استقالة «الحريري».. لبنان إلي المجهول

الأحد 05/نوفمبر/2017 - 09:57 م
طباعة استقالة «الحريري»..
 
أثارت استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري غير المتوقعة والتي جاءت من الرياض صدمة على الساحة السياسية اللبنانية وتضاربت ردود الفعل بين المستنكر والمتخوف من تبعات مثل هذه الخطوة.
استقالة الحريري:
ففي خطوة مفاجئة، ومن قلب العاصمة السعودية الرياض، أعلن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، السبت، استقالته متهما حزب الله بفرض أمر واقع بقوة السلاح على اللبنانيين والسوريين.
ويطرح توقيت ومكان إعلان استقالة الحريري أسئلة كثيرة لخصها وزير العدل اللبناني "سليم جريصات" المحسوب على الرئيس اللبناني ميشال عون والتيار الحر، حينما قال إن الاستقالة ملتبسة ومرتبكة ومشوهة في أربعة أمور: التوقيت والمكان والوسيلة والمضمون.
لكن الأكيد أن هذه الاستقالة تأتي في سياق المواجهة السعودية ضد إيران وحلفائها وعلى رأسهم حزب الله، فرسائل كثيرة كان قد تلقاها الحريري من السعوديين بوجوب إعادة التوازن وربط النزاع مع حزب الله، وعدم تسليمه أوراق البلد والخضوع له، ولكن الأمور وصلت على ما يبدو إلى مرحلة غير قابلة للتراجع، والدليل أن الحريري قدم استقالته من السعودية، وفي خطاب مسجل.
وتمهد تلك الاستقالة إلى أزمة سياسية خطيرة سيعيشها لبنان، ليس معروف بعد مدتها، تتمثل في كيفية تشكيل الحكومة، ومن الذي سيشكلها وممن ستُشكل، فخطاب استقالة الحريري لا يوحي بأن تيار المستقبل سيكون مشاركا في أي حكومة تضم حزب الله، وإذا ما ضغط حزب الله لتشكيل حكومة كحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، فهذا يعني أن لبنان سيكون أمام أزمة جديدة، تعاني من الاعتراف من قبل المجتمع العربي والدولي، وهذا ما قد يزيد الضغط السياسي والإقتصادي على البلد في ضوء العقوبات المفروضة على حزب الله.
الاوضاع تشير الي دخلت لبنان في أزمة كبرى وهي تشكل الأزمة التي كانت قبيل انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون، والتي استمرت لأكثر من عامين من فراغ رئاسي.
عملية وجود فراغ في السلطة التنفيذية "رئاسة الحكومة" تهدد لبنان بالشلل التجميد وتضع الساسة اللبنانيين أمام أزمة حقيقة قد تشتعل نيرانها وتصل إلى حد الصراع.
وغرد الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان على تويتر، قائلا: "دخلنا في نفق يحتم على جميع السياسيين رص الصفوف، لبنان وشعبه يستحقان التضحية.
التصعيد العسكري:
التخوف الأكبر من الأزمة السياسية التي تخلفها استقالة الحريري، يتجلى في مدى التصعيد العسكري السعودي والأمريكي ضد حزب الله، وخاصة مع ما أشار إليه أول تعليق رسمي على الاستقالة من قبل وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان حين قال إن "أيدي الغدر والعدوان يجب أن تبتر".
وقالت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، في مقال لها، الأربعاء، معلقة على الدبلوماسية السعودية النشطة في لبنان حاليًا: إن هناك قرارًا سعوديًا للمواجهة مع "حزب الله"، وأن "الحريري سيعود من السعودية باتفاق مع السعوديين على وجهة المرحلة المقبلة".
وأكد عضو المكتب السياسي في تيار "المستقبل" النائب السابق مصطفى علوش، أن استقالة سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني جاءت بعد فشله في عقلنة حزب الله، وبعدما لم تأت التسوية بأي نتيجة.
وقال علوش، في تصريحات صحفية، إن الفترة القادمة ستكون فترة "عسكرة"، داعيا قيادات "تيار 14 آذار" والحريري إلى أخذ الحيطة والحذر؛ لأن حزب الله عادة لا يهدد بل ينفّذ.
واعتبر علوش أنه "على الرغم من كل التسويات التي قام بها الحريري على مدى السنوات السابقة فإن حزب الله لم يتغير وهو ميليشيا مرتبطة بالمشروع الإيراني".
صدمة ومفاجأة:
وعقب إعلان الرئيس سعد الحريري إستقالته من رئاسة الحكومة، تمنى الرئيس نجيب ميقاتي في تغريدة عبر "تويتر" أن "تمر هذه الأزمة على خير بثبات لبنان على وحدته وعروبته ووحدة أبنائه في مواجهة الشدائد".
أما الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط فقد غرد على تويتر قائلا "إن لبنان أكثر من صغير وضعيف كي يتحمل الأعباء الاقتصادية والسياسية لهذه الاستقالة". وتابع "كنت وسأبقى من دعاة الحوار بين السعودية وإيران". في تلميح إلى وقوف الخلافات بين البلدين وراء استقالة الحريري، التي أعلن عنها في وقت سابق السبت.
وأضاف"مهما كانت الصعوبات، فإن التضحية من أجل الحد الأدنى من الوفاق والحوار يجب أن تكون الأساس، من أجل لبنان".
وتعليقا على إشارة الحريري، في خطاب استقالته، إلى وجود مساعٍ لاستهدافه، قال جنبلاط إن "حياة المرء مرهونة بالأقدار".
وأعرب النائب من كتلة "القوات اللبنانية" أنطوان زهرا، عن رجاءه أن تكون استقالة الحريري انتفاضة كرامة بوجه كل العراقيل السياسية أمام انطلاق الحكومة.
وتوقع أن يكون السبب الرئيسي وراء الاستقالة يعود لكلام مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، بأن الانتصار اللبناني السوري العراقي ضد الإرهابيين يشكل انتصارا لمحور المقاومة، فهو ضم لبنان إلى المحور الإيراني دون استشارة اللبنانيين.
وشدد زهرا على أن الاستقالة هي رفض للأمر الواقع، فالمرحلة السياسية كما قال الحريري تشبه مرحلة ما قبل استشهاد الرئيس رفيق الحريري.
غرَّد رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية عبر حسابه على "تويتر" قائلاً: "استقالة الحريري لا نعرف سببها وهذا قراره ولن نرضى برئيس حكومة يتحدّى المكوّن السني ولا يحظى برضى وطني".
موقف حزب الله
وفي أول رد فعل لـ"حزب الله" اللبناني على استقالة سعد الحريري من منصب رئيس وزراء لبنان، أعلن عضو المجلس المركزي للحزب، نبيل قاووق، أن السعودية تسعى لإغراق بلاده في الفتنة.
وقال قاووق، في كلمة ألقاها اليوم السبت في ذكرى أسبوع الشهيد عباس عيسى في بلدة عنقون بقضاء صيدا، إن "مملكة الخير تستهدف الاستقرار ولا تريد الخير وتسعى لإغراق لبنان بالفتنة".
وأضاف قاووق، حسب ما نقلته قناة "المنار" التابعة لـ"حزب الله": "النظام السعودي يريد تغيير موقع وهوية ودور لبنان في المقاومة، ليكون جزءا من المحور السعودي الذي يطبع مع إسرائيل، ويعتدي على اليمن والبحرين وسوريا".
وتابع القيادي أن "السعودية، بإعلانها استهداف المقاومة، تورط نفسها بقضية أكبر منها، وما عجزت عنه أمريكا وإسرائيل فالسعودية عنه أعجز"، مضيفا: "حمى الله لبنان من شر المغامرات السعودية غير المحسوبة".
وكان الحريري قد أعلن، في وقت سابق من اليوم، في خطوة غير متوقعة اتخذها خلال زيارته إلى السعودية، عن استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية.
وهاجم الحريري، في كلمة متلفزة ألقاها من الرياض وبثتها قناة "العربية"، كلا من إيران و"حزب الله" بعنف، معتبرا أن الأجواء الحالية في لبنان تشبه تلك التي سبقت اغتيال والده، رفيق الحريري.
وفي ردها على هذه التصريحات، اعتبرت الخارجية الإيرانية أن إعلان الحريري استقالته واتهاماته لإيران بالسعي إلى تدمير الشرق الأوسط سيناريو صهيوني سعودي أمريكي جديد الغرض منه تأجيج التوتر في لبنان والمنطقة كلها.
ويقول مراقبون إن دور «حزب الله» اللبناني المستقبلي في لبنان، سيكون على قائمة أولويات دول المنطقة في الفترة المقبلة، بعد أن تراجع الخطر الذي شكله تنظيم «داعش» قبل انهياره.
ويقول مراقبون: إن لدى السعودية كثير من الأوراق الرابحة في مواجهتها مع الحزب، وأن تغريدات الوزير ثامر السبهان، الذي يقود دبلوماسية بلاده في لبنان، تعكس موقف بلاده القوى هناك، فهل تدخل لبنان أزمة جديدة قد تتطور الي صراع اهلي؟

شارك