«القوات الديمقراطية المتحالفة».. جماعة متطرفة تنشط بين الكونغو وأوغندا
الجمعة 10/يناير/2020 - 12:13 م
طباعة
علي عبدالعال
على مدار العامين الماضيين، أصبحت القوات الديمقراطية المتحالفة (ADF) - جماعة متمردة في أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والتي تعتبر منظمة إرهابية من قبل الحكومة الأوغندية، وأكثر الجماعات المسلحة نشاطًا، وأشدها عنفًا في البلاد التي تقع وسط أفريقيا.
كما يُعتقد أن هذه المجموعة المسلحة، مسؤولة عن مقتل المئات، خلال الأعوام القليلة الماضية.
«القوات الديمقراطية
وفي أكتوبر 2019، أطلقت القوات المسلحة الكونغولية، عملية عسكرية واسعة النطاق، ضد الجماعات المسلحة، شرقي البلاد؛ إذ يعد شرق الكونغو الغني بالمعادن، مسرحًا لعدد كبير من الجماعات المسلحة.
وتقول منظمة «هيومن رايتس ووتش»، «منظمة دولية، غير حكومية، معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان والدعوة لها، مقرها مدينة نيويورك»: إن عددها يتجاوز 120 جماعة مسلحة، تنشط في هذه المناطق، منذ اندلاع حروب الكونغو، بين عامي 1996 و 2003؛ للسيطرة على الأراضي والموارد المعدنية.
تمركزها
وتختار الجماعات المسلحة، المناطق الواقعة على الأطراف الحدودية، بين الكونغو وأوغندا؛ لعدة أسباب، منها: التضاريس المثالية في جبال روينزوري، إلى جانب الغابات والأحراش القريبة من بحيرتي «ألبرت» و«إدوارد»، التي يصعب على القوات الحكومية الوصول إليها، والقرب من البلدين معًا «أوغندا والكونغو»؛ حيث يسهل للمسلحين إقامة قواعد وتجنيد المقاتلين، فضلًا عن الوجود العرقي الرافض للحكم المركزي في هذه المناطق وخاصة أتنية «الناندي».
وكان المسلحون دائمًا يجدون الملاذ منذ العام 1997، على سفح جبال روينزوري الخضراء البركانية، التي يبلغ ارتفاع قمتها خمسة آلاف متر، يزرعون فيها القهوة، ويتبادلون منتجاتهم مع السكان المحليين، المتحالفين معهم، ومن بين الجماعات الناشطة في هذه المناطق: القوات الديمقراطية المتحالفة أو «إيه دي إف – نالو».
نشأتها
كانت هذه الجماعة، قد تأسست في العام 1995، من جماعات أوغندية مسلمة معادية للرئيس الأوغندي، يويري موسيفيني، الذي يحكم البلاد منذ 1986، وأخذوا على عاتقهم الإطاحة بالحكومة، والدفاع عن «حقوق جماعة التبليغ»، وإقامة دولة إسلامية هناك.
وكان مقرهم في الأصل، غرب أوغندا، لكنهم بدأوا ينشطون في المناطق الحدودية، بين أوغندا والكونغو، ثم توسعوا في جمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة.
لكن خلال هذا الصراع الممتد لعقود، لم يظهر لـ«تحالف القوى الديمقراطية» أي التزام بهدفها الأصلي، المتمثل في إقامة دولة إسلامية، باستثناء استخدامها لمسمى «التوحيد»، فيما تردد إعلاميًّا من رغبة في تغيير اسم الجماعة؛ حيث تستعمل الجماعة في منشوراتها اسم «مدينة التوحيد والموحدين»، منذ العام 2012 .
على الجانب الفكري، انتمى كثير من مؤسسي القوات الديمقراطية المتحالفة، إلى جماعة التبليغ والدعوة «التي لا تعتمد العنف»، في بدايات نشاطهم، قبل أن يتبنوا السلفية الجهادية.
إذ كانت الحركة تتكون أساسًا من ناشطي «تابليك»، وهي حركة دعوية إسلامية، اشتد عنف مقاتليها على مر السنوات.
وفي يونيو 2016، قتل جيش الكونغو «هود لوكواجو»، القائد العسكري للجماعة، والذي كان يعتبر الرجل الثاني فيها، بعد الزعيم السياسي سيكا موسى، والذي تولى منصبه بعد إلقاء القبض على سلفه، جميل موكولو، في تنزانيا عام 2015.
إذ كان «موكولو» الشخصية الرئيسية للمجموعة، وهو كاثوليكي سابق اعتنق الإسلام، ثم صار سلفيًّا، بعدما سافر إلى إحدى دول الخليج -على ما يبدو- لمتابعة دراسته الدينية هناك، ثم صار جهاديًّا، خلال تلقيه تدريبات في معسكرات الجهاديين بأفغانستان وباكستان.
أدرجت الولايات المتحدة الجماعة على لائحتها للمنظمات الإرهابية، منذ 2001، وبات جميل موكولو يخضع لعقوبات الأمم المتحدة، منذ 2001، والاتحاد الأوروبي منذ 2012، وهو يخضع حاليًّا للمحاكمة؛ بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
ويظهر من الطرق التي تتبعها الجماعة، تشابه إلى حد كبير مع الطرق التي تتبعها التنظيمات الجهادية العالمية، كالمتفجرات التي يتم زرعها على الطرق، وعمليات الاختطاف.
جماعات إرهابية
ويتردد وفق تقارير صحفية، أن للقوات الديمقراطية المتحالفة روابط مع جماعات جهادية عالمية، مثل تنظيم القاعدة وداعش وبوكو حرام، لكن الذين يرددون هذه الاتهامات، لم يقدموا دليلًا واضحًا عليها، كما لم يصدر إعلان رسمي عن الجماعة بذلك، وهي أيضًا لم تنفه، ومما يزيد الغموض حول الجماعة وطبيعتها كتنظيم محلي مغلق.
وتتهم كمبالا «عاصمة أوغندا» حركة «إيه دي إف- نالو» بالتواطؤ مع حركة الشباب المجاهدين المسلحة في الصومال، وفي 2011، قالت عناصر من الاستخبارات الأوغندية: إن عناصر من الحركة تدربوا على صنع العبوات اليدوية، على يد حركة الشباب، وتحدثوا عن وجود صوماليين في صفوف الحركة.
وفي فبراير 2018، قالت القوات الكونغولية: إنها عثرت على مواد وكتب، تابعة لتنظيم داعش، في حوزة مقاتلي «القوات الديمقراطية المتحالفة» في منطقة «بيني»، شرق البلاد.
ومما يستدلون به أيضًا على علاقة بين الجماعة وداعش، ما تردده بعض التقارير، أنه بين أوائل 2017، ويونيو 2018، تم رصد أموال دفعها المنسق المالي لداعش وليد أحمد زين «تم اعتقاله في كينيا شهر يوليو 2018»، على الأقل مرة واحدة لصالح القوات الديمقراطية المتحالفة.
مصادر التمويل
وتزامنًا مع ما قيل من دفع داعش لهذه الأموال، شرعت القوات الديمقراطية المتحالفة في التفكير في تغيير اسم الحركة؛ ليصبح «مدينة التوحيد والموحدين»، حسب تقارير استخبارية.
لكن من المعروف، أن القوات الديمقراطية المتحالفة، تمتلك وسائلها الخاصة بالتمويل، من خلال: قطع الأشجار وتصدير الخشب، واستخراج الذهب، والاتجار في العاج، إضافةً إلى شبكة من سيارات الأجرة والدراجات النارية، التي تعمل بين بوتيمبو وبيني وأويشا.
وفي أكتوبر 2017، نشرت «مدينة التوحيد والموحدين» مقطع فيديو ظهرت فيه كمجموعة جهادية، تنشط في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وعلى الرغم من عدم وجود صدى محلي أو إقليمي لميلاد هذه المجموعة الجديدة، قالت صحف محلية، مثل «كامبالا بوست» في ديسمبر 2017: إن القوات الديمقراطية المتحالفة تحولت إلى حركة جهادية إقليمية، تحت اسم «مدينة التوحيد والموحدين».
«داعش» يَمُدُّ أذرعه
وقدر خبراء تابعون للأمم المتحدة، في تقرير رفع إلى مجلس الأمن عام 2018، عدد مقاتلي القوات الديمقراطية المتحالفة، أو تحالف القوى الديمقراطية «التسمية التي يستخدمها التقرير» بالمئات، وأوضح فريق الخبراء حينها، أنه «لم يجد دليلًا على وجود صلات بين التحالف والمنظمات الجهادية الدولية».
وفي الوقت الذي تشكك فيه جهات بحثية ومراقبون، في صلة القوات الديمقراطية المتحالفة بتنظيم داعش، أعلن التنظيم في أبريل 2019، عن ولاية له وسط أفريقيا، كما نشر مقطع فيديو لجهاديين في الكونغو، يتعهدون فيه بالولاء له، لكن يصعب الجزم بأن هؤلاء تابعون لـ«القوات الديمقراطية المتحالفة»، أو يمثلونها.
تستخدم الجماعة في منشوراتها اللغات السواحلية والأوغندية «لغة محلية في أوغندا» والعربية والفرنسية ولغة الكينيارواندا «لغة رسمية في أوغندا يتكلمها حوالي 8 ملايين شخص».
وتقول مجموعة البحث حول الكونغو في جامعة نيويورك: «إن القيادة العليا للقوات الديمقراطية المتحالفة، لا تزال في أيدي الأوغنديين»، لكن المجموعة ومع التحولات الجديدة وارتباطها المشتبه فيه بداعش، صارت تستهدف جمهورًا أوسع.
وتتهم جماعات حقوقية «القوات الديمقراطية المتحالفة» باستهداف المدنيين؛ ردًا على العمليات المسلحة التي يشنها الجيش الكونغولي في المنطقة.
وقال الحقوقي، عمر كافوثا: إن المسلحين يحاولون وضع المدنيين في مأزق أمام الجيش؛ حتى يطالبونه بوقف عملياته المسلحة.
وبحسب مجموعات بحث دولية: حصلت الجماعة في السابق على دعم من الحكومتين «الكونغولية والسودانية».
وفي أكتوبر 2018، قالت الأمم المتحدة: إنها تدرس التفاوض مع «القوات الديمقراطية المتحالفة»، وسط مخاوف من أن الصراع في شرق البلاد، يعيق جهود منع انتشار فيروس إيبولا، وقالت ليلى زروقي، رئيسة بعثة الأمم المتحدة في الكونغو: «لا نستبعد إمكانية التفاوض»، مضيفةً أنه لا يمكن هزيمة جماعة نشطة هناك منذ عقود، بوسائل عسكرية فقط.