بعد خسائره في ليبيا.. "داعش" يبحث عن "موطئ قدم" جديد في طرابلس
الخميس 23/فبراير/2017 - 02:52 م
طباعة
مع خسائر التنظيم الإرهابي "داعش" التي تكبدها في ليبيا، في ظل الحرب التي شنها الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في المناطق الذي سيطر عليها التنظيم الإرهابي في مطلع يونيو 2015 بينهم سرت وبنغازي ودرنة وغيرهم من المدن الحيوية في ليبيا، تراجع نفوذ التنظيم الإرهابي في كافة مناطق نفوذه بالدولة الليبية، ما أدي إلي سعيه لاستعادة نفوذه بشتي الطرق.
ويسعي التنظيم الإرهابي في الوقت الحالي إلي إيجاد موطئ قدم جديد في العاصمة طرابلس، من خلال استغلال الخلافات بين مختلف الجماعات الإسلامية المتطرفة في البلاد بشأن الاحتفال بذكرى الثورة الليبية.
ويستغل التنظيم كذلك الخلافات الدائرة بين أطراف النزاع الليبي، بين المشير حفتر ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج، وتدخل حكومة الانقاذ الموالية لجماعة الإخوان في طرابلس، حتي يفرض نفوذه ويتخذ معقلا له في طرابلس.
وسمحت القيادات الإرهابية بحضور نساء وفتيات وصفتهن قيادات أخرى بـ "المتبرجات والسافرات"، وتُجرى الآن تحقيقات حول تورط قيادات من جماعة أنصار الشريعة التابعة للقاعدة في ذلك.
ووفق وكالة رويترز قال المسلحون إن هناك من تورط في إدخال فتيات متبرجات سافرات بعضهن لسن ليبيات إلى ساحة الشهداء، ثم تبين فيما بعد أن الفتيات المتأنقات هن موظفات بشركة متعددة الجنسيات يملكها قيادي جهادي، تحول بعد موت القذافي إلى أحد أكبر رجال الأعمال بالمنطقة. واشتعل على إثر ذلك الخلاف بين الجهادي الذي برر ذلك بأن النساء كن يجاهدن مع الرجال في الغزوات فيما مضى، وبين قيادات أنصار الشرعية التي حرمت الاختلاط والتبرج.
وبالتزامن مع ذكري الثورة الليبية، أصدر اللواء عبد الرازق الناظوري، الحاكم العسكري للمنطقة من مدينة درنة إلى بن جواد ورئيس أركان القوات المسلحة، قرارًا بمنع النساء دون الستين عامًا من السفر إلى خارج البلاد بمفردهن دون محرم؛ وذلك بعدما ألغي المنع من ليبيا في 2007.
ورغم أن القرار قد صدر قبل عام إلا أنه لم يتم تعميمه إلا في فبراير الجاري، وتضمن القرار منع سفر النساء لدواعي المصلحة العامة للحد من السلبيات التي صاحبت سفر النساء الليبيات إلى الخارج.
وأضاف الناظوري في مداخلة إعلامية أن القرار اتُخذ من أجل ليبيا فقط ولا علاقة له بسياسة أو دين، بسبب اكتشاف قضايا لسيدات ليبيات يتعاملن مع أجهزة مخابرات أجنبية، دون تحديد فائدة سفر المحرم معها أو تحديد سنها بما هو دون الستين في منع ذلك.
وقال الناظوري: نحن نحترم المرأة الليبية، فما دامت داخل بلادها فهي حرة أما عندما تخرج خارج ليبيا ستبقى عيوننا عليهن، منوهًا إلى أن العمل بقرار المنع ليس دائمًا، وسيعلق العمل به عندما تكون أسباب وضعه قد زالت او انتهت. وبدأ مطار الأبرق الدولي تنفيذ القرار رغم تصريح مديره سالم الأطرش بأن تنفيذه «مستحيل في هذا الوقت بالتحديد لأنه سيسبب مشاكل كثيرة.
المركز الليبي للإعلام وحرية التعبير أصدر بيان شجب، معتبرًا أن هذا القرار انتهاكًا صريحًا لحقوق الإنسان وحقوق المرأة الليبية، ويتعارض مع الهوية العربية الليبية الإسلامية الأصيلة، ويضر بشريحة كبيرة من أبناء الوطن، فضلًا عن تقييد حرية الحركة للكثير من النساء الليبيات المعيلات. وأشار إلى أن إحياء هذا القرار يتنافى مع المبادئ المدنية للدولة. وناشد المركز الناظوري ومجلس النواب الليبي بإعادة النظر في القرار.
وجاء القرار علي هوي السلفيين في ليبيا، حيث باركت الدعوة السلفية في ليبيا القرار بشدة وبشكل متكرر عبر صفحتها الرسمية، بل واعتبرت من يعارضه جاهل أو ديوث، بالاستناد إلى أدلة شرعية اعتبرتها الدعوة السلفية جازمة بمنع سفر المرأة وحدها لأي غرض. وحين اعترض مواطنون ليبيون عبر حساباتهم بمواقع التواصل، موضحين أن المذهب المالكي الذي تتبعه ليبيا أجاز سفر المرأة بغير محرم إذا كانت في رفقة مأمونة، لم يجدوا من السلفيين سوى السباب والطعن في عقائدهم.
ووفق تقارير فقد أوضح كامل عبد الله، المتخصص بالشأن الليبي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن التغلغل السلفي الفكري واضح ومنتشر في مختلف المناطق الليبية، إضافة إلى تعاظم الدور السياسي والأمني للجماعات السلفية خلال السنوات الأخيرة، بعد ازدياد حدة الانقسام والاستقطاب السياسي في 2014. وانقسمت معسكراتهم بين السلفية الجهادية في طرابلس والسلفية المدخلية المؤيدة للحكومة.
وفي تصريحات صحافية، أكد عبدالله أنه فيما يتعلق بالدور الذي يشغله المتشددين الليبين، لا سيما جهاديو طرابلس، بدأت لديهم قناعة بأنه لن يكون لهم دور مقبول في ليبيا، وهو ما بدا واضحًا في تصريحات قيادات حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا. أما المدخليون فيحظون بنفوذ كبير في شرق ليبيا، ويشرفون على سجون سرية وحملات اعتقالات بشهادة نشطاء تعرضوا للاعتقال.
ورأى عبد الله أن ليبيا ستظل بيئة حاضنة للإرهاب طالما بقي الانقسام السياسي والصراعات الاجتماعية، ووبالتالي لن تكون التوافقات السياسية الأخيرة بين الدوائر الرسمية الليبية ممثلة في اجتماعهم بمصر قبل أيام – ذات جدوى.
وتأتي هذه النزاعات في صالح الجماعات الجهادية المسلحة، التي تستغل من الفوضي الحالية للانتشار والتنامي والقيام بأفعالها الإرهابية.
وفشلت حكومة الوفاق منذ دخولها طرابلس في مارس 2016 في التصدي للجماعات الجهادية المسلحة، بل ساعدتها علي التوغل والتنامي في البلاد، ما أدي إلي تراجع الدعم الدولي لهذه الحكومة في حين حظت حكومة الشرق الموالية للجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر بدعم دولي قوي من قبل روسيا وبريطانيا وكذلك ايطاليا.