الكريسماس بين سوريا والعراق.. أشجار بظلال الحرب
الثلاثاء 19/ديسمبر/2017 - 02:27 م
طباعة
يقترب عيد الميلاد ومع مظاهر الاحتفال واقامة اشجار الكريسماس وكل شجر هو رمز للخير والنماء والثمار اي رمزا للحياة وفي سوريا والعراق هناك مظاهر للكريسماس ولكن بظلال الحروب ففي داخل مقهى شعبي في دمشق القديمة، تخط سلاف على ورقة صفراء صغيرة أمنيتها للعام الجديد وهي عودة أصدقائها الذين هجرتهم الحرب، ثم تعلقها على شجرة الميلاد الى جانب عشرات القصاصات الملونة التي حلت مكان الزينة التقليدية.
ومع كثرة الأحلام والتمنيات، اكتست شجرة المقهى ذي الجدران الحجرية والاضواء الخافتة، بالأوراق عوضاً عن الزينة، استجابة لطلب صاحب المقهى الذي راودته هذه الفكرة في خضم النزاع المدمر الذي تشهده سوريا منذ العام 2011.
ولسلاف حمود (25 سنة) الطالبة الجامعية في دمشق أمنيات كثيرة، تأمل أن تتمكن من تحقيقها، اختارت أن تعلق منها واحدة كتبتها باللغة المحكية "بتمنى يرجعولي كل أصدقائي المهاجرين بأقرب وقت".
وتأمل الشابة المفعمة بالحياة في تصريحات لوكالة فرانس برس "أن أحقق طموحاتي التي حلمت بها مذ كنت صغيرة، وأن يكون لي مشروعي الاعلامي الخاص وأتابع دراستي في باريس".
وتتابع "كل أحلام الطفولة ما زالت في بالي، في كل سنة أقف أمام الشجرة وأتمناها، يوماً ما ستتحقق لكن المهم أن يبقى لدينا الأمل ونرسم ونحاول حتى تتحول الأمنية الى حقيقة".
الى جانب أمنية سلاف، قصاصات كثيرة تتمحور بمعظمها حول عودة السلام والاستقرار الى سوريا ولقاء الأحبة الذين أبعدتهم الحرب.
وعلى قصاصة زهرية، كتبت إحدى زائرات المقهى "أمنيتي كما كل سنة، أن يحميك الله.. ويمر الوقت بسرعة وأتمكن من أن نكون معاً في المكان ذاته". وذيلت الأمنية بتوقيع "خطيبتك".
وعلى ورقة أخرى، كتب باللغة المحكية "يا ريتك هون". وكان للبعض أمنيات فكاهية، إذ تمنى أحدهم الفوز بـ"يانصيب رأس السنة".
ولم تخل الأمنيات من الدعاء لتأجيل الخدمة في صفوف الجيش السوري.
وكتب أحدهم على احدى القصاصات "يا رب أجّل الجيش.. يا رب يا رب". وعلى ورقة أخرى، وردت عبارة "انشالله يتأجل الجيش وبتحقق اللي ببالك".
وتلزم السلطات السورية الشبان فوق عمر 18 عاماً، ما لم يكونوا وحيدي ذويهم أو يتابعون دراستهم الجامعية، أداء خدمة عسكرية الزامية يحددها القانون بـ24 شهراً. إلا أنه منذ اندلاع الحرب، باتت هذه المدة غير محددة زمنياً.
وتشهد سوريا منذ العام 2011 حرباً مدمرة، تسببت بمقتل أكثر من 340 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية عدا عن نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سوريا وخارجها.
تلفت الشجرة الموضوعة في احدى الزوايا رواد المقهى الذين يقصدونه للقاء الأصدقاء واحتساء القهوة والمشروبات الساخنة وتدخين النارجيلة. وفي كل مرة يدخل زائر جديد، يتوجه مباشرة لقراءة الأمنيات المعلقة فيما يلتقط البعض الصور قربها ويشارك بدوره في تعليق امنيته.
ومع استمرار النزاع الذي يقترب من اتمام عامه السابع، يرى محمد شرف (22 عاماً) وهو موظف لدى منظمة اغاثية، أن أمنيات الشعب السوري باتت "غريبة جداً"، كأن يتمنى أحدهم "أن يخرج من منزله ويعود سالماً، ويتمنى آخر أن يلازم منزله ولا يضطر للخروج منه لأي سبب.. أو يتابع جامعته من دون أي منغصات".
وبالنسبة الى ربة المنزل رغد جرمقاني (29 عاماً)، لم تترك الحرب مجالاً للتمنيات الخاصة.
وتقول "أمنياتنا باتت دعوات، أن تنتهي الحرب.. ألا يتعرض أحد لمكروه وأن يتوقف الهاون" في اشارة الى القذائف العشوائية التي تستهدف دمشق بين الحين والآخر ومصدرها الفصائل المقاتلة.
منذ أكثر من ثلاث سنوات، يتبع صاحب المقهى برنار جمعة (39 عاماً) تقليد تزيين الشجرة بالأمنيات عوضاً عن الزينة التقليدية من حبال ملونة وطابات وأجراس.
ويشرح لوكالة فرانس برس "عندما بدأت الحرب، عشنا حالة ذهول وصدمة كبيرة وحزن (...) توقف كل الناس عن الاحتفال بالأعياد".
ولكن مع تمكن السوريين من الصمود رغم حجم المعاناة، يقول برنار "قررنا أن نزين مجدداً ولأن أمانينا كانت كثيرة، لناحية أن تنتهي الحرب ونعود كما كنا قبلا، جاءت الفكرة أن تكون شجرة الميلاد هي شجرة الأمنيات".
ورغم كون المسيحيين أقلية في سوريا، حيث كانوا يشكلون خمسة في المئة من إجمالي عدد السكان قبل اندلاع النزاع، غادر نحو نصفهم وفق تقديرات خلال السنوات الست الأخيرة، إلا أن مظاهر الاحتفال بالميلاد لا تغيب عن دمشق والمدن الرئيسية الكبرى خصوصاً في الأحياء المسيحية.
في كل عام، تتنوع الأمنيات المعلقة كما يشرح برنار، لكن معظمها يدور حول فكرة أن "يستفيق السوريون ويجدوا كل ما جرى عبارة عن حلم أو كابوس مزعج".
ولدى سؤاله عن أمنيته الخاصة، يجيب "أمنيتي في كل لحظة وفي كل عام أن يتوقف شلال الدم وأسمع خبر وقف اطلاق نار نهائيا في سوريا".
وبإنتظار أن تتوقف الحرب التي فشلت كافة الجهود الدبلوماسية حتى اللحظة في تسويتها، يؤكد برنار أنه "ما دامت الحرب مستمرة سأضع هذه الشجرة، لأن أقصى ما يمكن للشخص أن يقوم به مع استمرارها هو أن يتمنى أو يتخيل".
مع اقتراب الاحتفال بعيد الميلاد المجيد أجرت وكالة الأنباء الكاثوليكية آسيا نيوز مقابلة مع الكاهن الكاثوليكي سمير يوسف خادم إحدى الرعايا في إقليم كردستان العراق – اعاد نشرها موقع ابونا الكاثوليكي -الذي شاء أن يسلط الضوء على كيفية استعداد المسيحيين المحليين، لاسيما النازحين عن مدينة الموصل وسهل نينوى، لإحياء الاحتفالات الميلادية.
وقال إن أجواء الفرح والرجاء تسود اليوم وسط هؤلاء الأشخاص النازحين على الرغم من الصعوبات الجمة التي يواجهونها، لافتا إلى أن المشاكل والمتاعب اليومية ساهمت في توطيد أواصر الوحدة والتضامن بين المسيحيين، كما أن هذا التضامن ـ تابع يقول ـ اتسع ليشمل أيضا العائلات المسلمة.
وأشارت وكالة آسيا نيوز إلى أن هذا الكاهن الكاثوليكي العراقي يمد يد العون منذ ثلاث سنوات إلى آلاف العائلات، المسيحية والمسلمة والأيزيدية، التي أُرغمت على مغادرة منازلها وأرضها في صيف العام 2014 على أثر سيطرة تنظيم داعش على المنطقة.
وقال إن الأسر المسيحية، تستعد اليوم لاستقبال عيد الميلاد وتفعل ذلك بدون الشعور بالحزن والتعب على الرغم من الأوضاع الصعبة جدا التي تمر بها، لافتا إلى وجود قوة تبعث الحيوية والفرح في قلوب هؤلاء الأشخاص.
وتحدث الكاهن سمير يوسف عن وجود حوالي مائة وخمسين عائلة مسيحية ومسلمة وأيزيدية في المنطقة التي يعمل فيها، وهي أسر قدمت من بطنايا، وقرقوش وتلكيف وأخرى نزحت عن الموصل. وهؤلاء الأشخاص عاجزون اليوم عن العودة إلى ديارهم على الرغم من تحرير المنطقة من داعش، لأن بيوتهم ما تزال غير صالحة للسكن.
وأشار إلى أن نسبة عشرين أو ثلاثين بالمائة من هذه العائلات تحصل على مساعدات من الخارج أو تسعى إلى بلوغ الاكتفاء الذاتي من خلال العمل في مجال التجارة، أما النسبة الباقية فهي عبارة عن أسر تعتمد بالكامل على المساعدات الداخلية من أجل البقاء على قيد الحياة.
وفي سياق حديثه عن الاستعدادات للاحتفال بعيد الميلاد، قال الكاهن الكاثوليكي سمير يوسف إن الأسر المسيحية بدأت تستعد لاستقبال الرب من خلال لقاءات روحية وأمسيات صلاة، لافتا على سبيل المثال إلى لقاء رعوي نظم في مركز البابا يوحنا بولس الثاني الأسبوع الفائت، لمناسبة زمن المجيء، وشهد مشاركة أكثر من ثمانمائة وخمسين فتى وفتات من تلامذة المدارس المتوسطة والثانوية