احتفالات الميلاد : قداس في الموصل وكنائس فارغة في الرقة

الإثنين 25/ديسمبر/2017 - 02:19 م
طباعة احتفالات الميلاد
 
بعد هزيمة داعش بالعراق اقيم اول قداس لعيد الميلاد بالموصل اما في الرقة  بسوريا فهناك كنائس ولكنها خالية .هذا هو ملخض وضع احتفالات عيد الميلاد حسب التقويم الغربي -25 ديسمبر – بين العراق وسوريا وقالت وكالة الانباء الفرنسية ان مسيحيون بالعراق اقاموا صلاة قداس الميلاد في كنيسة مار بولس للكلدان في الموصل للمرة الاولى منذ سقوط حكم ’داعش‘ مطلقين الزغاريد تعبيرًا عن الفرح بمعاودة طقوسهم وسط اجراءات أمنية مشددة في ثاني مدن العراق التي تمت استعادتها في يونيو  الماضي.
ويحتفل المسيحيون بالميلاد بعد أن منع المتطرفون الوجود المسيحي في المدينة منذ سيطرتهم عليها منتصف عام 2014، واعلنوا ما يسمى دولة "الخلافة" على مناطق المناطق التي كانت خاضعة لهم في العراق وسوريا المجاورة.
وشارك حسام عبود (48 عامًا) في القداس وهو على كرسي للمعوقين بعد عودته مطلع الشهر الحالي الى الموصل من اقليم كردستان الذي يبعد عشرات الكيلومترات اثر لجوئه الى هناك هربا من تنظيم الدولة الاسلامية. واكد ان احتفال اليوم يعتبر "مؤشرا على عودة الحياة والفرح الى الموصل. من خلال هذا القداس نرسل رسالة سلام ومحبة لان المسيح يعني السلام ولا حياة بدون سلام".
وقالت فرقد مالكو التي عادت مؤخرا ان "الاحتفال والصلاة في الموصل مهمين لاحياء الحياة المسيحية" في المدينة وضواحيها حيث تعيش أقلية كبيرة من المسيحيين. واضافت لفرانس برس "بهذا الاحتفال، نريد ان نقول لهم ان اهل الموصل جميعهم اخوة بغض النظر عن ديانتهم ومعتقدهم ورغم كل معاناتهم والاضرار التي لحقت بهم". وفيما ترددت تراتيل الميلاد، اكدت مالكو ان "الوجود هنا في الكنيسة يشكل فرحا كبيرا" .
وكنيسة مار بولس هي الوحيدة التي ما زالت قائمة في الموصل حيث كانت هناك قرابة ثلاثين كنيسة. وقد اعاد تأهيل الكنيسة مجموعة من الشباب قبل ايام قليلة مع تعليق ستائر على النوافذ التي تطاير زجاجها جراء المعارك والانفجارات. ووسط الشموع واشجار الميلاد والستائر البيضاء لاغلاق إطارات النوافذ، اختلط مسلمون مع المسيحيين، فضلا عن المسؤولين من السلطات المحلية والمؤسسات العسكرية.
وانتشرت عربات مدرعة عسكرية قرب الكنيسة حيث علقت صورة "شهيد" مسيحي قتله الجهاديون في الموصل. دفع اضطهاد المتطرفين للاقليات في محافظة نينوى، خصوصا الايزيديين والمسيحيين وبينهم الكلدان والسريان والاشوريين، الى نزوح جماعي من مناطق سهل نينوى.
من جهته، قال دريد حكمت طوبيا مستشار محافظ نينوى لشؤون المسيحيين، ان "بين 70 الى 80 عائلة مسيحية عادت الى الموصل وستتبعها عائلات اخرى". وقالت مينا رامز (20 عامًا) التي عادت الى منزلها مع عائلتها قبل شهرين مع تزامن بدء العام الدراسي "انها ارضنا هذه منازلنا وسنقوم بكل ما يلزم مع اخواننا من جميع الاديان لاعادة بناء الموصل". واضافت "لن نتخلى ابدا عن الارض التي ولدنا فيها"
تجري الاستعدادات لاستقبال كنيستي مدينة الرقة التاريخيتين الميلاد بعدما فقدتا اجراسهما واصبحتا عبارة عن أبنية مدمرة جراء المعارك وستكونان بحلول العيد خاليتين من الالغام التي زرعها المسلحون رغم عدم عودة المسيحيين للاحتفال.
ويعمل فريق من ستة اشخاص من منظمة "روج" التي تعنى بازالة الالغام على ازالتها من الكنيستين لكي تكون جاهزة قبل عيد الميلاد، لكن مسؤولي الكنيستين يقولون لوكالة فرانس برس واعاد موقع ابونا نشره انه بسبب الدمار الجزئي لن تنظم صلوات في هذا العيد.
وهذه ليست المرة الاولى التي يتم فيها البحث عن ألغام حيث ان فريقا سابقا أزال ثلاثة الغام من الكنيسة، ولكن للتأكد من خلوها تماما قبل الاعياد. وأقدم عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في سبتمبر  2013 على إنزال الصلبان عن الكنيستين وأحرقوا محتوياتهما وألحقوا بهما أضرارًا كبيرة. وحولوا كنيسة البشارة إلى مقرًا "للدعوة الإسلامية"، وكنيسة الشهداء إلى سجن.
وأصبحت كنيسة الشهداء للأرمن الكاثوليك، الواقعة وسط مدينة الرقة بالقرب من حديقة الرشيد، عبارة عن جدران مدمرة بعدما فقدت ملامحها الدينية. وحفر تنظيم الدولة الاسلامية في قبو الكنيسة نفقا طويلا يقود الى حديقة الرشيد. ويبحث عناصر من فريق روج عن الالغام داخل الكنيسة عبر أجهزة كشف تقليدية مثل عصا طويلة بلاستيكية مزودة بلاقط حاد يتمكن من التقاط الخيوط.
وأمام كنيسة الشهداء، يقول المستشار التقني للمنظمة عبد الحميد أيو (33 سنة) "نحن حاليًا موجودون ضمن مدينة الرقة وعمليات الكشف وازالة الألغام مستمرة من قبل فريق عملنا في المنظمة". واضاف "هدفنا عودة الإخوة المسيحيين لممارسة طقوسهم مع اقتراب الأعياد". ويتابع ان "الالغام في المدينة بالآلاف وتمكنا حتى الآن من الكشف عن نصف المدينة وأزلنا 1300 لغم حتى اللحظة والمدينة ملغمة بشكل كامل".
من جهته، يقول الكاهن بطرس مراياتي، من ابرشية الكنيسة الارمنية الكاثوليكية في حلب التي تشرف على كنيسة الشهداء في الرقة "لا شيء نهائيا بالرقة. الكنيسة مخربة"، مضيفًا "يذهبون للزيارة لكن لا احد يقيم هناك". وقد عادت بعض العائلات الى منازلها رغم عبارات التحذير المنتشرة على الجدران وفي الشوارع. ويسجل بشكل شبه يومي سقوط ضحايا جراء انفجار الغام.
وخلف كنيسة الشهداء، يتفقد نايف المدفع (65 سنة) منزله. ويقول لفرانس برس "دمروا الكنيسة وفقدنا البهجة في كل شيء. لم يكن هنا في الرقة فرق بين المسلم والمسيحي. كنا نعيش جميعنا سوية وسعيدون". ويوضح وهو يشير بيده الى منازل جيرانه المسيحيين "كل المسيحيين هجروا الرقة".
وأمام الكنيسة، يستعيد ذكريات ما قبل اندلاع النزاع قائلاً "في هذه الزاوية كانت توضع شجرة الميلاد ويدخل الأطفال الى الكنيسة مع أهاليهم. كانت الفرحة في كل مكان وتشردنا كلنا.. تشردت كل العالم". ويتذكر كيف كان أحفاده يقصدون الكنيسة ويحصلون بدورهم على هدايا الميلاد، مضيفًا "أشعر بالحزن حين لا أرى شيئا هنا سوى الخراب والدمار".
وبعد انهاء عملهم في كنيسة الشهداء، انتقل فريق نزع الألغام إلى كنيسة سيدة البشارة الكاثوليكية في حي الثكنة. ولم يبق من الكنيسة إلا جدران مدمرة وبقي على جانبها الأيسر مظلة رخامية، يوضع فيها عادة تمثال لمريم العذراء ولكنه غير موجود، ومكتوب عليها "الله أكبر والعزة لله". وعلى جدران الكنيسة المدمرة من الخارج لا يزال جزء من العبارات التي كتبها التنظيم موجودة جزئيًا.
ويتوقف محمود الجمعة (23 سنة) مع صديقه على دراجته النارية بالقرب من الكنيسة ويقول لفرانس برس "جعل داعش هذه الكنيسة مستودعًا للأسلحة اثناء المعارك وحرق كل الكتب والأناجيل التي كانت داخلها". وأضاف "حين اشتدت المعارك فجروها وهم يقولون الله أكبر على الكفار وسوف نفجر الكنيسة لكي لا يصلي ترامب فيها" في اشارة الى الرئيس الأمريكي.
وعلى جدران قبو مدمر في الكنيسة، لا تزال صور لعازفين على الآلات الموسيقية ورسومات دينية تم تلوين وجوهها بالسواد. ويوضح الجمعة أنه قبل سيطرة التنظيم على المدينة، "كان القبو عبارة عن روضة للأطفال يعزفون فيها على الآلات الموسيقية". ويضيف "كنا جيران الكنيسة وكنا نعايد الاخوة المسيحيين وهم يعايدوننا في أعيادنا، لكن الأن لم يبق مسيحيون، سافروا جميعهم وذهبت معهم الاحتفالات وأعياد الميلاد الجميلة".

شارك