بعد هزيمته في "سرت".. "داعش" يعيد معاقله في الوديان الصحراوية بليبيا
الأحد 12/فبراير/2017 - 01:52 م
طباعة
في الوقت الذي بدأ تنظيم "داعش" الإرهابي يلفظ أنفاسه في ليبيا، بعد طرده من معاقله الرئيسية في البلاد، قال مسؤولون أمنيون إن مقاتلي التنظيم انتقلوا إلى وديان صحراوية وتلال تقع جنوب شرقي طرابلس مع سعيهم لاستغلال الانقسامات السياسية في ليبيا بعد هزيمتهم في معقلهم السابق في سرت.
ووفق ما صرح به المسؤولون لوكالة "رويترز"، فإن بقايا "داعش" يصل عددهم إلى المئات، حيث يحاولون إشاعة الفوضى من خلال قطع إمدادات الكهرباء والماء ويحاولون تحديد المجتمعات المحلية التي قد تتجاوب مع أفكارهم، وتتم مراقبتهم من خلال الاستطلاع الجوي وجمع معلومات على الأرض.
من المعروف أن التنظيم الإرهابي "داعش"، تم طرده من سرت وبنغازي علي أيدي قوات الوفاق والجيش الليبي، حيث نجحت قوات البنيان المرصوص التابعة لحكموة الوفاق الوطني في القضاء علي التنظيم الإرهابي من مدينة "سرت" الليبية، بينما نجح الجيش الليبي في القضاء علي مسلحي التنظيم من مدينة بنغازي.
وسيطر داعش منذ عام ونصف علي مدينة سرت بالكامل وجعلها قاعدته الأولى في شمال أفريقيا لكن نجحت قوات الوفاق في طرده في ديسمبر الماضي بعد حملة عسكرية استمرت لأكثر من ستة أشهر قادتها كتائب مصراتة المدعومة بضربات جوية أمريكية.
وفقد التنظيم المئات من مقاتليه في معركة سرت ولا يسيطر حاليا على أراض في ليبيا لكن متشددين هاربين وخلايا نائمة يعتبرون مصدر تهديد في البلاد الممزقة بشدة والتي يغيب فيها حكم القانون إلى حد بعيد منذ انتفاضة 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي.
إسماعيل شكري قائد المخابرات العسكرية في مصراتة، قال في تصريحات صحافية إن التهديد يتركز في المنطقة الواقعة إلى الجنوب من الشريط الساحلي بين مصراتة وطرابلس وهي منطقة تلتف حول محيط مدينة بني وليد وصولا إلى الصحراء الواقعة جنوبي سرت.
وأضاف أن مجموعة من المتشددين مؤلفة مما يتراوح بين 60 إلى 80 مقاتلا تنشط حول قرزة التي تبعد 170 كيلومترا غربي سرت بينما توجد مجموعة أخرى قوامها نحو 100 متشدد حول حقلي زلة ومبروك النفطيين الواقعين على بعد 300 كيلومتر جنوب شرقي سرت وهناك تقارير عن مجموعة ثالثة موجودة في العوينات قرب الحدود مع الجزائر.
وفي سياق أخر، قال متابعون إن ميليشيات مصراتة، المدعومة من تركيا، كثفت من وجودها في طرابلس في محاولة للإمساك بالوضع الأمني المتردي في العاصمة الليبية، فضلا عن توجيه رسائل إلى الخارج بأنها لن تقبل بأيّ حلّ يقفز على دورها.
وكانت هذه الميليشيات قد قلصت من وجودها لفائدة حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، لكن ضعف الحكومة وتراجع الثقة فيها، دفعا الشركاء الأوروبيين، الذين رعوا اتفاق الصخيرات، إلى التفكير في حفتر كطرف قوي يمكن أن يحقق التوازن.
وتقود مساعي التقارب مع حفتر كل من بريطانيا وإيطاليا، لكنه تقارب حذر في ضوء بعد قائد الجيش عن طرابلس.
ووصلت مجموعات مسلحة من مدينة مصراتة "غرب" إلى طرابلس خلال أسبوع حيث أعلنت تأسيس قوة مسلحة مستقلة ما أثار قلقا في الغرب، خاصة في الولايات المتحدة.
وأوضح مصدر قريب من حكومة الوفاق أن معظم المجموعات المسلحة التي وصلت إلى العاصمة الليبية تنضوي تحت راية قوات البنيان المرصوص التي طردت العام الماضي تنظيم داعش من سرت، مضيفًا أنهم يشعرون الآن بأنهم مهمشون وباتوا يبحثون عن دعم، موضحا أن اجتماعات تم عقدها السبت مع قياداتهم لإيجاد حل.
ويري متابعون أن هذه العودة هدفها تكثيف وجودهم في طرابلس تحسبا لتوافق دولي عن حوار بين السراج وحفتر قد يؤول إلى القبول بزيارة الأخير إلى طرابلس، وهو ما تعتبره الميليشيات الإسلامية والأحزاب الراعية لها خطرا يجب التصدي له قبل وقوعه.
ويرى مراقبون أن تشكيل تلك القوة يعني أن طرابلس أصبحت تحت رحمة قوّتين عسكريتين متضادتين، تزيد من احتمالية وقوع مواجهات مسلحة بين الطرفين، خاصة بعد المحاولة السابقة لحكومة الإنقاذ السيطرة على بعض المقرات الحكومية التابعة للوفاق.
وتتجسد الأزمة السياسية الحالية في وجود ثلاث حكومات متصارعة، اثنتان منها في العاصمة طرابلس، وهما الوفاق الوطني المدعومة من المجتمع الدولي، والإنقاذ، إضافة إلى المؤقتة بمدينة البيضاء، والتي انبثقت عن مجلس نواب طبرق.
وتواجه حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة ووصلت لطرابلس العام الماضي صعوبات في فرض سلطتها على عدة جماعات مسلحة في العاصمة ناهيك عن باقي أنحاء البلاد مترامية الأطراف والمنتجة للنفط.
واشتبكت قوات موالية لخليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي المتمركز في الشرق مع كتائب مناوئة في منطقة الجفرة في الأسابيع الماضية واتهمتهم بمحاولة الهجوم على موانئ نفطية واقعة على ساحل البحر المتوسط سيطر عليها الجيش الوطني الليبي في سبتمبر الماضي.
ويرفض حفتر الموالي لحكومة شرق ليبيا، حكومة الوفاق الوطني في طرابلس غرب البلاد، فيما لا زالت بعض الجماعات المسلحة في العاصمة تدين بالولاء لحكومة الإنقاذ المحسوبة علي جماعة الإخوان والتي يرأسها خليفة الغويل.