النفوذ التركي في ألمانيا!
الإثنين 01/أبريل/2019 - 03:25 م
طباعة
عاد الحديث مجددا بشأن تنامي النفوذ التركي علي المساجد في المانيا، في سيطرة المؤسسات الدينية التركية علي الأئمة وعدم وجود استقلالية لهم، بما يسمح بتنفذ أجندة لا تتوافق مع المجتمع الألماني.
هذا بمناسبة ظهور دراسة حديثة أعدتها مؤسسة كونراد أدناور الألمانية أشارت فيه إلي أن ٩٠٪ من الآمئة الموجودين بالمانيا وافدون من الخارج، وخاصة من تركيا وشمال افريقيا وايران، وأن الاتحاد الإسلامي التركي للشئون الدينية "ديتيب" يوفر وحده نصف الآئمة البالغ عددهم ٢٥٠٠ إمام مسجد في مساجده التي يبلغ عددها ألف مسجد.
أذكر هنا إننا سبق وأن أشرنا لهذا الأمر العام الماضي، عقب تحذيرات وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر الذي حذر من الارتباط التركي بالاسلام في المانيا، مشيرا إلي ضرورة فك الارتباط بين المسلمين في المانيا والكيانات الخارجية، وبالرغم من أن هذه النقطة كانت محل نقاش كبير في مؤتمر "الاسلام في ألمانيا" والذي تنظمة وزارة الداخلية، إلا أن الاشكالية لا تزال مستمرة، والحديث عن الدعم التركي لمؤسسات إسلامية أمر أصبح شبه معتاد داخل المجتمع الألماني.
هناك شكاوي بعدم وجود قنوات تمويل بديلة لهذه المؤسسات للتخلي عن الدعم التركي، والذي يستغل كثير من المؤسسات التابعة له في تبني أهداف سياسية لصالح النظام التركي وتحديدا الرئيس رجب طيب اردوغان، وشكاوي كثير من هذه المؤسسات بعدم وجود تمويل الماني في حال التخلي عن الدعم التركي، بينما تشير الداخلية الألمانية إلي أنه سيتم توفير مصادر للدعم بعيدا عن أنقرة إذا تمت الاستجابة لمطالب فك الانفصال.
الغريب في الأمر هو استغلال جماعة الاخوان المسلمين للحرية الممنوحة لتشكيل جمعيات أهلية ومؤسسات ثقافية في المانيا لتأسيس كيانات تابعة للتنظيم الدولي، والتمركز في مدين كولن لفرض مزيد من الأفكار التابعة للتنظيم الدولي للاخوان، ورغم متابعة مكتب حماية الدستور " جهاز الاستخبارات الألمانية" لهذه التحركات، إلا أن هناك كثير من الجمعيات التي تم تأسيسها وبدأت في جذب عدد من الانصار لها واستغلال ذلك في مناسبات قادمة.
الدراسة دعت إلي ضرورة توفير قنوات لتمويل هؤلاء بشكل مناسب من كيانات المانية حتي لا يعتمدون علي جهات خارجية، إلس جانب ضرورة متابعة مدي اندماجهم في المجتمع وليس الاكتفاء بمعرفتهم باللغة الألمانية، خاصة وأن بعض الشروط مثل معرفة اللغة تتك بشكل روتيني، ولا تساعد في عملية الاندماج الحقيقية والانتصار لقيم المجتمع الألماني بعيدا عن خلفية هؤلاء والجهات الداعمة لهم، إذا كانت هناك رغبة للاهتمام بالاسلام الألماني.
في حين سبق وأكد لنا الباحث الاسلامي والمنتمي للتيار الليبرالي في المانيا أحمد منصور خلال حديث صحفي تم نشره في نوفمبر الماضي علي "بوابة الحركات الإسلامية" بأن الحديث عن "إسلام ألماني" أو "إسلام تركي" هو أمر يتعلق بالمصطلحات ولا يتعرض للمضمون، ورغم الاعتراف بالتوغل التركي في المجتمع الألماني وخاصة "ديتيب" والتي في كثير من المواقف تستغل دفع رواتب الدعاة والآئمة في طلب منهم استغلال خطبهم وعملهم في المساجد الألمانية لخدمة النظام التركي، والهجوم علي المعارضة ، وهذا ما يفتح الباب لاستمرار الصراع بين برلين وأنقرة علي منابر المساجد.
ربما المعضلة غير قابلة في الوقت الحالي، خاصة في ضوء رغبة الألمان بعدم التصعيد مع أي كيانات إسلامية في ألمانية حتي لا تستغلها جماعات متطرفة علي انها حرب ضد الاسلام، وهي ما تدركه أنقرة وتسعي لاستغلاله في الفترة الحالية بالتزامن مع حملة انتخابية يقودها أردوغان لدعم حزبه في الانتخابات القادمة.