خبيرة ألمانية لدويتشه فيله: لا خطر على الأردن من "داعش" حاليا
الإثنين 27/أكتوبر/2014 - 05:05 م
طباعة
رغم نفي الملك عبد الله الثاني نيته إرسال قوات برية إلى سوريا، فإن هناك من يشيع بأن عمان قد تقدم على هذه الخطوة لانضمامها للتحالف ضد تنظيم "الدولة الإسلامية". فما مخاطر المشاركة الأردنية في التحالف على استقرار البلاد؟
عندما انضم الأردن إلى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف إعلاميا بـ "داعش"، كانت هناك تحذيرات عديدة من خطر هذه الخطوة؛ لأنها قد تجلب للتنظيم مزيدا من المتعاطفين على غرار ما حدث مع القاعدة في السابق. وبالرغم من نفي الملك عبد الله الثاني نية حكومته إرسال قوات برية إلى سوريا، فإن هناك من يتحدث عن عزم عمان القيام بذلك؛ ما يزيد الخشية من أن يشتد الاحتقان في البلاد خصوصا أن ثمة نشاطا ملحوظا للمجموعات السلفية المتطرفة في الأردن.
ولمعرفة المزيد حول هذا الموضوع وحول دور الأردن في مواجهة تنظيم "داعش" ومخاطر ذلك على المملكة أجرت دويتشه فيله الحوار التالي مع أنيا فيلر- شوك رئيسة فرع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية في عمان، والخبيرة في قضايا الشرق الأوسط.
ما حجم الخطر الذي يشكله تنظيم "الدولة الإسلامية" على الأردن؟
أنيا فيلر- شوك: لا يوجد هناك خطر واضح حاليا. ورغم ذلك، هناك حدود مشتركة للأردن مع العراق وسوريا. ما يعني أن الخطر سيبقى قائما، خاصة بوجود رسائل عديدة وجهها التنظيم، أعلن فيها أنه وضع الأردن من بين أهدافه. على صعيد آخر، تتوفر البلاد على أجهزة استخباراتية قوية، وتسيطر بإحكام على المنافذ الحدودية؛ ما يجعل خطر تنظيم "الدولة الإسلامية" أقل من المتوقع. وهذا ما يعزز مكانة الأردن بين حلفائها الأساسيين كالولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. إلى ذلك، كان لعمّان موقف واضح ضد هذا التنظيم.
بعد أن لمح الأردن أنه لن ينضم إلى التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، عادت لتؤكد مشاركتها في الغارات الجوية العربية- الغربية لضرب "الإرهاب في عقر داره"، فما هو الدور الذي باتت تلعبه المملكة في هذا التحالف؟
العائلة الملكية والنظام الأردنيين من أكبر حلفاء الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. ومعروف أن الأردن يعتمد على هذه البلدين بشكل أساسي، للحصول على المساعدات سواء عسكرية أو مادية. ولهذا يمكن القول: إن هامش التحرك ضعيف جدا بالنسبة للأردنيين. استراتيجيا، تسعى عمّان إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع الرياض وواشنطن. والدخول في هذا التحالف كان قرارا استراتيجيا بامتياز وناجم عن تداخل المصالح. فمن جهة، هناك نية في إرضاء الحلفاء. ومن جهة أخرى، توجد مصلحة ملحة في دعم تحرك دولي ضد تنظيم يهدد الأمن القومي.
هناك أنباء تفيد بنية الأردن إرسال قوات برية إلى سوريا، ما مدى صحة هذه الأنباء؟
لا أعتقد أن ذلك صحيح. هناك قنوات أمريكية تلفزيونية تتحدث عن ذلك. ولا أعرف بالطبع ما يصاغ خلف الأبواب المغلقة. لكنني أعتقد أن أي تحرك بري سيخلق موجة غضب قوية في الأوساط الشعبية في الأردن. فالطلعات الجوية أقل وقعا، من أي مواجهة مباشرة مع الإخوة السوريين؛ ولهذا لن يميل الأردن إلى هذا الخيار.
وماذا عن استعداد عمان في تدريب عناصر من المعارضة السورية؟
نفى الأردنيون كل هذه الأنباء، مشددين على موقف عمان المحايد تجاه ما يجري في سوريا
نجح النظام في الأردن وإلى غاية اللحظة في الصمود بوجه الاضطرابات الناجمة عما يسمى بـ "الربيع العربي"، وذلك وسط جوار ملتهب. حسب توقعاتك هل تنجح الحكومة الأردنية في الحفاظ على الاستقرار؟
هذا يتعلق بالأساس بحلفاء الأردن. للسعودية والولايات المتحدة وإسرائيل، مصلحة كبرى في أن يظل الأردن جزيرة هادئة، وسط بلدان فتكت بها الحروب. ولم يكن هذا الاستقرار ليتحقق بفضل جهود الأردنيين وحدهم، وإنما بفضل جهود الدولة المذكورة أيضا. وهذا ما يدركه النظام الملكي الذي يراهن على علاقته المتميزة بالولايات المتحدة. أنا أعتقد أن الوضع مطمئن حاليا، لكنه قابل للتغيير في أي لحظة. وهذا ما تعلمناه أيضا من أحداث الربيع العربي، لا شيء ثابت الآن. ما يعني أن احتمال حدوث عمليات إرهابية انتقاما لمشاركة الأردن في التحالف الدولي وارد. وفي ظل تغيرات المرحلة، لا يمكن التنبؤ بما سيحمله القادم من الأيام.
ما انعكاس انضمام الأردن إلى التحالف على المزاج الشعبي؟
الأردن ذو تركيبة متجانسة وبغالبية سنية. وبعد ضربات التحالف الدولية، انفجر جدل صاخب داخل البلاد. فمن جهة ينظر إلى هذه الضربات على أنها "عدوان غربي" على المسلمين، ومن جهة أخرى لا أحد يرغب في أن تصبح البلاد "إمارة" تدار شئونها بالطريقة التي شاهدنها. وبالتالي، فإن مشاركة الأردن في التحالف الدولي الذي يضرب مواقع في بلدان الجوار العربي، أدت إلى مواقف متضاربة.
قبل الإعلان رسميا الانضمام التحالف، برأت محاكم أردنية شخصيات سلفية كانت متهمة بالإرهاب كالداعية السلفي أبو قتادة، وقبله بكثير منظر التيار السلفي الجهادي أبو محمد المقدسي الذي كان مقربا من أسامة بن لادن، ما خلفية ذلك؟ وهل كانت هذه الخطوة محاولة للتقرب من السلفيين؟
الرواية الرسمية، تحدثت بطبيعة الحال، عن غياب أدلة تؤكد تورط القادة السلفيين في عمل إرهابي. لكن، دارت إشاعات عن اتفاق أبرم بين قادة الحركة السلفية في الأردن مع النظام، حتى يكون السلفيون حائط صد في وجه تمدد تنظيم "الدولة الإسلامية"، خاصة وأنهم يتعارضون فكريا وبقوة مع هذا التنظيم. بيد أن هؤلاء لن يكونوا قادرين على كسر التعاطف المتنامي بين الأوساط السلفية للتنظيم بعد الضربات الجوية التي استهدفت مواقعه.