في خطوة غير متوقعة منه، نشر محمد منتصر المتحدث الإعلامي لجبهة الشباب المناوئة للقيادات التاريخية بجماعة الإخوان المسلمين، استقالته من منصبه مساء أمس الأربعاء الموافق 21 ديسمبر 2016م.

لا أحد يعرف على وجه التحديد من هو محمد منتصر المتحدث باسم الجماعة الذي تم تعيينه كمتحدث إعلامي باسم الجماعة قبل يوم من الذكرى الرابعة لثورة 25 من يناير، وعلى مدار عام من توليه المنصب، كانت تصريحاته المجهولة، تميل إلى منهج العنف والتكفير والجهاد.

شخص مجهول لا أحد يعلم من هو ولا أين يكون وفي أي بلدة يسكن، فلا شيء يدل عليه سوى حساب باسمه «محمد منتصر».. وعلى الرغم من عدم معرفة هويته، يختص في تصريحاته المواقع الموالية لجماعة الإخوان المسلمين ووكالة الأناضول التركية، وتصريحات على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» كنافذة يلتقط منها أعضاء الإخوان ما يلفظه من دعوات تكفيرية تدعو إلى انتهاج العنف ليواصلوا نشاطهم المحظور. رغم كونه شيئاً مجهولاً فإنه مفجر أزمة حقيقية داخل الجماعة، خاصة بعد قرار محمود عزت المرشد العام المؤقت بإقالته من منصبه كمتحدث للجماعة، واختيار طلعت فهمى متحدثاً جديداً خلفاً عنه، ما دفعه إلى اللجوء للشباب الساخطين على «العواجيز» لمواجهتهم، حتى إنه عُرف بانتهاجه الشديد للعنف، ففي أعقاب صدور أحكام الإعدام والمؤبد على خلية عرب شركس، نشر على حسابه بموقع «تويتر»: «لا صوت يعلو فوق صوت القصاص وثورة تجتز الرءوس من فوق أجساد عفنة». بعد أسابيع من الانتخابات التي خلصت إلى توليه مهام منصبه، دعا محمود غزلان القيادي البارز في الجماعة للتمسك بالسلمية، فرد عليه «منتصر» بضرورة مقاومة «30 يونيو» بكل آليات الخيار الثوري، وأن دور «غزلان»، ومحمود حسين قد انتهى، فغضب عواجيز الجماعة في مسكنهم بلندن، وأقالوه عقاباً على حديثه، لكن 11 مكتباً إدارياً بالجماعة تمسكت به كمتحدث لها وتبرأت من قيادة العواجيز لهم. بات واضحاً انقسام الجبهات، بين «محمود عزت» الذي أطيح به وتبعه كل من «غزلان» ومحمود حسين، والجبهة الثانية هو وعضوا مكتب الإرشاد محمد كمال، ومحمد وهدان، الذين يسيطرون على الشباب والمنصات الإعلامية للجماعة بالكامل، ويديرون صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي ويقودون الحملات الإعلامية الموجهة للرأي العام، ثم يكتب آخر تصريحاته على «فيس بوك»: «إلى شباب الثورة، إلى الوطنيين الأحرار.. حان وقت إنفاذ خطتكم لإنقاذ ثورتكم والقصاص من القتلة فلتتقدموا بخطوات ثابتة ولتستعيدوا حريتكم ووطنكم»، لتكون هذه الكلمات سبباً في إقالته من مهام منصبه، ويحاول بعدها الكثير من الوسطاء التدخل لإنهاء الأزمة، ليعلق بقوله: «بارك الله في دعوات شيوخ وأبناء دعوة الإخوان القرضاوي والزعفراني وحشمت وغيرهم لإنهاء الخلاف وندعو الجميع للالتزام بالشورى والثوابت».

في 24 يناير 2014، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين بمصر تعيين متحدث إعلامي باسمها، لأول مرة بعد عزل محمد مرسي في 3 يوليو 2013.

وقالت الجماعة، في بيانها وقتها: "تعلن جماعة الإخوان المسلمين تعيين محمد منتصر، متحدثًا إعلاميًا للجماعة من جيل الشباب، في إطار التفعيل الثوري، وتمكين الشباب".

وفي النصف الأول من ديسمبر 2015، أصدرت جماعة الإخوان المسلمين قرارًا بإقالة المتحدث الإعلامي للجماعة محمد منتصر من منصبه وتجميد عضويته 4 أشهر بعد التحقيق معه في البيانات والتصريحات الصحفية التي أصدرها خلال العام الماضي، وإجرائه حوارًا مع وكالة الأناضول التركية للأنباء دون الرجوع لمسئوليه.

كما شملت القرارات إبلاغ أعضاء الجماعة داخل مصر وخارجها بها -حسبما أكد البيان الذي نُشر على مواقع الجماعة - تعيين ثلاثة متحدثين جدد باسم الجماعة، أحدهم خارج مصر.

وأصدر رئيس لجنة الإدارة العليا، الدكتور محمد عبدالرحمن قرارات موقعة بخطه بعد التصديق عليها من القائم بأعمال المرشد محمود عزت، قام خلالها بإعفاء محمد كمال عضو مكتب الإرشاد من منصبه وتجميد عضويته، إضافة إلى فصل مسئولي وأعضاء ما يعرف داخل الإخوان بـ"لجان الطلاب والإعلامية والحراك الثوري" لخروجهم عن قيادة الجماعة وعدم التزامهم بتعليمات القيادة العليا، مشيرا إلى أن هذا القرار جاء بعد تحقيقات من جانب لجنة شكلها مجلس الشورى العام للجماعة.

وبعد قرار إقالة منتصر أصدرت جماعة الإخوان المسلمين قرارا بتكليف الدكتور طلعت فهمي بمهمة المتحدث الإعلامي باسم الجماعة خلفا لمحمد منتصر . 

جاء ذلك في قرار رسمي الاحد 13 / 12 / 2015م.

وفي اليوم التالي 14 ديسمبر 2015، أصدرت اللجنة الادارية العليا للجماعة في الداخل بيان للإبقاء على محمد منتصر في منصبه كان هذا نصه:

اللجنة الإدارية العليا للجماعة: منتصر متحدث إعلامي.. وإدارة الجماعة من الداخل تؤكد اللجنة الادارية العليا لجماعة الإخوان المسلمين، انها لم تصدر أي قرارات بشأن المتحدث الإعلامي للجماعة، وأن محمد منتصر هو المتحدث الإعلامي.

كما تؤكد أن كافة القرارات الادارية التي تخص إدارة الجماعة تصدر من اللجنة العليا في الداخل، ولا يجوز لأي مؤسسة في الجماعة أو شخصيات اعتبارية التحدث باسم اللجنة أو إصدار قرارات هي من صلاحيات لجنة الإدارة. وتشدد اللجنة على الإخوان كافة، والصف الثوري بأكمله بالانشغال بالتحضير لموجة يناير، احدى أهم المحطات الثورية في ملحمة ثورة الشعب المصري ضد الانقلاب العسكري الغاشم.

جاءت استقالة محمد منتصر من منصبه كمتحدث إعلامي باسم جماعة الإخوان بعد مرور عام تقريبا من اقالته، وبعدما احدث نوع من الخلل والارتباك للجماعة، وزاد الصراع الداخلي بين الجبهتين المتصارعين على قيادة الجماعة "العواجيز" وتمثلهم القيادات التاريخية والقابعة في لندن وعلى رأسهم محمود عزت وإبراهيم منير، والجبهة الثانية "الشباب" وهم أعضاء المكاتب النوعية والذين ينتمون لمحمد كمال الذي قتل في أكتوبر الماضي 2016، والذي ينتمي لهم محمد منتصر وعلى علاقة وطيدة بمجموعة تركيا بقيادة جمال حشمت.

إلا أن اشتداد الصراع بين الجبهتين خلال الأيام الماضية على قيادة الجماعة وإصدار بيانات إقالة لجبهة محمود عزت والإبقاء على قيادات الإخوان في السجون في مراكزها أحدث كثيرًا من المواقف المتشددة المتبادلة على مستوى الجبهتين، كما أحدث توترًا على مستوى التلقي من الخبراء والعاملين في مجال الحركات الإسلامية.

فقد احتدمت المعركة الداخلية لجماعة الإخوان؛ حيث شنت جبهة محمود عزت، القائم بأعمال مرشد الإخوان، هجومًا عنيفًا على المتحدث الرسمي باسم الجماعة محمد منتصر، الموالي للجبهة الأخرى المعروفة باسم جبهة محمد كمال، مكذبة إياه ووصفته بـ "الفنكوش".

وقال ناصف الدفراوى القيادي بجبهة محمود عزت في كلمة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "أليس محمد منتصر هو من قال كذبا في بداية الأزمة على قناة الجزيرة بأنه تمت انتخابات شاملة في جميع قطاعات مصر وشارك فيها الصغير والكبير وانتخبوا أمين عام جديد للجماعة واحتفظ الدكتور بديع بموقعه كمرشد؟! طيب لو كان كلامه صادق ليه نادوا بعدها بانتخابات شاملة؟ ولماذا أجروا انتخابات، فالكذب ملوش رجلين".

وأضاف "الدفراوى": "ثم يستكمل محمد منتصر ويستكمل الفنكوش، ويعلن انتخاب مجلس شورى عام جديد بل وينعقد في القاهرة ويصدر قرارات".

ووجه "الدفراوى" رسالة إلى جبهة محمد كمال، قائلا: "أقولها لله، والله لو تجرد كل من خلفه –في إشارة إلى محمد منتصر- وصدق النية لله لعلم كذبه ولرجع لجماعته! وبالنسبة لي كل واحد مؤيد لهؤلاء الذين يكذبون ويدلسون ويعملون على شق الصف لا اعتبره إخوان ولن أعامله على أنه إخوان ومع هذا سأدعو الله لهم بالعودة إلى الحق وترك الهوى، فمحمد منتصر يكذب".

وقد كان أعلن محمد منتصر 19 ديسمبر 2016، أن مجلس شورى الإخوان انعقد في القاهرة وأصدر عددا من القرارات أبرزها الفصل بين مكتب الإرشاد ومجلس الشورى العام للإخوان.

وبدون توقع الخبراء والمراقبين للشأن الإخواني قام محمد منتصر بنشر استقالته مساء أمس 21 ديسمبر 2016، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، وكذلك على الموقع الرسمي لجماعة الإخوان "إخوان أون لاين" وهذا نص الاستقالة:

بِسْم الله الرحمن الرحيم

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

أيها الأحباب يا شقائق الروح ويَا أقرب الناس إلى النفوس يا أبناء دعوة الإخوان المسلمين العظيمة يا كل الإخوان الصادقين المجاهدين ... يا من صمدتم حين تراجع الناس، يا من حفظتم وعودكم حينما باع الناس، يا من لم تفرطوا في شرع ربكم، ثم شرعية رئيسكم الصامد البطل الرئيس الدكتور محمد مرسي.

في ظل ما تمر به الجماعة من ظروف وتغييرات اسأل الله عز وجل أن تكون فاتحة خير على جماعتنا ووطننا وأمتنا .. وفِي ظل دماء جديدة تسري داخل جماعة الإخوان المسلمين تحمل الراية وترفعها دون تخاذل أو تكاسل .

أتوجه إليكم أنتم أولاً يا أبناء جماعة الإخوان المسلمين باستقالتي من المهمة التي أوكلت إلى في نوفمبر 2014، ومنذ ظهوري إلى العلن في أقوي موجات ثورتنا في يناير 2015، نعم أتوجه بها إليكم أنتم فأنتم الأصل ومناط التكليف، سائلاً المولى عز وجل أن يغفر لي ما قدمت من خطأ غير متعمد، وأن يتقبل مني ومنكم كل جهد وعمل لله عز وجل.

عامان من وجودي بينكم "كمتحدث" على أرض الثورة، نقارع الظالمين ونقف أمامهم حسبة لله تعالى في ثورة مستمرة لم ولن تقف حتى ترد المظالم وتقتص للشهداء والمعتقلين والمعذبين.

عامان كانت للثورة فيها نجاحات وإخفاقات ولكنها سنة الله عز وجل فإياكم أن تيأسوا أو تملوا .. {وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}..

أعلم أنكم بفضل الله ثابتون صامدون في سبيل الله، لا يضركم من خذلكم فاستمروا .

وأسأل الله بفضله أن أكون دوما معكم وبينكم .. {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِىٍّۢ قَٰتَلَ مَعَهُۥ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ في سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسْتَكَانُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّٰبِرِينَ}.

إن المرحلة الجديدة تستوجب علينا جميعا أن نرجع خطوة للوراء فإن هذه الجماعة والله لولادة ومليئة بالأكفاء المخلصين الذين سيستمرون على الدرب، وبإذن الله وعونه سيقدمون أفضل مما كان .

أتقدم باستقالتي بعد أن تقدمت بها إليكم ، إلى مجلس الشورى العام المنتخب لجماعة الإخوان المسلمين، وإلى المكتب العام للإخوان المسلمين راجياً من الله عز وجل أن يتقبل منا، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، واسأل الله عز وجل أن يزيل الخلاف والشحناء والبغضاء من قلوبنا جميعا، اسأله سبحانه أن يوحد صفنا، وأن يسمع إخواننا لبعضهم البعض ولا يختلفوا أكثر من ذلك ..{وَأَطِيعُوا اللَّه وَرَسُوله وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَب رِيحكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ}.

وأخيرا أقول لإخواننا الثابتين الصامدين، رغم كل ما حدث اصبروا وصابروا ورابطوا واعلموا أنها سنة الله عز وجل في أرضه وأن الغلبة والتمكين بإذن الله لهذا الدين وحامليه {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}.

سنلتقي بإذن الله عز وجل قريبا مع إخواننا وأحبائنا منتصرين في ميادين العزة والكرامة.

والله أكبر ولله الحمد