رغم التهديد الشعبي بمقاطعتها.. الانتخابات الإيرانية تعمق الفجوة بين الأصوليين والإصلاحيين
الخميس 20/فبراير/2020 - 06:40 م
طباعة
محمد شعت
انطلقت خلال الأيام الماضية حملات الدعاية للانتخابات التشريعية الإيرانية، والتي يخوضها 7148 مرشحًا تمت الموافقة عليهم من قبل مجلس صيانة الدستور، الذي واجه انتقادات حادة من التيار الإصلاحي بسبب إبعاد غالبية مرشحيه وإقصائهم من المشاركة لأسباب مختلفة.
تحديات غير مسبوقة
تأتي هذه الانتخابات في ظل تحديات غير مسبوقة تمر بها إيران على الأصعدة كافة داخليًّا وخارجيًّا، بداية من العقوبات الأمريكية التي يعاني منها نظام طهران وانعكاسات هذه العقوبات على الشارع نفسه، إضافة إلى الثورات في دول النفوذ الإيراني والتي ترفض بقاء هذا النفوذ وإنهاء دول الملالي، فضلًا عن عملية اصطياد قاسم سليماني قائد فيلق القدس في يناير 2020، وصولًا إلى حادث الطائرة الأوكرانية التي تعد مأزقًا جديدًا لنظام طهران، خاصة في ظل وجود أطراف دولية، ما أدى إلى زيادة التوتر في العلاقات الخارجية الإيرانية.
خلافات الأجنحة
الانتخابات التي من المقرر إجراؤها يوم 21 فبراير 2020 ستكون سببًا جديدًا في تزايد خلافات الأجنحة داخل نظام الملالي، في ظل توجه التيار المتشدد إلى تقليص المساحة التي يتحرك فيها التيار الإصلاحي، ومن المؤكد أن هذه الخلافات لا ترقى لمستوى «الصراع»؛ خاصة في ظل انعدام تكافؤ القوى والأدوات لكل الجناحين، فضلًا عن أن التيار الإصلاحي هو جزء من هذا النظام.
وتأتي هذه الخلافات في قلق التيار الإصلاحي الذي يعلم يقينًا أنه فقد شعبيته بالكامل في الشارع الإيراني، خاصة وأنه لم ينحز للمطالب الشعبية في الانتفاضات المتكررة خلال السنوات الأخيرة، وبات الشارع الإيراني يؤمن إيمانا راسخًا بأن هذه التيارات مجرد وجوه لنظام واحد، ما يجعل التيار الإصلاحي في موقف حرج بعد فقدان الشعبية وتقليص مساحته من قبل المرشد الأعلى للحرس الثوري.
على جانب آخر، يحاول التيار المحافظ أن يبدو بصورة الواثق من امتلاكه أدوات للحشد في هذه الانتخابات، على الرغم من استطلاعات الرأي التي تشير إلى النية الشعبية لمقاطعة الانتخابات؛ لكن التيار الذي يدير المشهد برمته يمتلك أوراق ضغط للحشد القسري، والتي تتمثل في تهديد الموظفين والدعم والرشاوى الانتخابية.
دعوات المشاركة
على الرغم من الأحاديث المتكررة بشأن الصراع بين جناحي النظام تبقى مصلحة التيارين واحدة، وهو ما ظهر في توافق التصريحات بين المرشد علي خامنئي والرئيس الإيراني، التي تمثلت في الدعوة للمشاركة بكثافة في الانتخابات، والتأكيد على نزاهة الانتخابات وشفافيتها، إضافة إلى تبني الإصلاحيين لهجة المحافظين في الهجوم على أمريكا.
الدعوات المشتركة من التيارين تؤكد أن التيار الإصلاحي جزء من النظام، والخلافات المثارة بينهما تتعلق فقط بقلق التيار الإصلاحي من المساحة الممنوحة له بالتحرك خلالها ونزع صلاحيته وأدواته، وهو الأمر الذي بدت بوادره منذ خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، واتجاه الحرس الثوري إلى إنهاء السياسة التي دعا الإصلاحيون للانفتاح مع الخارج، وتزداد مخاوف الإصلاحيين أكثر بسبب تآكل شعبيتهم في الشارع، لكن يبقى إيمان الإصلاحيين بأن بقائهم مرهون باستمرار هذا النظام، وحال سقوطه لن يمنحهم الشعب الإيراني أي فرصة للعودة للمشهد.