رغم اقتراب الحسم .. "البنيان المرصوص" تتكبد خسائر في مواجهة "داعش" سرت
الأحد 27/نوفمبر/2016 - 05:54 م
طباعة
رغم أن الفترة الأخيرة، كانت قوات الوفاق الوطني "البنيان المرصوص"، ذات قوة خارقة للقضاء على التنظيم الإرهابي "داعش" في مدينة سرت الليبة، إلا أنها فقدت الكثير من هذه العزيمة في الوقت الحالي، حيث أكد متابعون، أن قوات الوفاق تكبّدت خسائر بشرية فادحة في معركتها ضد تنظيم "داعش"، وسط غياب مؤشرات الحسم في المدينة رغم التصريحات المتفائلة.
وقال قائد عسكري في عمليات البنيان المرصوص، إن خسائر القوات البشرية منذ بدء الحرب على داعش، في مدينة سرت تجاوزت الـ600 قتيل والـ3 آلاف جريح، فيما بلغت خسائر تنظيم داعش نحو 1500 قتيل.
وعلى الرغم من تكبد قوات عملية البنيان المرصوص العديد من الخسائر، إلا أنها استطاعت استعادة السيطرة على غالبية المناطق في سرت ومحيطها والتي ظلت تحت سيطرة التنظيم طيلة عام، إضافة إلى أكثر من 150 كيلومترًا على الطريق الرابط بين منطقة السدادة شرق مصراتة حتى تخوم سرت، بما فيها البلدات المنتشرة على جانبي الطريق كبلدة أبو قرين غربا مرورًا بالوشكة والهيشة وزمزم وأبو نجيم جنوبا، وحتى منطقة بويرات الحسون غرب سرت.
وكانت قوات البنيان المرصوص قد انتشلت الأسبوع الماضي أكثر من 30 جثة لعناصر التنظيم من حيّ الجيزة البحرية بعد غارات مكثفة للطائرات الأميركية على المنطقة.
وأشار القيادي العسكري لواء المحجوب، أحد أشهر كتائب مدينة مصراتة، وأكثرها عددا وتسليحا، ويشكل مقاتلوها معظم المشاركين في عملية البنيان المرصوص، إلى أن عدد القوات في سرت، لم يتجاوز الـ8 آلاف مقاتل، في ذروة الهجوم في الأسابيع الأولى.
وكشف في المقابل، أن عدد عناصر التنظيم الإرهابي، خلال بداية العملية بلغ أكثر من ألفي مقاتل، مدججين بكل أنواع الأسلحة ويتدربون منذ أكثر من سنة، وعدد منهم من ذوي التجارب القتالية في سوريا والعراق، فيما قدّرت تقارير غربية عدد عناصر داعش في سرت، قبل انطلاق العملية العسكرية فيما بين 5 و8 آلاف عنصر.
وانطلقت في 2 مايو الماضي عملية عسكرية حملت اسم "البنيان المرصوص" في مدينة سرت، قبل أن يشرعنها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في العاشر من مايو ويعلن عن قراره بتعيين ضباط وعسكريين لقيادتها.
وجاءت العملية ردا على تقدم مفاجئ لمقاتلي تنظيم داعش باتجاه الغرب وصولا إلى منطقة السدادة 9 كم جنوب شرق المدينة.
وتمكنت قوات البنيان المرصوص في الأسابيع الأولى من تحقيق نجاحات مهمة ضد عناصر داعش، وسيطرت على معظم المدينة قبل أن يتباطأ تقدمها بشكل أثار العديد من التساؤلات خاصة وأن عناصر داعش لم يعد يسيطرون سوى على ثلاث كيلومترات من مساحة سرت وتحديدا في منطقة الجيزة البحرية.
وسبق أن ذكرت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير لها، أن هناك تباين في آراء قيادات "البنيان المرصوص" حول حسم العملية ضد داعش في سرت، ففي الوقت الذي رأى فريق منهم ضرورة التأني في اقتحام الأحياء السكنية التي يتحصن داخلها مقاتلو التنظيم خشية أن تخسر مزيدًا من قواتها، خاصة أن التنظيم يعتمد في مقاومته على زرع الألغام في المناطق التي ينسحب منها، وعلى العمليات الانتحارية بسيارات ملغمة وأحزمة ناسفة تفضل قيادات أخرى استمرار استهداف مواقع التنظيم عن بعد بمدافع الهاوزر والغارات الجوية الدقيقة، كي تتمكن من إنهاكه قبل أن تصطدم به وجها لوجه، وهو ما أجل حسم المعركة.
ورغم تصريحات من المشرفين الميدانيين على عملية سرت في الفترة الأخيرة، عن قرب حسم المعركة، إلا أن هناك شكوكا كبيرة حيال إمكانية تحقيق ذلك.
وأعلن المركز الإعلامي لغرفة عمليات تحرير مدينة سرت أن قوات حكومة الوفاق كبدت مسلحي تنظيم داعش خسائر بشرية كبيرة خلال الأيام الماضية.
وأورد بيان صادر عن المركز الإعلامي أن مسلحي التنظيم الإرهابي بدأوا يفقدون السيطرة على الوضع نتيجة الخسائر الكبيرة في الأرواح والمعدات ونفاد المؤن، وهو ما يؤذن بقرب انتهاء المعركة.
في المقابل كشفت مصادر عسكرية عن مقتل ما لا يقل عن خمسة من قوات البنيان المرصوص وإصابة أكثر من 20 آخرين، السبت، جراء هجوم انتحاري من تنظيم داعش بسيارة ملغومة بمنطقة الجيزة.
ولم تتحق الاحصاءات حول عدد عناصر تنظيم "داعش"، الذين لا يزالون يتحصّنون في حيّ الجيزة، إلا أن الناطق باسم غرفة عمليات تحرير سرت رضا عيسى قدّر عدد منازل الحي التي لا تزال تخضع لسيطر داعش بنحو 700 منزل.
ورغم أن قرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني القاضي بتشكيل عملية البنيان المرصوص العسكرية نصّ على استعادة السيطرة فقط على مدينة سرت وكل ما يقع داخل حدودها الإدارية، يرى الناطق باسم عملية البنيان المرصوص العميد محمد الغصري أن "قوات البنيان قد تواصل تقدمها شرقا أو جنوبا فقط في إطار مطاردة عناصر التنظيم الفارين من سرت وأن تواصل هذه القوات تقدمها باتجاه قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر المتمركزة في منطقة حقول النفط بوسط ليبيا لن يتم إلا بتعليمات رسمية من حكومة الوفاق، فلا طاقة لحكومة الوفاق بـ"فتح جبهة حرب جديدة"، إضافة إلى المكاسب التي حققتها قوات البنيان على الأرض، تبرز أهمية معركة سرت - في اكتساب هذه القوات العقيدة العسكرية المتمثلة في الخبرة الميدانية وإطاعة الأوامر؛ مما يؤهلها لأن تكون نواة الجيش النظامي الرسمي للدولة باعتباره تابعا لحكومة الوفاق المعترف بها دوليًّا، خاصة في ظل تعدد التشكيلات المسلحة غير المعترف بها وتعدد انتماءاتها وتوجهاتها بقدر تعدد الانقسامات التي تشهدها البلاد.
وتعتبر مدينة سرت آخر وأهم معقل لتنظيم داعش الإرهابي في ليبيا؛ لذا فإن إعادة السيطرة عليها تعني نهاية داعش من الناحية النظرية على الأقل.
وتحظى مدينة سرت بأهمية استراتيجية كبيرة بحكم موقعها الجغرافي على خريطة ليبيا، فهي تعتبر حلقة الوصل بين شرق ليبيا وغربها وتقع بمحاذاة ما يعرف بالهلال النفطي، وتشكل السيطرة عليها نجاحا مهما في معركة محاربة داعش، وكانت أغلب القوات للتنظيم في ليبيا متمركزة في سرت، والتي تضعها أغلب التقديرات قبل الحملة العسكرية التي تخوضها قوات حكومة الوفاق منذ ثلاثة أشهر، بين 2000 و5000 مقاتل.