11 سبتمبر.. انتشار الإرهاب وتغير خارطة العالم السياسية
الإثنين 13/سبتمبر/2021 - 12:51 م
طباعة
حسام الحداد
قد صار يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001، يوم الفصل بين زمنين حيث تحوّل هذا الحدث الإرهابي الذي هز العالم إلى نقطة تاريخية فاصلة يتم التأريخ عبره، فهناك ما قبل وما بعد الحادي عشر من سبتمبر كما درجت كثير من الأقلام على هذا التمييز، ومن بين الأقلام المهمة التي ناقشت هذا الحدث الذي هز العالم وأعاد رسم خريطته السياسية، وتحولاته الاستراتيجية، هو الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا، الذي أكد في كتابه المهم «ما الذي حدث في حدث 11 سبتمبر؟»، أن 11 سبتمبر حدث لا يمكن نسيانه أو محوه ببساطة من الأرشيف المشترك لتاريخ عالمي، لكن هذا الحدث بالتحديد فرض على العالم سطوته من بين كل الحوادث المشابهة له بسبب وسائل الإعلام التي بالغت في تعظيمه عبر آلية التكرار القهري في الحديث عنها، وتحويل هذا اليوم إلى يوم عظيم بمجرد ذكر رقم اليوم والشهر وبغض النظر عن أي شيء آخر عدا 11 سبتمبر.
يؤكد دريدا وهو يخوض في تحليل الحدث من زاويته الألسنية والفلسفية ليعرج على شعار «الحرب على الإرهاب»، معتبرًا إياه يتسم بغموض وألغاز شديدة، مستشهدًا بأحاديث الرئيس السابق ومهندس الحرب على الإرهاب جورج بوش الابن، ومعتبرًا أن كل تسجيلاته وتصريحاته حول الحرب على الإرهاب لا يمكن معها تحديد عدو واضح بسب التباس المفهوم وعدم تعريفه حتى الآن بشكل واضح ودقيق، فمفهوم الإرهاب وفقًا لدريدا يعاني من تشويش في الحقل الدلالي للكلمات والتعابير المستعملة وتعدد التأويلات والرؤى ما بين تبرير الإرهاب بأنه ردة فعل تجاه عنف الدول العظمى، وبين الأبرياء الذين يذهبون ضحايا الإرهاب والإرهاب المضاد له.
كتاب دريدا الذي صدرت ترجمته العربية في 2004، يتخطى الحدث بالحديث عن تأثيراته المستقبلية ويقدم الفيلسوف دريدا تنبؤات حول حروب العالم القادمة، فالإرهاب لن يقتصر على حرب الشوارع والطائرات أو الانتحاريين، بل سيتخذ أشكالاً أكثر حداثة كما هو الحال مع تطور العالم تقنيًا، ومن هنا يمكن القول إن حرب العالم القادمة هي حرب إلكترونية من خلال تعطيل الأنظمة التي يعتمد البشر عليها في تسيير حياتهم اليومية.
ويسرد دريدا في كتابه التغييرات الكبيرة التي أثر عليها عولمة الحدث الإرهابي كحدث كوني على الحياة اليومية للأمريكان، حيث تغيرت مفاهيم متعددة على المستوى الداخلي للأفراد العاديين داخل أميركا وخارجها، وأكثر التغييرات طرأت على الجالية المسلمة في أميركا وأوروبا التي تحولت فجأة إلى أكبر اهتمامات المجتمعات الغربية بسبب تصاعد ممارسات الكراهية وأعمال العنف التي تصل أحيانا إلى درجة جرائم القتل، كما أن تغييرات كثيرة طرأت على العالم تحت مسمى الإجراءات والاحتياطيات الأمنية، وكيف أثر ذلك على الحريات الشخصية وسهل للانتهاكات المباشرة حتى في أعرق دول العالم ديمقراطية.
حجم نفقات الحروب الأمريكية بعد 11 سبتمبر
قال باحثون من جامعة "براون" إن الحكومة الأمريكية وبعد انتهاء الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان، ستواصل تحمل بعض التكاليف المالية الناجمة عن الحروب التي تلت هجمات 11 سبتمبر.
وبحسب تقرير عن التكاليف فإن تكلفة الحرب في أفغانستان بلغت 2.3 تريليون دولار حتى الآن، مشيرا إلى أن هذا الرقم لا يشمل ذلك الجسر الجوي الضخم الذي أجرته إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإجلاء 123 ألف شخص من أفغانستان قبل انتهاء عملية مغادرة القوات العسكرية النهائية للبلاد.
وقدر الباحثون في جامعة براون أن الولايات المتحدة أنفقت 5.8 تريليون دولار على الحرب في أفغانستان والصراعات الأخرى الناجمة عن هجمات 11 سبتمبر 2001. ويشمل ذلك الإنفاق المباشر وغير المباشر على كل شيء، من المعدات العسكرية إلى الأمن الداخلي، إلى مكافآت تعويض عائلات القتلى من أفراد الخدمة الأمريكية.
وكشف التقرير أن الصراعات في العراق وسوريا كلفت الولايات المتحدة 2 تريليون دولار إضافية، وبلغت كلفة عمليات مكافحة الإرهاب الأخرى في أماكن مثل الصومال وأجزاء أخرى من إفريقيا حوالي 355 مليار دولار، مبينا أنه رغم انتهاء الوجود العسكري في أفغانستان، ستستمر بعض التكاليف، مثل الرعاية الطبية المستمرة للمحاربين القدامى، فالاعتناء بهم كلف الدولة 456 مليار دولار حتى الآن، وسيكلف الولايات المتحدة 2.2 تريليون دولار حتى عام 2050.
11 سبتمبر والتحولات الاستراتيجية
الرئيس جورج بوش الابن الذي جاء رافعاً شعار "المحافظة الرحوم" وأراد أن يكون رئيساً داخلياً، فاجأته أحداث 11 سبتمبر، وبدلت مساره ومسار أميركا والعالم. كان المحافظون الجدد في الإدارة مؤدلجين يريدون تغيير العالم. وكانت تفجيرات برج التجارة العالمي في نيويورك والبنتاجون في واشنطن الفرصة التي انتظروها وقيل إنها أعادت أميركا من "إجازة من التاريخ". فهي كانت ذروة "الإرهاب ذي الوصول العالمي" لتنظيم "القاعدة"، وأحدثت ما قالت مستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس أنه "واحد من الزلازل النادرة التي تسبب تبدلات معمارية في السياسة الدولية". وهكذا ولد "مبدأ بوش"، بحسب رايس، الذي بدأ بمعادلة ذات دلالات: "الدول مسؤولة عما يحدث داخل حدودها، والذين يؤوون الإرهابيين سيعاملون كإرهابيين".
والترجمة العملية كانت غزو أفغانستان ثم غزو العراق، وسط مطالبة الأكثر تشدداً بين المحافظين الجدد بإسقاط الأنظمة في ست دول عربية. والأساس النظري هو عودة إلى "استراتيجية حرب وقائية وهيمنة" دعا إليها جون كوينزي أدامس وزير الخارجية في رئاسة جيمس مونرو. لكن المحافظين الجدد دمجوا بين نوعين من الحرب الوقائية: واحد ضد عدوان وشيك، وآخر ضد دولة يمكن أن تصبح تهديداً. ثم أضيف إلى الحرب الوقائية شعار "نشر الديمقراطية" وإعلان "الحرب الكونية على الإرهاب". لا بل إن رايس انتقدت نصف قرن من السياسة الأميركية التي حمت "أنظمة استبدادية" بحجة الحفاظ على المصالح والاستقرار، قائلة إن "الحرية هي التي تضمن الاستقرار وتحمي المصالح". وهي استذكرت قول كلينتون من أنه "يجب أن نكون راسمي الأحداث ومراقبيها" وقول وزيرة خارجيته مادلين أولبرايت يجب أن نكون "مؤلفي التاريخ في عصرنا" لترى أنه ليس لدى كلينتون "تصور لعمل القوة في عالم متغير". أما روسيا فإنها لم تقلق بوش الذي أعلن أنه يستطيع العمل مع الرئيس فلاديمير بوتين. وأما الصين، فإن مرتبتها تبدلت من "شريك استراتيجي" إلى "منافس استراتيجي".
لكن المستفيد الأكبر من حرب بوش كان البلد الذي وضعته واشنطن في "محور الشر": إيران. فالغزو الأميركي أسقط نظامين معاديين لطهران في أفغانستان والعراق. وهذه ضربة حظ حققت للجمهورية الإسلامية ما جاء في قصيدة لشاعر فارسي قديم: "اضرب رأس الأفعى بيد عدوك". فالعراق اليوم واقع تحت الهيمنة الإيرانية، وإن كان بين السياسيين من يحرص على الاستقلالية ويدرك عمق الشعور القومي العربي لدى الشعب، وكانت أميركا موجودة عسكرياً. وأفغانستان بعد 20 سنة من الغزو استعادتها حركة طالبان بالقوة وبالتفاوض مع أميركا.
هجمات سبتمبر
جاء أوباما بمنافسته في ترشيحات الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية. وأوحى أن الاقتصاد همه الأول. قال إن أميركا ليست شرطي العالم. ترك لأحد مساعديه التذكير بقول لوزير الخارجية في الربع الأول من القرن التاسع عشر وهو: أن أميركا لا تذهب إلى الخارج بحثاً عن وحوش تدمرها". وضع مكافحة "التطرف العنيف" مكان "الحرب الكونية على الإرهاب". سحب القوات الأميركية من العراق، بحيث ظهر "داعش" وتوسع معلناً "دولة الخلافة" في أجزاء واسعة من العراق وسوريا. وراهن بكل قواه على التوصل إلى الاتفاق النووي في إيران. وربما كانت "القيادة من المقعد الخلفي" هي أسلوب تطبيق "مبدأ أوباما".
أي مبدأ؟ التوجه نحو اللعب مع الكبار بدل الانشغال بمحاربة الإرهاب، بالتالي التركيز على اللعبة الكبيرة مع الصين وروسيا. تخفيف الاعتماد على الشرق الأوسط وتقليل أهميته الاستراتيجية، ثم التحول نحو الشرق الأقصى المركز الجديد للثروة. والرهان على إقامة التوازن بين قوتين في الشرق الأوسط بما يريح واشنطن: قوة شيعية تقودها إيران، وقوة سنية يقودها الإخوان المسلمون في تونس ومصر وتركيا. وهذا مشروع فشل في مصر وتونس، ومهدد بالفشل في تركيا.
وليس وصول دونالد ترمب إلى الرئاسة سوى نتاج هذه الظروف والتحولات. فهو رفع شعار: "أميركا أولاً"، وفتح النار على مؤسسات النظام الليبرالي العالمي الذي صنعته أميركا بعد الحرب العالمية الثانية. دخل في مواجهة مع كل من روسيا والصين، ولم يوفر حلفاء أميركا في أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية من الهجمات. "صادق" زعيم كوريا الشمالية بعد التهديد بمحو بلاده عن الخريطة. وعمد إلى "الضغط الأقصى" على إيران ضمن سياسة "كبح النفوذ الإيراني" بعد الانسحاب من الاتفاق النووي. ومختصر "مبدأ ترمب" هو أن "العالم ميدان للتنافس على المصالح وليس مجتمعاً دولياً"، كما قال مستشاره السابق للأمن القومي الجنرال ماكماستر.
خلال هذا المسار الأميركي جرت متغيرات مهمة في العالم. أولها استعادة روسيا دور القوة العظمى الدولية، بعدما وضعها أوباما في إطار "قوة إقليمية". إذ تحدّت أميركا والحلف الأطلسي بالقتال في جورجيا ودعم انفصال أبخازيا وأوسيتيا، وضم شبه جزيرة القرم، ثم الدخول العسكري في حرب سوريا بما أحدث تحولاً في الوضع. وثانيها صعود الصين إلى مرتبة القوة العظمى الاقتصادية الثانية بعد أميركا وبداية لعب دور عالمي واسع عبر مشروع "حزام واحد، طريق واحد". فهي طبقت وصية دينغ هسباوبينج أهم قائد بعد ماو: "خبّئ قوتك، وانتظر وقتك". وحققت في عام 2019، وعد الرئيس شي جيبينج بأنها أصبحت "قوة علمية كونية". وما كان "اجتماع واشنطن" في الاقتصاد أخذ مكانه "اجتماع بكين". وثالثها صعود قوى إقليمية بعضها ديمقراطي مثل الهند. وبعضها الآخر ثيوقراطي مثل الجمهورية الإسلامية في إيران التي تفاخر بأنها تحكم "أربع عواصم عربية" وترى نفسها "قائدة العالم ضد أميركا"، بحسب المرشد الأعلى علي خامنئي.
أوروبا تغلبت على أشباح الماضي وازدهرت اقتصادياً تحت مظلة الحماية الأميركية، وخسرت كثيراً من مكانتها ودورها كقوة عسكرية. والشعار الذي شاع في أميركا هو "الأميركيون من المريخ، والأوروبيون من الزهرة". وأكثر ما ينطبق على وضع روسيا هو قول مدير مركز كارنيجي في موسكو ديمتري ترينين: "روسيا غادرت القرن العشرين من بابين: واحد يقود إلى السوق المعولمة والقرن الحادي والعشرين. وآخر مفتوح على اللعبة السياسية الكبرى في القرن التاسع عشر". فالرئيس بوتين أعلن بوضوح أنه يمارس استراتيجية "التخلص من نتائج الحرب الباردة". إذ اعترف بأن نهاية الحرب الباردة أنهت "النقاش الأيديولوجي، لكن الجدل الجيوسياسي باق لأن المصالح باقية. والقوة العسكرية ستكون أداة للسياسة العالمية".
وليس لدى بايدن استراتيجية واضحة. لا استراتيجية تضع أميركا في تحالف مع "اليقظة السياسية الكونية" على حد تعبير الجنرال سكوكروفت. ولا استراتيجية توازن إقليمي بين القوى سماها البروفسوران جون ميرشيم وستيفن والتر "استراتيجية أوف شور". ولا نسخة جديدة من مبدأ ترومان" دعا إليها السناتور تيم كاين. ولا "استراتيجية عظمى لمواجهة بوتين" تحدث عنها السفير الأميركي السابق في روسيا مايكل ماكفول. ولا أحد يسمي الحرب الخارجية مع الصين استراتيجية رابحة.
حقائق جديدة
رغم مرور 20 عام على هجوم 11 سبتمبر 2001، إلا أن الذاكرة الأمريكية لا تزال مشحونة بالآلام بسبب هذه الهجمات الإرهابية التي تعد الأعنف في تاريخ أمريكا.
ورصد تقرير لقناة "فوكس نيوز" الأمريكية نشر في 20019، عددا من الحقائق الجديدة التي ربما قد يسمع بها البعض للمرة الأولى.
وأشار التقرير إلى أن الهجمات التي أسفرت عن مقتل نحو 3 آلاف شخص، استمرت لنحو ساعة ونصف، واستخدمت فيها طائرات مدنية مختطفة انطلقت من ثلاثة مطارات أمريكية، كما شارك في الهجوم 19 خاطفا ينتمون لتنظيم القاعدة الإرهابي.
- خلال 102 دقيقة، قُتل 2977 شخصا في هجمات بمدن نيويورك وواشنطن وشانكسفيل بولاية بنسلفانيا، بينهم 343 رجل إطفاء، و23 شرطيا، و37 من عناصر سلطات الموانئ في نيويورك.
- تراوحت أعمار الضحايا بين سنتين و85 عاما، وكان نحو 80% من الضحايا من الرجال.
- لم يكن الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في واشنطن عندما وقعت هجمات 11 سبتمبر، حيث كان يزور إحدى المدارس في مدينة ساراسوتا بولاية فلوريدا.
- أثناء الهجوم على مركز التجارة العالمي تمكنت كلبة تدعى روسيلي من إنقاذ مالكها الأعمى بعد أن اقتادته إلى خارج المبنى قبل انهياره بدقائق.
لحظة الهجوم على برجي التجارة العالميين
- 18 شخصا فقط هم من نجوا من انهيار مبنيي مركز التجارة العالمي، حيث كانوا موجودين في الجزء السفلي الواقع تحت الأرض.
- أسفر عن انهيار المبنيين نحو 1.8 مليون طن من الحطام، واستغرق الأمر 3.1 مليون ساعة من العمل لإزالته، بينما استغرق إطفاء الحرائق الناجمة عن انهيار البرجين 99 يوما.
وكشفت "فوكس نيوز" أنه "تم العثور على 144 خاتم زواج في الحطام، كما أن قيمة الدمار الذي لحق بالأعمال الفنية نتيجة الانهيار تقدر قيمته بنحو 100 مليون دولار ".
وأضاف تقريرها "قُتل جميع ركاب وطاقم وخاطفي الطائرة التي تحطمت قرب حقل خارج مدينة شانكسفيل، كما تشير التقديرات إلى أن الطائرة كانت تحلق بسرعة 500 ميل في الساعة عندما اصطدمت بالأرض".
وأكد التقرير أن مكتب الاستطلاع الوطني، التابع لوزارة الدفاع الأمريكية، كان يخطط لإجراء تمرين تدريبي في الساعة 9 صباحا بتوقيت نيويورك في يوم 11 سبتمبر، يتعلق بكيفية التصرف في حال اصطدمت طائرة بمبنى في واشنطن.
وقال إن بناء البرجين استغرق خمس سنوات، فيما استغرقت عملية انهيارهما 102 دقيقة، فيما قررت السلطات عدم ترك موقع البرجين فارغا، حيث تم افتتاح مركز التجارة العالمي 1، وهو عبارة عن ناطحة سحاب بارتفاع 1776 قدما، وبجوارها تم إنشاء نصب تذكاري ومتحف.
تغير الخريطة السياسية
شكّل الحادي عشر من سبتمبر نقطة تحول في السياسة الخارجية الأمريكية، كما يعتبر بداية مرحلة تاريخية ومفصلية بالنسبة للعلاقات الدولية التي شغلت وشكلت الرأي العام العالمي.
وأصبح الشرق الأوسط ـ تحديدا ـ «ضحية» الحدث الإرهابي (الأعظم) في التاريخ المعاصر، من حيث التخطيط والتنفيذ وعدد الضحايا .. ويتفق خبراء سياسيون ، على أن الولايات المتحدة الأمريكية استغلت الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001، للتدخل في الشؤون الداخلية لدول الشرق الأوسط، وفي مقدمتها دول عربية، وإعطاء نفسها الحق لاقتحام العراق، دون موافقة مجلس الأمن، وبدأت تتحدث عن (من ليس معنا.. ضدنا)، وتعمل باستراتيجية الحرب الاستباقية، وأصبح شعار السياسة الخارجية الأمريكية (الحرب على الإرهاب)، ولم تعد للحرب على الشيوعية أولوية لديها.
وبينما اعتبر غالبية الخبراء الاستراتيجيين الأمريكيين، أن 11 سبتمبر كان الشرارة للحرب على الإرهاب،.. يؤكد الخبير الصيني في شؤون الشرق الأوسط (هوى)، أن الولايات المتحدة تعتبر أن حرب الإرهاب في العراق مسألة ذات أهمية استراتيجية بالغة، باعتبار أن العراق منطلق مهم لتجفيف منابع التطرف الإسلامي، المتمثل في القاعدة، وذلك باستدراج كوادره الى حرب الارهاب، و استخدام العراق ساحة قتل لكوادر القاعدة و العناصر الإسلامية المتطرفة في المنطقة والعالم.. ومن جانبه قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم في حديث له لتلفزيون الغد، صفوت فانوس، إن واشنطن ربطت الإرهاب بالدول الإسلامية باعتبار أن منفذي العملية من الدول الإسلامية والتنظيم الذي أعلن مسؤوليته وهو تنظيم القاعدة تنظيم إسلامي، وبالتالي تحولت استراتيجية الولايات المتحدة إلى ضرب حركات الإسلام السياسي، وانتهجت الولايات المتحدة سياسة الحرب بالوكالة، واستخدمت جماعات الإسلام الجهادي ضد الإسلام المعتدل، والأنظمة العربية غير الإسلامية ضد الأنظمة الإسلامية في الدول العربية، وإن تأثير هذا الحدث سيستمر إلى أن يطرأ حدث جديد بواسطة عدو جديد قد يكون غير إرهاب «الإسلام السياسي».
وتأثرت العلاقات الدولية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، تأثرًا كبيرًا، الأمر الذى شكّل لها اتجاهات جديدة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، وحدد خريطة العلاقات بين أمريكا والدول الكبرى، ومنها الصين التي اعتبرت أن أحداث 11 سبتمبر 2001 عبارة عن تكريس نهائي لمسار واتجاهات العلاقات الدولية منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، فمشهد الهيمنة الأمريكية الأحادية هو الذى أوصل العالم إلى 11 سبتمبر 2001، وأن اتجاه العلاقات الدولية بالنسبة للصين لابد أن يكون اتجاه «السيطرة التلقائية»، على العلاقات الدولية والعالم، عبر التوسع في النشاطات الاقتصادية، بالإضافة إلى العمل على إنشاء تكتلات سياسية تدور حول المحور الصيني، وتقوية الوجود الصيني في منطقة الشرق الأوسط عبر استراتيجية منظمة وطويلة المدى، بحسب رؤية الباحث محمد ضياء الدين محمد، في بحثه المهم «اتجاهات العلاقات الدولية بعد أحداث سبتمبر».
أما روسيا، فقد أعادت لها أحداث 11 سبتمبر الآمال بإمكانية استعادة المكانة الدولية لها، وأعدت روسيا مسودة الاستراتيجية الروسية الجديدة عبر لجنة كونتها لوضع استراتيجية تسمى «استراتيجية السيطرة الروسية المستقبلية»، وحسب هذه المسودة فإن روسيا ستقود العالم خلال ثلاثين سنة على الأكثر، وبهذه المسودة توضيح لاتجاهات العلاقات الدولية بالنسبة لروسيا.