ليس بالمسيرات نكافح الإرهاب
الأربعاء 25/أكتوبر/2017 - 03:45 م
طباعة
لا شك ان الإرهاب والتطرف بات مشكلة مزمنة تحيط بنا من كل جانب، وتحاول المؤسسة الأمنية محاولات لا بأس بها لمواجهة التطرف والإرهاب، وكثيرا قلنا ان المواجهة الأمنية وحدها لا تكفي، فلابد من مواجهة شاملة تضافر فيها جهود مؤسسات الدولة من أمنية واعلامية وثقافية ودينية وتعليمية.. الخ، الا انه بات من الواضح ايضا للعيان ان مؤسسات الدولة حتى الان لم تمتلك استراتيجية لمكافحة الارهاب ومواجهة التطرف، وهذا يتضح من مبادرة قام بها الدكتور أيمن عبد المنعم محافظ سوهاج حيث قاد واللواء عمر عبد العال مدير أمن سوهاج، مسيرة شعبية للتنديد بالإرهاب والتطرف والعنف ضد قوات الجيش والشرطة، ودعما لوزارة الداخلية في العملية الإرهابية الأخيرة بصحراء الواحات. وحمل المشاركون لافتات تعبر عن تضامنهم مع الدولة في الحرب الشرسة التي تخوضها ضد الإرهاب، وردد عدد منهم هتافات مؤيدة لرجال الجيش والشرطة مطالبين إياهم بدحر الإرهاب والتطرف واقتلاعه من جذوره بما يصب في مصلحة أمن واستقرار الوطن.
وقال محافظ سوهاج، إن رجال القوات المسلحة والشرطة المصرية يسطرون بدمائهم الذكية ملاحم خالدة في التصدي للإرهاب والحفاظ على أمن وسلامة الوطن والمواطنين، مشيدا بالدور الوطني للشعب المصري في الوقوف جانبا إلى جنب مع رجال الأمن، ولفت إلى أن مصر مستمرة في البناء والتنمية. وأضاف مدير أمن سوهاج اللواء عمر عبد العال، أن قوات الشرطة عازمة على دحر الإرهاب بالتعاون مع رجال القوات المسلحة ومستمرة في تقديم التضحيات من أجل رفعه الوطن وبناء مصر الحديثة.
شارك في المسيرة التي انطلقت من أمام جامعة سوهاج مرورا بمديرية الأمن، كافة المسئولين بالمحافظة، ومن بينهم المستشار العسكري للمحافظ، والدكتور أحمد عزيز رئيس جامعة سوهاج، ووكلاء الوزارات والنقابات المهنية وممثلين عن مشيخة الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، وعدد من شباب المحافظة والمواطنين.
في الاخير نجد ان المبادرة التي قام بها السيد المحافظ ومدير الامن انما هي كما اعلن عنها " مسيرة شعبية للتنديد بالإرهاب والتطرف والعنف ضد قوات الجيش والشرطة" وكأن الإرهاب والتطرف لا يستهدف سوى رجال الداخلية والجيش، فقد تناسى السيد المحافظ ومدير الأمن هؤلاء المدنيون الذين ذبحوا على شواطئ ليبيا وتناسى أيضا الكنيسة البطرسية والمرقصية وكنيسة طنطا، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى نجد ان المسيرة انما جاءت كـ"شو اعلامي" لإحداث ضجيج دون طحين كما يحدث في تلك المؤتمرات التي تعقدها المؤسسات الدينية في الغرف المكيفة بعيدا عن الشارع وعن الشباب الذين تتركهم الدولة فريسة لتلك الجماعات والحركات الارهابية، وتطلق العنان للسلفيين في المساجد والقنوات الاعلامية يبثون سمومهم وافكارهم المتطرفة في عقول الشباب في ظل الغياب التام للوعي الديني والثقافي فقد غابت وزارة الثقافة غيابا كاملا عن مشهد مواجهة الإرهاب في ظل ولاية حلمي النمم الذي له مؤلفين في فكر شيخ الإرهاب "سيد قطب"، كما غاب الدور الإعلامي عن المشهد واصبحت برامج التوك شو لشن المعارك بين الضيوف لزيادة عدد المشاهدات وبالتالي الإعلانات فلم تعد تقدم القنوات التليفزيونية برامج تعمل على الارتقاء بوعي المواطن وتقديم ثقافة موضوعية قائمة على احترام العقل النقدي والفاعل، وعلى مستوى المؤسسة الديني فحدث ولا حرج حيث لدينا تعدد للمؤسسات الدينية أزهر وأوقاف وافتاء وثلاث كنائس والجميع يعملون كجزر منعزلة ويكتفون بعقد المؤتمرات الاعلامية في الغرف المغلقة والتي لا تقدم جديدا ولا تناقش أفكار هؤلاء الارهابيون وتعمل على تفنيدها للمواطن العادي.
كتبنا كثيرا وما زلنا نكتب ان الإرهاب يبدأ فكرة فقد كتب طه حسين في مطلع الفصل ال 35 من الجزء الثاني من كتاب "الفتنة الكبرى": "ثم لم تكن هذه الغارات وحدها هي التي أقلقت عليًّا وأقضت مضاجع أهل العراق، وإنما كانت هناك حروب داخلية يسيرة، ولكنها على ذلك مزعجة، وكان الخوارج بالطبع هم الذين يثيرون هذه الحروب. فقد قتلهم عليّ في النهروان، ولكنه لم يأتِ عليهم جميعًا ولم يستأصل مذهبهم. ومتى استطاعت القوة القوية، والبأس البئيس والإرهاب الرهيب قضاءً على رأي أو استئصالًا لمذهب. وعسى أن يكون هذا كله مقويًا للرأي ومُعينًا على نشره وداعيًأ ملحًّا إلى نصره."
هل هذا الكلام لا يعرفه أولئك الذين لا ينفكون يصدعون رؤوسنا ليل نهار بمحاربة الإرهاب، ثم هم لا يعتمدون في ذلك سوى على السلاح والقتال وحسب، ويتركون العقل يأكله الجهل أكلا، فلا يضبطون ثقافة ولا ينهضون بتعليم؟!
فهل لنا الأن ان نعي درس طه حسين ونعلم ان مكافحة الإرهاب ليست بالمسيرات أيضا.