«النقط فوق الحروف».. كتاب شرعنة القتل عند النظام الخاص للإخوان
الأربعاء 27/يونيو/2018 - 03:23 م
طباعة
دعاء إمام
في العام 1989، أصدرت دار «الزهراء للإعلام العربي» كتابًا بعنوان «النقط فوق الحروف»، لمؤلفه أحمد عادل كمال، المتهم الرئيسي في قضية السيارة الجيب (1948)، الذي عمل جاهدًا من خلال صفحات الكتاب على تلميع مؤسس الجماعة حسن البنّا، وغض الطرف عن خلافات كارثية دارت بين الإخوان عقب اغتيال البنّا (1949).
وُلد «كمال» بحي السيدة زينب عام 1926، وانضم إلى الجماعة في المرحلة الثانوية عام 1942، ثم بدأ المسيرة مع الجهاز السري العسكري (1940) الذي أسسه مرشد الإخوان، في العام 1946.
فتح لندن
في معرض حديثه عن كيفية انضمامه إلى شعبة الإخوان بحي الظاهر، بعدما اصطحبه زملاؤه إلى الشعبة، بعدما اتفقا على الذهاب للسينما، واعترافه بعدم الاقتناع بدعوة الإخوان في البداية، إلا أنه بايع على السمع والطاعة، قال: إن الشيخ عبداللطيف الشعشاعي (قارئ منتمٍ إلى الجماعة) حَزِن حين علم بأن الألمان شنوا غارة على برج «بج بن» فأصابته.
وأردف: سألناه عما يهمه من أمر «بج بن»، فقال: «كنت أريد أن أؤذن من فوق ذلك البرج يوم فتح لندن»، وفي هذا يتبين أن الإخوان أقنعوا الشباب المنضمين إليهم حديثًا أن دعوة الجماعة ستصل إلى أوروبا، وغيرها من القارات التي سيفتحها الإخوان ويحققون من خلالها حلم «أستاذية العالم» الذي تحدث عنه «البنّا»، وأقرّ «كمال» أن البنّا وجّه بأهمية الإعداد المادي من المال والعتاد و«آلات الحرب» لهذا الغرض، فقال: «قد أعد منها ما استطاع، لكنه يرى أن أهم منه وألزم القوة الروحية».
وكانت خطب المرشد الأول، التي أوردها الكاتب، تتمحور حول فكرة الأستاذية والوطن الإسلامي؛ إذ ألمح إلى خطبة لـ«البنّا» جاء فيها: «أيها المسلمون، عبادة ربكم والجهاد في سبيل التمكين لدينكم وإعزاز شريعتكم هي مهمتكم في الحياة.. إن تكوين الأمم وتربية الشعوب تحتاج من الأمة التي تحاول هذا، أو من الفئة التي تدعو إليه على الأقل إلى قوة نفسية عظيمة وإرادة قوية لا يتطرق إليها الضعف».
الجوالة.. عسكرة الجماعة
خصّص فصل من كتابه للحديث عن «الجوالة»، فاعترف أن الجماعة كانت تعتمد أساليب أمر ونهي وصفها بـ«العسكرية»، قائلًا: «اتجهت عناية الجماعة إلى الجوالة، وجاءت أوامر المركز العام بأن كل أخ يستطيع أن يكون جوالًا فليكن، وكنت أرى طوابير الجوالة واجتماعاتهم فلم تكن تعجبني ما بها من أمر ونهي وعسكرية»، مضيفًا أنه رفض الانخراط فيها في البداية.
ولفت إلى أن الإخوان اهتموا بالجوالة بالمظهر فقط، فكان همهم إعداد مجموعات تلفت الأنظار خلال الاستعراضات التي تنظمها؛ لذا أصبحت -بحسب الكاتب- من أبرز وأهم أساليب الدعاية للجماعة.
يقول: «مازلت أذكر الطوابير الاستعراضية الضخمة في الشوارع.. لم تكن المناسبات مقصودةً دائمًا، وإنما كانت ذريعةً وكان بيت القصيد إظهار قوة الجماعة ومظهرها العسكري، ولفت النظر إلى أن الجوالة بالذات هي القوة العسكرية للجماعة، وهذا صرف للنظر عن التشكيل الذي أُسس سرًّا وفي كتمان تام، بعيدًا عن مظهريات الجماعة وهو النظام الخاص».
الأقباط والإخوان.. تناقضات
يتحدث «كمال» عن الود الذي يكنّه الإخوان للأقباط، زاعمًا أن المؤسس كان لا يكف عن تلقين الإخوان لتعليمات توصيهم خيرًا بالأقباط، ويشير إلى أنه كان له صداقات مع قساوسة، ولم يعارض بناء كنيسة بجوار أحد المساجد في دمنهور.
حاول الكاتب غسل سمعة الجماعة، دون الرجوع إلى ما قاله «البنّا» في رسالة المؤتمر الخامس (1938): «أن تحرص على القرش فلا يقع في يد غير إسلامية مهما كانت الأحوال، ولا تلبس ولا تأكل إلا من صنع وطنك الإسلامي».
كما غض الطرف عن شطحات منظّري الجماعة، أمثال سيد قطب، ومحمد عبدالله الخطيب (مفتي الجماعة) والمرشد الخامس مصطفى مشهور، الذين حرضوا على الأقباط، وأوصوا بهدم كنائسهم، وعدم دفنهم في مقابر مسلمين، وأفتوا بحرمانية إلقاء السلام على غير المسلم، إضافة إلى عدم التحاقهم بالجيش، ومنهم مَن طالب بدفع الجزية.
مع النظام الخاص
يشرح ظروف انضمامه إلى النظام الخاص في العام 1946؛ فالإخوان وحدهم -بحسب الكاتب- هم الذين يأخذون بفريضة الجهاد؛ إذ التقى شخص يُدعى أحمد حجازي (مدير منطقة القاهرة في النظام الخاص)، وطلب منه «حجازي» ألا يُقدم على أي حدث في حياته الاجتماعية قبل الاتصال به: «فمن أراد مثلًا أن يترك كليته أو يتزوج أو ينتقل من منزله، أو ما شاكل ذلك فإنه يلزم أن يراجعه».
وعن ما دار بعد البيعة، يقول: «أخرج حجازي من جيبه مسدسًا إيطالي الصنع، وشرحه لنا شرحًا تفصيليًّا وافيًا، وفكه لنا قطعة قطعة ثم أعاد تركيبه، كما شرح لنا شفويًّا كيفية استخدامه.. وفي الدرس الثاني كان معه مسدس آخر بلجيكي الصنع، كنا نسمي المسدس مصحفًا حتى لا نلجأ في أحاديثنا إلى ذكر المسدسات!».
فيما يخص عناصر النظام الخاص، يؤكد أنهم كانوا يمرون بوسائل التكوين التي تتلخص في «دروس، محاضرات، جوالة، أسرة وكتيبة»، ثم ينضم إلى النظام عناصر منتقاة، قائلًا: «لست أعني بهذا أن إخوان النظام الخاص كانوا طبقة مترفعة عن إخوان الميدان العام.. إخوان النظام الخاص كانوا صفوة منتقاة لصفات معينة».
مخابرات الإخوان
أورد في كتابه باب عن «مخابرات الإخوان»، اعترف فيه أن النظام الخاص كان يتبعه قسم للمخابرات؛ أدخل بعض إخوان النظام في الأحزاب والهيئات الأخرى بمصر، لمعرفة ما يجري على الصعيد السياسي، ويذكر منهم اختراق حزب مصر الفتاة، الذي كانت له مواقف لم تعجب الجماعة، فقررت تأديبه باختراق الحزب.
وكان «قسم الوحدات» أداة أخرى من أدوات مخابرات الإخوان، لاختراق العقلية الأمنية؛ إذ لفت «كمال» إلى أن القسم الذي ترأسه ضابط البوليس صلاح شادي، كانت مهمته الأساسية نشر فكر الإخوان بين عساكر وضباط البوليس وصف ضباط الجيش.
السيارة الجيب
تطرق الكتاب إلى قضية «السيارة الجيب» عام 1948، التي كشفت الستار لأول مرة عن النظام الخاص، بعد أن ظل مجهولًا لمدة 8 أعوام؛ إذ تم نقل أوراق النظام الخاص وبعض الأسلحة والمتفجرات في سيارة جيب من إحدى الشقق بحي المحمدي إلى شقة أحد الإخوان بالعباسية، إلا أنه تم الاشتباه في السيارة التي لم تكن تحمل أرقامًا، وأُلقي القبض على أعضاء التنظيم ورئيسه عبدالرحمن السندي، والمؤلف، ومصطفى مشهور المرشد الخامس فيما بعد، ومحمود الصباغ وعدد كبير من قيادات التنظيم.
ترتب على ذلك صدور أمر بحل جماعة الإخوان بتاريخ 8 ديسمبر 1948؛ باعتبار الجماعة خطرًا على الأمن والدولة، ويروي «كمال» ما دار بين المرشد وعبدالرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية، بعد مناقشات البنّا معه ليلة قرار الحل، قال بصوت مرتفع: «خلاص حلوها»، فرد عليه عمار: «لقد علمنا أننا إذا نفذنا قرار الحل فأنكم ستنقلبون إلى جمعية سرية».
وأردف: «رد عليه الأستاذ البنّا: هذا طبيعي، ستضيقون علينا وتحرمون علينا الاجتماع وتسلبونا حريتنا، فلقد اعتاد الإخوان أن يجتمعوا ويلتقوا ويتزاوروا؛ لأنهم إخوة، وهذا عندهم جزء من العقيدة، فإذا حللتم بينهم وبين أداء هذه الشعيرة، فلابد أنهم يجتهدون في الحصول على ذلك وتحقيقه بصفة سرية».
اغتيال النقراشي
في صباح 28 ديسمبر 1948، استعد فريق اغتيال محمود فهمي النقراشي -رئيس الوزراء وقتذاك، صاحب قرار حل الجماعة- المكون من عبدالمجيد أحمد حسن، شفيق إبراهيم أنس وجلال الدين ياسين، لاستهدافه بعد رصده في بهو وزارة الداخلية، بإطلاق 3 طلقات أدت إلى وفاته.
وردّ «كمال» أسباب اغتيال النقراشي، إلى محاربته للدعوة والحكم بحل الجماعة، مشيرًا إلى أنه كان يتوقع أن يغتاله الإخوان؛ لذا طلب تشديد الحراسة عليه، حتى لا ينجح أعضاء النظام الخاص في الوصول إليه وقتله.
وفي أكتوبر 1949، صدر الحكم بمعاقبة عبدالمجيد أحمد حسن، قاتل النقراشي بالإعدام، ومحمد مالك وشفيق إبراهيم حسن، بالأشغال الشاقة المؤبدة، وبراءة سيد القزاز وسيد سابق والسيد فايز.
وأنكر «كمال» مساعدة القضاة في أحكام البراءة التي حصل عليها الإخوان، في مقتل النقراشي أو قضية السيارة الجيب، على عكس رواية رفيقه في النظام الخاص، محمود الصبّاغ، الذي اعترف أن بعض القضاة كان لهم دورٌ في تخفيف العقوبة على القيادات المدانة، منهم القاضيان «أحمد كمال ومحمود عبداللطيف»، وكان أحدهما رئيس محكمة جنايات القاهرة، والآخر عضو اليمين بالمحكمة، اللذان انضما إلى الإخوان فيما بعد.
فتنة النظام الجديد
تطرق الكاتب إلى محاولات إحياء النظام الخاص مطلع خمسينيات القرن الماضي، وما ترتب على ذلك من أحداث وصفها بـ«الفتن»؛ نظرًا لانقسام الإخوان على أمر النظام الخاص، لاسيما أن المرشد الثاني حسن الهضيبي، أراد أن يكون ولاء قادة النظام الجديد له، في حين أصرّ «السندي» على أن تبقى معه المجموعة الماضية نفسها، وأدى ذلك إلى خلافات طاحنة بين الفريقين.
وُلد «كمال» بحي السيدة زينب عام 1926، وانضم إلى الجماعة في المرحلة الثانوية عام 1942، ثم بدأ المسيرة مع الجهاز السري العسكري (1940) الذي أسسه مرشد الإخوان، في العام 1946.
فتح لندن
في معرض حديثه عن كيفية انضمامه إلى شعبة الإخوان بحي الظاهر، بعدما اصطحبه زملاؤه إلى الشعبة، بعدما اتفقا على الذهاب للسينما، واعترافه بعدم الاقتناع بدعوة الإخوان في البداية، إلا أنه بايع على السمع والطاعة، قال: إن الشيخ عبداللطيف الشعشاعي (قارئ منتمٍ إلى الجماعة) حَزِن حين علم بأن الألمان شنوا غارة على برج «بج بن» فأصابته.
وأردف: سألناه عما يهمه من أمر «بج بن»، فقال: «كنت أريد أن أؤذن من فوق ذلك البرج يوم فتح لندن»، وفي هذا يتبين أن الإخوان أقنعوا الشباب المنضمين إليهم حديثًا أن دعوة الجماعة ستصل إلى أوروبا، وغيرها من القارات التي سيفتحها الإخوان ويحققون من خلالها حلم «أستاذية العالم» الذي تحدث عنه «البنّا»، وأقرّ «كمال» أن البنّا وجّه بأهمية الإعداد المادي من المال والعتاد و«آلات الحرب» لهذا الغرض، فقال: «قد أعد منها ما استطاع، لكنه يرى أن أهم منه وألزم القوة الروحية».
وكانت خطب المرشد الأول، التي أوردها الكاتب، تتمحور حول فكرة الأستاذية والوطن الإسلامي؛ إذ ألمح إلى خطبة لـ«البنّا» جاء فيها: «أيها المسلمون، عبادة ربكم والجهاد في سبيل التمكين لدينكم وإعزاز شريعتكم هي مهمتكم في الحياة.. إن تكوين الأمم وتربية الشعوب تحتاج من الأمة التي تحاول هذا، أو من الفئة التي تدعو إليه على الأقل إلى قوة نفسية عظيمة وإرادة قوية لا يتطرق إليها الضعف».
الجوالة.. عسكرة الجماعة
خصّص فصل من كتابه للحديث عن «الجوالة»، فاعترف أن الجماعة كانت تعتمد أساليب أمر ونهي وصفها بـ«العسكرية»، قائلًا: «اتجهت عناية الجماعة إلى الجوالة، وجاءت أوامر المركز العام بأن كل أخ يستطيع أن يكون جوالًا فليكن، وكنت أرى طوابير الجوالة واجتماعاتهم فلم تكن تعجبني ما بها من أمر ونهي وعسكرية»، مضيفًا أنه رفض الانخراط فيها في البداية.
ولفت إلى أن الإخوان اهتموا بالجوالة بالمظهر فقط، فكان همهم إعداد مجموعات تلفت الأنظار خلال الاستعراضات التي تنظمها؛ لذا أصبحت -بحسب الكاتب- من أبرز وأهم أساليب الدعاية للجماعة.
يقول: «مازلت أذكر الطوابير الاستعراضية الضخمة في الشوارع.. لم تكن المناسبات مقصودةً دائمًا، وإنما كانت ذريعةً وكان بيت القصيد إظهار قوة الجماعة ومظهرها العسكري، ولفت النظر إلى أن الجوالة بالذات هي القوة العسكرية للجماعة، وهذا صرف للنظر عن التشكيل الذي أُسس سرًّا وفي كتمان تام، بعيدًا عن مظهريات الجماعة وهو النظام الخاص».
الأقباط والإخوان.. تناقضات
يتحدث «كمال» عن الود الذي يكنّه الإخوان للأقباط، زاعمًا أن المؤسس كان لا يكف عن تلقين الإخوان لتعليمات توصيهم خيرًا بالأقباط، ويشير إلى أنه كان له صداقات مع قساوسة، ولم يعارض بناء كنيسة بجوار أحد المساجد في دمنهور.
حاول الكاتب غسل سمعة الجماعة، دون الرجوع إلى ما قاله «البنّا» في رسالة المؤتمر الخامس (1938): «أن تحرص على القرش فلا يقع في يد غير إسلامية مهما كانت الأحوال، ولا تلبس ولا تأكل إلا من صنع وطنك الإسلامي».
كما غض الطرف عن شطحات منظّري الجماعة، أمثال سيد قطب، ومحمد عبدالله الخطيب (مفتي الجماعة) والمرشد الخامس مصطفى مشهور، الذين حرضوا على الأقباط، وأوصوا بهدم كنائسهم، وعدم دفنهم في مقابر مسلمين، وأفتوا بحرمانية إلقاء السلام على غير المسلم، إضافة إلى عدم التحاقهم بالجيش، ومنهم مَن طالب بدفع الجزية.
مع النظام الخاص
يشرح ظروف انضمامه إلى النظام الخاص في العام 1946؛ فالإخوان وحدهم -بحسب الكاتب- هم الذين يأخذون بفريضة الجهاد؛ إذ التقى شخص يُدعى أحمد حجازي (مدير منطقة القاهرة في النظام الخاص)، وطلب منه «حجازي» ألا يُقدم على أي حدث في حياته الاجتماعية قبل الاتصال به: «فمن أراد مثلًا أن يترك كليته أو يتزوج أو ينتقل من منزله، أو ما شاكل ذلك فإنه يلزم أن يراجعه».
وعن ما دار بعد البيعة، يقول: «أخرج حجازي من جيبه مسدسًا إيطالي الصنع، وشرحه لنا شرحًا تفصيليًّا وافيًا، وفكه لنا قطعة قطعة ثم أعاد تركيبه، كما شرح لنا شفويًّا كيفية استخدامه.. وفي الدرس الثاني كان معه مسدس آخر بلجيكي الصنع، كنا نسمي المسدس مصحفًا حتى لا نلجأ في أحاديثنا إلى ذكر المسدسات!».
فيما يخص عناصر النظام الخاص، يؤكد أنهم كانوا يمرون بوسائل التكوين التي تتلخص في «دروس، محاضرات، جوالة، أسرة وكتيبة»، ثم ينضم إلى النظام عناصر منتقاة، قائلًا: «لست أعني بهذا أن إخوان النظام الخاص كانوا طبقة مترفعة عن إخوان الميدان العام.. إخوان النظام الخاص كانوا صفوة منتقاة لصفات معينة».
مخابرات الإخوان
أورد في كتابه باب عن «مخابرات الإخوان»، اعترف فيه أن النظام الخاص كان يتبعه قسم للمخابرات؛ أدخل بعض إخوان النظام في الأحزاب والهيئات الأخرى بمصر، لمعرفة ما يجري على الصعيد السياسي، ويذكر منهم اختراق حزب مصر الفتاة، الذي كانت له مواقف لم تعجب الجماعة، فقررت تأديبه باختراق الحزب.
وكان «قسم الوحدات» أداة أخرى من أدوات مخابرات الإخوان، لاختراق العقلية الأمنية؛ إذ لفت «كمال» إلى أن القسم الذي ترأسه ضابط البوليس صلاح شادي، كانت مهمته الأساسية نشر فكر الإخوان بين عساكر وضباط البوليس وصف ضباط الجيش.
السيارة الجيب
تطرق الكتاب إلى قضية «السيارة الجيب» عام 1948، التي كشفت الستار لأول مرة عن النظام الخاص، بعد أن ظل مجهولًا لمدة 8 أعوام؛ إذ تم نقل أوراق النظام الخاص وبعض الأسلحة والمتفجرات في سيارة جيب من إحدى الشقق بحي المحمدي إلى شقة أحد الإخوان بالعباسية، إلا أنه تم الاشتباه في السيارة التي لم تكن تحمل أرقامًا، وأُلقي القبض على أعضاء التنظيم ورئيسه عبدالرحمن السندي، والمؤلف، ومصطفى مشهور المرشد الخامس فيما بعد، ومحمود الصباغ وعدد كبير من قيادات التنظيم.
ترتب على ذلك صدور أمر بحل جماعة الإخوان بتاريخ 8 ديسمبر 1948؛ باعتبار الجماعة خطرًا على الأمن والدولة، ويروي «كمال» ما دار بين المرشد وعبدالرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية، بعد مناقشات البنّا معه ليلة قرار الحل، قال بصوت مرتفع: «خلاص حلوها»، فرد عليه عمار: «لقد علمنا أننا إذا نفذنا قرار الحل فأنكم ستنقلبون إلى جمعية سرية».
وأردف: «رد عليه الأستاذ البنّا: هذا طبيعي، ستضيقون علينا وتحرمون علينا الاجتماع وتسلبونا حريتنا، فلقد اعتاد الإخوان أن يجتمعوا ويلتقوا ويتزاوروا؛ لأنهم إخوة، وهذا عندهم جزء من العقيدة، فإذا حللتم بينهم وبين أداء هذه الشعيرة، فلابد أنهم يجتهدون في الحصول على ذلك وتحقيقه بصفة سرية».
اغتيال النقراشي
في صباح 28 ديسمبر 1948، استعد فريق اغتيال محمود فهمي النقراشي -رئيس الوزراء وقتذاك، صاحب قرار حل الجماعة- المكون من عبدالمجيد أحمد حسن، شفيق إبراهيم أنس وجلال الدين ياسين، لاستهدافه بعد رصده في بهو وزارة الداخلية، بإطلاق 3 طلقات أدت إلى وفاته.
وردّ «كمال» أسباب اغتيال النقراشي، إلى محاربته للدعوة والحكم بحل الجماعة، مشيرًا إلى أنه كان يتوقع أن يغتاله الإخوان؛ لذا طلب تشديد الحراسة عليه، حتى لا ينجح أعضاء النظام الخاص في الوصول إليه وقتله.
وفي أكتوبر 1949، صدر الحكم بمعاقبة عبدالمجيد أحمد حسن، قاتل النقراشي بالإعدام، ومحمد مالك وشفيق إبراهيم حسن، بالأشغال الشاقة المؤبدة، وبراءة سيد القزاز وسيد سابق والسيد فايز.
وأنكر «كمال» مساعدة القضاة في أحكام البراءة التي حصل عليها الإخوان، في مقتل النقراشي أو قضية السيارة الجيب، على عكس رواية رفيقه في النظام الخاص، محمود الصبّاغ، الذي اعترف أن بعض القضاة كان لهم دورٌ في تخفيف العقوبة على القيادات المدانة، منهم القاضيان «أحمد كمال ومحمود عبداللطيف»، وكان أحدهما رئيس محكمة جنايات القاهرة، والآخر عضو اليمين بالمحكمة، اللذان انضما إلى الإخوان فيما بعد.
فتنة النظام الجديد
تطرق الكاتب إلى محاولات إحياء النظام الخاص مطلع خمسينيات القرن الماضي، وما ترتب على ذلك من أحداث وصفها بـ«الفتن»؛ نظرًا لانقسام الإخوان على أمر النظام الخاص، لاسيما أن المرشد الثاني حسن الهضيبي، أراد أن يكون ولاء قادة النظام الجديد له، في حين أصرّ «السندي» على أن تبقى معه المجموعة الماضية نفسها، وأدى ذلك إلى خلافات طاحنة بين الفريقين.