بعد استفتاء كردستان ..المسيحيين في العراق هم الخاسرون
الإثنين 02/أكتوبر/2017 - 01:05 م
طباعة
"المسيحيين هم الخاسر الأكبر من وراء كل هذه الصراعات المزمنة" التي يعشها العراق منذ العام 2003.مرورا بداعش واخيرا باستفتاء استقلال كردستان
حيث تعرض مسيحيو العراق بعد سقوط نظام صدام إلى سلسلة من الضربات الموجعة جدًا بدءًا من هجمات القاعدة ومرورًا بميليشيات الاحزاب الاسلامية وعصابات الجريمة المنظمة، وإنتهاءً بعصابات داعش التي هجّرت قسرًا شعبنا من الموصل وقُرانا في سهل نينوى، مع عدم جدية الحكومات التي جاءت بعد 2003 في الدفاع عن المكون المسيحي والمحافظه عليه ومنحهم حقوقهم المشروعة، مما أدّى إلى هجرة الكثير من مسيحيي العراق. فمُستقبلنا لا يبشر بخير ولا ينبيء باستمرار التواجد المسيحي في هذه البقعة من العالم والتي دخلت اليها المسيحيه في القرن الاول الميلادي. وقال رؤساء الككنائس في مؤتمر بكردستان حول الازمة الاخيرة
في ظل هذه المعطيات والواقع الموجود على الارض، حيث أزمة تلدُ أخرى، يدفع المسيحيون مع باقي مكونات الشعب ثمن صراعات دينية وطائفية وسياسية أرهقت كاهلهم أولاً وقتلت وشردت وسلبت أرواحهم وأموالهم وفجرّت وأحرقت كنائسهم وارضهم، ويمكن القول بلا شّكٍ أن المسيحيين هم الخاسر الأكبر من وراء كل هذه الصراعات المزمنة، مع انهم لم يكونوا طرفا فيها هذه الصراعات، واذا استمرت هذه الصراعات فإن شعبنا ماضٍ في طريقه إلى الهجرة ومن ثم الانقراض من هذه الأرض.
يقيناً لا يُمكن لنا كمسيحيين أن ننسّى استقبال الأخوة الأكراد حكومةً وشعباً، ودعمهم للمهجرين ليس من المسيحيين فحسب، بل من كل مكونات العراق. فكان إقليم كوردستان حاضنة آمنة لنا عندما توالّت علينا النكبات منذ 2003. ويهمّنا جداً أن يبقى هذا الأقليم آمناً لأهلهِ ولجميع سكّانهِ.
إننا نُناشِد الضمير الانساني والمجتمع الدولي والامم المتحدة والدول الكبرى لتتدخل وتتحمل مسؤولياتها الاخلاقية والانسانية بغية الحفاظ على شعبنا وتساعدهم في بقائهم في موطنهم التاريخي من خلال:
1. خلق أجواء حوار مبني على الإحترام المتبادل ما بين الحكومة الاتحادية وحكومة أقليم كوردستان حول القضايا الخلافية بعيدا عن لغة التهديد والتصعيد الإعلامي بهدف إيجاد حل مناسب بعيدا عن نشر مشاعر الكراهية التي تُؤجج الصراعات. فليس خفيًا على الجميع أن هذا الوضع خلق عند المسيحيين حالة من القلق والخوف من إمكانية تأزم الصراع وسيكون لذلك تداعيات خطيرة على الجميع.
2. إبعاد المسيحيين عن الصراعات الداخلية بين المكونات الكبيرة في العراق. لا نُخفي عليكم قلقنا بشأن وضع المسيحيين في أنه أصبح صعباً للغاية، ويسير في طريق مجهول، في ظل عدم وجود مشاريع سياسية حقيقية خاصة بهم تضمن لهم البقاء والعيش في اراضيهم التاريخية بكرامة. لم يعد شعبنا يتحمل المزيد من العذاب والاحباط وخيبة الامل. لم نعد قادرين على تحمّل هجرة ما تبقى منا.
3. إعادة الحياة للبلدات المسيحية وإعمارها، وإقامة مشاريع لتوفير فرص عمل لابنائها ليستمر وجودهم فيها. ففي ظل التهاء كل من الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم بالصراع على المناطق المتنازع عليها (ومن ضمنها مناطق شعبنا التاريخية)، تبدو المناطق المحررة من سيطرة عصابات داعش الإجرامية في حالة يُرثى لها من الناحية العمرانية والخدمات والامن فليس هناك أي محاولات جادّة لإعادة الإعمار مما يُصّعِّب عودة النازحين اليها لتستمر معاناتهم.
4. ايقاف عمليات التغيير الديموغرافي للمناطق التاريخية للمسيحيين بما يؤثر تأثيرا بالغاً على هويتها المسيحية. والحرص على عدم إستغلالهم وتسليجهم لتنفيذ أجندات لا تخدم مصالح شعبنا المسيحي. وننادي بضرورة حصر السلاح بيد القوات الأمنية الرسمية ونُشجّع أبنائنا للإنضمام لهذه القوات.
5. المحافظة على سهل نينوى موحداً مستقبلاً، فمن المهم عدم تجزئته، وعدم إدخال اخر ما تبقى للمسيحيين من أرض ضمن المساومات السياسية. هذا المكون الضعيف لا يتحمل المزيد من التجزئة والانقسام فضلا عما فيه من انقسامات سياسية ومذهبية وتسموية. سهل نينوى يحمل رمزية كبيرة للمسيحيين سواء من كان منهم في العراق وفي أقليم كوردستان أو في شتى بقاع العالم.
وفي ظلَّ الأزمة التي تعيشها البلاد اليوم بعد إستفتناء أقليم كوردستان، نُطلق من هنا نداءً نُطالِب فيه الجميع بتغليب لغة الحوار والاعتدال وعدم التصعيد الإعلامي ومحاولة استيعاب الأزمات الداخلية بين الفرقاء السياسيين من خلال مفاوضات جادّة مبنيّة على احترام الآخر وحقوقهِ، ومحاولة تذليل كافّة الصعوبات التي تجعل من الجميع شُركاء متساوين في تهيئة ظروف آمنة للعيش. فالجميع مرهق من الأزمات وتداعياتها، والمسيحيون على نحو خاص ليسوا مُستعدين ليكونوا حطباً لحروب وأزمات جديدة.
نحن نؤكد أنه لا طريق اخر لحل مشاكل البلد الاّ عن طريق الحوار والجلوس حول طاولة المفاوضات بصورة جادة ونيات حسنة وصادقة، كي ينال الجميع حقوقهم، ونحن لسنا مع تدويل القضايا وتدخل الاخرين، لأنهم لن يزيدوا الامر الاّ تعقيداً ولن يكون مصير الشعب العراقي بكل مكوناته العرقية والدينية والاثنية غير المآسي التي لا تنتهي.
نسأل الله أن يهدي الجميع إلى الطريق الصحيح، طريق السلام والعدالة والمحبّة والكرامة.