نزوح جماعي مستمر.. خطط مليشيات الملالي للتغير الديموغرافي بالعراق
الثلاثاء 30/نوفمبر/2021 - 11:48 ص
طباعة
روبير الفارس
يتوالى نزوح الأسر العراقية من قراها علي اثر الصراعات الطائفية .حيث نزحت مؤخرا من قرى (نهر الإمام، والميثاق الأولى، الميثاق الثانية، والعامرية) نحو (480) عائلة توزعت بين عدة مناطق أبرزها (خانقين، والكاطون، وبعقوبة، وحمرين، وشهربان)، إضافة إلى العاصمة بغداد، حيث يُجمع المحللون والمراقبون للشأن العراقي على أن أغلب المتورطين بالهجمات على تلك القرى ينتمون إلى ميليشيا (بدر) الارهابية ذات الصلة الوثيقة بإيران.وجاء النوح الاخير علي اثر الجريمة البشعة التي ارتكبتها الميليشيات الطائفية المسلحة ضد قرية (نهر الإمام) التابعة لقضاء (المقدادية) شمال شرقي مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى التي تأتي ضمن سلسلة الجرائم التي يشهدها العراق في ظل حكوماته المتعاقبة التي فشلت فشلًا ذريعًا في السيطرة على انتشار السلاح المنفلت وكبح جماح المليشيات المتنفذة، ووضع حد للفوضى العارمة والتدهور الأمني المتواصل منذ عام 2003.
ففي فجر السادس والعشرين من أكتوبر الماضي، استيقظ أبناء قرية (نهر الإمام) على اقتحام الميليشيات الطائفية التي أقدمت على ارتكاب جريمة وحشية تمثلت بإعدامات ميدانية طالت عددًا من أبنائها أمام مرأى ومسمع القوات الأمنية الحكومية التي لم تحرك ساكنًا إزاء تلك المجزرة التي راح ضحيتها العشرات من المواطنين الأبرياء، إضافة إلى إحراق المنازل والسيارات وتجريف مساحات شاسعة من البساتين والأراضي الزراعية، مما اضطر أكثر من (300) عائلة من سكان تلك القرية إلى النزوح هربًا من بطش تلك الميليشيات.وباستثناء تصريح محافظ ديالى الذي تضمن تعبيرات طائفية حينما أدلى به في اليوم التالي لتلك الجريمة؛ لم يصدر عن المسؤولين في حكومة بغداد أو رئيس مجلس نوابها المنحل حتى الآن أي بيان أو تصريح رسمي بشأن الهجوم الذي شنته الميليشيات الطائفية على تلك القرية من أربعة محاور قبل أن تقترف تلك المجزرة.
من جهتها؛ أصدرت “قيادة العمليات المشتركة” في السابع والعشرين من الشهر الماضي، بيانًا زعمت فيه أن قرية (الهواشة) التابعة لقضاء (المقدادية) تعرضت لاعتداء وصفته بـ”الإرهابي” أسفر عن مقتل (11) شخصاً بينهم امرأة، وعدد من الجرحى، دون أن تعرّج بالذكر على الجريمة التي اقترفتها الميليشيات تجاه أبناء قرية (نهر الإمام) المجاورة.وفي تسليطه للضوء على تلك الجريمة، كشف مرصد (أفاد) المعني بالدفاع عن حقوق الانسان، النقاب عن تفاصيل مرعبة للهجوم الغادر الذي نفذته الميليشيات الطائفة على قرية (نهر الإمام) بمشاركة أكثر من ثلاثة آلاف و (500) مسلح ترافقهم (43) جرافة؛ موضحًا ان الميليشيات المسلحة التي كانت تستقل سيارات ذات الدفع الرباعي وعلى بعضها شعار (هيئة الحشد الشعبي)، نفذت جريمة إعدام ميدانية طالت عددًا من أبناء القرية بينهم أطفال ونساء وكبار في السن، علاوة على حرق العشرات من المنازل والسيارات والماكنات الزراعية، وجامع (الرحمن)، والمركز الصحي الوحيد في القرية، ومساحات شاسعة من البساتين.ونقل المرصد عن ضابط برتبة عقيد في الجيش الحكومي ضمن منطقة “عمليات بعقوبة” تأكيده بأن الميليشيات التي اقتحمت قرية (نهر الإمام) ارتكبت عمليات إعدام ميدانية جرى بعضها داخل منازل الضحايا، موضحًا أن تلك الجريمة تمت بعلم القوات الأمنية الحكومية التي اتخذت موقف المتفرج أمام أفعال المليشيات ضد المواطنين الأبرياء، كما اتهم الضابط ـ الذي فضّل عدم نشر اسمه ـ مدير مركز الشرطة في المنطقة وآمر الفوج بالتورط في جرائم الإعدام والحرق.وأكد المرصد أن الهدف الأول من استمرار الجرائم الوحشية والانتهاكات الصارخة ضد أبناء القرى والمدن التابعة لمحافظة ديالى هو إفراغها من سكانها الأصليين في إطار سياسة التغيير الديموغرافي التي تنتهجها حكومات الاحتلال وميليشياته تنفيذًا لمخططات النظام الإيراني؛ محمّلاً رئيس حكومة بغداد (مصطفى الكاظمي) وقادة الأجهزة الأمنية، المسؤولية القانونية والأخلاقية إزاء تلك الجريمة، كما دعا المرصد إلى فتح تحقيق بعدم استجابة القوات الحكومية لمناشدات أبناء قرية (نهر الإمام) لنجدتهم وحمايتهم، وتركهم فريسة لعمليات قتل مروّعة.
ووثّق مرصد (أفاد) مشاهدات ميدانية في عدد من قرى ديالى المنكوبة تطالب الحكومة الحالية، ومجلس القضاء الأعلى والادعاء العام بفتح تحقيق جاد وسريع للوقوف على تفاصيل جرائم الإعدام على الهوية وعمليات التطهير العرقي الواسعة التي تتم بتواطؤ من قوات الشرطة الحكومية في تلك القرى وعدم تحريكها ساكنًا في منع الميليشيات المسلحة من تنفيذ جرائهما المتواصلة.
بدورها، أكد هيئة علماء المسلمين في العراق خلال مؤتمر صحفي أن هناك مخططًا لتهجير ديموغرافي طائفي في محافظة ديالي.
واستعرضت الهيئة في المؤتمر، شهادات عدد من الناجين من المجزرة التي طالت عددًا من أبناء قرية (نهر الإمام)، تحدثوا فيها عن جانب من الجرائم الوحشية والانتهاكات الصارخة التي ارتكبتها الميليشيات الطائفية