الدعم الروسي لـ"لحفتر".. بداية صراع غربي في ليبيا
الأربعاء 18/يناير/2017 - 06:35 م
طباعة
سبق وأن ذكرت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير لها أن تلاعب الأطراف السياسية في ليبيا، بات مكشوفًا أمام الجميع، وبالأخص محاولات استبعاد المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي من المشهد الليبي بالكامل، ولكن في ظل كل هذه العراقيل، حظي المشير بدعم روسي غير مسبوق، الأمر الذي ينقذه من محاولات الزج به من منصبه.
وفي هذا السياق بدأت الصراع الدولي بين القوى الكبرى في مناطق النزاع من أجل الهيمنة والنفوذ في ليبيا يحتدم، فالقوى الاستعمارية الأوروبية مازالت تتمسك بمناطق نفوذها التاريخية، وقد تجلى ذلك في انتقاد إيطاليا لموسكو، مؤخرا، عقب وصول سفن حربية روسية إلى مستعمراتها القديمة في ليبيا، وسط توقعات بسعي موسكو لإقامة قاعدة عسكرية هناك.
ورد الغرب بإنزال روما لوحدات عسكرية في العاصمة طرابلس بدعوى حماية سفارتها، ليدعمها في ما بعد وجود ألف جندي أمريكي، فضلا عن مشاركة فرنسا في القتال بمدينة بنغازي شرق، ومشاركة الطيران الأمريكي إلى جانب كتائب مصراتة موالية لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة، في قصف تنظيم داعش بمدينة سرت 450 كلم شرق طرابلس، مع تواتر أخبار عن تواجد قوات خاصة بريطانية وإيطالية في مناطق غربي ووسط ليبيا.
ووفق رويترز كانت زيارة القائد العسكري الليبي خليفة حفتر لحاملة طائرات روسية بمثابة دفعة رمزية له وفي الوقت نفسه أظهرت اهتمام موسكو بالقيام بدور أكبر في المنطقة في أعقاب تدخلها في سوريا، الأمر الذي أبدت إيطاليا امتعاضها منه، حيث تحدثت تقارير إعلامية ليبية عن توقيع المشير خليفة حفتر، قائد القوات التابعة لمجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق شرق، اتفاقا مع موسكو بشأن تنفيذ اتفاقية صفقة سلاح كان نظام العقيد معمر القذافي قد أبرمها مع موسكو في العام 2008، مقابل السماح للسفن التابعة لسلاح البحرية الروسي باستخدام ميناء بنغازي ألف كلم شرق طرابلس.
ويمثل حفتر شخصية قيادية لفصائل شرق ليبيا وله طموحات وطنية ويأتي تجديد الصلة بينه وبين روسيا في وقت تمر فيه الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة في طرابلس والتي تحاشى حفتر التعامل معها بأزمة جديدة.
ويري مراقبون أن الدعم الروسي يشجع حفتر على السعي للإمساك بأعنة السلطة في طرابلس وهي خطوة من المرجح أن تذكي الصراع وتمثل انتكاسة كبرى لحكومة الوفاق الوطني في العاصمة.
وتقول الدول الغربية إن حكومة الوفاق الوطني التي تدعمها الأمم المتحدة تمثل أفضل فرصة لوقف انزلاق ليبيا إلى الفوضى والحرب.
وفي هذا السياق حظي حفتر بدعم وزخم كبيران من الخارج يدعمون حربه على الجماعات الإسلامية، ويتمتع بعلاقات وثيقة مع مصر والإمارات العربية المتحدة كما عمل على تعزيز صداقته مع روسيا فزار موسكو مرتين العام الماضي لطلب العون في حملته المناهضة لفصائل الإسلاميين.
وكانت زيارته للحاملة أدميرال كوزنتسوف في البحر المتوسط يوم الأربعاء أوضح استعراض لدعمه من جانب روسيا حتى الآن.
ونشرت وسائل الإعلام الروسية تقارير عن محادثاته عبر مؤتمر بالفيديو من حاملة الطائرات مع وزير الدفاع سيرجي شويجو التي بحث الاثنان فيها الحرب على "الجماعات الإرهابية" وهو أحد أهداف موسكو المعلنة لحملتها في سوريا.
أليكسي ملاشينكو كبير الباحثين في معهد حوار الحضارات الذي تربطه علاقات وثيقة بالقيادة الروسية، قال إن روسيا ترى بعد تدخلها في سوريا أن ليبيا تمثل وسيلة لتأكيد عودتها إلى الشرق الأوسط، موضحًا أن سوريا وحدها لا تكفي ولهذا نحتاج إلى دولة أخرى للوجود الروسي لا في سوريا وحدها بل عموما في الشرق الأوسط. وليبيا
ويقول محللون إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ربما يهتم أيضا باستعادة نفوذ بلاده في ليبيا. فقد كان الزعيم الليبي السابق معمر القذافي حليفا قديما للروس وعارض بوتين الحملة التي شنها حلف شمال الأطلسي للمساعدة في الإطاحة به.
ومنذ أن دخلت حكومة الوفاق الليبية بقيادة فايز السراج إلي العاصمة طرابلس، وباتت الأوضاع تتأزم يوما تلو الأخر، حيب بدأت المشاحنات بين الطرفين، فمن جانب الحكومة المعترف بها دوليا في الشرق بقيادة عبدالله الثني، والأخري التي تحظي بدعم أممي ودولي كبيران وتقيم في العاصمة، حيث سعت الأخيرة منذ دخولها للإطاحة بخليفة حفتر من القيادة العسكرية.
وقد ذكرت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير سابق، أن حفتر نجح في السيطرة علي منطقة الهلال النفطي بالكامل في سبتمبر الماضي، الأمر الذي أشعل غضب حكومة الوفاق، وأدي إلي تصاعد وتيرة الأزمة بينهما.
وسيطرة "حفتر" على الموانئ النفطية، إضافة إلى الانتصارات العسكرية التي حققها في مدينة بنغازي، جعلت عدة دول تعيد حساباتها تجاه المؤسسات الشرعية في المنطقة الشرقية لعل أبرزها دولتا الجوار تونس والجزائر اللتان استقبلتا الفترة الماضية المشير خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح.
وأيدت روسيا وساطة الأمم المتحدة في ليبيا وتقول إنها ستلتزم بحظر السلاح المفروض عليها.
ولا يملك برلمان وحكومة متحالفان في شرق ليبيا مع حفتر أي سيطرة مباشرة على إيرادات النفط. لكنهما يحتفظان بسيطرتهما على فروع للبنك المركزي الليبي الذي اعتاد طبع أوراق النقد الليبية في روسيا وللمؤسسة الوطنية للنفط التي حاولت دون طائل الالتفاف على قرارات الأمم المتحدة وبيع النفط بمعزل عن طرابلس.
وبات مبعوثون غربيون يؤيدون حفتر بعد صعود نجم الجيش الوطني الليبي وفي الوقت نفسه ظلوا يصرون في العلن على أن اتفاق الأمم المتحدة هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في ليبيا.
ويتجاهل حفتر كل ذلك مصرا على الحسم العسكري، وهو الأمر الذي يفسره الكثيرون بفقدانه الأمل في جدية خصومه والأطراف الداعمة، في إيجاد حل توافقي عادل يرضي المنطقة الشرقية، وهو الأمر الذي تؤكده تصريحات القادة العسكريين كان آخرها تصريح رئيس الأركان العامة عبدالرازق الناظوري، الذي قال إن تحرير الجفرة سيكون الهدف المقبل، ليتم بعدها التوجه نحو تحرير طرابلس من سيطرة الميليشيات الإسلامية.
ويخشي الليبيون من دخول ليبيا في نفس السيناريو السوري بعد التدخل الروسي، وهو الأمر الذي حذر منه محللون، معتبرين أن الانجرار نحو هذا السيناريو يبقى الخطر الأكبر الذي سيكون الشعب الليبي الخاسر الأكبر من ورائه جرّاء الانهيار والدمار الذي سيلحق ببلادهم.