر احتراماً في القرن التاسع الذي توقّع أن يواجه جيش من “أفضل المسلمين” “البيزنطيين” في دابق، وأن تُعلن هذه المعركة عودة المهدي، “المخلص الذي يرشده الله” وينتظره المسلمون. لكن اسم البيزنطيين تغير إلى “الرومان” أو “الصليبيين” لأسباب دعائية. يتوقع الحديث أن يقوم جيش من 80 لواءً في وجه “المسلمين الصالحين”، ما يتطابق في أذهانهم مع قوات التحالف. وفي فيديو دعائي نُشر سنة 2015، أعدموا جندياً أميركياً في دابق قائلين أنهم يدفنون “أول صليبي أميركي في دابق”، وأنهم “ينتظرون بحزم باقي الجيش”. أضافوا: “أيها الروم، أيها الألمان، أيها الانكليز، أيها الفرنسيون، أيها الهولنديون، أيها الإيطاليون، أيها الأميركيون الذين تريدون محاربة الإسلام. تعالوا! نحن ننتظركم. ننتظركم منذ أكثر من 1400 سنة”.
الشوائب في رواية داعش
تؤخذ هذه النبوءات على محمل الجد رغم مبالغتها. وفي عدد سابق، ذكرت مجلة دابق أن باراك أوباما هو “كلب روما” وأنه يتلقى أوامره من البابا فرنسيس. إن تبسيط داعش لمعركة بين الأديان يُهمل الواقع الميداني. فلن يكون هناك أي “صليبي”، وسيكون هناك عدد ضئيل من المسيحيين في صفوف المقاتلين لاستعادة دابق، مقارنة مع المسلمين السنّة التابعين لـ “الجيش السوري الحر”. تلخّص صورة غلاف مجلتهم ادعاءهم الباطل بـ “محاربة الصليب”. وتظهر في الحقيقة برج جرس إحدى كنائس مسيحيي الشرق، الأقلية المُضطهَدة التي ليس لديها أي جيش عملياً. من جهته، شدد أبو محمد العدناني، المسؤول الإعلامي لداعش، على جذرية المعركة التي يجب خوضها والتي لا تمت بصلة إلى “الحرب الدفاعية”. واختصر أقوال أولئك الذين يبررون أعمالهم بواسطة اللجوء إلى عمليات القصف التي يشنها التحالف. “حتى لو توقفتم (أنتم الصليبيون) عن قصفنا وسجننا وتعذيبنا وإهانتنا والاستيلاء على أراضينا، سوف نستمر في كرهكم لأن السبب الأول لبغضنا لن يتلاشى إلا مع اعتناقكم الإسلام”.
داعش تحضّر هزيمتها
فيما يشير إعلام داعش إلى أهمية “المعركة الكبرى” الآتية، يتحصن التنظيم في حال الهزيمة. فقد أكد خطاب لأبو محمد العدناني نُشر في 22 مايو 2016 أن الهزيمة العسكرية لن تغير شيئاً في عزم الجهاديين. قال: “هل تعتقدون أنكم ستكونون منتصرين وأننا سنكون مهزومون إذا أخذتم الموصل أو سرت أو الرقة وحتى كل المدن، وسنعود إلى وضعنا السابق؟ طبعاً لا”. من المهم الإشارة إلى أنه لا يذكر دابق بين المدن التي تحدث عنها. في النهاية، هذا الرمز يرتدّ على داعش. إذا ظلت المنظمة وفية لقناعاتها، سوف يتوجب عليها أن تحشد أفضل فرقها في هذه المدينة الصغيرة التي يصعب الدفاع عنها، مقدّمة هدفاً ممتازاً لضربات التحالف.


شارك