كنائس العالم تعزي مصر و"تواضروس" يخاطب القاتل: أين ضميرك؟

الإثنين 12/ديسمبر/2016 - 12:29 م
طباعة كنائس العالم تعزي
 
ألقى البابا "تواضروس" عظةَ الجنازة على أجساد الشهداء بكنيسة العذراء مريم واثناسيوس الرسول بمدينة نصر، فقال: 
"على رجاء القيامة نودع النفوس في شهر التسبيح والفرح، ونتذكر قول الشهيد بولس في القرون الأولى إن آلام الزمان الحاضر لن تقاس بالمجد العتيد الذي سوف يعلن فينا.. نودع هذه النفوس لأنه ليس موتًا لعبيدك بل هو انتقال، ونؤمن ونقبل بكل ما يسمح به الله.. كل شيء يتم بسماح من الله، وقدر كنيستنا أن تقدم شهداء وتسميتها كنيسة الشهداء منذ القرو ن الأولى وأطفال بيت لحم هم شهداء الباكورة في المسيحية، والكنيسة المصرية تقدم أبناء من كل الأعمار شهداء أمام الله، وعمل الشهادة هو عمل السماء، هم يرفعون قلوبنا للسماء، في كل قداس الكاهن يسأل: أين هي قلوبكم؟ فيرد الشعب هي عند الرب، نتألم كثيرًا لانتقال الأحباء في هذا الحادث، ونتألم من هذا الشر الذي تخلى عن المشاعر التي خلقها الله في الإنسان، فهذا المصاب ليس مصاب الكنيسة، بل مصاب الوطن، وعندما نقف أمام الأجساد ونفتح ستر الهيكل نرى أنفسهم منطلقة، ويضعون الأكاليل على رءوسهم، وهم ذهبوا في أفضل وقت وهو وقت الصلاة، فهم كانوا في وقت القداس فذهبوا لرفع قلوبهم فقبلها الله، نتألم لما حدث ولكن ننظر للسماء لأن هؤلاء ذهبوا في وقت الصوم، وهم سبقونا للسماء، وفي يوم الأحد وهو يوم القيامة؛ لذلك نودعهم على رجاء القيامة، وذهبوا في شهر كيهك شهر تطويب العذراء مريم، وطلبهم أن يحضروا التسابيح في السماء وفي يوم 3 كيهك، وهو احتفال تقديم العذراء للهيكل في أورشليم، فنحن نستودعهم في أورشليم السمائية، وكل الأبرار والصديقين الآن عيوننا لا ترى إلا السماء، فإن كنا نتألم للفراق ونحزن ونسكب الدموع وأنين القلوب فإننا نرفع حياتنا كلها للسماء، أم من كان سببًا وشرًّا يتذكروا صوت الله القائل لقابيل القاتل فقال له: أين هابيل أخوك؟ إن دماء هابيل تصرخ في كل الأرض فأنت أيها المدبر اعلم أنك لم تحقق شيئًا أنت تنتظرك دينونة رهيبة، ماذا سوف تقول لله أو تفعل أو تبرر؟ وما تسببت فيه بألم وطن بأكمله الله هو ديان الأحياء والأموات وهو عارف كل شيء، والكل مكشوف أمامه، هل فكرت في وقفتك وعارك وقت الدينونة ومصيرك الأبدي الذي بلا نهاية؟ لا تحسب أنك حققت شيئًا فالألم الذي حققته في قلوبنا جميعًا سوف يحل عليك ويملؤك وتعيش في الآلام.. سوف ينعكس عليك. نحن نعلم أن شعبنا المصري يعيش بعيدًا عن كل عنف. وتاريخ مصر تاريخ نقي. إننا نودع إخوتنا وكلنا رجاء في السماء والفرح السمائي. ابتعدوا عن ضيقات الأرض وألم التراب، فقد اختارهم الله ليعيدوا معه بالفرح الكامل والدائم والسلام الكامل لا مرضَ ولا عنفَ ولا ضيقَ ولا همَّ ولا ألمَ. نفرح بالحقيقية ونتعزى نحن بوعود الكتاب المقدس وأقوال الآباء والألحان، ونتعزى باهتمام الوطن وتكريم الدولة لهم، فالموت هو طريق الأرض كلها. هؤلاء الشهداء سوف يسجلون في التاريخ ويصلون من أجل بلادهم. نحن نحزن ولكن ليس كالباقين الذين لارجاء لهم. وإن تكريم مصر لهؤلاء وتكريم الكنيسة نحن نشكرهم على تعزياتهم الكثيرة، وهم بالآلاف. نشكر الرئيس السيسي وبابا الفاتيكان وكل المسئولين في الدولة وكل البطاركة". 
وقد وجّه البطريرك ميشيل صبّاح، والمؤسسات المسيحية في فلسطين، رسالة تعزية ومواساة إلى البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وإلى شعب مصر، غداة التفجير الإرهابي الذي ضرب يوم الأحد الكنيسة البطرسية بالقاهرة.
وجاء في الرسالة: "إلى قداسة البابا تواضروس وإلى جميع الأقباط الأعزاء، تعازينا وصلواتنا معكم. وإلى جميع أبناء مصر المسلمين، إلى جميع الإخوة المسلمين في فلسطين، وفي كل البلدان العربية، تعازينا. لأننا كلنا ضحية لمثل هذا الإرهاب. ليس الأقباط وحدهم ضحية. بل المسلمون كلهم في مصر ضحية. والإنسان في كل البلدان العربية ضحية".
وأضافت: "باسم كنائسنا في الأرض المقدسة، ومؤسساتنا في فلسطين نقدم تعازينا. وندعو عالمنا العربي إلى يقظة الإنسانية فيه. نسأل الله أن يمنحنا النور والحياة والغلبة على كل أشكال الموت. نوجه دعوة عامة شاملة إلى الحياة، إلى الحياة فقط، نوجه دعوتنا إلى كل المسيحيين والمسلمين".
بعد صلاة التبشير الملائكي، قال البابا فرنسيس: "يومًا بعد يوم أكون أقرب بالصلاة من أهل حلب. لا ينبغي علينا أن ننسى أن حلب هي مدينة وفيها أناس أيضًا: عائلات وأطفال ومسنون ومرضى. لكننا للأسف قد اعتدنا على الحرب والدمار وإنما لا ينبغي علينا أن ننسى أبدًا أن سورية هي بلد مليء بالتاريخ والثقافة والإيمان، وبالتالي لا يمكننا أن نقبل بأن يتمّ إنكار هذا الأمر من قبل الحرب التي ليست إلا تراكُم تعسُّفات وزور. لذلك أوجّه نداء في سبيل التزام الجميع كي يتمّ اختيار الحضارة: لا للدمار! نعم للسلام، ونعم لأهل حلب وسورية".
وأضاف قائلًا: "نصلي أيضًا من أجل ضحايا بعض الاعتداءات الإرهابية التي ضربت خلال الساعات الأخيرة بلدان عديدة. تختلف الأماكن، ولكن وللأسف واحد هو العنف الذي يزرع الموت والدمار، وواحد أيضًا هو الجواب: الإيمان بالله والوحدة في القيم الإنسانية والمدنية. وبالتالي أريد أن أعبّر عن قربي بشكل خاص من الأخ العزيز البابا تواضرس الثاني وجماعته بالصلاة من أجل الموتى والجرحى".

شارك