بعد فتح سفارتها في طرابلس.. هل يعود النفوذ الإيطالي في ليبيا؟
الثلاثاء 10/يناير/2017 - 03:44 م
طباعة
في ظل الأحداث الجارية التي تشهدها ليبيا وحالة الفوضي المستمرة ما بين توغل وتنامي الجماعات الجهادية، والصراع علي السلطة بين الحكومتين المتواجدين الآن، واحدة في الشرق والأخري في العاصمة طرابلس، يبدو أن هذه الحالة ستستمر طويلا، ما أدي إلي سعي بعض الدول الأوروبية إلي استعادة نفوذها في ليبيا، سواء عن طريق التدخل العسكري أو عودة العلاقات الدبلوماسية مجددًا، والتي كان أخرها فتح السفارة الإيطالية في العاصمة طرابلس، ما يؤكد علي استعادة النفو ذ الإيطالي في البلاد.
وكانت إيطاليا المحتلّ السابق لليبيا، وهي من حثت باقي الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية على الإسراع في التحرّك العسكري في ليبيا.
وأعلن وزير الداخلية الايطالي ماركو مينيتي، إعادة فتح سفارة إيطاليا في العاصمة الليبية طرابلس اليوم الثلاثاء 10 يناير 2017.
وقال الوزير في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الليبي محمد طاهر سيالة إن السفير الإيطالي سيقدم الثلاثاء أوراق اعتماده ويباشر مهامه في طرابلس.
ولم يقدم الوزير تفاصيل عن الاجراءات الأمنية المتخذة لضمان أمن السفارة في طرابلس التي كانت شهدت عدة هجمات على سفارات ودبلوماسيين، مضيفًا أنه بحث مع المسؤولين الليبين التعاون في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية والارهاب.
وأشادت الخارجية الإيطالية في بيان لها اليوم الثلاثاء، بإعادة فتح السفارة ورأت فيها "اشارة مهمة جدا تجاه الشعب الليبي باسره (..) وإشارة قوية على الثقة في عملية استقرار البلد".
وفي فبراير 2015 أعلنت وزارة الخارجية الايطالية، إنها علقت عمل سفارتها في العاصمة الليبية طرابلس بسبب تدهور الوضع الأمني كما أعادت موظفيها إلى إيطاليا بشكل مؤقت.
وعرضت الوزارة إنذاك تأمين "مساعدة لوجيستية" لمواطنيها "لمغادرة البلاد مؤقتا"، وتسببت الاضطرابات التي شهدتها ليبيا بعد استيلاء ما يعرف بـ "فجر ليبيا" على العاصمة طرابلس في خشية الدول من الإضرار برعايهم.
وكان هناك نحو مائة إيطالي في ليبيا وصلوا في السنوات الأخيرة بدواعي العمل لحساب شركة ايني للغاز والبترول.
وأثارت وقتها الفوضى في البلاد والاعتداء الأخير على فندق في طرابلس وتقدم الميليشيات المقربة من تنظيم داعش في مناطق مختلفة، قلق إيطاليا الراغبة في المشاركة في عملية عسكرية لحفظ السلام في إطار الأمم المتحدة.
وكانت إيطاليا شهدت في السنوات الأخيرة تدفقا استثنائيا لمئات آلاف المهاجرين الذين يستفيدون من الفوضى السائدة في ليبيا لمحاولة عبور البحر الابيض المتوسط.
وأشارت وزارة الداخلية الإيطالية إلي بدء "مرحلة جديدة من التعاون" مع طرابلس من شأنها أن تؤدي إلى توقيع "مذكرة تفاهم" في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وزير الخارجية الليبي، محمد طاهر سيالة، قال إنه اتفق مع نظيره الإيطالي على إطلاق مبادرات للتصدي للهجرة غير الشرعية وتهريب النفط الليبي.
وكانت وزيرة الدفاع الإيطالية روبيرتا بيتوني قالت في مقابلة نهاية الاسبوع الماضي إنه "بالاتفاق مع ليبيا، علينا ان ندعم حرس السواحل والبحرية الليبيين للقيام بعمليات مراقبة في المياه الليبية".
وفي بداية عام 2016، أعلنت السلطات الأمنية الايطالية أن قرار التدخل عسكريا في ليبيا لا يمكن أن ينتظر حلول فصل الربيع المقبل، حيث صرحت وزيرة الدفاع الإيطالي روبيرتا بينوتي في حوار له إنذاك بأن إيطاليا إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا يدرسون خيار التدخل العسكري في ليبيا للعمل على استقرار الأوضاع بها .
وتشهد ليبيا حالة فوضى منذ الإطاحة بالرئيس الليبي معمر القذافي عام 2011، وتمكنت الجماعات الإرهابية وعلي رأسهم تنظيم "داعش" من السيطرة على مناطق عديدة في البلاد، وكانت الأمم المتحدة قد توسطت في ديسمبر 2015 للتوصل لاتفاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وردت ليبيا آنذاك علي إعلان إيطاليا باحتمال إرسال بلادها قوات برية إلى ليبيا برفض وتحذيرات ليبية واسعة من أي تدخل أجنبي في البلاد.
وتوجهت حينها قوات عسكرية ليبية إلى سرت سعيا لاستعادة سيطرة الدولة الليبية على مواقع حيوية وقعت بقبضة مسلحين أعلنوا بيعتهم لتنظيم الدولة الإسلامية.
واستبعد مراقبون آنذاك، أن يكون هناك تدخل عسكري إيطالي وشيك في ليبيا٬ وحذر محللون أن التدخل العسكري في ليبيا من قبل أي دولة "سيفاقم الموقف المتأزم أصلا٬ وسيكون عملا خاطئا٬ والمنطق يوجب على العالم مساعدتنا في القضاء على أي مجموعات متطرفة بطرقنا٬ لا أن يقحم نفسه في البلاد بتدخلات عسكرية وينتهك سيادة الدولة الليبية".
وفي نفس الوقت، ردا على تصريحات الوزيرة الإيطالية التي أكدت فيها استعداد بلادها لترؤس تحالف من دول أوروبا وشمال أفريقيا لوقف انتشار تنظيم الدولة في ليبيا، شدد بلقاسم دبرز نائب رئيس لجنة الدفاع في المؤتمر الوطني العام على رفض المؤتمر التدخل الخارجي "شكلا وموضوعا"،
وقال إنه يتوجب على الدول التي تتدخل في شؤون ليبيا "أن تتركها لتعالج مشكلاتها بطريقتها"، مشيرا إلى أن هذه التصريحات ليست الأولى من نوعها.
وقال دبرز إنذك، إن التدخل العسكري في ليبيا "لن يزيد حال البلاد إلا تعقيدا"، داعيا العالم إلى "أخذ العبرة من التدخلات الخارجية التي وقعت في دول عدة كأفغانستان والعراق والصومال واليمن٬ فكلها قد أفضت إلى حروب أهلية٬ وأغرقت بعض البلدان في مشاكل امتدت إلى عقدين من الزمن".
وأجلت دول غربية أخرى بعثاتها الدبلوماسية من ليبيا في عام 2014 مع تدهور الأوضاع، وقالت دول عديدة إنها تخطط لإعادة فتح سفاراتها لكن لم يجر فتح أي منها حتى الآن.
ويبدو أن إيطاليا تسعي لاستعادة نفوذها في ليبيا الآن، بعد محاولات فاشلة في التدخل العسكري هناك.