الصراع الغربي الروسي.. يدفع "داعش" إلي التنامي في ليبيا

الأحد 22/يناير/2017 - 05:00 م
طباعة الصراع الغربي الروسي..
 
لا زالت الأجواء في ليبيا تشهد تعنتًا من جميع الأطراف المتصارعة علي الحكم، فما بين حكومة الشرق بقيادة عبدالله الثني وحكومة الوفاق في طرابلس بقيادة فايز السراج، يسعي المتنازعون للبقاء في السلطة أى كانت التكلفة، حتي لو علي حساب مصلحة البلاد واستقرارها.

الصراع الغربي الروسي..
وتتنازع الأطراف الليبية منذ الإطاحة بالرئيس معمر القذافي في 2011، والذي دخلت بعدها البلاد في حالة فوضي أدت إلي استغلال الجماعات الإرهابية لذلك لتتنامي وتنتشر في البلاد، وبالأخص التنظيم الإرهابي "داعش" والذي استطاع منذ عامين أن يسيطر علي معظم المدن الليبية.
وتدخلت أطراف النزاع المنقسمة للقضاء علي التنظيم الإرهابي، وبدأ كل طرف يظهر عضلاته ليحظي بدعم دولي وأممي، حتي قام الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر بتحرير مدينة بنغازي من قبضة "داعش"، وقامت قوات الوفاق التابعة لحكومة الوفاق تحت شعار "البنيان المرصوص" بتحرير مدينة "سرت" من قبضة التنظيم كذلك.
ومنذ ذلك الحين وبات الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر محط أنظار العالم كونه نجح في استعادة أكبر مدينة احتلها التنظيم "بنغازي" ويستعد الأن لبسط سيطرته علي طرابلس، وفيما أثارت الضربات الأمريكية الأخيرة، لمواقع متفرقة لتنظيم داعش في ضواحي مدينة سرت الليبية، عددًا من التساؤلات حول مدى قدرة التنظيم على تهديد البلدات والمدن الليبية، أو إمكانية أن يقوم بتجميع قواه وترتيب صفوفه، للهجوم من جديد على سرت أوغيرها من المواقع؛ ما يجعل باب التوقعات مفتوحًا على مصراعيه.
وذكرت في وقت سابق بوابة الحركات الإسلامية، في تقرير لها، أن حفتر يمثل شخصية قيادية لفصائل شرق ليبيا وله طموحات وطنية ويأتي تجديد الصلة بينه وبين روسيا في وقت تمر فيه الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة في طرابلس.
ويري مراقبون أن الدعم الروسي يشجع حفتر على السعي للإمساك بأعنة السلطة في طرابلس وهي خطوة من المرجح أن تذكي الصراع وتمثل انتكاسة كبرى لحكومة الوفاق الوطني في العاصمة.
وتقول الدول الغربية إن حكومة الوفاق الوطني التي تدعمها الأمم المتحدة تمثل أفضل فرصة لوقف انزلاق ليبيا إلى الفوضى والحرب.
وفي هذا السياق حظي حفتر بدعم وزخم كبيران من الخارج يدعمون حربه على الجماعات الإسلامية، ويتمتع بعلاقات وثيقة مع مصر والإمارات العربية المتحدة كما عمل على تعزيز صداقته مع روسيا فزار موسكو مرتين العام الماضي لطلب العون في حملته المناهضة لفصائل الإسلاميين.
وكانت زيارته للحاملة أدميرال كوزنتسوف في البحر المتوسط يوم الأربعاء أوضح استعراض لدعمه من جانب روسيا حتى الآن.
ونشرت وسائل الإعلام الروسية تقارير عن محادثاته عبر مؤتمر بالفيديو من حاملة الطائرات مع وزير الدفاع سيرجي شويجو التي بحث الاثنان فيها الحرب على "الجماعات الإرهابية" وهو أحد أهداف موسكو المعلنة لحملتها في سوريا.
أليكسي ملاشينكو كبير الباحثين في معهد حوار الحضارات الذي تربطه علاقات وثيقة بالقيادة الروسية، قال إن روسيا ترى بعد تدخلها في سوريا أن ليبيا تمثل وسيلة لتأكيد عودتها إلى الشرق الأوسط، موضحًا أن سوريا وحدها لا تكفي ولهذا نحتاج إلى دولة أخرى للوجود الروسي لا في سوريا وحدها بل عموما في الشرق الأوسط وليبيا.
وأعلن رئيس لجنة الدفاع والأمن بمجلس الاتحاد الروسي فيكتور اوزيروف أن موسكو لا تبحث مع ليبيا موضوع إنشاء قواعد عسكرية روسية في أراضي الأخيرة.
الصراع الغربي الروسي..
وكانت صحيفة Neu Zürcher Zeitung السويسرية قد ذكرت نقلا وسائل إعلام إيطالية وخليجية أن الزعيم الليبي خليفة حفتر وقع على اتفاقية جرى الحديث فيها عن خطط روسية لبناء قاعدتين عسكريتين في طبرق وبنغازي.
وقال اوزيروف: "لا وجود لمثل هذه المفاوضات" مؤكدا أن القاعدة العسكرية الروسية في طرطوس يمكن أن تلعب دور المثال للتعاون البحري العسكري بين الدول بشكل لا يكون موجها ضد أي طرف ثالث بل لمصلحة الجانبين.
وأضاف،: يمكن للبحرية الروسية أن تلعب دور الحافظ للسلام في منطقة البحر الأبيض المتوسط، ويمكن للقواعد البحرية أن تستخدم لتقديم المساعدة في مجال مكافحة القرصنة وحماية حدود الدول.
تجدر الإشارة إلى أنه تم في 18 يناير التوقيع على اتفاقية روسية سورية حول توسيع وتطوير مركز الإمداد التقني التابع للبحرية الروسية في طرطوس، ومدة سريان الاتفاقية 49 عاما وتمدد بشكل آلي لفترة 25 عاما.
وفي العامين الاخيرين سيطر داعش علي مدن أبرزها درنة وبنغازي وإجدابيا وصبراتة وسرت، لكن تحركاته في هذه المدن تفاوتت من حيث التأثير والهيمنة، لكنها قدمت ولا تزال تقدم مؤشرات حول الطبيعة التي يتحرك فيها عناصر داعش، ومفاتيح قدراته التي تشكل تهديدات بأشكال مختلفة.
وأكد أحمد هدية، رئيس المركز الإعلامي لعملية البنيان المرصوص التابعة لحكومة الوفاق الوطني، أن تهديد داعش بعيد عن سرت، لكنه ربما يكون قريبًا من مناطق جغرافية أخرى، خاصة في الجنوب الليبي، قائلا: إن تنظيم داعش لا يمكنه العودة للعمل والانتشار مثل السابق، خاصة وأن جل قوته دمرت في سرت، وأضحى مبعثرًا في مناطق مختلفة، وينشط في خلايا نائمة على مستوى أفراد؛ ما ينبغي على السلطات الحكومية، أن تنتبه وتعد القوة لمواجهة أي خطر مستقبلي محتمل.
وأضاف، في تصريحات صحافية له اليوم الأحد 22 يناير 2017، بخصوص سرت لا يمكن له تهديدها، وهو أمر مستبعد؛ لأن القوات التي تمركزت هناك، تقوم بعمل جيد على مستوى التأمين وتمشيط المناطق المجاورة للمدينة، لكن ربما يتحرك صوب الجنوب، وهي مناطق تضم رقعا وتضاريس صعبة، وينبغي على المجلس الرئاسي الاستعداد جيدًا، لرصد أي تهديد محتمل.
وفي ظل بدأ الصراع الدولي بين القوى الكبرى في مناطق النزاع من أجل الهيمنة والنفوذ في ليبيا يحتدم، فالقوى الاستعمارية الأوروبية مازالت تتمسك بمناطق نفوذها التاريخية، وقد تجلى ذلك في انتقاد إيطاليا لموسكو، مؤخرا، عقب وصول سفن حربية روسية إلى مستعمراتها القديمة في ليبيا، وسط توقعات بسعي موسكو لإقامة قاعدة عسكرية هناك، ما يؤدي إلي بقاء داعش في البلاد.

شارك