بعد انتهاء عملياتها العسكرية في سرت.. هل ينتهي الدور الأمريكي في ليبيا؟
الأربعاء 21/ديسمبر/2016 - 02:52 م
طباعة
في الوقت الذي أعلنت فيه قوات الوفاق الليبية، تحرير مدينة "سرت" بالكامل من قبضة التنظيم الإرهابي "داعش"- أعلن مسئوولون أمريكيون عن انتهاء العملية العسكرية التي قام بها الجيش الأمريكي في أول أغسطس الماضي، ضد الإرهابيين في مدينة سرت.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية شنت في أول أغسطس الماضي هذه العملية لمساعدة القوات الليبية على طرد الإرهابيين من هذه المدينة الساحلية.
وقالت القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (افريكوم) إنه "بالشراكة مع حكومة الوفاق الوطني الليبية، كللت العملية بالنجاح" وأتاحت دحر الجهاديين، واستهدفت سفن وطائرات مقاتلة وبدون طيار مواقع تنظيم الدولة الإسلامية خلالها 495 مرة.
وقال بيتر كوك المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية: "نحن فخورون بدعمنا لهذه الحملة للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في المدينة الوحيدة التي كان يسيطر عليها خارج العراق وسوريا"، موضحا أن الطائرات الأمريكية يمكن أن تتدخل مجددًا إذا طلبت حكومة الوفاق الليبية.
وسبق في أغسطس الماضي أن ذكرت تقارير عالمية، أن "جنوداً من القوات الأمريكية الخاصة بدأت وللمرة الأولى بمساندة القوات الليبية التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية في مدينة سرت التي تعد معقلاً للتنظيم".
فيما قال مسئولون أمريكيون: إن " القوات الخاصة تعمل في مركز مشترك للعمليات في ضواحي مدينة سرت، وأعلن البنتاجون آنذاك عن شن ضربات عسكرية على سرت استجابة لطلب الحكومة الليبية.
وتبعاً لتقرير الصحيفة الأمريكية واشنطن بوست وقتها فإن القوات الأمريكية عملت جنباً إلى جنب مع الجنود البريطانيين، مضيفة أنهميساعدوهم لتنسيق الضربات الأمريكية وتوفيرالمعلومات الاستخباراتية للقوات المشتركة.
وفي بداية الأسبوع الجاري، أعلن فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية، في كلمة متلفزة بثتها قناة ليبيا الرسمية حكومية أول أمس: "لقد انتصر الليبيون على الإرهاب بحد أدنى من الإمكانيات لكننا سنخوض بعون الله معركة البناء بإمكانيات أكبر، مضيفًا: فمع تكثيف الجهود ورأب الصدع وتصدير النفط قريبا والتزام مؤسسات الدولة بتعهداتها ستنتهي باذن الله معاناة المواطن وتشهد مدننا وقرانا وفي مقدمتهم سرت وبنغازي، حركة تعمير وبناء وانتعاش اقتصادي ليصبح نموذجا يحتذي به في كل أنحاء البلاد".
وأكد السراج "أن قواتنا المسلحة حققت النصر تحت مظلة حكومة الوفاق وتحت هذه المظلة وبسواعد أبنائنا ستنطلق جيوش البناء والتعمير، لافتًا إلى أن هذا اليوم العظيم يصادف مرور عام منذ توقيع الاتفاق السياسي الليبي ورغم كل الصعوبات والتحديات هزمنا العدو الأول لليبيين والعالم.
وذكر السراج بأنه يمد يده "لكل الفرقاء ومن اختلف معنا لكل أبناء الوطن"، وتابع: "أذكر نفسي بأن معركة سرت انتهت ولكن الحرب على الإرهاب وبوره في ليبيا لم تنته بعد".
وأشادت الأمم المتحدة بالانتصار التي حققته القوات الليبية التابعة لحكومة الوفاق في مدينة سرت وطرد مسلحي تنظيم داعش الإرهابي منها، وفي بيان على موقعها الإلكتروني قالت البعثة الأممية في ليبيا: إن "الأمم المتحدة تتقدم بالتهنئة إلى المجلس الرئاسي وقوات البنيان المرصوص والشعب الليبي على انتصارهم على تنظيم داعش في سرت".
وحث الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مارتن كوبلر "المجلس الرئاسي على تقديم خطة لإدارة سرت وأمنها وتحقيق الاستقرار فيها، حيث تحتاج المدينة إلى إزالة الألغام والعودة الآمنة للنازحين داخليًا وإيصال الإغاثات الإنسانية وتوفير العلاج للذين أصيبوا أثناء القتال".
وأقر كوبلر بالمساعدة الدولية القيمة التي تم تقديمها لعملية "البنيان المرصوص" في سرت، مؤكدا ضرورة استمرار التعاون في المعركة ضد الإرهاب. ولم يوضح المبعوث الأممي طبيعة تلك المساعدات، غير أنه من المعروف أن واشنطن تدخلت في الحرب ضد داعش في سرت بناءً على طلب رسمي من حكومة الوفاق، حيث أعلن رئيسها، بداية شهر أغسطس الماضي، بدء ضربات عسكرية أمريكية محدودة.
وناشد كوبلر "الليبيين أن ينتهزوا هذه الفرصة لتعزيز المصالحة الوطنية والدفع قدمًا نحو تنفيذ الترتيبات الأمنية المؤقتة، وهذا يتطلب إدماج المقاتلين وإعادة تأهيلهم وتجميع الأسلحة لكي يتم إفساح الطريق أمام جهاز أمن مهني بقيادة موحدة".
وشدد كوبلر على ضرورة تفكيك العبوات الناسفة التي خلفها الجهاديون في سرت بهدف السماح بعودة سريعة للسكان.
وقد تساعد استعادة سرت في تعزيز موقع رئيس حكومة الوفاق الذي يحاول منذ نهاية مارس بسط سلطته على كامل ليبيا.
وأبدى مراقبون استغرابهم من عدم إعلان السراج، عن خطة لتأمين ميدية سرت، بعد تحريرها، الأمر الذي يؤدي إلى احتمالية تمكن الجماعات الإسلامية المتشددة من بسط سيطرتها على مدينة "سرت".
وتتكون قوات عملية "البنيان المرصوص" من ميليشيات إسلامية من مدينة مصراتة التي تحولت إلى مدينة معادية للمدن المهزومة بعد أحداث الإطاحة بنظام معمر القذافي، ولعل أبرز هذه المدن "ترهونة وبني وليد وسرت" وهي مدن مؤيدة للقذافي حتى سقوطه ولم تنضم إلى ثورة 17 فبراير.
ويبدو أن السراج تعمد إعلان تحرير سرت بعد مرور أكثر من سبعة أشهر، في وقت انتهاء ولايته، لذلك لم يخطط لتأمين سرت وإعادة إعمارها، ما أثار الانتقادات التي وجهت إلى المجلس الرئاسي طيلة الحرب على تنظيم داعش والتي امتدت لثمانية أشهر.
وتحظى مدينة سرت بأهمية استراتيجية كبيرة بحكم موقعها الجغرافي على خريطة ليبيا، فهي تعتبر حلقة الوصل بين شرق ليبيا وغربها وتقع بمحاذاة ما يعرف بالهلال النفطي، وتشكل السيطرة عليها نجاحًا مهمًّا في معركة محاربة داعش، وكانت أغلب القوات للتنظيم في ليبيا متمركزة في سرت، والتي تضعها أغلب التقديرات قبل الحملة العسكرية التي تخوضها قوات حكومة الوفاق منذ ثلاثة أشهر، بين 2000 و5000 مقاتل.