جهود فرنسا في مكافحة الإرهاب داخليا وعلى المستوى الأممي

الأحد 03/فبراير/2019 - 01:10 م
طباعة  جهود فرنسا في مكافحة حسام الحداد
 
تشارك فرنسا في أعمال مختلفة ترمي إلى ضبط التهديدات التي يفرضها المقاتلون الإرهابيون الأجانب، وذلك داخل المحافل الدولية المعنية كالأمم المتحدة على وجه الخصوص والمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الذي يضم 29 بلدًا إضافةً إلى الاتحاد الأوروبي، وفي هذا الإطار أعلنت فرنسا الخميس الماضي 31 يناير 2019، أنها تريد قرارا من مجلس الأمن الدولي ضد تمويل الإرهاب يستهدف خصوصا الحوالات المالية وجمع التبرعات اللذين يجب أن يتكثف التعاون الدولي ضدهما.
وقال السفير الفرنسي في الأمم المتحدة فرنسوا ديلاتر أنه "ما زالت هناك تحديات كبيرة يجب مواجهتها". وأعلن أنه سيقدم "في الأسابيع المقبلة" مشروع قرار "مخصص لمكافحة تمويل الإرهاب".
ويمكن أن يتم تبني القرار في مارس عندما تتولى فرنسا رئاسة مجلس الأمن الدولي. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إنه سيكون أول قرار للأمم المتحدة يتناول بالتحديد هذه المسألة.
وخلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي في نيويورك، طالبت غالبية المشاركين الممثلين لروسيا ودول إفريقية أو آسيوية، بتقاسم أفضل للمعلومات بين الحكومات.
وأكد مدعي الجمهورية الفرنسية في باريس ريمي هيتس المكلف خصوصا قضايا الإرهاب في فرنسا، خلال كلمة عبر الفيديو إن "هزائم داعش على الأراضي فككت وضربت أرضه وأضعفت قدرته على التمويل ذاتيا. لكن هذه الشبكات لم تختف والتهديد قابل للتجدد ودائم".
وأكد مدعي الجمهورية أن "المعلومات المالية تسمح برصد الآثار والمؤشرات التي يتركها الإرهابيون عند الإعداد لأعمالهم الإجرامية". وأضاف أن ذلك يساعد في "كشف بعض الأفراد والإعداد اللوجستي للانتقال إلى الفعل الإرهابي". 
وتابع "قد يتعلق الأمر بتقديم طلب للحصول على قرض استهلاكي او شراء بطاقات طائرة لدولة مجاورة لمنطقة للجهاد"، مؤكدا أن "الاستخبارات المالية يمكن أن تسمح بوقف مشاريع السفر إلى تلك المناطق". 
كشف هذا الخبير في مكافحة الإرهاب أن "القضاء الفرنسي تعرف منذ أربع سنوات على 400 شخص يجمعون تبرعات في دول مجاورة للمنطقة السورية العراقية".
وأوضح أن "هؤلاء الوسطاء الماليين الذين يعملون لداعش أو القاعدة يتسلمون حوالات مالية مثل تلك التي ترسل عبر ويسترن يونيون قيمتها تتراوح بين عشرات وآلاف اليورو"، مشيرا إلى أن "هذه الحوالات ترسل من نحو مئة بلد في العالم لتنقل بعد ذلك إلى المقاتلين الجهاديين".
وقال هيتس إنه في فرنسا وحدها "رصدنا مئات المرسِلين الذي قاموا ببعث واحد أو اكثر من هذه الحوالات إلى جامعي أموال، تتجاوز قيمتها المليون دولار".
وأضاف أن الاستخبارات المالية تساعد في "التعرف على جهاديين لم يرصد وجودهم من قبل في المنطقة السورية العراقية".
وتابع "عبر توقيف مرسلي الحوالات والتحقيق معهم، حصل المحققون على اعتراف بوجود حوالى عشرة فرنسيين من رجال ونساء، في منطقة القتال، لم يكن قد تم رصدهم من قبل". 
وأكد أن "هذه التحقيقات كشفت أنه بمتابعة مسار المال، نتابع مسار الإرهابيين"، مشددا على أن "مكافحة الإرهاب تمر بالضرورة عبر مكافحة عصب كل الحروب، أي المال".
وأخيرا أكد النائب العام لباريس أن "هذا النوع من التمويل استخدم أيضا عند عودة جهاديين إلى دولهم الأصلية"، وهذه قضية أساسية لعدد من البلدان التي استهدفتها اعتداءات في السنوات الأخيرة.
وأضاف أن "كشف هذه الحوالات يسمح للمحققين برصد الإرهابيين الذين يمكن أن يحاولوا مغادرة المنطقة السورية العراقية للعودة إلى أراضينا وفي بعض الأحيان لتنفيذ اعتداء فيها".
وكان مجلس الأمن الدولي تبنى قرارات في الماضي تهدف إلى منع تنظيم الدولة الإسلامية وعناصر على ارتباط بمقاتلي القاعدة من الحصول على تمويل، بما في ذلك نص أُقر في 2015 يسمح بفرض عقوبات.
ويمثل الإرهاب الدولي أحد أخطر التهديدات للسلام والأمن الدوليين. ونظرًا إلى أن هذا التهديد لم يكن في السابق بهذه الخطورة، أخذت فرنسا تحشد جهودها على مختلف الأصعدة بالتعاون مع شركائها الدوليين بغية محاربة الشبكات الإرهابية على أراضيها وفي الخارج لذا تتعدد الأهداف المنشودة وتتمثّل في:

الحد من سيطرة المجموعات الإرهابية على الأراضي
محاربة شبكات التمويل والشبكات الإنسانية واللوجستية والدعاية الإرهابية
تجنّب التطرّف
حماية المصالح الفرنسية والفرنسيين المقيمين في الخارج.
وحرصًا على تحقيق هذه الأهداف، تتضمن أنشطة فرنسا الدولية الرامية إلى محاربة الإرهاب ما يلي:
إجراءات عسكرية حازمة
إرساء الاستقرار في المناطق المحررة وتوفير الحلول السياسية للنزاعات
النهوض بجهود الاتحاد الأوروبي
تعزيز التعاون الدولي ولا سيّما في مجال مكافحة تمويل الإرهاب
إجراءات عسكرية حازمة
سعت عدّة مجموعات إرهابية في السنوات الماضية إلى بسط سيطرتها الميدانية على أفغانستان والعراق وسورية وأفريقيا على وجه الخصوص. ويمثل وجود ملاذات آمنة يلتجئ إليها الإرهابيون تهديدًا للمجتمع الدولي، إذ أمست بؤرًا تبعث الرعب في نفوس السكان المحليين وتفرض عليهم ممارسات قمعية، وأقطابًا تبثّ الإيديولوجيات الإجرامية، فمن تلك المواقع بالذات خطط الإرهابيون العديد من الهجمات مستهدفين السكان المحليين وبلدان أجنبية أخرى على حد سواء.
فرنسا تحارب الإرهاب على الجبهات كافة
منطقة الساحل
أدت فرنسا دورًا رياديًا في منطقة الساحل من أجل كبح تقدّم المجموعات الإرهابية وذلك بفضل حضورها في المنطقة منذ عام 2013 (عملية سيرفال في مالي). وتقدّم القوات الفرنسية التابعة لعملية برخان دعمًا جوهريًا لبلدان المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل (موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد) في سعيها إلى محاربة الإرهاب.
سورية والعراق
شاركت فرنسا إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش في آب/أغسطس 2014 من خلال عملية شمال بهدف دعم السلطات العراقية في حربها ضد التنظيم الإرهابي. وفي أيلول/سبتمبر 2015، وفي ظل التهديد الإرهابي على فرنسا، قررت فرنسا توسيع نطاق مناطق تدخّل عملية شمال ليشمل سورية بغية تفكيك سيطرة تنظيم داعش الميدانية في البلاد.
ومنذ عام 2014، أسهمت إجراءات فرنسا العسكرية في تحرير كامل الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم الإرهابي في العراق وسورية تقريبًا.
إرساء الاستقرار في المناطق المحررة وتوفير الحلول السياسية للنزاعات
بموازاة إجراءات فرنسا العسكرية، تسعى الدبلوماسية الفرنسية وشركاؤها على نحو فاعل إلى التوصّل إلى حلول سياسية كفيلة في وضع حدّ نهائي ودائم للنزاعات ومنع ظهور مجموعات إرهابية أو تنامي قوتها.
وتعمل فرنسا على تحقيق هدفين أساسيين في العراق ألا وهما إرساء الاستقرار وإعادة إعمار البلاد. وإلى جانب ضرورة تدمير قدرة تنظيم داعش العسكرية، تمثل المصالحة الوطنية وإعادة إعمار البلاد وإرساء الاستقرار مراحل أساسية في مسيرة تحقيق النصر الدائم على الإرهاب. وستواصل فرنسا دعم الجهود التي تبذلها السلطات العراقية تحقيقًا لهذه الغاية.
أمّا في سورية فتدعم فرنسا العديد من المشاريع التي تساعد في إرساء الاستقرار في المناطق المحررة من قبضة تنظيم داعش الإرهابي وتقدّم لها التمويل اللازم، كما تعمل على المستوى الدبلوماسي لإيجاد حلّ سياسي موثوق به للأزمة السورية برمتها. فهي بالفعل الوسيلة الوحيدة لمعالجة الأسباب الجذرية التي أدت إلى ظهور الإرهاب في سورية.
ترتكز استراتيجية فرنسا في منطقة الساحل على نهج متكامل سياسي وأمني وإنمائي. وتمثّل المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل التي أُنشئت في شباط/فبراير 2014 بناءً على مبادرة رؤساء الدول في المنطقة، إطارًا مؤسسيًا لمتابعة التعاون الإقليمي ومُخصصًا لتنسيق السياسات الإنمائية والأمنية الخاصة بالدول الأعضاء في المجموعة. ويسعى التحالف من أجل منطقة الساحل الذي استُهلّ في تموز/يوليو 2017 إلى استكمال الآلية، من خلال استهداف خمسة قطاعات رئيسة، وهي توظيف الشباب، والتعليم والتدريب، والزراعة والتنمية الريفية والأمن الغذائي، والطاقة والمناخ، والحوكمة، وأخيرًا اللامركزية ودعم توفير الخدمات الأساسية.
النهوض بجهود الاتحاد الأوروبي
تعمل فرنسا أيضًا على المستوى الأوروبي من أجل تعزيز الأدوات التي يملكها الاتحاد الأوروبي في مجال مكافحة الإرهاب. وأُحرزت عدّة إنجازات بارزة في غضون السنوات الماضية بفضل الجهود التي بذلتها فرنسا وشركاؤها:
استحداث نظام سجل أسماء المسافرين الذي يتيح مراقبة التنقلات الجوية على نحو أفضل، تعزيز التعاون مع المنصات الرقمية من أجل مكافحة استخدام الإنترنت لأغراض إرهابية في إطار منتدى الاتحاد الأوروبي للإنترنت، النهوض بالأدوات الأوروبية المكرسة لتجميد الأصول وحجزها.
تعزيز تدابير مكافحة الاتجار بالأسلحة، وضع قواعد جديدة ترمي إلى منع تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، تعزيز مكتب الشرطة الأوروبية (يوروبول)، ولا سيّما مركز مكافحة الإرهاب.
تعزيز التعاون الدولي
لئن المجموعات الإرهابية تمثّل تهديدًا عالميًا في وقتنا الحاضر، فإن فرنسا تسعى إلى حشد جهود شركائها من أجل تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، وذلك على عدّة أصعدة:
 تجنّب التطرف ومكافحة الدعاية الإرهابية
تقيم فرنسا حوارًا رفيع المستوى مع شركائها الرئيسين لتناول مسألة تجنّب التطرّف وتشارك في محادثات متعددة الأطراف بشأن المسألة عينها.
وتمثّل مكافحة استخدام الإنترنت لأغراض إرهابية محورًا أساسيًا من محاور نشاطنا في مجال محاربة الإرهاب. وتجري فرنسا حوارًا رفيع المستوى مع المنشآت المتخصصة في المجال الرقمي، ولا سيّما من أجل إزالة المحتويات الإرهابية المتوافرة على الشبكة نهائيًا وعلى وجه السرعة (في غضون ساعة كحدٍّ أقصى).
مكافحة ظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب 
تشارك فرنسا في أعمال مختلفة ترمي إلى ضبط التهديدات التي يفرضها المقاتلون الإرهابيون الأجانب، وذلك داخل المحافل الدولية المعنية كالأمم المتحدة على وجه الخصوص والمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الذي يضم 29 بلدًا إضافةً إلى الاتحاد الأوروبي.
مكافحة تمويل الإرهاب 
تعمل فرنسا بمعية شركائها على حشد جهودها من أجل تحديد جميع مصادر تمويل الإرهاب واستنزافها. وبناءً على مبادرة رئيس الجمهورية، نُظّم مؤتمر دولي في باريس يومي 25 و26 أبريل الماضي بعنوان "لا لتمويل الإرهاب" يهدف إلى مكافحة تمويل تنظيمَي القاعدة وداعش. وحضر المؤتمر ممثلون عن سبعين دولة ومسؤولون في زهاء عشرين منظمة دولية وإقليمية ووكالة متخصصة. والتزمت الدول الأعضاء في البيان الختامي بالنهوض بالأطر القانونية الخاصة بكلّ منها وتعزيز تعاونها في مجال المعلومات، كما حُدّدت عدّة أولويات واضحة واتُّخذت مجموعة من التدابير الملموسة. وتسعى فرنسا عبر شبكتها الدبلوماسية إلى حشد جهود شركائها بغية تحقيق تلك الأولويات والتدابير. وسيُنظم مؤتمر لمتابعة نتائج هذا المؤتمر في أستراليا في النصف الأول من عام 2019.
تعزيز قدرات شركائنا على محاربة الإرهاب 
تقيم فرنسا برامج تدريبية موجّهة لشركائها ودورات تأهيل لمحققي الشرطة القضائية والقضاة والدوائر العاملة في مجال مكافحة الإرهاب.

شارك