خيانة الداخل.. توثيق للإرهاب الإيراني متعدد الوجوه (الجزء الثاني)

الخميس 20/ديسمبر/2018 - 11:32 ص
طباعة خيانة الداخل.. توثيق حسام الحداد
 
نظرا لإشارة العديد من التقارير إلى تمدد إيران خارج محيطها الإقليمي؛ لتثير العديد من الأسئلة عن نواياها وطبيعة مشروعها ورؤيتها للعالم وللعلاقات الدولية، ففي الوقت الذي ترسل فيه إيران ميليشياتها بمناطق واسعة داخل العالم العربي، وتخوض حرب مناطق ونفوذ، وتتوسع مذهبيا وأيديولوجيًا في أفريقيا، وتنشر أذرعها الاستخباراتية في أمريكا الجنوبية؛ فإنه -بناء على ذلك- تتزايد بالتدريج الحاجة إلى تكوين معرفة حقيقية عن إيران نفسها؛ إيران من الداخل.
ومن هنا نحاول قراءة ما كتبه المتخصصون في هذا الصدد، رغم كثرة الكتابات في الموضوع سوف نركز على مجموعة قليلة من الكتب والتي تفي بالغرض لحد ما، حتى تعطي ولو فكرة عن محاولات ايران التمدد خارج محيطها الإقليمي وتورطها في أعمال التطرف والإرهاب في المنطقة العربية وغيرها.
وقد تناولنا في الجزء الأول (إيران والإخوان المسلمين، و الأيديولوجيا السياسية لعلي خامنئي، و إيران والسياسة الخارجية: خيانة الداخل)، وسوف نتناول في هذا الجزء  (الخليج العربي ومخاطر الإسلام السياسي الصفوي، إيران دولة الحرس الثوري، إيران والتشيع السياسي، جماعات الضغط الإيرانية في أميركا)

الخليج العربي ومخاطر الإسلام السياسي الصفوي

الخليج العربي ومخاطر
يقوم د. سالم حميد في مقدمة الكتاب بعقد مقارنة بين تنظيم الإخوان ونظام الملالي في إيران، ويؤكد ذلك باستعراضه لأوجه الشبه بين التنظيمين من حيث الشكل والمضمون ومجموعة الأفكار والاستراتيجيات طويلة الأمد. ويناقش عماد الدين الجبوري تحت عنوان "العرب الشيعة والقيود الصفوية" بنوع من التفصيل تاريخ دول الزيود الذين ينتسبون إلى مذهب الإمام زيد بن علي حفيد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما وهو أول من كتب مذهباً فقهياً بالإسلام، ورغم ضياع كتابه إلا أن تعاليمه وتشريعاته بقيت محفوظة عند أتباعه حتى يومنا هذا، ويتتبع الجبوري تاريخ دولة القرامطة والعقيدة القرمطية التي تعتبر امتداداً للإسماعيلية الباطنية، وتعتمد مبدأ التأويل وتعتبره ركيزة أساسية في عقيدتها. في السياق ذاته يتناول بالمناقشة دولة الفاطميين الذين توسع امتدادهم على حساب الدولة العباسية من جهة الشرق وعلى حساب الدولة الأموية في الأندلس من جهة الغرب، وبسطت سيطرتها على كثير من الدول، كما يدرس تاريخ الدولة الصفوية (1501 -1722) التي يعود اسمها إلى الشيخ اسحق صفي الدين بن جبريل الأردبيلي، وصولاً إلى تنامي قوة الصفويين العسكرية الذين شكلوا تحدياً حقيقياً لمختلف الدول الإسلامية، وفي هذا الباب يسهب الجبوري في تقديم الكثير من المؤشرات والدلائل التي تدعم حجته عن النهج الصفوي غير السلمي تجاه المسلمين السنة، ويضرب أمثلة كثيرة على ذلك، ويستمر المؤلف في رصده التاريخي وصولاً إلى تولي الخميني الحكم في إيران.
ويتناول الجبوري في باب آخر محور "الأمن القومي العربي وخطورة التشيع الصفوي" ممهداً له بالغزو العسكري الأمريكي للعراق وسقوط بغداد وما واكب ذلك من توافقات بين إيران والمحتل الأمريكي والكيان الصهيوني، ويعتقد المؤلف أن الكلام عن الأمن القومي، كاد أن يكون نزراً يسيراً لولا بروز المقاومة العراقية وأثرها في دحر القوات الأمريكية، كما يسرد لمجموعة من المعطيات الإيجابية على الأمن القومي العربي، الذي ظل حيوياً في مواجهة الأخطار التي تحيق بالأمة العربية ومن ذلك: ما حققته الإرادة العربية المتمثلة بالثورات العربية في مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا والموقف العسكري الخليجي في إنقاذ البحرين من الانقلاب الطائفي، وأيضاً دعوة المملكتين الأردنية والمغربية للانضمام إلى مجلس التعاون لدول الخليج في عام 2011 ثم مساندة السعودية والكويت والإمارات سياسيا وماليا واقتصاديا لمصر في مواجهة التحديات والصعوبات منذ النصف الثاني من عام 2013 .
ويناقش محمد خالد في بحثه "جدلية العلاقة بين المواطنة والتغريب من خلال دراسة تأصيلية مقارنة، ويخلص إلى أن المشكلة التي واجهت دول الخليج العربي في تعاملها مع المكون الشيعي، تتمثل في محاولة بعض القوى القفز فوق الحالة الوطنية من خلال الاستقواء بالخارج، وعلى هذا الأساس تصبح مسألة تعزيز مبدأ المواطنة ضابطا في تقنين وتحييد حالة التغريب التي ساقتها ظاهرة التشيع والتي أصبحت تشكل كما يؤكد تهديداً فعلياً لأمن الخليج العربي.
كما يناقش عبدالقادر نعناع أثر الثورات العربية في تصاعد الهويات المذهبية، ودراسته عبارة عن قراءة في الآثار التي أحدثتها ثورات الربيع العربي في الهوية الجمعية عربيا، وفي الهويات الفرعية "مذهبياً" بشكل خاص، وينقسم بحث نعناع إلى فصلين وعدة محاور، جاء الفصل الأول بعنوان "آليات تشكل المواطنة والهوية"، أما الثاني فعنوانه "إعادة تشكل الهويات الدينية في دول الخليج العربي". ويعتمد البحث على منهج دراسة الحالة ضمن الإطار الزمني الواقع بين عامي 2011 و ،2013 إذ شكل 2011 متغيراً سياسياً مستقلاً على مستوى العالم العربي ككل لناحية اندلاع احتجاجات وثورات في عدد من الدول العربية، وهو ما انعكس على مفهوم المواطنة، والهوية الوطنية، والهويات الفرعية المذهبية والعرقية كمتغيرات تابعة.
واشتمل الكتاب على بحث بعنوان "الأبعاد السياسية والدينية للحركة الحوثية في اليمن وعلاقتها مع إيران" لجهاد أحمد عبدالرحمن، وانقسم إلى مقدمة وثلاثة أقسام وانطلق من سؤالين رئيسيين مفادهما: هل استطاعت الحركة الحوثية تحقيق مخططاتها ذات الأبعاد السياسية والعقائدية "الفكرية" في ظل صراعاتها الداخلية مع الدولة والحركة السلفية في اليمن، وما مدى تأثير الدور الذي تلعبه إيران في هذا الصراع؟.

إيران دولة الحرس الثوري

إيران دولة الحرس
والكتاب الثاني الذي يتناول الأوضاع الداخلية لإيران، هو للباحثين حمدي بشير وإبراهيم المقدادي. وعنوانه "إيران دولة الحرس الثوري: من حراسة الثــــــــورة إلى احتكار الــــــثروة”. ضمن إصدارات مركز المزماة 2018، يشتمل الكتاب على خمسة فصول ومباحث فرعية، بالإضافة إلى ملاحق بجداول توضيحية وبيانات تتعلق بسياق الكتاب وموضوعه. وتناولت فصوله الموضوعات التالية: جذور ومراحل تكون الحرس الثوري، البنية العسكرية والتسلسل القيادي في الحرس الثوري، النفوذ السياسي للحرس الثوري، النفوذ الاقتصادي للحرس الثوري. فيما قدمت البحوث الفرعية في إطار فصول الكتاب دراسات عميقة حول تشكل الحرس الثوري في إيران ومدى هيمنته على السلطة والثروة. كما تشير مقدمة الكتاب إلى أن الحرس الثوري الإيراني أصبح مع مرور الوقت بمثابة دولة داخل الدولة، وتجاوز دوره في حماية الثورة ليمتد إلى تصدير الثورة للخارج، وأصبح يضطلع بدور سياسي واقتصادي، وبلا شك فإن هذا الدور فرض على الحرس ضرورة توفير الموارد المالية اللازمة لتمويل نشاطه في الخارج. كما تشير سطور المقدمة إلى مدى خطورة وتأثير نمو الاقتصاد السياسي للحرس الثوري الإيراني في الأعمال التجارية وفي مختلف المؤسسات التي ظهرت أو أعيدت هيكلتها في أعقاب الثورة، وقد تطورت تلك الكيانات الثورية إلى مؤسسات اقتصادية عملاقة، وتطور معها نشاط الحرس الثوري من تنظيم عسكري مكلف بحماية الثورة ليكون من أقوى الكيانات السياسية، والعسكرية والاقتصادية. وبلا شك فإن لهذا النفوذ تأثيره الواضح على الداخل الإيراني سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، كما أن آثاره تمتد إلى الأمن الدولي والإقليمي، مع امتداد هذا النفوذ وهذا الدور الاقتصادي إلى خارج حدود إيران.

إيران والتشيع السياسي

إيران والتشيع السياسي
 تحت إشراف ومراجعة الدكتور سالم حميد رئيس مركز المزماة للدراسات والبحوث، ومن إعداد الباحث في الشأن الإيراني إبراهيم المقدادي، مدير المركز، صدرت في 2018، موسوعة "إيران والتشيع السياسي" وتغطي موضوعات غنية بالمعلومات والأرقام والمسح الشامل للمد الشيعي والنفوذ الإيراني على المستوى الدولي. 
تكتسب الموسوعة أهميتها من اعتمادها في كثير من فصولها على المكتبات الناطقة باللغة الفارسية، نظراً لعدم توفر مراجع كافية باللغة العربية، لأن المصادر حول التشيع السياسي الإيراني شحيحة. لذلك تم الاعتماد بصورة أساسية على المراجع والمصادر الفارسية، ومن خلالها تم تتبع مستوى ومظاهر التغلغل الإيراني في الدول والساحات التي تناولتها الموسوعة. وتحتوي الموسوعة على مجموعة كبيرة من الأبحاث التي تدرس التغلغل الإيراني القائم على مبدأ تصدير أفكار ثورة الولي الفقيه. حيث حولت ثورة الخميني إيران إلى دولة دينية طائفية، تنصب نفسها ناطقاً باسم الشيعة وممثلاً لهم ومحفزاً لتسليحهم وتحويلهم إلى قنابل موقوتة في بلدانهم. ونبهت المقدمة إلى أن الدور التنويري يقتضي من مراكز الأبحاث والجامعات مواجهة ظواهر الإسلام السياسي، وكل مظاهر تسييس الدين، عبر تفكيك وتحليل مكونات خطاب التطرف ومقولاته الكبرى التي يتحجج بها. 
تتكون الموسوعة من 45 فصلاً، تبدأ بتقديم إطلالة موجزة على هيكل تنظيمي شيعي عالمي تديره إيران وتستخدمه كذراع تنظيمي عالمي للتلاعب بالورقة الطائفية والمذهبية على المستوى العالمي، تحت اسم المجمع العالمي للتنظيمات الشيعية. كما تقدم الموسوعة مسحاً للوجود الشيعي في المملكة العربية السعودية، ولبنان، والعراق، واليمن وسوريا. إضافة إلى استخدام طهران ممكناتها الدبلوماسية لخدمة الشيعة وزرعهم والترويج لهم في مختلف دول العالم، كما يحدث في المغرب وبلجيكا، والجزائر،. وفي فصل آخر تدرس الموسوعة التقارب الإيراني القطري، على خلفية مستجدات الأزمة القطرية مع دول الإقليم. واستكمالاً لبحث التغلغل الإيراني لنشر التشيع السياسي في دول عديدة، ترصد الموسوعة ملامح التغلغل الإيراني في منطقة القرن الأفريقي. وتتناول النفوذ الإيراني في كل من رواندا وجمهورية غينيا، وناميبيا والتمدد الشيعي في تشاد وفي ساحل العاج وغانا. وصولاً إلى تتبع مظاهر التشيع والتغلغل الإيراني في المجتمع الأوروبي. من خلال دراسة العلاقات الإيرانية السويسرية. والتمدد الشيعي في السويد. والشيعة والتشيع والمراكز والمنظمات الشيعية في رومانيا. والعلاقات الإيرانية الأرمينية، ووراثة إيران للنفوذ في مناطق سيطرة الاتحاد السوفيتي بعد تفككه. وطبيعة التغلغل الإيراني في البوسنة. وبحث حول ما يجمع بين إيران وإسرائيل بعيداً عن الأيديولوجيا. إضافة إلى مبحث حول العلاقات الإيرانية التركية. ثم النفوذ الإيراني في دول أذربيجان وكازاخستان وطاجيكستان وأوزباكستان. والعلاقات الإيرانية الروسية من حيث جوانبها وأطرها وأثرها على الأمن القومي العربي. يلي ذلك محور خاص بالعلاقات الإيرانية الصينية بدوافعها ومستقبلها. واستشراف النتائج والآثار المتوقعة على خلفية المساعي الإيرانية للانضمام إلى منظمة شنغهاي. وحجم العلاقات الإيرانية السنغافورية. وعلاقات إيران مع اليابان. وطبيعة المواجهة الأميركية مع إيران وساحاتها. ودور اللوبي الإيراني في أميركا، مع استعراض أبرز شخصيات اللوبي الإيراني في الولايات المتحدة. وكذلك الدور الإيراني في كندا وفرنسا ونيجيريا وصربيا وبريطانيا والسنغال واستراليا. كما أفردت الموسوعة فصلاً حول الخلايا الإرهابية في إيران ومستقبل الاستراتيجية الإيرانية تجاه الحرب في سوريا.

جماعات الضغط الإيرانية في أميركا

 جماعات الضغط الإيرانية
 يتناول الكتاب بالدراسة والتحليل والرصد، موضوع جماعات الضغط الإيرانية في أميركا، انطلاقاً من تتبع جذورها ومستوى حضورها وحدود تأثيرها لدى صناع القرار في الولايات المتحدة الأميركية. ولا شك أن هذا الموضوع يكشف الكثير من الحقائق، أبرزها يتمثل في النهج الطائفي الذي يقوم عليه النظام الإيراني وانعكاسه على تحركات إيران الخارجية، مما يسقط عن طهران تمسحها بالإسلاموية مقابل سعيها المحموم لخلط الأوراق في المنطقة، والاستقواء بتفاهمات إيرانية غربية معلنة وأخرى غير معلنة لتسهيل وشرعنة التدخل الإيراني في العراق وسوريا وأماكن أخرى، بالإضافة إلى محاولات كسب الوقت لبناء مشروع إيران النووي المشبوه. ولنا أن نتخيل حجم تأثير جماعات الضغط الإيرانية إذا ما علمنا أن أحد أشهر أعضاء اللوبي الإيراني قام بزيارة البيت الأبيض في عهد الرئيس باراك أوباما 33 مرة، التقى خلالها كبار موظفي إدارة أوباما طبقاً لسجل زوار البيت الأبيض. وبالعودة إلى محاور هذه الدراسة التي يقدمها مركز المزماة للدراسات والبحوث، فقد استهل الباحث محمد محمود مهدي بتأكيد أهمية دراسته من خلال التنويه إلى افتقار الأدبيات العربية إلى أبحاث وتحليلات تكشف عن استثمار نظام طهران لمجتمع الأميركيين الإيرانيين في تشكيل لوبي ينشط في مؤسسات السياسة الأميركية. ولعل زاوية النظر الأكثر إلحاحاً التي تفرض نفسها في إطار تأمل موضوع جماعات الضغط في السياسة الأميركية – سواء كانت صهيونية أو إيرانية – هي تلك التي ترتبط بتقييم المبادئ والأخلاق في النهج السياسي لبلاد العم سام، ومدى تناقض المواقف والانحيازات الأميركية مع التطبيل الغربي على كافة المستويات للحداثة والعدالة وحقوق الإنسان والحكم الرشيد والشفافية. 
بينما يمثل رفع الإدارة الأميركية للعقوبات عن طهران دعماً مباشراً لنظام طائفي متطرف، يتباهى قادته بتحريضهم على نشر الفوضى والطائفية والكراهية في العالم الإسلامي، في ظل عدم كبح برنامج طهران السياسي الخارجي المتمثل في تصدير الثورة الإيرانية وغزو المنطقة بالفكر المذهبي الانقسامي المدمر. إن وجود جماعات ضغط مهما كان تأثيرها وتوغلها في مؤسسات صنع القرار الأميركي، لا يبرر للولايات المتحدة وللعالم الغربي التناقض مع قيم الحداثة والسير في اتجاه دعم ومساندة قوى التخلف والطائفية. والحال كذلك ينطبق على التعاطف الغربي غير المبرر حضارياً وثقافياً مع الجماعات الإسلاموية. وبالطبع فإن النظام الإيراني يرتكز في بنيانه ونظرياته على الاستعارة من جماعات دينية سبقته في التشدد والتنظير لطموح التمكين، وبالتالي تزداد مساحة التساؤلات بقدر المعلومات التي يقدمها الكتاب الذي بين أيدينا عن حجم وطبيعة اللوبي الإيراني في أميركا. 
ونظراً لفرادة هذه الدراسة وتدشينها مدخلاً جديداً لمقاربة أحد أذرع النظام الإيراني، المتمثلة في جماعات الضغط التي تتحرك لخدمته خارج حدوده، فقد استبق الباحث الفصول الثلاثة للدراسة بتقديم إطار مفاهيمي لتعريف جماعات المصالح والضغط، بالإضافة إلى تأصيل المفاهيم المجاورة لجماعات الضغط والمرتبطة بها، مثل صناعة القرار السياسي ومراكز التأثير ومسميات الكيانات المنظمة للأميركيين الإيرانيين. فيما تناولت فصول الدراسة على التوالي؛ جماعات الضغط ومؤسسات صنع السياسة في أميركا، وأثر تلك الجماعات على صُنع القرار الأميركي. وفي موضوع الأميركيين الإيرانيين تناولت الدراسة نشأة وديمغرافيا هذه الشريحة وتأثيرها في الحياة الأميركية، وصولاً إلى صعود جماعات الضغط المنظمة التي تعبر عنها. بينما تناول الفصل الأخير جماعات الضغط الإيرانية بين مواطن التمركز وحدود التأثير. واستشهد الباحث في سياق قراءة حدود تأثير قوى الضغط الإيراني بمجموعة قضايا ركزت عليها جماعات الضغط، واستنتج نجاحاً ملحوظاً للوبي الإيراني في الحد من توجيه ضربة عسكرية لطهران، إلى جانب خلق أصوات معارضة لفكرة العقوبات الاقتصادية وعدم جدواها. كما استغلت طهران تمدد “داعش” في العراق لتقديم نفسها كمنقذ ومحفز للفصائل الشيعية على محاربة التنظيم. وفي الموضوع السوري لعبت جماعات الضغط الإيرانية دوراً في التأكيد على محورية إيران في الساحة السورية. وبشأن المشروع النووي لإيران كان دور جماعات الضغط بحسب الدراسة يتركز في الدفع باتجاه نقل الخلاف مع الغرب إلى طاولة الحوار الدبلوماسي، ومن ثم الضغط لتمرير الاتفاق النووي في الكونجرس الأميركي، وهذا ما تم بالفعل. ومن بين قائمة طويلة من الاستخلاصات والنتائج التي تضمنت كذلك تلخيصاً مكثفاً لمحتوى الدراسة؛ وضع المؤلف استنتاجات لافتة للاهتمام، من بينها: تراجع المكون الديني أمام المكون القومي بالنسبة للأميركيين الإيرانيين. وأن الإدارات الديمقراطية كانت أكثر استيعاباً من الإدارات الجمهورية لعناصر من أصل إيراني تمارس الضغط بشأن تطبيع العلاقات مع طهران. من الغريب في هذا السياق أن يلعب اللوبي الإيراني في الولايات المتحدة دوراً مباشراً في حماية النظام الإيراني المتطرف، بل وإضفاء مشروعية دولية عليه، رغم أن ذلك النظام دشن ولادته بحادثة اقتحام السفارة الأميركية في طهران، واحتجاز أكثر من 50 أميركياً من العاملين في السفارة كرهائن لمدة 444 يوماً. وختاماً نذهب مع الكاتب الذي يتمنى أن تمنح هذه الدراسة العبرة للأميركيين العرب في كيفية خلق لوبي للدفاع عن المصالح العربية بين أروقة السياسة الأميركية، وبخاصة أن العرب في أميركا يمتلكون من مقومات الصعود والنجاح ما يتفوق على مقومات الأميركيين الإيرانيين، من حيث الإمكانات البشرية والمادية واعتبارات القومية فضلاً عن القضية العادلة، إلى جانب أهمية الاستفادة من حقيقة أن جماعات الضغط بشكل عام أصبحت جزءاً من آليات عمل النظام الأميركي، في ظل تمكين البنية القانونية في أميركا لجماعات الضغط من ممارسة تأثيرها على صُناع القرار السياسي لتحقيق أهدافها.
يتبع الجزء الثالث ونعرض فيه: فقه الانتظار، توثيق انقلاب الخميني على التراث الشيعي
الحكومة الإسلامية: كتاب الخميني الذي يؤسس لدستور الوالي الفقيه
السياسة والدين في رحلة تأسيس الدولة الصفوية: يتناول التشابهات والاختلافات بين الدولة الصفوية ودولة الملالي الحالية
الحرس الثوري الاراني راعي الإرهاب في المنطقة والعالم: دراسة تتناول دور الحرس الثوري الإيراني في دعم ورعاية وتدريب الجماعات والميليشيات المسلحة والإرهابية.

شارك