بعد رفض استفتاء كردستان.. هل تشهد العراق تصعيدًا مسلحًا حول الإقليم؟
الأربعاء 13/سبتمبر/2017 - 03:03 م
طباعة
يبدو أن العراق ستشهد تصعيدًا مسلحا في الفترة المقبلة، بعد رفض البرلمان استفتاء استقلال إقليم كردستان العراق، المزمع إجراؤه في 25 سبتمبر الجاري.
كانت أحزاب كردستانية أعلنت في اجتماع 7 يونيو الماضي، برئاسة رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، تحديد يوم 25 سبتمبر المقبل موعدا لإجراء استفتاء شعبي حول استقلال الإقليم عن العراق.
وأصدر المجلس الوزاري للجامعة العربية، اليوم الأربعاء 13 سبتمبر 2017، قراراً بالإجماع لرفض الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق، المزمع إجراؤه في الـ25 من الشهر الجاري.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية العراقية، أحمد جمال، في بيان له اليوم الأربعاء: "استجابة لطلب وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في اجتماع المجلس الوزاري للجامعة العربية أصدر المجلس قراراً عربياً وبالإجماع لرفض الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان.
وأضاف جمال، أن القرار جاء لعدم قانونية الاستفتاء وتعارضه مع الدستور العراقي الذي يجب احترامه والتمسك به، ودعم وحدة العراق لما تمثله من عامل رئيسي لأمن واستقرار المنطقة.
وألمح جمال، وفقاً لما جاء في البيان والقرار، إلى أن تهديد وحدة العراق يمثل خطراً على أمن المنطقة وقدرة دولها وشعوبها على مواجهة الإرهاب.
وصوت مجلس النواب العراقي، أمس الثلاثاء 12 سبتمبر، على رفض استفتاء إقليم كردستان، وألزم رئيس الوزراء حيدر العبادي باتخاذ كافة التدابير التي تحفظ وحدة العراق.
وكشف النائب عن "دولة القانون"، جاسم محمد جعفر، وفق وكالة سبوتنيك، أن 173 نائبا صوتوا ضد استفتاء كردستان. وأضاف جعفر، أن 31 نائبا لم يصوتوا خلال الجلسة التي عقدت اليوم بحضور 204 نواب، منوهًا إلى إدراج التصويت على القرار على جدول أعمال الجلسة، حيث تم جمع 80 توقيعا من نواب مختلف الكتل.
كما وصف جاسم التصويت بالرائع، كونه تم بالأغلبية، على ثلاثة بنود، وهي:أولا: رفض الاستفتاء، ثانياً: تكليف الحكومة العراقية باتخاذ كل الإجراءات للحفاظ على وحدة العراق، وعدم تطبيق الاستفتاء، وثالثاً: فتح الحكومة أذرعها للجلوس مع الإقليم لحل بعض الإشكالات وفق القانون والدستور.
وذكرت تقارير أن مصادر عراقية حذرت من صدام محتمل بين الفرقاء العراقيين على خلفية رفض البرلمان استفتاء الاستقلال.
وقامت أمس الثلاثاء النائبة حنان الفتلاوي، عن ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، بجمع توقيعات ضد الاستفتاء الكردي، حيث وقع عليه نحو 80 برلمانيا، الأمر الذي أشعل غضب الأعضاء الأكراد، وقرروا الانسحابمن الجلسة قبل التصويت وأصدروا بيانات بعد ذلك ترفض قرار البرلمان.
وقال هوشيار زيباري، وزير الخارجية العراقي السابق والمستشار الحالي لمسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان العراق إن قرار البرلمان العراقي ليس ملزما لنا، وإن برلمان الإقليم سيرد قطعا على القرار عندما يجتمع الخميس.
ورفض القرار إجراء الاستفتاء الكردي، ملزما رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، باتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على وحدة العراق.
واعتبرت حركة التغيير الكردية، أن إلزام البرلمان للعبادي باتخاذ ما يلزم لحفظ وحدة العراق، إشارة تتضمن تهديدا صريحا لأمن الإقليم.
ووفق تقارير فإن قوات البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني، عززت قطعاتها المنتشرة في كركوك الغنية بالنفط، بقوة كبيرة من الدروع.
وكان البارزاني وصل إلى كركوك، أمس الثلاثاء، بشكل مفاجئ، ليشهد استقبالا عسكريا شارك فيه نحو ثلاثة آلاف مقاتل كردي.
وتجاهل البارزاني قرار البرلمان، قائلا: "لا أحد يحدد مصير أهل كركوك غير أهلها، كما أننا لن نسمح لأحد أن يمنع أهل كركوك من تقرير مصيرهم، ولن نسمع للتهديدات الصبيانية لإشعال الحرب ولا نهتم بها، ومن يحاول تنفيذ تهديده فسنمارس حق الدفاع عن النفس.
ووفق وكالة رويترز فقد كثفت فصائل في الحشد الشعبي، موالية لإيران، من حركة نقل قطعاتها المتمركزة جنوب الموصل، نحو حدود كركوك.
ويري مراقبون أن أطرافا عراقية، سياسية ومسلحة، قريبة من إيران، لن تتردد في التصعيد العسكري، ضد البيشمركة المنتشرة في كركوك.
ويروا أن قرار البرلمان العراقي برفض استفتاء كردستان، قطع طريق العودة أمام البارزاني، ما يرفع سقف التوقعات بشأن إمكانية التصعيد، ما لم يستجب رئيس الإقليم للوساطات الإقليمية والدولية، خلال الأيام التي تسبق موعد الاستفتاء.
وأبلغ قائد فيلق القدس الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، كلا من بغداد وأربيل، بأن بلاده ستتحرك عسكريا، في حال أجري الاستفتاء، لاستعادة مناطق حدودية، في إقليم كردستان، سبق أن تنازلت عنها للعراق، وقال سليماني إن إيران تنازلت عن هذه المناطق للعراق، وليس للأكراد، وفق رويترز.
ويرجع تأجيل الاستفتاء وفق محللون لأسباب عدة، منها اقتراب موعد العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في الحويجة الواقعة ضمن محافظة كركوك، بمشاركة قوات البشمركة الكردية.
وتعيش أحزاب كردية وشيعية على وقع تصعيد قد ينتهي إلى صدام مسلح، بقيت الأصوات السياسية السنية، هادئة حيال الاستفتاء، لكن قرار البرلمان، دفعها إلى الانخراط في النقاش.
أسامة النجيفي، نائب رئيس الجمهورية، يري أن إجراء الاستفتاء في إقليم كردستان ضمن حدود 2003، يشكل مخالفة دستورية واضحة من واجبنا التحفظ عليه، مشيرا إلى أن شمول كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها في الاستفتاء تصرف غير دستوري وغير قانوني ويتضمن اعتداء جليا على حقوق المكونات المتآخية من عرب وتركمان.
ودعا النجيفي العرب والتركمان في المناطق المتنازع عليها إلى رفض الاستفتاء وعدم المشاركة فيه، معلنا رفضه لأي نتائج يتمخض عنها.
من جانبه أعلن المجلس الأعلى الإسلامي، اليوم الأربعاء، رفضه لمشروع استفتاء انفصال إقليم كردستان، وحذر من دفع الوضع إلى "الصدام" بين مكونات الشعب.
قالت الهيئة القيادية للمجلس في بيان صحفي صدر عقب اجتماع عقد حول التطورات الأخيرة في إقليم كردستان، "نحن نكرر رفضنا القاطع لمشروع الاستفتاء على الانفصال لتعارضه مع الدستور الذي ساهم الأخوة الكرد وبحماسة في كتابته وإقراره، وتناقض هذا المشروع مع المصالح الوطنية العليا في مرحلة تتطلب توجيه كل البنادق والطاقات صوب الإرهاب الداعشي وداعميه، ونحو إعادة بناء العراق وازدهاره.
ونبهت الهيئة "الشعب العراقي وسكان الإقليم بشكل خاص إلى خطورة دفع الأوضاع للصدام بين أبناء الشعب الواحد، وما تجره هذه السياسة من تبعات وآثار وخيمة على الأخوة الكرد قبل غيرهم، مؤكدة رفضها القاطع لسياسة فرض الأمر الواقع بالقوة.
وطالبت الهيئة: وزير الخارجية إبراهيم الجعفري بتكثيف الجهد الدبلوماسي لتوضيح المخاطر التي تهدد وحدة العراق وخاصة التحرك على مستوى دول المنطقة والطلب منها دعم مواقف الحكومة المركزية والدستورية"، كما طالبت التحالف الوطني بـ"أخذ زمام المبادرة في الساحة الوطنية للدفاع عن وحدة العراق ومصالح العرب والكرد والتركمان وباقي مكوناته المجتمعية.
وتخشى قوى غربية من أن الاستفتاء في كردستان قد يشعل صراعا جديدا مع بغداد وربما دول مجاورة بما يصرف الانتباه عن الحرب ضد داعش في العراق وسوريا.
ويبدو أن الفترة المقبلة ستشهد تصعيدًا قد ينتهي إلى صدام مسلح وحربا إقلمية، قد يصعد من الأزمة ويحول العراق إلي ساحة قتال.