بعد 6 أشهر من المواجهات الدامية.. "سرت" تتحرر من قبضة "داعش"

الأحد 18/ديسمبر/2016 - 02:01 م
طباعة بعد 6 أشهر من المواجهات
 
بعد مواجهة دامت أكثر من 6 أشهر، أعلنت حكومة الوفاق الليبية، تحرير مدينة "سرت" بالكامل من قبضة التنظيم الإرهابي "داعش"، بعد معارك دامية راح على إثرها العشرات من القوات الموالية للحكومة، وأعلن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج، مساء أمس السبت 17 ديسمبر 2016، رسميًا انتهاء العمليات العسكرية بمدينة سرت (شمال وسط)، وطرد مسلحي تنظيم "داعش" الإرهابي منها.
بعد 6 أشهر من المواجهات
السراج قال في كلمة متلفزة بثتها قناة ليبيا الرسمية حكومية: "لقد انتصر الليبيون على الإرهاب بحد أدنى من الإمكانيات لكننا سنخوض بعون الله معركة البناء بإمكانيات أكبر، مضيفًا: فمع تكثيف الجهود ورأب الصدع وتصدير النفط قريبا والتزام مؤسسات الدولة بتعهداتها ستنتهي باذن الله معاناة المواطن وتشهد مدننا وقرانا وفي مقدمتهم سرت وبنغازي، حركة تعمير وبناء وانتعاش اقتصادي ليصبح نموذجا يحتذي به في كل أنحاء البلاد".
وأكد السراج "أن قواتنا المسلحة حققت النصر تحت مظلة حكومة الوفاق وتحت هذه المظلة وبسواعد أبنائنا ستنطلق جيوش البناء والتعمير، لافتًا إلى أن هذا اليوم العظيم يصادف مرور عام منذ توقيع الاتفاق السياسي الليبي ورغم كل الصعوبات والتحديات هزمنا العدو الأول لليبيين والعالم.
وذكر السراج بأنه يمد يده "لكل الفرقاء ومن اختلف معنا لكل أبناء الوطن". وتابع أذكر " نفسي بأن معركة سرت انتهت ولكن الحرب على الإرهاب وبوره في ليبيا لم تنته بعد.
وقدم السراج " الشكر لكل الدول الشقيقة والصديقة(لم يسمها) في تقديم الدعم للقضاء على هده الافئة وكل من ساعد عمليات اجلاء الجرحي ووفر لهم سبل العلاج .
وختم السراج كلمته المتلفزة، قائلا: نعهدكم باننا سنكون في مستوي هدا الحدث التاريخي وسنعمل بكل تفاني وعزيمة ونكران الذات من أجل نهضة بلادنا".
وباشرت حكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة فايز السراج أعمالها بالعاصمة طرابلس في 31 من مارس الماضي بناء على اتفاق الصخيرات الذي وقعه الفرقاء الليبيون في المدينة المغربية برعاية مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر. لكن الحكومة الجديدة لم تتلق دعم مجلس النواب في شرق ليبيا والقوات الموالية له، ولا تزال البلاد تشهد انفلاتا أمنيا بسبب استمرار الاشتباكات بين مختلف الأطراف.
وانطلقت معركة "سرت" في 5 مايو الماضي، حيث بدأت عملية عسكرية أطلقت عليها حكومة الوفاق "البنيان المرصوص" لاستعادة سرت، التي تمركز فيها مسلحو "داعش" منذ 2015، مستغلين حالة الفوضى الأمنية والسياسية التي تعانيها البلاد منذ سنوات.
وسيطر "داعش" على سرت في مطلع 2015 وحولها إلى أهم قاعدة له خارج العراق وسوريا واجتذب إليها عددا كبيرا من المقاتلين الأجانب، وفرض التنظيم المتطرف حكمه المتشدد على سكان سرت باسطا سيطرته على قطاع يمتد لنحو 250 كيلومترا من ساحل ليبيا على البحر المتوسط.
وفي مطلع سبتمبر الماضي، تمكنت قوات الوفاق من استعادة معظم مناطق وأحياء سرت بينما انحصر تواجد المسلحين في "حي الجيزة البحرية"، وهو رقعة صغيرة من الأرض قرب واجهة سرت على البحر المتوسط، قبل أن يتم الإعلان رسمياً، الأسبوع الماضي، طرد التنظيم الإرهابي منه.
وأصدرت قيادة غرفة عمليات "البنيان المرصوص"، الأربعاء الماضي، قرارا يقضي بتعيين حاكم عسكري لسرت، بعد أيام من طرد "داعش" منها.
وأشادت الأمم المتحدة، بالمجلس الرئاسي الليبي وقوات البنيان المرصوص والشعب الليبي على انتصارهم على تنظيم داعش في سرت.
وذكرت الأمم المتحدة في بيان لها اليوم الأحد 18 ديسمبر 2016، أن "هذا الانتصار يشكل خطوة كبيرة إلى الأمام نحو تحرير ليبيا من الإرهاب حيث أنه وضع نهاية لتلك الأيام التي كان تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر فيها على أراض في البلاد".
بعد 6 أشهر من المواجهات
وقال مارتن كوبلر، الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا: "إن هزيمة الإرهاب في جميع أرجاء ليبيا تعود بالخير على الليبيين كافة ... أشيد بالليبيين الذين ضحوا بأرواحهم من أجل هذه القضية المشتركة. وأتقدم بخالص التعازي إلى أسرهم وأتمنى الشفاء العاجل للجرحى"، مؤكدًا أن عملية الإنعاش الفوري في سرت يجب أن تكون ذات أولوية، داعيًا المجلس الرئاسي إلى تقديم خطة لإدارة سرت وأمنها وتحقيق الاستقرار فيها، مشيرًا إلى أن سرت بحاجة إلى إزالة الألغام والعودة الآمنة للنازحين داخلياً وإيصال الإغاثات الإنسانية وتوفير العلاج للذين أصيبوا أثناء القتال.
وأقر الممثل الخاص بالمساعدة الدولية القيمة التي تم تقديمها لعملية البنيان المرصوص في سرت وأكد على ضرورة استمرار التعاون في المعركة ضد الإرهاب وفي مرحلة الإنعاش.
وحذر كوبلر قائلاً: "يجب أن يبقى الليبيون يقظين في مواجهة الإرهاب ... وأناشد الليبيين أن ينتهزوا هذه الفرصة لتعزيز المصالحة الوطنية والدفع قدماً نحو تنفيذ الترتيبات الأمنية المؤقتة.
وتحظى مدينة سرت بأهمية استراتيجية كبيرة بحكم موقعها الجغرافي على خريطة ليبيا، فهي تعتبر حلقة الوصل بين شرق ليبيا وغربها وتقع بمحاذاة ما يعرف بالهلال النفطي، وتشكل السيطرة عليها نجاحًا مهمًّا في معركة محاربة داعش، وكانت أغلب القوات للتنظيم في ليبيا متمركزة في سرت، والتي تضعها أغلب التقديرات قبل الحملة العسكرية التي تخوضها قوات حكومة الوفاق منذ ثلاثة أشهر، بين 2000 و5000 مقاتل.
ويتساءل مراقبون حول مصير سرت بعد تحريرها من قبضة التنظيم الإرهابي، والذي حولها على مدار المرحلة الماضية لوكر إرهابي ومعقل رئيسي وقاعدته الخلفية المهمة المطلة على البحر المتوسط، وبالأخص بعد أن فقد التنظيم الإرهابي بذلك نقطة الاستقطاب الرئيسية له في شمال إفريقيا.
ويرى محللون أن خروج داعش من مدينة سرت لا يعني خروجه من المشهد الليبي حاليًا، ولكن قد يتحول التنظيم الإرهابي نحو الجنوب الليبي المحاذي للسودان وتشاد والنيجر، ليفرض سيطرته على مدنها الغني بالنفط، والغارق في الصراعات القبيلة.

شارك