بينهم أمريكا وفرنسا وألمانيا.. عثمان كافالا يسبب أزمة دبلوماسية بين تركيا و10 دول
الخميس 21/أكتوبر/2021 - 02:44 م
طباعة
أميرة الشريف
فى الوقت الذي دعت فيه 10 دول غربية في بيان إلى "تسوية عادلة وسريعة لقضية" عثمان كافالا رجل الأعمال والناشط التركي المسجون قيد المحاكمة منذ أربع سنوات، هدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان بطرد سفراء 10 دول، من بينها فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، بعد دعوتهم للإفراج عن المعارض كافالا.
و حسبما ذكرت وسائل الإعلام التركية قال أردوغان ، "أبلغت وزارة خارجيتنا أننا لا نستطيع أن نسمح لأنفسنا باستقبالهم في بلادنا. هل من واجباتكم تلقين تركيا درسا؟".
وشبّه أردوغان كافالا بالملياردير الأميركي من أصول مجرية جورج سوروس، قائلاً إن "هؤلاء يعملون بقوة المال على زعزعة المكان الذي يستهدفونه كيفما يشاؤون".
في سياق آخر قال الرئيس التركي إنه "بعد إخراج تركيا من برنامج طائرات إف-35 سنسترد ملياراً و400 مليون دولار بكل الأحول، والمحادثات مع واشنطن متواصلة على مستوى دبلوماسي منخفض" في هذا الشأن.
وأشار إلى أنه سيبحث مع نظيره الأميركي، جو بايدن، الخطوات المشتركة الواجب اتخاذها بخصوص مسألة "إف-35" خلال قمة العشرين في روما، مشدداً على "عدم تنازل تركيا عن حقوقها".
جاءت تصريحات أردوغان في حديث للصحافيين على متن الطائرة أثناء عودته من جولته الإفريقية التي شملت أنغولا وتوغو ونيجيريا.
وكانت ، استدعت وزارة الخارجية التركية سفراء عشر دول بينها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا بسبب بيان يطالب بالإفراج العاجل عن رجل الأعمال عثمان كافالا.
ودعا بيان بعض السفارات إلى حل عاجل وسريع لقضية كافالا، بعد أربع سنوات من احتجازه، قائلا إن القضية "تلقي بظلال من الشك على احترام الديمقراطية".
وبرئت ساحة كافالا العام الماضي من اتهامات تتصل باحتجاجات على مستوى البلاد في عام 2013، لكن أُلغي الحكم هذا العام وتم دمج الاتهامات مع تلك الواردة في قضية أخرى مرتبطة بمحاولة انقلاب في 2016.
وتصف جماعات حقوقية محاكمات كافالا بأنها رمز لحملة قمع للمعارضة في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان.
وقالت السفارات في البيان إن استمرار تأخير محاكمته، بما يتضمن دمج قضايا مختلفة واستحداث أخرى بعد تبرئة سابقة، يلقي بظلال من الشك على احترام الديمقراطية وحكم القانون والشفافية في نظام القضاء التركي".
وأضافت "بالنظر إلى أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن هذا الأمر، فإننا نطالب تركيا بالإفراج العاجل عنه".
والدول الأخرى الوارد ذكرها في البيان هي كندا والدنمرك وهولندا والنرويج والسويد وفنلندا ونيوزيلندا.
وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو ردا على ذلك إن تركيا دولة قانون تنعم بالديمقراطية، مضيفا أن "قيام سفراء بتقديم توصية واقتراح على القضاء في قضية قائمة أمر غير مقبول".
وقال إن توصيتكم واقتراحكم يلقي بظلال من الشك على فهمكم للقانون والديمقراطية".
وقال وزير العدل عبد الحميد غول إن الدبلوماسيين بحاجة لاحترام القوانين وإن السفراء لا يمكنهم طرح اقتراحات على المحاكم.
وكان المجلس الأوروبي قد قال إنه سيبدأ إجراءات تتعلق بتجاوزات من جانب تركيا إن لم تفرج عن كافالا.
وستعقد الجلسة القادمة في قضية كافالا، الذي نفى جميع التهم عنه ويحاكَم مع آخرين، في 26 نوفمبر.
ورغم سجن عشرات الآلاف من الأتراك أو تجريدهم من وظائفهم بتهم واهية منذ محاولة الانقلاب الفاشلة، إلا أن كافالا شكل مصدر التوتر في علاقات تركيا مع الغرب، بحسب "فرانس برس".
كانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قضت بوجوب الإفراج عن كافالا فورا، وأن اعتقال كافالا كان بناء على دوافع سياسية، دون أي دليل معقول يدعم هذه الاتهامات. ومع ذلك، لم ينفذ المسؤولون الأتراك القرار وقالوا إن حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ليس نهائيا.
كما دعت الولايات المتحدة الأمريكية، أنقرة للإفراج فورا عنه، ووصفت التهم الموجهة إلى رجل الأعمال التركي بـ"الزائفة"، مشيرة إلى أن تلك التهم تقوض احترام وسيادة القانون.
كما نشر حساب "الحرية لكافالا" باللغة التركية على موقع تويتر، سلسلة تغريدات أكدت على حق الإفراج عن كافالا، وتحت هاشتاغ "عثمان كافالا".
و"عثمان كافالا"، هو ناشط حقوقي ورجل أعمال تركي (64 عاما) تعود أصوله إلى اليونان حيث بلدة كافالا، انتقلت عائلته إلى تركيا في عام 1923، ضمن ما عرف باسم التبادل السكاني بين تركيا العثمانية واليونان.
درس كافالا الإدارة في جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة، والاقتصاد في جامعة مانشستر في المملكة المتحدة، ثم بدأ برنامج الدكتوراه في المدرسة الجديدة للبحوث الاجتماعية في نيويورك، لكنه عاد إلى اسطنبول عندما توفي والده عام 1982.
بعد عودته تولى إدارة شركات مجموعة كافالا في عام 1982. انضم إلى تأسيس جمعية İletişim Yayınları وهي شركة نشر مستقلة مقرها اسطنبول، في عام 1983 من أجل خدمة الديمقراطية في البلاد.
في عام 1999، تحول كافالا إلى ناشط في المجتمع المدني، وشارك في تشكيل وعمل العديد من المنظمات غير الحكومية المختلفة، منها مؤسسة مركز "ديار بكر" في عام 2002، والتي ساهمت في تنشيط البيئة الثقافية والفنية في ديار بكر، وجمعية الحفاظ على التراث الثقافي.
دعم كافالا العديد من منظمات المجتمع المدني منذ أوائل التسعينيات. وهو مؤسس ورئيس مجلس إدارة "Anadolu Kültür" ، وهي منظمة غير ربحية للفنون والثقافة مقرها في اسطنبول. وهو حاصل على عدة جوائز في التراث الأثري وحرية الفكر والتعبير.
وبعد عام من محاولة الانقلاب الفاشلة، أي في 2017، وجد كافالا نفسه متهما بالضلوع في محاولة الانقلاب على الحكم، وأودع السجن بتركيا، ولم يصدر في حقه أي حكم قضائي يدينه.
أوقف كافالا في مطار أتاتورك في إسطنبول في 18 أكتوبر 2017، بتهم بـ"محاولة قلب النظام الدستوري" و"الإطاحة بالحكومة"، وكذلك بتمويل التظاهرات المناهضة للحكومة التركية في 2013.
وبعد ذلك أعفي كافالا من تهمة محاولة الانقلاب، لكنه ظل قيد الحبس الاحتياطي بتهمة التجسس السياسي أو العسكري، وقد تعالت الأصوات الحقوقية والدولية مطالبة السلطات التركية بالإفراج عن كافالا.
أعرب كافالا المسجون قيد المحاكمة منذ عام 2017 عن شعوره بأنه مجرد أداة بيد إردوغان الذي يحاول الصاق تهم التآمر مع جهات خارجية بمعارضي حكمه في الداخل.
يمثل كافالا الذي رعى الكثير من النشاطات الثقافية والفنية نقيضا صارخا لاردوغان الذي يروج للإسلام السياسي ويحكم تركيا منذ عام 2003 بقبضة حديدية، بحسب فرانس برس.
وفي مواجهة سلسلة من التهم المتعاقبة، بينها التجسس ومحاولات الإطاحة بالدولة، لا يتوقع كافالا الخروج من زنزانته في سجن اسطنبول في وقت قريب.
وأخر ظهور لكافالا كان يوم الجمعة 9 من أكتوبر الحالي إذ مثل كافالا، لمحاكمة هي الثالثة خلال أربع سنوات من الاحتجاز بتهمة التآمر على الحكومة، ووصفتها منظمة العفو الدولية بأنها "هزلية".
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" فإن الادعاء التركي دمج قضايا ضد ثلاث مجموعات من المتهمين لإنشاء قضية جديدة ضد 52 شخصا، ويعد كافالا أبرز شخص في مجموعة ضمت مشجعي كرة القدم والخبراء البيئيين والفنانين الذين شاركوا في احتجاجات ميدان تقسيم عام 2013.