ألمانيا تحاصر الإرهاب بفرض حظر النقاب
الأحد 23/أكتوبر/2016 - 04:30 م
طباعة
في ظل التحديات التي تواجهها الدول الأوروربية، باتت العديد منها حريص كل الحرص على اتخاذ كافة الإجراءات لمواجهة التشدد، والتي يؤدي إلى الانضمام للجماعات الإرهابية ذات الفكر المتطرف، اتخذت الحكومة الألمانية فعليًّا إجراء حاسمًا بفرض حظر النقاب على الموظفات في الدولة.
وقالت مجلة "دير شبيجل" الألمانية، إن الحكومة تعتزم فرض حظر على ارتداء النقاب للموظفات في الدولة، وذلك في سياق إجراءاتها لمواجهة التشدد.
وذكرت المجلة، استنادا إلى مسودة لوزارة الداخلية الألمانية، أن التواصل المفتوح سمة التعايش المشترك في مجتمع ديمقراطي حر… فمن يخفي وجهه فإنه يقوض فرص التعارف وتقدير الذات بشدة.
وجاء في المسودة أن النقاب الذي ترتديه البعض من النساء المسلمات يصعب عملية اندماجهن في المجتمع، ويزدري النساء، ويتعارض مع المساواة.
كذلك جاء في المسودة، ضرورة إلزام النساء المنتقبات بالكشف عن وجوههن عند طلب التحقق من هوياتهن خلال التدقيق في جوازات السفر أو المحاكمات أو الإدلاء بالأصوات في الانتخابات على سبيل المثال.
متحدثة باسم وزارة الداخلية الألمانية، ذكرت أن المسودة لا تزال في مرحلة التصويت، مضيفة أن الوزارة لن تعلق على مضمون المسودة إلى حين إتمام إجراءات الموافقة عليها داخليًّا.
ووفق مراقبون فإن هذا المشروع يأتي في سياق سعي ألمانيا إلى الحد من مظاهر التشدد في البلاد على ضوء دعوات متزايدة لإجراءات أكثر حزمًا تجاه أنشطة المتشددين، وهي الأنشطة التي سهلت لداعش مهمة الاستقطاب.
وفي وقت سابق، طالب عدد من الوزراء المحليين المنتمين إلى التحالف المسيحي، الذي تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل، بحظر شامل للنقاب في ألمانيا؛ ما أثار موجة من النقاشات المحتدمة.
وتبنوا آنذاك دعوة إلى حظر جزئي لارتداء النقاب في الوظائف العامة أو دور الحضانة أو المدارس أو الجامعات أو خلال التدقيق في جوازات السفر أو المظاهرات أو خلال التواجد في قاعات المحاكم.
وكانت ميركل صرحت بأن النقاب يحول دون دمج المهاجرين واللاجئين في المجتمع، وقالت: "من وجهة نظري قلما تمتلك سيدة تغطي وجهها تمامًا في ألمانيا فرصة للاندماج".
وتسعي ألمانيا إلى القضاء على العناصر ذات التوجهه الإسلامي المتشدد؛ حيث قضت على عدد من اللاجئين ممن ظهرت شكوك حول علاقتهم بداعش الذي يبدو أنه نجح في الزج بالبعض من عناصره بين اللاجئين الذين توجهوا إلى أوروبا.
يأتي هذا بعد تدفق أكثر من مليون لاجئ مسلم إلى ألمانيا العام الماضي، معظمهم من سوريا والعراق وأفغانستان العام الماضي، وعقب تزايد القلق إثر هجمات نفذها إرهابيون.
ووفق مراقبين فإن المخاوف الألمانية لا تقف عند اللاجئين، وإن هناك حذرا من جمعيات مرتبطة بنشطاء متشددين مقيمين في ألمانيا.
وفي أغسطس الماضي، قال وزير الداخلية الألماني توماس دي مايتسيره: إن الأعضاء المحافظين بحكومة المستشارة أنجيلا ميركل اتفقوا على ضرورة حظر ارتداء النقاب في المدارس والجامعات وأثناء القيادة.
ويقول مؤيدو حظر النقاب: إن الأخير يظهر حالة من عدم التجانس في المجتمع ويوحي بأن من ترتديه أقل منزلة، كما قد يشكل مخاطر أمنية.
وقال دي مايتسيره لتلفزيون "زد دي إف" في وقت سابق: "نحن جميعًا نرفض النقاب، إنه لا يناسب مجتمعنا المتحرر الفكر"، إلا أنه لم يصل إلى حد اقتراح حظره التام، مضيفًا: اتفقنا على أننا بحاجة لجعل إظهار الوجه في الأماكن التي يتعين إظهاره فيها إلزامًا قانونيًّا حيث يكون ذلك ضروريا لتماسك مجتمعنا".
قال: إن المرأة يجب أن تظهر وجهها أثناء القيادة وحين تسجل أوراقًا لدى السلطات وفي المدارس والجامعات وفي المكاتب العامة وفي المحاكم.
وأحدث الجدل حول حظر النقاب آنذاك انقساما داخل ائتلاف ميركل الحاكم، إذ عارضه أغلب أعضاء الحزب الديمقراطي الاشتراكي شريكها في الائتلاف.
وجاءت دعوة الاتحاد الديمقراطي المسيحي لفرض حظر جزئي على ارتداء النقاب بعد أن فقد قدراً من شعبيته أمام حزب البديل من أجل ألمانيا المناهض للهجرة، والذي يريد منع النقاب والمآذن.
وقالت وزيرة العمل أندريا ناليس العضو بالحزب الديمقراطي الاشتراكي: إن مطالب المحافظين بحظر النقاب علامة على خطاب سياسي يزداد عداءً للأجانب.
وسبق أن حذرت مفوضة الحكومة الألمانية الاتحادية لشئون الهجرة والاندماج أيدان أوزوغوز من الوقوع فيما أسمته "نقاشات رسمية"، مؤكدةً أنها ضد ارتداء النقاب، لكنها في نفس الوقت ضد استصدار قانون لحظره.
وقالت أوزوغوز في حوار مع صحيفة "بيلد" الألمانية الشعبية: "البرقع لباس معاد للمرأة، وهو بمثابة سجن للمرأة"، لكنها لفتت الانتباه إلى أن مثل هذه النقاشات ستكون لها أثارا سلبية على "فئة مغبونة".
وشددت أوزوغوز على أنه "لا توجد أي صلة بين الانتحاريين وارتداء البرقع"، وأن هذه النقاشات الفارغة لن تفيد النساء المعنيات بذلك".
وبألمانيا نحو أربعة ملايين مسلم يشكلون حوالي 5% من إجمالي السكان.
ووفق باحثين ألمان، لا توجد إحصائيات رسمية بشأن أعداد المنتقبات في ألمانيا، لكن رئيس المجلس المركزي لمسلمي ألمانيا أيمن مزيك قال: "إن ارتداءه نادر جدا".
ووجدت دراسة أجراها المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين في 2009 أن أكثر من ثلثي المسلمات في ألمانيا لا يرتدين حتى الحجاب.