بعد تجدد حرب النفط.. "حفتر" والسراج" يتصارعان علي أنقاض الدولة الليبية
السبت 10/ديسمبر/2016 - 06:28 م
طباعة
في ظل النزاع الدائر بين الحكومتين الليبيتين، أعلنت غرفة عمليات القوات الجوية التابعة للجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، المنطقة الوسطى لليبيا محظورة عسكريا على الأصعدة البرية والبحرية والجوية، وذلك في الوقت الذي سيطرت فيه قوات أخرى، على قاعدة "براك الشاطئ" الجوية بجنوب البلاد في مسعى لتثبيت تواجد الجيش بالجنوب الليبي.
وأوضحت غرفة عمليات القوات الجوية في تعميم لها، أن المنطقة الوسطى والمتمثلة في المساحات الأرضية والبحرية والجوية، من بن جواد إلى غرب وجنوب سرت وحتى جنوب هون وودان، هي منطقة محظورة ومحرمة على أيّ مجموعات مشبوهة مسلحة وأي حركة طيران، مهما كانت تبعيتها إلّا بتصريح كتابي مسبق.
وبالتوازي مع ذلك، أعلن اللواء 12 المجحفل التابع للقيادة العامة للجيش الليبي، سيطرته على قاعدة براك الشاطئ الجوية جنوب ليبيا، وطلب من القوات المتواجدة مغادرة مواقعها.
وتقع قاعدة براك الشاطئ الجوية ضمن الحدود الإدارية لبلدة براك الشاطئ الواقعة على بعد نحو 700 كلم جنوب طرابلس، وهي تُعدّ واحدة من أكبر قاعدتين جويتين في الجنوب الليبي إلى جانب قاعدة تمنهت الجوية بسبها.
وأكدت مصادر عسكرية مقربة من اللواء 12 المُجحفل الذي يقوده العقيد محمد بن نايل، أن قوات من هذا اللواء منعت الوحدة الموجودة في حاجز القاعدة الجوية براك الشاطئ من البقاء في مواقعها.
واعترفت حكومة الوفاق الوطني بهذه التطورات العسكرية، حيث قال محمد قليوان الناطق باسم القوة الثالثة لتأمين الجنوب التابعة لحكومة الوفاق الوطني إن قوات تابعة للمشير خليفة حفتر، تُحاصر قاعدة براك الشاطئ الجوية في جنوب البلاد.
وسبق أن ذكرت بوابة الحركات الإسلامية، أن صراعًا جديدًا قد بدأ من أجل السيطرة على موانئ النفط وعلى السلطة بشكل عام بين الفصائل الليبية المسلحة العديدة التي تتنافس في تحالفات متغيرة منذ انتفاضة عام 2011 في ليبيا التي تعمها الفوضى.
وشهدت الأربعاء الماضي منطقة الهلال النفطي اشتباكات مسلحة، بين قوات الوفاق، ووحدات من الجيش الليبي، التي تسيطر على الموانئ النفطية منذ شهر سبتمبر الماضي.
وجاءت هذه الاشتباكات لتعيد معركة النفط في ليبيا بين الفصائل والتشكيلات المُسلحة إلى واجهة الأحداث، وسط تعقيدات مُتشعبة للأوضاع الليبية التي باتت تتجه نحو الصدام بعد تراجع بوادر التوصل إلى تسوية سياسية بين أطراف الصراع توقف حالة الانقسام والتشرذم التي أوصلت البلاد إلى حافة الانهيار التام.
من جانبها أصدرت غرفة تحرير وتأمين الحقول والموانئ النفطية التابعة لوزارة الدفاع في حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، بيانا رقم 1، قالت فيه: إن وزير الدفاع المفوض العقيد المهدي البرغثي أصدر تعليماته للكتيبة الـ12 مشاة، والكتيبة 71 حرس الحدود، وقوات "الثوار" المساندة لها بتحرير الحقول والموانئ من العناصر التي وصفتهم بـ"المرتزقة"، ليعود النفط إلى كافة الليبيين، وليطمئن الشعب الليبي بشأن تسليم هذه الحقول والموانئ إلى مؤسسات الدولة الليبية والجهات المختصة من دون قيد أو شرط.
في نفس الوقت تبرأ المجلس الرئاسي مما حدث، قائلا: لا صحة لما تتداوله بعض وسائل الإعلام بشأن صدور أي تعليمات أو أوامر لأي قوة كانت بالتحرك نحو المنطقة.
وأوضح قليوان أن قائد اللواء 12 المُجحفل العقيد محمد بن نايل طلب تسليم القاعدة إلى قواته لتأمينها بتكليف عسكري من المشير خليفة حفتر، لافتا إلى مفاوضات تجري بين الجانبين لكنها لم “تصل إلى نتيجة حتى الآن.
واعتبر قليوان أن حفتر يحاول تثبيت أقدامه في الجنوب، والسيطرة على قاعدة جوية كبيرة مثل قاعدة براك الشاطئ المجهزة فنيا.
وتهدف المفاوضات إلى عدم التعرض بأذى لـ25 من أفراد القوة الثالثة المكلفين بحراسة القاعدة والموجودين بداخلها، وقد أوضح قليوان أن القوة الثالثة تفتقر إلى الإمكانيات المادية والعسكرية لأي مواجهة.
ويرى مراقبون أن الجيش الوطني الليبي يقوده خليفة حفتر الذي أصبح رمزًا لفصائل الشرق، بينما يشن حملة عسكرية ضد الإسلاميين وخصوم آخرين منذ أكثر من عامين.
وقال رئيس المجلس عقيلة صالح آنذاك: إن "ميليشيات تابعة لتنظيم القاعدة وأخرى محلية تتبع وزارة دفاع المجلس الرئاسي تحركت بهدف تدمير مقدرات الشعب الليبي من منشآت وحقول نفطية بمنطقة الهلال النفطي"، معتبرًا أن "هذا العمل الإرهابي نسفٌ لكل المحاولات الرامية إلى تحقيق التوافق، ويمثل خرقاً جسيماً جديداً للاتفاق السياسي".
وقال: "هذا العمل الإرهابي يؤكد عدم صدق ذلك المجلس الرئاسي ووزارة دفاعه التي نفت في السابق أي نية للهجوم على منطقة الهلال النفطي".
كما أضاف: "هذا العمل يؤكد أن المجلس الرئاسي مجرد كيان واقع تحت سيطرة الميليشيات المسلحة المحلية والمتطرفة، ويقدم دليلاً إضافياً للمجتمع الدولي على عدم حسن نوايا تلك التيارات المسيطرة على المجلس الرئاسي".
وتشير المعطيات، وفق ما ذكرت بوابة الحركات الإسلامية، إلى هجوم مضاد محتمل على الموانئ النفطية من جانب قوات منها الفصيل الذي أخرج منها في سبتمبر وكتائب مقربة من الإسلاميين ومدعومة من مصراتة ومنافس لحفتر عيّن وزيرا للدفاع في حكومة الوفاق الوطني في طرابلس التي يقودها فايز السراج وتدعمها الأمم المتحدة، وفق تكهنات المحللين.
في هذا الصدد، دعا مبعوث الأمم المتحدة ورئيس بعثتها للدعم في ليبيا مارتن كوبلر إلى التهدئة في منطقة الهلال النفطي ومحيطها، معلنًا ترحيبه بالبيان الذي أصدره المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني.
وقال كوبلر الأربعاء الماضي في تغريدة عبر حسابه على تويتر: "الهجمات على المنشآت النفطية تزيد من تقويض الاستقرار والاقتصاد الليبي".
وتخشى الأوساط السياسية الليبية من أن تكون هذه الاشتباكات مقدمة لتصعيد عسكري جديد يستهدف السيطرة على الموانئ النفطية وفي إطار الصراع على السلطة في ليبيا.
وعكس الصراع أثارًا سلبية على موانئ النفط؛ حيث ما زال أقل من مستوى 1.6 مليون برميل يوميا الذي كانت تنتجه ليبيا العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول.
ونجح الجيش الليبي بقيادة حفتر في 11 سبتمبر الماضي، بعملية "البرق الخاطف" في السيطرة على أربعة من موانئ الهلال النفطي ضد إبراهيم الجضران قائد حرس المنشآت النفطية سابقا الموالي لحكومة الوفاق الوطني، لإنهاء وقف العمل في ثلاثة موانئ وزيادة إنتاج النفط إلى مثليه ليبلغ نحو 600 ألف برميل يوميًّا.
وحاول الجضران الذي ينتمي إلى قبيلة المغاربة الكبيرة، استعادة سيطرته على الموانئ النفطية من خلال هجوم مسلح، لكنه لم فشل في ذلك، ليدخل بذلك الصراع في مشهد جديد أظهر حفتر كلاعب رئيسي في المعادلة العسكرية والسياسية في ليبيا.