مستقبل غامض.. الأويغور بين أحلام طالبان وطموحات داعش
يعيش
اللاجئون الأويغور حالة من القلق حول مستقبلهم، بعد وصول حركة طالبان إلى السلطة، خاصة
مع تنفيذ مواطن من الأويغور عملية تفجير مسجدا للشيعة في قندوز الجمعة الماضية، وهي
العملية التي تبناها تنظيم "داعش خراسان".
ولقى
ما لا يقل عن 46 شخصا مصرعهم، فيما أصيب ما لا يقل عن 143 في هجوم انتحارى على مسجد
شيعى في منطقة سيد آباد بإقليم قندوز يوم الجمعة، وحددت وكالة أعماق للأنباء التابعة
للتنظيم الانتحاري على أنه "مسلم من الأويغور".
وبحسب
بيان نُشر على الموقع الإخباري ، فإن "الشيعة وطالبان" كانوا هدفًا للهجوم،
مشيرًا إلى استعداد الجماعتين لطرد مسلمي الأويغور من أفغانستان بناءً على طلب الصين.
و
تنظيم داعش خراسان هو "مزيج من التنظيمات الجهادية السابقة، بما في ذلك الأويغور
والأوزبك وعناصر طالبان الرافضة للنهج الجديد للملا هبة الله آخوند زاده.
وتقدر
الأمم المتحدة أن هناك ما بين 500 وعدة آلاف من مقاتلي داعش في أفغانستان ، معظمهم
في الأجزاء الشرقية والشمالية من البلاد.
يرى
مراقبون أن تنفيذ مواطن أويغوري العملية الإرهابية
يضع "الأويغور الأفغان" في أزمة شديدة ويهدد بترحيلهم من البلاد، في ظل العلاقات
الجيدة التي تربط حركة طالبان بالصين، أيضا تهدد الحركة بعدم استخدام أراضيها في استهداف
الدول.
من
هم الأويغور الأفغان؟
الأويغور
هم أقلية مسلمة تتحدث اللغة التركية في مقاطعة شينجيانغ "تركستان الشرقية"
بشمال غرب الصين والتي تتعرض لضغط من الحكومة الصينية منذ فترة طويلة، ويسعون للانفصال
أو الحكم الذاتي.
وفقًا
لهذه الأقلية في الصين ، تحاول البلاد تقويض هويتها الثقافية والسياسية والدينية واستغلال
الموارد الطبيعية لشينجيانغ.
وفقًا
لتقارير وسائل الإعلام الأجنبية ، لطالما كانت المناطق الحدودية في أفغانستان ملاذًا
للأقليات العرقية الأويغورية الفارين من الصين.
وينشط
إرهابيو الإويغورفي ولاية بدخشان ، لدرجة أن العديد من طالبان في بدخشان أنفسهم غير
راضين عن أوامر قيادتهم ، نتيجة لنشاط مقاتلوا الإويغور، وتشير تقارير عدة غلى
توقف عملية نزع السلاح وتسوية قضية الأويغور في الوقت الحالي.
ويتواجد
اللاجئين الأويغور الفارين من الصين في الجزء الشمالي الشرقي من أفغانستان ، وتحديداً
في ولاية بدخشان التي تعد الجار الغربي إقليم شينجيانغ الصيني ذو الاغلبية من مسلمي
الأويغور، بالإضافة إلى العاصمة كابل ومزار شريف.
ويقدر
عدد الأويغور الذين يعيشون في أفغانستان بنحو 3 آلاف مهاجر غالبيتهم من الجيل الثاني
من المهاجرين، وهم يشكلون أقلية صغيرة في بلد يبلغ تعداد سكانه 37 مليون نسمة.
وتشير
البيانات التي نشرتها منظمة "مشروع الإيغور لحقوق الإنسان" في يونيو الماضي
إلى أن ما لا يقل عن 395 من الإويغور قد تم ترحيلهم أو تسليمهم أو نقلهم منذ عام
1997 رغم أن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى من ذلك بكثير.
الصين
وطالبان
خلال
لقائه وفد المكتب السياسي برئاسة عبد الغني
برادر، في يوليو الماضي، أعرب وزير الخارجية
الصيني وانغ يي، عن رغبته أن تقوم طالبان بقمع
حركة تركستان الشرقية الإسلامية ، والتي تمثل "تهديدًا مباشرًا للأمن القومي للصين".
والاثنين
11 أكتوبر الجاري، قررت حكومة طالبان طرد "الأفراد غير المرغوب فيهم" وعدم
السماح لهم بالعمل، وذلك بعد محادثات مع وفد من الولايات المتحدة الأمريكية.
وفقا
لتقارير افغانية يتواجد عناصر التنظيم الإرهابي في مناطق جبلية ولاية بدخشان، وتريد حركة تركستان
الشرقية الإسلامية ، التي أسسها متطرفون من الأويغور، موالية لتنظيم القاعدة، إقامة
حكومة "تركستان الشرقية" المستقلة في مقاطعة شينجيانغ الصينية.
ورغم
ولاء " تركستان الشرقية الإسلامية" لتنظم القاعدة، إلا أن هناك تقارير تفيد
بأن عددا من متطرفي الأويغور انضموا إلى داعش،وهو ما كشفه فيديو تبني عملية تفجير مسجد
قندوز.
وفي
وقت سابق أعلنت داعش الجهاد ضد الصين لأن بكين تسيء إلى مسلمي الأويغور، داعية في اصداراتها
الاعلامية الى بداية الجهاد والانتفاضة في الصين.
وتخوض
الصين ما تسميه حربًا ضد التطرف في شينجيانغ وخاصة حركة"تركستان الشرقية الإسلامية"
او الحزب التركستاني الإسلامي، والذي يتواجد عددا من عناصره في أفغانستان.
وتقول
بكين إن الجماعات المتطرفة الدولية ساعدت الإسلاميين هناك ، لذلك سيتعين على القادة
دفع طالبان لعدم السماح بعودة المتطرفين إلى أفغانستان وخاصة عدم السماح للبلاد بأن
تصبح ملاذًا للمتطرفين، كما كانت في أواخر التسعينيات.
مستقبل
الإويغور:
ويقول
الصحافي الأفغاني عبد القادر فقیر زاده لبوابة الحركات الاسلامية، إن أقلية الأويغور في أفغانستان تواجه أزمة كبيرة في
ظل تعهدات طالبان للحكومة الصينية بعدم استخدام أراضيها لتهديد دول الجوار، وهو م يهدد
وجود الأويغور في البلاد.
وأوضح
"زاده" أن الأويغور يتواجدون في كابل ومزار شريف وبدخشان والاخير هي ولاية
حدودية مع اقليم شينجيانغ الصينية، وهو ما يعني أنه الأويغور في بدخشان سيكون تحت الرقابة
القوية من حركة طالبان.
وحول
تعامل طالبان مع اقلية الإويغور، أوضح "زاده" أنه حتى الأن الموقف ضبابي،
ويتوقف على مدى تحقيق مصالح الحركة في السلطة، في ظل مساعيها للحصول على الاعتراف الدولي،
مضيفا أن المتشددين من مسلمي الأويغور قد يلجأون إلى تنظيم داعش الارهابي، في ظل سياسة
طالبان نحو الصين.
والإيغور
اليوم في مأزق ، هذا المأزق يأتي في ظل ضبابة موقف حركة طالبان من الأقلية المسلمة
الهاربة من الصين.
فداعش
تحاول أن تستقطب المشددين والمقاتلين في حركة تركستان الشرقية من أجل الانضمام إلى
التنظيم، لافتا إلى خطاب "داعش- خراسان" بالدعوى إلى الانتفاضة ضد بكين و
يغازل هؤلاء المتطرفون للانضمام إليه، وكذلك يشكل عملية تثبيت "داعش" في
مناطق الحدودية مع الصين بما يهدد الأمن القومي الصيني، وأيضا يهدد مسلمي الأويغور.
"الأويغور" في أفغانستان أمام ثلاثة سيناريوهات ، أولها تسليم الأويغور إلى الصين، أو
إبقاء الأويغور داخل الاراضي الافغانية دون تسليمه مع عدم تهديد المصالح الصينية.
والسيناريو
الثالث هو أن تسير حركة طالبان على نهج باكستان
في التعامل مع الأويغور، فقد اتخذت اسلام اباد
إجراءات ضد الجماعات المعادية للصين، في ظل مساعي الحركة للحصول على الاعتراف الدولي
وأيضا جذب الاستثمارات الصينية إلى أفغانستان.
على
أي حال ، فإن الواقع هو أن طالبان لا تزال تحت ضغط من روسيا وأوزبكستان ، والأهم من
الصين ، لاتخاذ إجراءات ضد الجماعات الجهادية في آسيا الوسطى والأويغور.
ويبدو
أن حركة طالبان ترى الصين على أنها الداعم المحتمل لها في المستقبل ، لذلك يتعين عليها
الامتثال للعديد من مطالب الصين ؛ ومع ذلك ، فإن رسائل ممثلي طالبان كانت على ما يبدو
أنه حتى الصين يجب ألا تتدخل في الشؤون الداخلية لإمارة أفغانستان الإسلامية.
لذلك
، من المرجح أن حل أزمة الأويغور قد تم تأجيله فقط، ما لم تتخذ طالبان خطوات إضافية
لحلها ، فلن يكون من الممكن للصينيين تعزيز علاقاتهم مع إمارة أفغانستان الإسلامية.
والواقع
أن السلطات الصينية لن تكون راضية حتى عن النهج الذي اتبعته طالبان حتى الآن ، وهو
عرض نزع سلاحها وحصرها في مكان بعيد عن الحدود الصينية الطاجيكية.
وأشارت مصادر طالبان إلى أن الصينيين أبلغوها بالفعل
بأنهم يريدون تسليم الأويغور لهم. بالنظر إلى الطبيعة المثيرة للجدل للخطوات التي اتخذتها
إمارة أفغانستان الإسلامية حتى الآن ، يمكن القول إن اختيار هذا الطريق لإرضاء الصين
سيكون مؤلمًا جدًا لطالبان.