قبل الكريسماس.. منازل 1400 عائلة مسيحية في محافظة نينوى مدمرة

الخميس 30/نوفمبر/2017 - 04:03 م
طباعة  قبل الكريسماس..
 
 
كيف تستقبل مناطق المسيحيين بسهل نينوي بالعراق الاستعدادات للكريسماس فالطبيعي ان  تشهد مناطق المسيحيين في سهل نينوى مظاهر احتفالية في هذا الوقت من السنة، حيث كانت تزدان واجهات المحال التجارية بألبسة العيد وتمتلئ الشوارع بزينة عيد الميلاد الذي يحتفل به في 25 ديسمبر.
اليوم، يخيم على هذه المناطق مشهد مختلف، قبل أقل من شهر على المناسبة الأهم عند المسيحيين الذين تحررت مناطقهم من داعش منذ أكثر من عام، وتفتقر إلى مظاهر الاحتفال بسبب التحديات التي ما تزال تنغص حياة الأهالي من عائدين ونازحين من أكبر التحديات التي تعترض العائدين هي السكن في بيوت دمرت أو أحرقت بسبب المعارك، ومحدودية الخدمات والأموال اللازمة لإعادة إعمارها.
ولكن "لا يوجد أي جهد حكومي في المنطقة، والكنيسة هي من تساعد الناس في إعمار بيوتهم"، قال يوحنا يوسف توما، الشماس (خادم الكنيسة) في كنيسة السريان الكاثوليك في قره قوش.
وسط غياب الإحصاءات الرسمية، يقول يوحنا لموقع (ارفع صوتك) إن أربعة آلاف عائلة عادت إلى قره قوش و225 إلى كرمليس و620 إلى برطلة منذ تحريرها وحتى الآن، والجميع بحاجة إلى الخدمات لمواصلة حياتهم.
ويضيف يوحنا "ما يحدث هو أن جهود الكنيسة محدودة أيضا. وتتعاون مع جهات دولية عدة مثل منظمةAid to the Church in Need (الإغاثة للكنائس المحتاجة) لسد الاحتياجات. لكن هذا أيضاً لا يكفي".
وقال موقع عنكاوا العراقي على الرغم من تواجد عناصر الشرطة الاتحادية في المدينة، إلا أن عدداً كبيراً من الأهالي يخافون من رحلة العودة.
"يوجد عناصر لميليشيات مسلحة حول المدن وهذا يخيفنا، فكيف نعود"؟ يقول نمرود قاشا لموقع (ارفع صوتك) وهو نازح في أربيل من الحمدانية. ويحكي الرجل المتقاعد "هذا لا يعني إن حياتنا خارج منازلنا سهلة فنحن ندفع مبالغ كبيرة للبيوت التي نستأجرها في مناطق النزوح. راتبي التقاعدي مثلاً لا يتعدى 225 دولاراً في الشهر وأدفع 400 دولار شهريا".
ويتحدث الرجل بأسى عن ذكريات عيد الميلاد، وكان آخرها في 2014 "لا يوجد لدينا أي عيد. الآن عيد الميلاد هو كأي يوم آخر".
أما بالنسبة لأولئك الذين عادوا، فتطبع حياتهم تحديات من نوع مختلف. أبرزها البنى التحتية التي كانت معطلة حتى قبل داعش. "وأبرزها مشروع مياه الصرف الصحي وهذا أكبر من التحديات الاقتصادية" قال وسام نوح لموقع (ارفع صوتك) وهو من النازحين العائدين إلى قرقوش.
ويضيف وسام "صحيح إن البيوت مهدمة ومحروقة بسبب داعش، لكننا نحتاج للفرح بالعيد".
وفي العيد الأول للمسيحيين العائدين إلى مناطقهم، تقتصر مظاهر العيد على تزيين المناطق السكنية فقط، حسب وسام.

بانتظار مؤتمر المانحين
من جهتها، تسعى الحكومة المحلية إلى احتواء هذه المشكلات. فلضبط الناحية الأمنية مثلاً، يتم التنسيق بين عناصر الشرطة وعناصر تابعة للحشد الشعبي حسب مستشار محافظ نينوى لشؤون المسيحيين، دريد حكمت.
ويؤكد دريد لموقع (ارفع صوتك) أنه "لم تثر أي قضية حتى الآن بخصوص الناحية الأمنية. إلا باستثناء بعض الحالات الفردية".
أما عن البنى التحتية فيؤكد المسؤول الحكومي أن مشاريع إعادة الإعمار ستبدأ عقب مؤتمر المانحين المقرر عقده في الربع الأول من العام المقبل في الكويت.
من جهة أخرى، يدعم رجال دين مسيحيون عودة النازحين من أبناء طائفتهم إلى مناطقهم بطرق مختلفة. فقد دعا بطريرك الكلدان في العراق والعالم مار لويس روفائيل ساكو في أكثر من مناسبة للابتعاد عن المواضيع التي قد "تربك جهود الاعمار" والتواصل مع السياسيين وإلى الوحدة الوطنية بين المكونات المختلفة.
ومن ناحية أخرى، تبرع بابا الفاتيكان فرانسيس بريع سيارة لامبورغيني، بيعت بالمزاد العلني، إلى جمعيات خيرية عراقية لتساعد في إعادة بناء المنازل والكنائس في محافظة نينوى.
وفي سياق متصل ناشد رئيس اساقفة كاثوليكي بارز الرئيس ترامب لتقديم ملايين الدولارات للمساعدة في اعادة بناء منازل المسيحيين التي دمرت اثناء الحرب ضد ما يسمى بالدولة الاسلامية, قائلا ان بقاء ابناء هذه الاقلية الدينية قد يكون على المحك. 
وفي مقابلة مع ياهو نيوز في احد فنادق العاصمة واشنطن, قال مطران اربيل الكلداني بشار وردة "نحن بحاجة لشئ اكبر من الكلمات, انه وقت القيام بفعل ما" 
وفي معرض جوابه على سؤال حول ماذا سيقول لو تقابل وجها لوجه مع الرئيس ترامب او نائب الرئيس مايك بنس، اجاب وردة، سأقول "نحن بحاجة لمساعدتكم الان وليس غدا، لا حاجة للتفكير بالموضوع، لا داعي لاستشارة مستشاريك، مع كل احترامي". وقال وردة ان منازل 1400 عائلة مسيحية في محافظة نينوى قد تضررت او دمرت خلال سنين الصراع مع تنظيم الدولة الاسلامية او ما يعرف بأسم داعش، وانه يأمل ان يتم جمع 262 مليون دولار للمساعدة في اعادة بناء تلك المنازل والبنى التحتية كالطرق والكهرباء وشبكات الماء.
وقال انه بحث عن المساعدة من الخارج لان الحكومة العراقية قد قالت "ليس لدينا المال اللازم لهذه الجهود".
ويقدر ان يكون العدد النهائي للمنازل المدمرة في تزايد بسبب عدم قدرة المسؤولين الكنسيين على الوصول الى مدينة الموصل. ما يقدر بـ100 الف مسيحي غادر نينوى ومعظمهم لاجئين في المدن الكردية مثل اربيل,ة حيث لعبت الابرشية دورا محوريا في التغذية والملبس والمسكن.
واثناء حملته الانتخابية في عام 2016, وعد ترامب بمساعدة المسيحيين المضطهدين في الشرق الاوسط, وكان فريقه قد كرر ما ذكرته ادارة اوباما بأن اعمال تنظيم داعش الارهابية ترتقي الى "الابادة الجماعية. لكن في جلسة استماع عقدت في الثالث من تشرين الاول الماضي, قال رئيس اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية في وزارة الخارجية والمستشار القانوني ومدير المشردين دوليا في ابرشية المطران وردة ستيفن راش , قال في شهادته "يؤسفني ان اقول اننا مازلنا لم نتلق بعد اي شكل من اشكال المساعدة المفيدة من الحكومة الامريكية".
 والقى راش باللوم على المسؤولين الاداريين اكثر من مساعدي ترامب" وقال "في حين وجدنا المعنيين السياسيين على استعداد اكبر لمساعدتنا منذ شهر كانون الثاني. الحقيقة هي انه حتى بعد افضل جزء من السنة, الا انها لم تتمكن من تحريك البيروقراطيين لاتخاذ اجراءات مجدية".
وقد اشتكى مسيحيو العراق من ان جهود المساعدات الدولية تعطي الاولوية في المساعدة الى من هم في اشد الحاجة اليها, وهم يفضلون ان يتم توجيه الاموال لإعادة بناء مجتمعاتهم من خلال المنظمات الغير حكومية المحلية لاسيما لجنة اعادة اعمار سهل نينوى التي تجمع بين الكنائس المسيحية المختلفة في نينوى.
وفي 25 تشرين الاول الماضي, تلقت جهودهم تعزيزا حينما القى نائب الرئيس الامريكي مايك بنس خطابا للقادة المسيحيين في واشنطن والذي اعلن من خلاله ان الرئيس ترامب امر وزارة الخارجية الامريكية "بوقف تمويل جهود الاغاثة الغير فعالة في الامم المتحدة" وعوضا عن ذلك توفير الدعم المباشر للمجتمعات المضطهدة من خلال الوكالة الامريكية للتنمية الدولية USAID.
ولكن الاموال لم تتدفق بعد, تاركة امر عودة العوائل المسيحية الى منازلها موضع شك. ومع انحسار اعداد المسيحيين العراقيين – الى ما يقدر بـ 300 الف قبل الحرب مع داعش مع ارقام لايمكن الاعتماد عليها- قد تكون البلاد ي ما سماها راش في تشرين الاول بـ "نقطة انعطاف تاريخية حاسمة" والتي ستقرر فيما اذا كان المجتمع المسيحي سينجو في العراق.
وقال المطران ورده "التأخير لا يساعدنا".

شارك