هل توحد وفاة محمد مرسي جماعة الاخوان أم تزيد من انقساماتهم؟
الخميس 20/يونيو/2019 - 04:31 م
طباعة
توفي الاثنين 17 يونيو 2019، الرئيس المعزول محمد مرسي خلال جلسة محاكمته في قضية التخابر مع حركة حماس الفلسطينية.
وبعد وفاة مرسي مباشرة خرجت ردود الأفعال المتباينة سواء شكرا في الرجل أو قدحا فيه، واللافت للنظر أن هناك سيناريوهات تم تدشينها وترويجها حول موت الرجل تميزت تلك السيناريوهات التي يعلمها القارئ جيدا بالكثير من الخيال او العجائبية ان أردنا الدقة، وبغض النظر عن كل هذا والاتهامات المتبادلة بين جميع الأطراف والمتعاطفين معهم نحاول في هذه المساحة الإجابة على سؤال العنوان ونعتقد أنه من الأهمية الاجابة عليه خصوصا بعد محاولات الجماعة المستمرة لتحريض المجتمع الدولي على الدولة المصرية جكومة وشعبا.
وقبل البدء بالاجابة عن سؤالنا وجب ان نذكر الجماعة بأنها في معظم بياناتها منذ أواخر 2015، وحتى وفاة مرسي لم تتذكره بكلمة واحدة فى بيانتها، وزعمها أنها لن تتنازل عن محمد مرسى، اختفت تماما خلال الفترة الأخيرة، ولم تعد الجماعة تذكر شيئا عنه، وكان يحضر جلسات المحاكمات بمفرده لانشغال الجماعة بأزمة التنظيم المشتعلة وصراع الجبهات، ودعوة القيادات لإقامة مراجعات داخلية، ومساعى التنظيم بالخارج لحل أزمتهم.
ويرجع البعض اهمال جماعة الاخوان لمرسي منذ 2015 وحتى وفاته حتى لا تتحمل الجماعة مسئولية الدفاع عن قضيته والنهوض بالإنتقام له إذا ما حكم عليه وهذا ما يتناقض مع الخطاب المرن الأخير الذى يغازل فيه بمراجعات وتنازلات. وان الجماعة كانت في الفترة الاخيرة خصوصا المقيمين في لندن او القيادات التاريخية كانت تحاول تجاوز نقاط وخطوط التعنت والجمود السابقة التى أوقفت الجماعة عن تاريخ إسقاطها من الحكم ومنها مطالب عودة الرئيس المعزول، محمد مرسى وإخراج القيادات وعودة السلطة للإخوان. فى المقابل، فالجماعة تقوم ببعض الأدوار فى الكواليس من أجل إعادتها للمشهد السياسى من جديد. وأن ما يتردد فى هذه الكواليس والتى يقوم بها قيادات الإخوان بالخارج جعلهم يتجاهلون محمد مرسى تماما، ولا يذكرونه خلال الفترة الأخيرة.
ومن هنا نجد ان وفاة محمد مرسي وضعت الجماعة في مأزق حقيقي خصوصا وان الجماعة منقسمة بالفعل على نفسها فالأعلى صوتا في الجماعة الأن هي مجموعة قطر وتركيا التي تحارب الدولة المصرية حسب ما تفرضه عليها دولة الإقامة، حيث نجدها تختلف عن مجموعة لندن والتي تتعامل بحكمة الشيوخ ومحاولة التواصل مع الدولة المصرية وتقديم بعض المراجعات من وقت لآخر، وبالطبع كل مجموعة لها في الداخل المصري ما يؤيدها ومن يعترض معها الا ان هناك مجموعة أخرى من شباب الداخل يختلفون تماما مع هاتين المجموعتين ويريدون تجديد دماء الجماعة وخطابها والتحول إلى الشق الدعوى والبعد عن الشق السياسي لاستعادة مكانتة الجماعة داخل المجتمع المصري.
بعد وفاة مرسي مباشرة أصدر مكتب الإرشاد بيانا حمل فيه الدولة المصرية والرئيس عبد الفتاح السيسي وفاة مرسي وصدر البيان بأية قرآنية على اعتبار ان مرسي مات شهيدا وطالب بتجقيق دولي في وفاته وهذا انما يؤكد محاولة استغلال حالة الوفاة لاثبات الوجود ليس الا، لعلم مكتب الارشاد ان اتهاماته ومطالبه لا تستند لدليل قوي ولكن اللافت للنظر في البيان هو دعوة مكتب الإرشاد للمصريين في الخارج بالتواجد امام السفارات المصرية وهذا انما يدل على يقينهم بأن الجماعة فقدت أهليتها في الداخل المصري من ناحية ومن ناحية أخرى اثبات ان الخلافات ما بين مجموعة الداخل والخارج ما زالت قائمة وان التنظيم في الخارج أخرج مجموعة الداخل من حساباته وهذا ما يتضح جليا منذ فترة ليست بالقليلبعد مقتل محمد كمال مؤسس المكاتب النوعية في اكتوبر 2016.
بدأ الانقسام الحاد في صفوف الجماعة في يناير 2017، بعدما شن محمود حسبن، الأمين العام لجماعة الإخوان، المحسوب على جبهة القيادات التاريخية للجماعة الإرهابية، هجومًا حادًا على جبهة الشباب التي أعلنت في نهاية ديسمبر الماضي 2016، انتهاءها من الانتخابات الداخلية، وتعديل اللائحة الداخلية للجماعة، ونتج عنهم مجموعة أخرى من القيادات تتمسك بالجماعة، مؤكدا أن "ما حدث ليس انشقاقًا والجماعة تعرضت لهزات كثيرة وظلت متماسكة، ومن خرجوا علينا لا يتعدون الـ10% فقط".
وطالب حسين حينها في لقائه عبر فضائية "وطن" الإخوانية التي تبث من تركيا، الشباب الذي أعلنوا انشقاقهم عن الجماعة، وتشكيل مكاتب جديدة العودة مرة أخرى إلى الجماعة إذا أرودا، ولكن عليه أن يعترف بخطئه مع نفسه أولًا ثم لإخوانه"، مؤكدا أنه اقترب من "حسم الملفات الداخلية التي سيتهاوى خلالها هؤلاء الانقلابيون.
وزعم الأمين العام للجماعة أن هناك مؤسسات منتخبة داخل الجماعة، والخلافات داخلها محدودة"، مشددا على أن مجلس الشورى الذي تم انتخابه في 2015 و2016 لم تعرض عليه أي من هذه القرارات وبناءً عليه فهي باطلة".
ونفى "حسين" أن تكون العمليات الإرهابية التي تصحب الجماعة خلال السنوات الماضية هي من تخطيطها، مرجحا أن تكون فردية، متناسيًا الصفقات التي نسبت للجماعة من خلال تدريب بعض الشباب في السودان على السلاح وانتماء حركات أمثال المقاومة الشعبية وأجناد مصر وحسم بعلاقاتها بالجماعة، أما عن فكرة مواجهة النظام المصري اعترف بأن "الجماعة فشلت في التصدي وليس لديها أي خطة للمواجهة".
ويعد محمود حسين أحد أهم جناح "الذئاب" في جماعة الاخوان وحاليًا قائد الحرب الإعلامية والتنظيمية بين المجموعة القديمة أو ما تسمى بالحرس القديم في الجماعة والمجموعة التي تولت إدارة الجماعة عقب يوليو 2013 داخل مصر، واشتبك إعلاميًا مع المتحدث الرسمي باسم المجموعة الجديدة محمد منتصر، واعتبر نفسه أمينًا عامًّا حاليًا، وليس سابقًا، وأن نائب المرشد محمود عزت هو القائم بأعمال المرشد حاليًا، ورد منتصر بقوله: إن الدكتور محمود حسين لا يمثل جماعة الإخوان المسلمين، ولا يتولى أي مناصب إدارية بداخلها طبقًا لآخر انتخابات جرت بعد الفض، والتي كانت في فبراير عام 2014، مؤكدًا أن الجماعة لا يعبر عنها سوى منافذها الإعلامية الرسمية فقط.
كُشف النقاب بعد ذلك عن عدة اجتماعات عُقدت في مدينة إسطنبول التركية مقر إقامة القيادي محمود حسين، ضمت هذه اللقاءات عددًا من قيادات الجماعة في الخارج، محاولين بحث سبل الخروج من الأزمة التي تشهدها الجماعة، في ظل استقطاب بدأ بين الأطراف المتنازعة، وصلت هذه اللقاءات إلى نتيجة لم ترض محمود حسين حيث قام بالاعتراض عليها، وهذه النتيجة هي إجراء انتخابات لاختيار مجلس شورى عام للجماعة بانتخابات جديدة، ومن ثم انتخاب مكتب إرشاد جديد من خلال المجلس، مع تعديلات جديدة للائحة من خلال نفس المجلس الجديد المنتخب، ولكن بشرط وحيد هو ألا يترشح طرفي الأزمة لهذه الانتخابات.
وذكرت مصادر داخل جماعة الإخوان حينها "أن ثمة تحركات للقيادي محمود حسين للالتفاف على هذا الأمر بسعيه لجمع أعضاء مجلس شورى الجماعة المقيمين بالخارج في اجتماع أعد له بنفسه عقد في 9 يونيو 2016؛ وذلك من أجل الحصول على تأييدهم في وجه هذه القرارات، وذلك بعدما أُقيل من منصب الأمين العام للجماعة في الانتخابات التي قام بها مجموعة الشباب في الداخل.
وكانت نتيجة الانقسامات الداخلية للجماعة والتي تفجرت في الانتخابات التي يعترض عليها محمود حسين وجبهة الذئاب في ديسمبر 2016، ان انتجت لنا جناح "الصقور" والمتمثل في الشباب الذين ينتمون لمحمد كمال مسئول المكاتب النوعية والذي قتل في أكتوبر 2016، وقد شكلت هذه المجموعة العديد من المكاتب النوعية والتي أطلقت على نفسها أسماء متعددة ما بين حسم ولواء الثورة وكتائب حلوان وغيرها.
تلك المجموعات التي كشفت عن وجه جماعة الاخوان الارهابي بعد ثورة 30 يونيو 2013، بداية من الأحداث الارهابية التي تم تفعيلها بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة وتصريحات قيادات الاخوان ان الأحداث الارهابية التي تحدث في سيناء سوف تتوقف عندما يعود المعزول مرسي للحكم وما تؤكده أيضا جميع المؤشرات والأفعال ومنذ الإطاحة بحكم محمد مرسي، والإخوان في مصر تؤكد أن العنف والقتل، هو الأساس الفكري الذي لم يشهد أي تغيير في تاريخ هذه الجماعة، هذا ما يجمع عليه خبراء وسياسيون ومفكرون.
ويتفق المحللون على أن قادة الجماعة، اتخذوا من البلدان التي يقيمون فيها، منابر تحريض، مباشر وغير مباشر، حسب سياسة كل دولة وموقفها حيال النظام الحاكم في مصر، سواء في فترة حكم الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور، والرئيس المنتخب الحالي عبد الفتاح السيسي.
ومن المتوقع زيادة هذه الانقسامات والانشقاقات التي تحدثنا عنها في صفوف جماعة الإخوان، فموت مرسي أربك الجماعة، فهم كانوا يخدعون الشباب بحلم عودة مرسي للرئاسة، والآن انتهى كل شيء، ولا فائدة من التشبث بأوهام وخيالات لا حقيقة لها، خصوصا وان شباب الجماعة خارج السجون يندفعون خلف المقيمين في تركيا وقطر بينما الذين هم داخل السجون يحاولون تهدئة الأوضاع والوصول إلى تفاهمات مع السلطات في مصر للعودة مرة أخرى للشارع ولو بشكل دعوي وليس سياسي متبنين موقف مجموعة لندن والتنظيم الدولي ومقترح الاخواني التونسي راشد الغنوشي، ولا يسعنا سوى الانتظار لرؤية ما تسفر عنه الأيام القادمة.