"فقدان الثقة".. أكبر مشكلة نفسية تقف أمام عودة المسيحيين للعراق
الخميس 17/أغسطس/2017 - 04:51 م
طباعة
أكد رئيس أساقفة بغداد للاتين المطران جان بينامين سليمان أن المستقبل في البلاد يخيّم عليه الظلام، لكن الأمل لا يموت أبدًا. وبمناسبة عيد انتقال السيدة العذراء، مضيفًا أن هذا العيد يأتي كبصيص أمل في وقت فقد فيه العديد من المسيحيين العراقيين الثقة بالمستقبل"، فـ"نحن نواجه هجرة متزايدة، وأعداد العائلات التي تعود الى قرى سهل نينوى المحررة، أقل من المتوقع.
وقال في تصريحات لاذاعة الفاتيكان واعاد موقع ابونا نشرها حول ما إذا كان العيد يمرّ مع بعض القلق من الوضع الحساس للمسيحيين في البلاد، ذكر المطران أن "الخوف كمرض مزمن، هناك مخاوف بالتأكيد، لكنها ليست مدعاة قلق كعيد الفصح أو الميلاد"، واكد "العيد في العراق يمرّ في يوم عمل، لذلك يحتاج المسيحيون لأن يجدوا الوقت للذهاب إلى الكنيسة، في الصباح أو في وقت متأخر من بعد الظهر"، وأردف "أعتقد أن لبنان وحده، يعتبر العيد عطلة وطنية في الشرق الأوسط بأسره".
أما بشأن الجوّ الذي يعيش فيه المجتمع المسيحي في العراق اليوم، بعد الفترات الصعبة مؤخرًا، قال الأسقف الكاثوليكي، "لا شيء سهل، خصوصًا عندما يكون المستقبل مظلم جدًا، وهذه هي المشكلة، لأننا لا نزال نعيش مرحلة الهجرة"، فـ"كثير من الناس لا يزالون يرحلون حتى الآن، حيث ليس هناك ضوء على المستقبل في الواقع".
وأشار الى أن "المناطق المحررة تشهد عودة بعض الأسر بالطبع، لكنها ليست عودة جماعية حقيقية على النحو المأمول"، وذلك "ليس فقط بسبب وجود مشاكل سياسية حول تلك المناطق"، بل "لأن الثقة فُقدت فعلا، أي الثقة بالتعايش مع الآخرين"، لذلك "نحن أمام تهديد الهجرة دائمًا، الذي نلمسه كل يوم أحد"، واختتم مطران اللاتين بالقول إنه "منذ شهر يونيو وحتى الآن، تتناقص أعداد أبناء جماعاتنا بشكل مستمر". قبل اجتياح داعش لسهل نينوى صيف 2014 وتهجير أكثر من مئة ألف من المسيحيين إلى كردستان، كانت تعيش نحو خمسة آلاف أسرة من السريان الكاثوليك في مدينة قراقوش، وفقًا لوكالة الأنباء الآشورية الدولية. وتوضح أن لدى أكثر من نصف هذه الأسر أطفال في عمر الدراسة، وقامت وكالات دولية بإصلاح قدر كبير من الأضرار التي لحقت بالمدارس أثناء سيطرة داعش.
وتستعد المدارس لاستقبال الطلاب في العام الدراسي الجديد، لكن التحدي الكبير يتمثل في أن عددًا من منازل العائلات لا يزال بانتظار الإصلاح أو إعادة البناء، حسب المصدر. وحتى الآن، لم تتمكن سوى 600 عائلة من أصل خمسة آلاف طردت من قراقوش، من العودة إلى الديار هناك.
وقد دفع هذا التحدي الجمعيات الكاثوليكية الخيرية إلى إنشاء لجنة مؤلفة من ستة أعضاء يمثل كل منهم الكنائس الثلاث الرئيسية في سهل نينوى: الكنيسة السريانية الكاثوليكية، والكنيسة السريانية الأرثوذكسية، والكنيسة الكلدانية. وستوزع الأموال التي تجمعها اللجنة حسب احتياجات كل من الجماعة.
وتشير الوكالة الأشورية إلى أن المجموعة الخيرية مولت إصلاح ما يقارب 160 منزلا حتى الآن.
ولا تزال الأرقام الإجمالية منخفضة "بشكل خطير". فعلى سبيل المثال، في بلدة برطلة عادت 24 عائلة من السريان الأرثوذكس إلى ديارهم، في حين لم تتمكن أكثر من 600 عائلة من العودة أو لم تكن على استعداد للعودة.
وكانت برطلة موطنا لـ3.400 عائلة قبل سيطرة داعش، والذي أقدم على تدمير 90 منزلا بشكل تام، بينما تضرر 360 منزلا آخر بشكل كبير جراء الحريق، فيما يحتاج 1.300 مسكن إلى إصلاحات مختلفة. وتتابع الوكالة أن 13 ألف منزل في سهل نينوى لا يزال بحاجة إلى إصلاح أو إعادة بناء، بالإضافة إلى العمل الكبير المطلوب في جميع أنحاء المنطقة لإعادة المياه والكهرباء.
في الوقت نفسه، لا يزال حوالى 90 ألف مسيحي يعيشون في ظروف مؤقتة، كنازحين في كردستان. وقد أنفقت الجمعيات الكاثوليكية الخيرية وحدها أکثر من 35 ملیون دولار في المساعدات الإنسانیة للنازحین ھناك منذ صیف 2014، على أن يتواصل تقديم المساعدات حتى انتهاء عملیة إعادة السكان في سھول نینوى.