"قردٌ" يُحْيِي الثأر بين "أولاد سليمان والقذاذفة" في "سبها" الليبية

الأربعاء 23/نوفمبر/2016 - 11:14 ص
طباعة قردٌ يُحْيِي الثأر
 
في الوقت الذي تشهد فيه ليبيا عدم استقرار من الناحية الأمنية؛ حيث تتصارع حكومات عدة على السلطة في البلاد، واحدة في الشرق واثنين في العاصمة طرابلس وأخريات للعناصر الإرهابية، بات الأمر في غاية الأضحوكة بين القبائل في مدينة سبها بالجنوب الليبي؛ حيث لقي 21 شخصًا مصرعهم في أربعة أيام من المواجهات بين قبيلتي أولاد سليمان والقذاذفة المتنافستين في مدينة سبها، بسبب "قرد"، وفق ما ذكرت وسائل إعلام ليبية.
قردٌ يُحْيِي الثأر
وعلى الرغم من أن الحادث يعتبر أطرف المواقف التي حدثت في ليبيا على مدار الأعوام السابقة، لكنه حادث دموي، أدى إلى مقتل العشرات، وبدأت الصدامات بعد أن شاكس قرد يملكه صاحب محل من قبيلة القذاذفة تلميذات أثناء مرورهن بالمكان.
وتعتبر المعارك الدائرة بين مسلحي القذاذفة وأولاد سليمان، وهما أقوى مجموعتين مسلحتين بالمدينة- بسبب حالة الفوضى التي تشهدها البلاد بشكل عام، بين أطراف النزاع اللذين لا يملكون حلًا سياسيًا ولا زالوا في مفاوضات فاشلة، أدت إلى تفشي النزاعات بين عدة الأطراف في البلاد.
وتجدر الإشارة إلى أنه عقب سقوط نظام القذافي عام 2011، اندلعت في ليبيا معارك عديدة على أسبقية السيطرة على السلطة بين أطراف عديدة.
وتسبب القتال بين مسلحي القبيلتين بالمنشية، أكبر أحياء هذه المدينة الواقعة جنوب غرب البلاد، في إغلاق المدارس والمحلات التجارية والمؤسسات الخدمية، وإلى تداعي أعيان ووجهاء جنوب ليبيا ومناطق الشرق والغرب لاحتواء الأزمة ووقف الاشتباكات التي استخدمت فيها الدبابات والراجمات وقذائف الهاون، وأدت إلى في تدمير المنازل وترويع المدنيين.
ونقلت وكالة رويترز عن أحد السكان المحليين قوله إن :"القرد نزع أغطية الرأس من فوق رءوس الفتيات، ما دفع رجال من قبيلة أولاد سليمان إلى قتل 3 من القذاذفة والقرد".
وأفادت الأنباء أن وساطة سابقة قام بها شيوخ القبائل للتهدئة وترتيب هدنة لانتشال الجثث فشلت بين الطرفين، فيما نقل عن مسئول في مركز سبها الطبي الأحد 20 نوفمبر أن المرفق الصحي استقبل 16 جثة ونحو 50 جريحًا.
وكانت مدينة سبها شهدت في السنوات الماضية اشتباكات قبلية وعرقية عنيفة في أكثر من مناسبة. 
في هذا الصدد، أعلن مجلس النواب المنعقد في طبرق شرقي ليبيا، "سبها" مدينة منكوبة، وقال المتحدث باسم المجلس عبد الله بليحق إن "إعلان المدينة منكوبة جاء لتوقف الدراسة وانعدام الأمن، والوضع الصحي السيئ فيها، إضافة إلى أنها معرضة لكارثة بيئية جراء انتشار البرك والمستنقعات بسبب مياه الصرف الصحي".
وأشار إلى أن مجلس النواب خلال جلسة عقدها أمس في طبرق، شكل ثلاث لجان للتواصل مع أطراف النزاع في سبها والجهات المختلفة، لحل المشكلة ووقف الاقتتال الدائر.
وفي السياق ذاته، طالب وزير الدفاع المفوض في حكومة الوفاق الوطني الليبية المهدي البرغثي، أطراف الأزمة في سبها بالتحلي بضبط النفس وعدم الانجرار إلى الاقتتال الداخلي، داعيًا الجميع في سبها إلى تنحية الخلافات الشخصية والقبلية وإلقاء السلاح واللجوء إلى الحوار والعمل معًا من أجل مستقبل البلاد.
وكانت وفود من قبائل ليبية وأعيان مدن قد وصلت إلى مدينة سبها لعقد صلح بين القبيلتين ومحاولة احتواء الأزمة الدامية فيها.
قردٌ يُحْيِي الثأر
وتعليقًا على ذلك رحب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر بجهود الوساطة الاجتماعية في سبها لوقف الاقتتال الدائر بين القبيلتين، ودعا إلى ترجيح صوت العقل، معربًا عن أسف البعثة الأممية في ليبيا من "اندلاع أعمال عنف قبلية".
وقدم مارتن كوبلر، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا خالص تعازيه لأسر الضحايا معربا عن تعاطفه معهم ومع المصابين.
وقال كوبلر: أثني على الجهود التي يبذلها قادة المجتمع للتوصل إلى وقف لإطلاق النار ووضع حد لإراقة الدماء التي لا مبرر لها والتي تعصف بمدينة سبها.
وتؤكد بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على التزامها بمساعدة الشعب الليبي لإيجاد حلول لخلافاته ودعم جميع المساعي الليبية لضمان تحقيق الوحدة والاستقرار والسلام.
ووجهت بلدية سبها جنوب غرب ليبيا نداء استغاثة لمجالس بلديات ليبيا وأعيان وحكماء القبائل الليبية في الشرق والغرب والجنوب الليبي للتدخل وحل الاشتباكات المسلحة الدائرة وسط المدينة.
حامد رافع عميد بلدية سبها، أكد أن الأزمة جاءت نتيجة لتراكمات عديدة ومشاكل سابقة، إضافة إلى استعانة بعض الأطراف بمقاتلين أفارقة، الأمر الذي زاد من حدة الأزمة، قائلا: إنهم يقومون الآن بتجميع معونات طبية وإغاثة للأهالي الذين تضرروا نتيجة الاشتباكات التي تدور بحي المنشية بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة وقذائف الهاون منذ منتصف الأسبوع الماضي.
ووفق مصادر في المدينة، فإن هذه الاشتباكات بمثابة "تصفية حسابات بين القبيلتين وليست جديدة، وكانت موجود حتى إبان حكم العقيد الراحل معمر القذافي، وبمجرد حدوث خلاف سواء حول الأراضي أو الأخذ بالثأر تتجدد الاشتباكات".
والجدير بالذكر أن الاشتباكات بين القبلتين اندلعت في سبتمبر 2014؛ حيث بدأت مواجهات مسلحة بين قبيلتي "أولاد سليمان" و"القذاذفة" في جنوب ليبيا عقب مقتل شخصين وإصابة آخرين بجروح.
وقال الشيخ محمد عيسى المبشر، رئيس مجلس أعيان ليبيا، إنذاك: إن "مواجهات عنيفة" اندلعت في سبها بين قبيلة أولاد سليمان وقبيلة القذاذفة، مضيفًا أن شخصين على الأقل قتلا وأصيب آخرون بجروح في معارك اندلعت بعد مقتل شاب من قبيلة القذاذفة، التي ينتمي إليها الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
واتهمت وقتها، قبيلة القذاذفة "أولاد سليمان" بقتل الشاب، طبقًا لرئيس مجلس أعيان ليبيا الذي يمثل القبائل الليبية النافذة وأبرز وسطاء النزاعات القبلية في البلاد.
ويشهد جنوب ليبيا بين الحين والآخر اشتباكات قبلية بدوافع سياسية على خلفية أحداث العنف التي تشهدها البلاد في الشمال.

شارك