خطر الإخوان داخل مؤسسة الأزهر.. مناهج ضد الدولة
الأربعاء 23/ديسمبر/2020 - 07:16 م
طباعة
يلتبس عند البعض أحيانا المواقف التي يتخذها الأزهر الشريف تجاه جماعات الإسلام السياسي بداية من رفضه تكفير داعش إلى المواقف التي تتسم بالميوعية في التصدي لجماعة الإخوان الإرهابية، وربما ينتفي الالتباس حينما نعرف أن عمر عبد الرحمان منظر الجماعات الإسلامية هو من خريجي الأزهر وأن رسالة الدكتوراة الحاصل عليها من الأزهر باشراف الدكتور سيد طنطاوي رحمه الله والتي تعد المنافستوا لهذه الجماعة وتكاد تكون واحدة من مرجعيات الجماعات الإسلامية حتى الأن، ولا ننسى مواقف الدكتور محمد عمارة الذي وضع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في حرج أكثر من مرة بسبب دأبه على نشر مقالات تهاجم النظام وموالية للإخوان في مجلة الأزهر، ليس هذا فقط بل ظل عضوا لهيئة كبار علماء الأزهر حتى وفاته، وكذلك تصريحات الامام الطيب في مايو 2011، التي جاءت تعقيبا على اللقاء الشهير بين الأزهر وأعضاء مكتب الارشاد حيث قال بأن نصف الإخوان «أزهريون» وكم كان هذا التصريح موجع ومؤلم، بجانب خطورته البالغة، فى نثر بذور الأفكار التكفيرية، ولم يكتفِ شيخ الأزهر بهذا التصريح، وإنما استرسل قائلا: «اللقاء جاء وديا وطيبا للغاية واتفقوا على التعاون المشترك بين المشيخة ومكتب الإرشاد»، وقال أيضا: «الزيارة جاءت بعد أن أصبح المناخ مناسبا لها».
من بعد هذا التصريح وخلال السنوات السابقة كان محمد عبدالسلام، المستشار التشريعي والقانوني السابق لشيخ الأزهر، هو الرجل الأقوى داخل المشيخة، والمتحكم في اختيار القيادات الموكل إليها تولي المناصب القيادية في مختلف الهيئات التابعة للمؤسسة الأزهرية، وكان رجاله هم المسؤولين عن اعتماد تدريس المؤلفات الإخوانية داخل كليات الأزهر، واعتبارها مقررات رسمية تدرس على طلاب 14 كلية بجامعة الأزهر؛ ففي 12 سبتمبر من العام 2018 وخلال مؤتمر صحفى عقد حينئذ بجامعة الأزهر، تم الإعلان عن اتخاذ عدد من الإجراءات لتطوير مناهج الأزهر، إلا أن هذا التطوير كان إخوانيًّا.
فقد حدد «محمد عبدالسلام»، عدة محاور رئيسية اعتبرها خطوات فاعلة اتخذتها جامعة الأزهر نحو تطوير المناهج الدراسية، وقد أوكل للدكتور يوسف عامر، نائب رئيس جامعة الأزهر لشؤون التعليم والطلاب، مهمة توحيد الكتاب الجامعي على مستوى الجامعة، وكانت الكارثة هي حشو أدمغة الطلاب بالفكر الإخواني الإرهابي، من خلال 4 مؤلفات اعتمدها رئيس الجامعة ونائبه وتم تدريسها بالفعل بداية من العام الدراسي الجاري 2018/ 2019 وتعميمها على 14 كلية أزهرية.
أول المؤلفات الإخوانية التي قرر رجال المستشار محمد عبدالسلام، تدريسها لطلاب جامعة الأزهر هو كتاب «أبرز المؤسسات الدعوية في القرن العشرين»، لمؤلفه الدكتور بكر زكي عوض، عميد كلية أصول الدين السابق بالقاهرة، وأستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية المتفرغ، ومستشار وزير الأوقاف للشؤون الثقافية.
يتحدث مؤلف الكتاب من الصفحة 107 وحتى الصفحة 126، عن جماعة الإخوان الإرهابيَّة، زاعمًا أن أعضاءها هم رجال الدعوة الحديثة، وأن الجماعة من كبرى الجماعات الإسلامية، وما زالت قائمة حتى الآن دون أن يذكر تصنيفها بـ«الإرهابية» من قبلِ الدولة، ويصف مؤسس الجماعة حسن البنا بالذكاء الخارق، وأنه استقى أفكاره من والده ومشايخ الصوفية.
ويصف عميد كلية أصول الدين السابق بالقاهرة، في كتابه الحكومات السابقة (بدءًا من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وحتى الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك) بالحكومات الظالمة المستبدة، مدعيًا أنها ظلمت الإخوان، مما أدى لتعاطف الناس معهم، وزاعمًا أن الجماعة هي الأكثر شعبية وتنظيمًا والأوسع انتشارًا، ومتهمًا الإمام الأكبر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي، بـ«الضعيف».
أما ثاني المؤلفات الإخوانية التي قرر رجال المستشار محمد عبدالسلام، تدريسها لطلاب جامعة الأزهر؛ فهو كتاب «وسائل تبليغ الدعوة»، لمؤلفه الدكتور عبدالرحمن جيرة، أستاذ الدعوة بكلية أصول الدين بالقاهرة، وهذا الكتاب مقرر على طلاب الفرقة الثالثة بكليات أصول الدين (6 كليات منتشرة في فروع الجامعة على مستوى الجمهورية).
يحرض مؤلف كتاب «وسائل تبليغ الدعوة»، صراحة في مؤلفه على الدولة المصرية، ويناوئ سياستها، ويمدح في زعماء الإرهاب، ومن ذلك وصفه في الصفحة 65 لمفتي الإرهاب يوسف القرضاوي، بـ«الشيخ الكبير» وصاحب الفضيلة، مدعيًا أنه أول من اعتمد على التقنية الحديثة بأنواعها المختلفة في إيصال كلمة الإسلام إلى العالم، وأن مؤيديه أطلقوا العديد من المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت.
وجاء ثالث المؤلفات الإخوانية الذي قرر رجال المستشار محمد عبدالسلام، تدريسه لطلاب جامعة الأزهر، تحت عنوان «النظم الإسلامية»، وهو من تأليف الدكتور مصطفى أحمد أبوسمك، والدكتور حسن عبد الرؤوف البدوي، والدكتور أحمد حسن سيد غنيم، أساتذة الدعوة بكلية أصول الدين بالقاهرة، وكلية البنات الأزهرية بالعاشر من رمضان، وهذا الكتاب مقرر على الفرقة الأولى بكليات أصول الدين، والدراسات الإسلامية للبنات.
يمجد مؤلفو هذا الكتاب في نظرية «الحاكمية»، مؤكدين في الصفحة 21 أن: «مجرد إعطاء حق التشريع لغير الله يعتبر شركًا»، وهذه العبارة التي أوردها أساتذة جامعة الأزهر تُعد دعوة حركية إلى تكفير المجتمع كله، ولم يكتفوا بهذا بل وصفوا في هامش الصفحة 25 الإرهابي سيد قطب بـ«الشهيد».
أما المؤلف الإخواني الرابع الذي قرر رجال المستشار محمد عبدالسلام، تدريسه لطلاب جامعة الأزهر، فقد حمل عنوان: «مناهج الدعوة الإسلامية»، وهو كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، فقد ألفه 3 من أساتذة جامعة الأزهر، من ضمنهم الدكتور يسري محمد هاني، وهو أحد أقطاب جماعة الإخوان الإرهابية، وسبق أن انتخب عضوًا بمجلس الشعب المصري لدورتين متتاليتين ممثلًا للجماعة.
والغريب في أمر كتاب «مناهج الدعوة الإسلامية»، أن واحدًا ممن قاموا على تأليفه وهو الدكتور يسري محمد هاني، صدر له قرار رسمي (قبل تولي الدكتور محمد المحرصاوي، رئاسة جامعة الأزهر) بالمنع من دخول الكنترولات، نظرًا لخطورة أفكاره الإرهابية، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات والتي من أهمها: كيف سمح لهذا القيادي الإخواني المعروف بنشر فكره في كتاب رسمي يدرسه الأزهر لطلاب جامعته.
ولم يقف الأمر على المناهج التعليمية بل ذهبت عناصر الجماعة بالتسلل إلى مواقع قيادية مهمة تتيح لهم السيطرة على مفاصل الفكر والتعليم وأقرب مثال لهذا هو الدكتور حسن الشافعي المعروف بانتمائه لجماعة الاخوان الارهابية ليس هذا فقط بل كان يوم ما عضوا في تنظيمها الخاص، وقد نجح حسن الشافعى لفترة طويلة فى خداع الجميع، أن يخفى «هويته الإخوانية» تحت «عمامة الأزهر».
حينما تطرق البعض إلى «عصابة الإخوان» داخل الأزهر وهو على رأسها دافع عنه كثيرون وبينهم الدكتور الطيب نفسه، من بعد «٣٠ يونيو» لم يستطع حسن الشافعى أن يستمر فى خداعه، فأفصح عن «إخوانيته» تحت وقع انهيار «حلم الإخوان».
وأمام تأييد مؤسسة الأزهر وحضورها مشهد عزل «مرسي» كان لـ«الشافعى» رأي آخر حاولت الجماعة أن تستغله فى حربها غير المقدسة، فقد وصف ما حدث بـ«المؤامرة الانقلابية» حيث اعتبر الرجل أن ما حدث فى ٣٠ يونيو «انقلاب عسكرى مكتمل الأركان»، وزاد: «المؤامرة الانقلابية مدبرة بدقة وإحكام قبلها بثلاثين ساعة بل ومن بدء رئاسة الدكتور مرسى».
دعا «الشافعى» فى هذا البيان إلى «عودة قنوات التحريض الدينية»، واصفًا عبدالفتاح السيسى بـ«كبيرهم الذى نسف عملية التحول الديمقراطى وداس ببيانه الانقلابى إرادة الشعب المصرى، بعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، وتعطيل العمل بالدستور وحل مجلس الشورى المنتخب».
وفى صيغة تهديدية يقول: «لن تستمر قوى البغى والعدوان أن تفرض الخوف فى قلوب المواطنين بعد أن ذاقوا طعم الحرية فى عهد د. مرسى»، مؤكدًا أن «الضغط على الإسلاميين لن يدخلهم تحت الأرض».
البيان الآخر كان بعد أحداث «الحرس الجمهوري»، حينما هاجمت عناصر «الإخوان» المقر لاعتقادهم بحبس محمد مرسى داخله.
ترك «الشافعى» محاولة استهداف منشأة عسكرية، ورأى أن «ما حدث ظلم فادح لم نشهد له مثيلًا حتى من المستعمرين».
لم يكتف الشافعي بالهجوم على الجيش والشرطة، بل دعا من وصفهم بـعلماء العالم الإسلامى كله فى السعودية والخليج والشام والعراق وباكستان والهند وفى ماليزيا وإندونيسيا وفى المغرب العربى وإفريقيا للتدخل ضد السلطات القائمة التى شبهها بالصهاينة حينما قال: «يا عباد الله ٤٠٠٠ جريح و١٠٠ قتيل فى ساعة أو ساعتين فى معركة ليست تدور مع الصهاينة الذين اغتصبوا الأرض المقدسة بل مع مصريين مسلمين عزل».
وقتها زاد الضغط على شيخ الأزهر لأن ينظف بيته من «الإخوان»، فأصدر قرارًا بإعادة تشكيل المكتب الفنى، حيث تم إسناد رئاسة المكتب للدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، خلفًا لـ«حسن الشافعى»، فيما استقال الأخير من منصبه كمستشار لـ«الطيب».
وبعد كل هذا وغيره المزيد الذي يحتاج لمؤلفات ومجلدات عن الإخوان داخل مؤسسة الأزهر.. هل تستطيع المؤسسة التي تحترمها ونقدرها ونعتبرها المرجعية الدينية الأولى للعالم السني، هل تستطيع أن تطهر نفسها من رجس هؤلاء الإرهابيون وأن تعيد النظر في المواد الدراسية التي تقدمها لأبنائنا.