6 بنود في إعلان الأزهر للعيش المشترك.. والأديان براءة من الإرهاب
الخميس 02/مارس/2017 - 12:50 م
طباعة
أصدر الأزهر الشريف إعلانًا يحدد أطرًا للعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين في الدول العربية، ويؤكد مبدأ المواطنة، ويندد بالعنف والتمييز والازدراء.
وتلا الشيخ أحمد الطيب الإعلان الذي يتضمن ستة بنود في ختام مؤتمر نظمه الأزهر ومجلس حكماء المسلمين على مدى يومين، تحت عنوان "الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل".
وشارك في المؤتمر وفود من أكثر من خمسين دولة، بينهم رؤساء الكنائس الشرقية وعلماء ورجال دين ومفكرون وسياسيون مسلمون ومسيحيون من مختلف المذاهب والكنائس، في وقت تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط توترات وصراعات، بعضها على أساس ديني وطائفي، وكذلك في ظل تزايد الهجمات وأعمال العنف التي يشنها متشددون إسلاميون في دول عربية وغربية.
وقال شيخ الأزهر إن "أول عوامل التماسك وتعزيز الإرادة المشتركة يتمثل في الدولة الوطنية الدستورية القائمة على مبادئ المواطَنة والمساواة وحكم القانون". وحذر الطيب من استخدام مصطلح الأقليات "الذي يحمل في طياته معاني التمييز والانفصال بداعي التأكيد على الحقوق".
وشدد الإعلان على إدانة كل أشكال التمييز وأعمال العنف التي تنتهك مبدأ المواطنة. وقال الطيب: "إن تبني مفاهيم المواطنة والمساواة والحقوق، يستلزم بالضرورة إدانة التصرفات التي تتعارض ومبدأ المواطنة من ممارسات لا تقرها شريعة الإسلام وتبنى على أساس التمييز بين المسلم وغير المسلم، وتترتب عليها ممارسات الازدراء والتهميش والكيل بمكيالين، فضلاً عن الملاحقة والتهجير والقتل، وما إلى ذلك من سلوكيات يرفضها الإسلام وتأباها كل الأديان والأعراف".
وخلال الأيام القليلة الماضية، نزحت عشرات الأسر المسيحية من مدينة العريش، كبرى مدن محافظة شمال سيناء المصرية، بعد مقتل سبعة مسيحيين على يد متشددين إسلاميين موالين لتنظيم "الدولة الإسلامية" الذي يسيطر على مناطق في سوريا والعراق وتبايعه جماعات في عدة دول.
وقال الطيب إن المجتمعين في المؤتمر "يعلنون أن الأديان كلها براء من الإرهاب بشتى صوره، وهم يدينونه أشد الإدانة ويستنكرونه أشد الاستنكار". وأكد إعلان الأزهر أن "حماية المواطنين في حياتهم وحرياتهم وممتلكاتهم وسائر حقوق مواطنتهم وكرامتهم وإنسانيتهم صارت الواجب الأول للدول الوطنية... ولا ينبغي بأي حال من الأحوال مزاحمة الدولة في أداء هذا الواجب".
وطالب الإعلان أيضًا بالكف عن اتهام الإسلام بالإرهاب، وحذر من "أن محاكمة الإسلام بسبب التصرفات الإجرامية لبعض المنتسبين إليه تفتح الباب على مصراعيه لوصف الأديان كلها بصفة الإرهاب، ما يبرر لغلاة الحداثيين مقولتهم في ضرورة التخلُّصِ من الأديان بذريعة استقرار المجتمعات".
ودعا إعلان الأزهر المسلمين والمسيحيين إلى إجراء "مزيد من المراجعات؛ من أجل التجديد والتطوير في ثقافتنا وممارسات مؤسساتنا". وقال الطيب إن "طموح الأزهر ومجلس حكماء المسلمين من وراء هذا المؤتمر، هو التأسيس لشراكة متجددة أو عقد مستأنف بين المواطنين العرب كافة، مسلمين ومسيحيين وغيرهم من ذوي الانتماءات الأخرى، يقوم على التفاهم والاعتراف المتبادل والمواطنة والحرية". وأضاف أن "ما نذهب إليه في هذا الشأن ليس خيارًا حسنًا فقط؛ بل هو ضرورة حياة وتطور لمجتمعاتنا ودولنا وإنساننا وأجيالنا.
قمة إسلامية مسيحية
وجه البطريرك غريغوريوس الثالث لحام، بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للروم الكاثوليك، دعوة من مؤتمر الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين إلى عقد قمة روحية مسيحية إسلامية للعالم العربي ثم للعالم أجمع.
وفي بداية كلمته أمام مؤتمر "الحرية المواطنة.. التنوع التكامل" المنعقد بالقاهرة، دعا البطريرك لحّام جميع المشاركين لأن ينظر كل منهم للجالس بجانبه وأن يقول له: "إني أحبك بدون حرج"، مضيفًا أن الله يحبنا جميعًا وأنا أحبكم". وأضاف أنه كل عام يكون لنا لقاء مع الأزهر الشريف وكل القوى الدينية للتأكيد على هذه الحقيقة الراسخة.
وتابع أنه قدّم للمؤتمر رسالة وثيقة للمجمع المقدس الفاتيكاني يصل عمرها لنحو 50 عامًا تكشف تسامح الكنيسة مع الديانات غير المسيحية، لافتًا إلى أن مبادئ هذه الوثيقة وحدة الجنس البشري، واحترام جميع الأديان؛ إذ تنظر الكنيسة بعين الاعتبار لكل الذين يعبدون الإله الواحد.
وقال البطريرك إن "من بين مبادئ هذه الوثيقة كذلك احترام الدين الإسلامي والمسلمين؛ إذ يجتهدون لكي يخضعوا لأوامر الإله الخفية، ويجلّون يسوع وأمه العذراء وينتظرون يوم الدين، ويعتبرون الحياة الأخلاقية ويؤدون العبادة لله".
وأضاف أن "ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا"، داعيًا لتناسي الماضي بخلافاته التي تجذرت عبر قرون بائدة وإحلال العدالة الاجتماعية والسلام والأمان. وتابع: "من لا يحب، لا يعرف الله، ولا فارق بين إنسان وإنسان في الكرامة الإنسانية، والكنيسة ترفض كل تفرقة لأي بشر بناء على دينه أو عرقه أو لونه".
وأشار إلى أن الكنيسة انفتحت بعد عهد من الانغلاق نحو علاقات يجب أن تنمو بين الناس، كما اضطلع الأزهر بإعادة العلاقات مع الفاتيكان، لافتًا إلى أن "المسيحيين شكلوا على مر العصور جسورًا مع الآخرين، كما سنبقى مع العرب والمسلمين يدًا واحدة، تاريخنا ومستقبلنا مشترك، مآسينا مشتركة ومستقبلنا معًا، نستطيع أن نبقى معًا لكي نبني عالمًا أفضل".