بعد اقتحام الميليشيات لمحكمة سبها.. هل تستمر العقبات لعرقلة الانتخابات الليبية؟
الجمعة 26/نوفمبر/2021 - 12:18 م
طباعة
أميرة الشريف
ما زالت الأجواء في ليبيا متوترة ومشتعلة عقب إغلاق مفوضية الانتخابات باب الترشح، ورفض البعض وعلي رأسهم سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الراحل معمر القذافي، ووجه سيف الإسلام رسالة إلى الليبيين، دعاهم فيها إلى الاستمرار في استلام البطاقات الانتخابية، رغم قرار استبعاده من السباق الرئاسي الذي صدر أول أمس، ونشر القذافي رسالة مكتوبة بخط يده على حسابه بموقع "تويتر" جاء فيها: "إخواني وأخواتي لا تهنوا ولا تحزنوا.. إن الله معنا.. علينا جميعا الاستمرار في عملية استلام البطاقات الانتخابية.. وبقوة"..
وتشير الأجواء إلي أن إجراء الانتخابات بهذا الوضع أمر غاية الصعوبة وبالأخص مع ظهور الميليشيات المسلحة التي رفضت عودة سيف الإسلام لخوض السباق الرئاسى، حيث يري مراقبون أنها بادرة لحدوث ذلك أثناء الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل.
وفي 18 نوفمبر الجاري، كان موقع "تويتر" قد أغلق حساب سيف الإسلام بعد ساعات من فتحه، لكن الإغلاق استمر أياما معدودة فقط حيث أعادته إلى العمل مجددا.
والبطاقة الانتخابية جزء أساسي في عملية الاقتراع الحاسمة الشهر المقبل، ومن دونها لا يمكن لأي ليبي أن يدلي بصوته.
وحسب إحصائية رسمية معلنة من المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، فإن إجمالي عدد البطاقات التي تم تسليمها للناخبين حتى 24 نوفمبر الجاري بلغ أكثر من مليون و962 ألف بطاقة، فيما يتنهي توزيع البطاقات في 28 نوفمبر الجاري.
وجاءت رسالة سيف الإسلام القذافي بعد يوم واحد من قرار أولي لمفوضية الانتخابات في ليبيا برفض ترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية، المقررة في 24 ديسمبر المقبل.
ولا ينفذ القرار إلا عقب مهلة تمتد لـ12 يوما قبل أن يعتمد، ويمكن للمرشحين المرفوض ترشحهم الطعن في قرار الحرمان.
وذكرت تقارير محلية في ليبيا أن قوة مسلحة أغلقت محكمة في مدينة سبها جنوب غربي ليبيا، لمنع سيف الإسلام من تقديم طعن على قرار حرمانه من الترشح.
وقضى سيف الإسلام السنوات العشر الماضية في بلدة الزنتان الجبلية حيث أخذه محتجزوه عقب القبض عليه خلال محاولته الفرار من ليبيا أثناء الانتفاضة، وكان في حكم المؤكد أنه سيُعتقل لو ذهب إلى طرابلس.
واقتحمت ميليشيات مسلحة مقر محكمة في مدينة سبها (جنوباً)، لمنع جلسة للمحكمة للنظر في الطعن المقدم من محامي سيف الإسلام القذافي على قرار استبعاده من القائمة الأولية لمرشحي الانتخابات الرئاسية.
وتداولت منصات التواصل الاجتماعي مشاهد مصورة لمحامي سيف الإسلام، خالد الزائدي، متحدثاً عن إقدام مسلحين "يرتدون زياً عسكرياً" على اقتحام مقر المحكمة وطرد موظفيها وقضاتها بقوة السلاح، بعد أن قررت لجنة الطعون في المحكمة للنظر في الطعن المقدم من قبله بشأن إسقاط موكله سيف الإسلام القذافي من قائمة المترشحين الأولية للانتخابات الرئاسية.
وكانت الحملة الانتخابية لنجل القذافي قد أعلنت في وقت سابق، أنها مرشحها سيطعن في قرار مفوضية الانتخابات الليبية.
في سياق متصل، أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن انزعاجها حيال الانباء التي تحدثت عن تعرض محكمة سبها إلى هجوم يوم الخميس.
وأدانت البعثة الأممية في ليبيا بشدة "أي شكل من أشكال العنف المرتبط بالانتخابات"، مذكرة في السياق بـ"قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2570 (2021) ، ومخرجات باريس، وآخرها البيان الرئاسي لمجلس الأمن فيما يتعلق بالمساءلة عن الأعمال التي تعرقل الانتخابات".
وشددت بعثة الدعم الأممية في ليبيا على أهمية حماية العملية الانتخابية، لافتة إلى إن "الاعتداء على المنشآت القضائية أو الانتخابية أو العاملين في القضاء أو الانتخابات ليست مجرد أعمال جنائية يعاقب عليها القانون الليبي، بل تقوض حق الليبيين في المشاركة في العملية السياسية".
وجددت البعثة دعوتها إلى إجراء " انتخابات شفافة وعادلة وشاملة في 24 ديسمبر، وفقا لخارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
في سياق أخر، أكد المبعوث الأممي المستقيل، يان كوبيش، أهمية إجراء انتخابات حرة ونزيهة في ليبيا، داعيا إلى عدم تضييع الفرصة التي تتيحها الانتخابات، من أجل بناء مستقبل يتجاوز كل الخلافات.
وتأتي تصريحات كوبيش وسط تواصل معركة الطعون، ممن رفض ترشحهم للانتخابات الرئاسية.
ووصف كوبيش الانتخابات بأنها فرصة لا ينبغي تفويتها، من أجل مستقبل يتجاوز كل الخلافات، لافتا إلى أن الإقبال المكثف للناخبين على التسجيل، يمثل دليلا على أن الغالبية يتفهمون أهمية الحدث.
وأشارت إحصائيات لمفوضية الانتخابات، إلى تسليم نحو مليوني بطاقة انتخابية حتى الآن، فيما تكتمل عملية التسليم الأحد المقبل.
وانتشرت مقاطع فيديو لبعض مؤيدي سيف الإسلام القذافي، وهم يتخلصون من بطاقاتهم، وهو ما جعل الأخير يعود مجددا للواجهة، داعيا الليبيين إلى مواصلة تسلم بطاقات الانتخاب.
وسعيا لإعادته للتنافس، قدم محامي سيف الإسلام طعنا قانونيا على استبعاده، واصفا إقصاء اللجنة له بأنه سياسي وليس قانونيا، لأن ملفه يلبي المتطلبات.
ورُفض طلب سيف الإسلام، وفقا لمادة قانونية تستبعد المحكوم عليهم نهائيا في جناية أو جريمة.
ولم يكن سيف الإسلام الوحيد ضمن المستبعدين ممن عملوا في حقبة والده، فقد أقصي أيضا بشير صالح، المدير السابق لمكتب معمر القذافي.
وفي مقال بصحيفة التايمز كتبه مراسل شؤون الشرق الأوسط، ريتشارد سبنسر، بعنوان "الانتخابات الرئاسية الليبية: اختيار بائس لمرشحين يدعمون الفوضى"، يقول الكاتب في مستهل مقاله إن مساعي مجموعة يصفهم بالفاسدين والمجرمين الباحثين عن السلطة، قد تدفع ليبيا التي مزقتها الحرب إلى منعطف درامي في مسيرتها نحو تحقيق الاستقرار والسلام.
ويشير الكاتب إلى أن مساعي سيف الإسلام إلى اغتنام الحنين الشعبي نحو الاستقرار النسبي خلال فترة حكم والده، التي امتدت 40 عاما، لاسيما بين جموع الناخبين الشباب الذين لا يتذكرون سوى القليل، قد انتهت الآن.
ويقول سبنسر إنه على الرغم من ذلك فإن المرشحين الرئيسيين الذين بقوا في الساحة الديمقراطية الجديدة في ليبيا بالكاد يثيرون شهية الناخبين، فخليفة حفتر، البالغ من العمر 78 عاما، كان ضابطا في الجيش في عهد القذافي قبل أن ينشق، وهو نفسه متهم بارتكاب جرائم حرب في الصراع الذي مزق ليبيا في السنوات السبع الماضية.
ثم يتحدث الكاتب عن مرشح آخر هو عقيلة صالح، البالغ من العمر 79 عاما، رئيس مجلس النواب المنقسم في البلاد، وهو يخضع لعقوبات أمريكية بتهمة تقويضه "السلام والأمن والاستقرار".
أما الوجه الرابع البارز، بل المرشح الأفضل للفوز على الأرجح، رغم قلة استطلاعات الرأي الموثوق بها، فهو عبد الحميد الدبيبة، البالغ من العمر 63 عاما، الذي يشغل منصب رئيس الوزراء المؤقت، وهو ينتمي لعائلة تجارية متهمة على نطاق واسع بالفساد، بحسب كاتب المقال.
ويقول الكاتب إن التسوية السياسية التي قادتها الأمم المتحدة في فبراير الماضي، والتي عززت وقف إطلاق النار في الحرب ومهدت الطريق لإجراء انتخابات، استبعدت على وجه التحديد، القادة الذي يشغلون مناصب مؤقتة من الترشح لشغل مناصب دائمة، وهو ما تجاهلته لجنة الانتخابات، الأمر الذي أثار غضب الجميع تقريبا، بما في ذلك المفاوضون الذين وضعوا اتفاق فبراير بشق الأنفس واعتقدوا أن ثمة بارقة أمل كي تضع ليبيا قدمها على طريق السلام.
ويري مراقبون أن الاتفاق ترك صلاحيات الرئاسة وشروط أهلية المرشحين من دون تحديد، مشيرا إلى أنه يلزم "تحديد قواعد بحيث تكون هناك قيود، مثل عدم السماح لمجرمي الحرب بالترشح".
جدير بالذكر أن اللجنة قبلت مبدئيا 73 متقدما للتنافس على مقعد الرئاسة، من أصل 98 ملفا.