"مسيحيو الشرق: 2000 سنة من التاريخ" في باريس يناهض فكر الاقلية
الأربعاء 27/سبتمبر/2017 - 04:34 م
طباعة
افتتح رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون، ونظيره اللبناني ميشال عون، الثلاثاء، معرض "مسيحيو الشرق: 2000 سنة من التاريخ"، الذي يقيمه معهد العالم العربي في مقره في العاصمة الفرنسية، بحضور شخصيات رسمية ودينية عديدة.ونشر موقع ابونا ووكالات الانباء عن المعرض عدة تقارير اشارت الي
القاء رئيس المعهد، وزير الثقافة الفرنسي الاسبق جاك لانغ، كلمة اعتبر فيها أن لقاء اليوم هو احتفال فريد من نوعه بتاريخ مجيد لكنائس مسيحية من المشرق واستثنائي من خلال عرض مجموعات نادرة تضيء على هذا التاريخ المجيد وقد أتت من متاحف الفاتيكان وبطريركات المشرق ومن مجموعات فردية، بالإاضافة إلى المكتبة الفرنسية الوطنية، موضحًا أنها المرة الأولى التي يفتتح فيها الرئيس ماكرون معرضًا ثقافيًا منذ انتخابه وهذا دليل على الأهمية التي يوليها للمعهد ولما يمثله، وللحوار بين الثقافات والأديان.
كما ألقى الرئيس الفرنسي كلمة استهلها بشكر المعهد العالم العربي على مبادرته هذه التي تقوم على حوار بين الجغرافيا وتعاقب القرون وتواصل الإيمان، معتبرًا أن مسيحيي المشرق بمختلف كنائسهم وانتماءاتهم يشكلون غنى نكتشفه اليوم من خلال قطع نادرة الوجود. ونوه ماكرون بعلاقة فرنسا التاريخية بمسيحيي الشرق، وتحديدًا منذ الملك فرانسوا الأول إلى يومنا من دون توقف خصوصًا وأن مسيحيي الشرق جزء لا يتجزأ منه وقد أسهموا في بنائه.
وأضاف: إن فرنسا كما فعلت دومًا عبر التاريخ ستواصل حماية مسيحيي الشرق، وهي ستفعل ذلك لإظهار دورهم وحماية مكانتهم في تاريخ المنطقة. وإنني أود التعبير كم أني أرفض أن يتم اختصار الأمور من خلال إظهار تناقض قائم في هذه المنطقة بين معسكرين، وكأن حماية المسيحيين تقتضي بالمقابل القبول بكافة أشكال التسويات. وختم: إن افتتاح هذا المعرض هو تأكيد على رغبتي في أن يبقى التزام مسيحيي الشرق وايمانهم وحضورهم وان يتفاعل مع الحاضر.
من جانبه، ألقى الرئيس عون كلمة جاء فيها: إنني فخور وشديد التأثر بالتقدير الذي يمنحه اليوم معهد العالمي العربي لمسيحيي الشرق. ان هذا المعرض المخصص للمرة الأولى في فرنسا والعالم لتاريخهم الذي يمتد لألفي عام يرتدي في هذه المؤسسة طابعا بالغ الرمزية ولا مثيل له. وأشار: بين المتوسط والفرات وعلى امتداد نهر النيل وضفاف البوسفور نمت المسيحية واستطونت الأمكنة قبل أن تنتشر على امتداد العالم. لقد كان مسيحيو فلسطين ولبنان والأردن وسوريا والعراق ومصر روادًا في الثقافة والعلم والمعرفة.
وأضاف: "هم ليسوا أقلية، بل حجر العقد والسلام ليس فقط في الشرق الأوسط والأدنى، ولكن أيضًا في العالم. فرسالتنا هي أن نحافظ على هذا الحضور المسيحي في دول المنطقة مهما بلغ الثمن، من أجل الحفاظ على احترام حرية المعتقد والرأي والتعبير والحق في الاختلاف". وقال: "دعونا لا نضع الظلم والظلامية يجتحان أرض المسيح. تصوروا للحظة الشرق من دون المسيحيين".
يذكر أن تأسيس المعهد يأتي لإقامة محطة لقاء دائم وحوار ثقافي وحضاري بين فرنسا والعالم العربي. وهو المعرض الثالث الذي يتناول أوضاع المسيحيين في الشرق بعد معرض "الفن القبطي في مصر" عام 2000 ومعرض "الأيقونات العربية: فن مسيحي مشرقي" عام 2003. كما خصص معرض خاص تحت عنوان "الحج الى مكة المكرمة" منذ ثلاث سنوات.
ويتضمن المعرض الحالي قطعًا أثرية ومخطوطات وأيقونات وأدوات ومقتنيات ليتورجية تم جمعها من كل من القدس، مصر، لبنان، سوريا، الأردن، العراق، تركيا، وفلسطين، ويعود تاريخها من ألفي سنة إلى اليوم. وقدمت بعض الكنائس القبطية والكلدانية والسريانية والارمنية والمارونية واللاتينية والبروتستانتية قطعًا نادرة إلى هذا المعرض. كما يتضمن عرضًا تاريخيًا لأهم محطات التاريخ المسيحي في الشرق حتى عصر النهضة العربية والمجامع المسكونية، إضافة إلى قطع نادرة تم انقاذها من سوريا والعراق، والبعض منها يعود إلى ملكية خاصة.
ويستمر المعرض حتى 14 ديسمبر المقبل، على أن ينتقل إلى عدة أماكن في فرنسا حتى 5 يونيو من العام المقبل.
وفي سياق متصل تم افتتاح أعمال مؤتمر "الإصلاح الإنجيلي والشرق الأوسط" الذي تقيمه الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة، بالتزامن مع مرور خمسمائة عام على بدء حركة الإصلاح، بحضور لفيف من الشخصيات الرسمية والدينية.
وبعد قراءة نص إنجيلي من رئيس المجمع اللوثري القس سامر عازر، عبّر المطران منيب يونان، رئيس الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة، عن سعادته بتوقيع البيان المشترك الذي تم مؤخرًا في مدينة لوند السويدية بين الكنيستين اللوثرية والكاثوليكية، بحضوره وحضور البابا فرنسيس، لافتًا إلى أنه يفتح آفاقًا جديدة لتقدم العلاقات الكنسية الثنائية، كما ولباقي الكنائس الشقيقة.
وأكد على دور الكنيسة اللوثرية في الشرق في العمل المسكوني، لافتًا إلى أن التاريخ لا بُد ألا نجعله سجنًا للمستقبل بل علينا المضي قُدمًا نحو المستقبل. وأكد المطران منيب وهو كذلك رئيس الاتحاد اللوثري العالمي، على أهمية زرع ثقافة المحبة والمواطنة خصوصًا في الشرق الأوسط الذي يعاني من نقص المحبة، راجيًا أن يكون الدور الكنسي الموحد فعالاً بشكل أكبر، لاسيما دور العرب المسيحيين في الوطن العربي.
من جهته، أشاد القس أندريه زكي، رئيس الكنيسة الإنجيلية في مصر، بدور الكنيسة اللوثرية في إبراز عملية التطوير والحداثة. وأشار إلى أن القرن التاسع عشر كان شاهدًا على حضور اللوثرية في الشرق التي لم تميز بين الأعراق والأفراد، مؤكدًا أن الأردن هو نموذج مثالي للعيش المشترك بين أتباع الأديان، وبالتالي يجب أن يُدرس نموذجه للأجيال القادمة.
أما السيدة روزانجلا جرجور، الأمينة العامة لرابطة الكنائس الإنجيلية في الشرق الأوسط، فأكدت أن ما حصل في الماضي من إصلاح مازال مستمرًا، فحركة الاصلاح قد جددت الكنيسة رغم التشتت المسيحي الذي حصل حينها. وأشارت إلى دور المجلس في الوحدة من خلال العمل المشترك بين جميع الأعضاء دون استثناء، حيث صار مثالاً رائعًا للعمل المسكوني الموحد.
و رحب الأستاذ الدكتور منور المهيد، المبعوث الشخصي لسمو الأمير غازي بن محمد، بالحضور القادم من مختلف الدول العربية والأجنبية، منوهًا إلى أن المملكة الأردنية الهاشمية هي سباقة في عقد المؤتمرات المسيحية والإسلامية والتي تعكس الصورة الحقيقة للعيش المشترك والتناغم الديني بين مختلف مكونات المشرق، فالتنوع والتناغم هما قوة النسيج الأردني.
يُذكر أن المؤتمر، المستمر لثلاثة أيام، يتضمن عدة محاضرات وورشات عمل، بمشاركة وفود من عربية وأجنبية. وقد اختتم أعمال يومه الأول بخدمة صلاة في كنيسة الراعي الصالح الإنجيلية اللوثرية في عمان، بحضور عدد من رؤساء الكنائس وممثليها في الاردن.