ماهي وجهة الإخوان وقنواتها بعد التضييق عليهم في تركيا؟
الثلاثاء 03/مايو/2022 - 04:57 ص
طباعة
حسام الحداد
شاهدت الشهور الأخيرة تضييقا شديدا من النظام التركي على العناصر الإخوانية المتواجدة على الأراضي التركية، وتناول الموضوع عدد من الصحف العربية دون الإجابة عن السؤال المحوري أين تتجه العناصر الإخوانية بعد انتهاء اقامتها في تركيا؟ هذا ما سوف نحاول الإجابة عنه في هذا التقرير.
كانت تركيا قد قامت بطرد عدد من الإعلاميين خارج أراضيها، كمقدمة لإغلاق القنوات بعد أن تراجعت الأهداف التي أنشئت من أجلها، لأن دعم تنظيم الإخوان والتسويق لمشروع أنقرة التوسعي في المنطقة لم يعد ذا جدوى سياسية.
ولعبت القنوات التي تبث من تركيا دوراً في الحشد المستمر ضد الدولة المصرية، وتحولت إلى رأس الحربة في المواجهة التي أخذت أشكالا مختلفة بين التنظيم الدولي للإخوان والقاهرة السنوات الماضية، ووظفتها أنقرة في موجة تشهير ضد السعودية في قضية الصحافي جمال خاشقجي، واستخدمتها لقلب الحقائق في الأزمة الليبية.
وفرضت تركيا منذ نحو عام قيوداً على فضائيات الإخوان التي تبث من أراضيها، وطلبت من القائمين عليها عدم توجيه انتقادات لمصر في إطار خطتها لتحسين العلاقات مع القاهرة، وأوقفت أنشطة إعلاميين على مواقع التواصل الاجتماعي، بينهم محمد ناصر، وحمزة زوبع، والفنان هشام عبدالله، وهيثم أبوخليل، وحسام الغمري، بجانب معتز مطر الذي انتقل إلى بريطانيا أخيرا، ولا يزال يمارس التحريض ونشر الأكاذيب عبر قناته على اليوتيوب.
وخلال الفترة بين مارس 2021، وأبريل 2022، تلقت الإخوان الإرهابية كل أنواع الضربات القاصمة التي يمكن تصورها، وعانت على كل المستويات؛ سواء الداخل أو الخارج، وفقدت القدرة على الحركة.
وبدأت سلسلة الإجراءات، بإصدار تركيا في مارس 2021، توجيهات لإدارات 3 فضائيات مصرية محسوبة على الإخوان بالتزام التهدئة في انتقاد مصر وقيادتها.
كما طالبت السلطات التركية في وقت لاحق، بوقف برامج سياسية في فضائيات وطن والشرق ومكملين الإخوانية، وهي الخطوة التي وصفها وزير الدولة المصري للإعلام السابق أسامة هيكل وقتها بأنها "بادرة جيدة".
وتصاعدت أزمة الجماعة في تركيا بمرور الوقت، ففي يونيو الماضي، قال الإعلامي الإخواني معتز مطر في فيديو بثه على صفحته على مواقع التواصل، إنه رحل وفريقه رسمياً من فضائية "الشرق"، مضيفاً: "بعد 7 سنوات نحمل عصانا ونرحل".
وبحلول نوفمبر الماضي تحدثت تقارير صحفية عربية وتركية عن مطالبة أنقرة قيادات إخوانية، بينها يمنية، بمغادرة البلاد في غضون 30 يوما.
وبعد أيام فقط، وبالتحديد في أوائل ديسمبر الماضي، كشفت مصادر مطلعة النقاب عن أن تركيا طلبت من عناصر تنظيم الإخوان تجميد أي مشاريع لهم على أراضيها.
ولم يمض وقت طويل حتى أعلن معتز مطر في 13 ديسمبر ، مغادرته تركيا بالفعل، إلى لندن، معلنا في مقطع فيديو بثه من مطار إسطنبول، عودة قريبة لبث قنوات الجماعة الإرهابية، والبرامج المسيئة لمصر والدول العربية.
المشهد الأخير:
قالت مصادر لقناة العربية يوم الأحد 1 مايو 2022، إن أنقرة ترفض تجديد الإقامة لعشرات المصريين التابعين للإخوان في تركيا، وحسب مصادر العربية، ستغلق تركيا المراكز البحثية التابعة للإخوان فوق أراضيها.
وأضافت أن تركيا طالبت عناصر الإخوان المقيمين لديها بتوقيع تعهد بعدم التحريض ضد مصر.
وأشارت مصادر العربية، إلى قيود مصرية جديدة على الأموال التي تحوَّل لعناصر الإخوان في تركيا.
نهاية قنوات الإخوان
وقالت صحيفة "العرب" إن الإعلان عن إغلاق قناة "مكملين" الإخوانية ووقف بثها من الأراضي التركية يشير إلى أن إعلام الجماعة يمضي في طريق الأفول بعد أن انفتحت أنقرة على التقارب مع مصر والسعودية والإمارات، وكذلك السعي لطي حقبة جرى فيها توظيف الفضائيات للابتزاز السياسي والتسويق لمشاريع معادية هدفت إلى توسيع نفوذ تركيا.
وألقت تركيا بكل ما لديها من أوراق سياسية وإعلامية في مواجهة القاهرة، لكن فشلتا في تحقيق أهدافهما من خلال مواصلة الضغوط على النظام المصري الذي نجح في التصدي لممارسات التحريض، واستطاع أن يتجاوز تهديدات الإخوان، ولذلك لجأت أنقرة والدوحة إلى عدم التمادي وراء دعم إعلام الإخوان، بحسب الصحيفة.
وقال مساعد وزير الخارجية المصري السفير حسن هريدي إن "أفول قنوات الإخوان يأتي في سياق العودة التدريجية للعلاقات المصرية – التركية إلى طبيعتها، وهي خطوة تسبق عملية إعادة تبادل السفراء بين البلدين، حيث أبدت القاهرة اعتراضها على تعيين سفير في وجود قنوات تعمل بتصريح من الدولة التركية وتوجه هجومها لها.
وأوضح لـ”العرب” أن إغلاق جميع قنوات الإخوان يزيل عقبة كأداء عكرت تحسن العلاقات بين البلدين، وقد تشهد الأيام المقبلة الإعلان عن الموافقة لعودة السفراء.
وأضاف هريدي أن تركيا استخدمت قنوات الإخوان لخدمة سياستها الخارجية التي اتسمت بالصدام مع مصر، والآن أدخلت تعديلات على تصوراتها ولها أولويات نحو استعادة زخم العلاقات الاقتصادية مع دول عربية عديدة تنقذها من أزماتها الداخلية.
ويؤكد مراقبون أن تطورات الأزمة الاقتصادية في تركيا لا تخدم قنوات الإخوان التي عولت على المزيد من المراوغات لاستمرار بقائها حتى مع الاستغناء عن بعض الوجوه التي تجذب المعارضين وأنصار التنظيم، وأن مساعي أردوغان في قطع شوط كبير على مستوى تحسين علاقاته مع مصر والسعودية والإمارات أضرت بالجماعة.
خطوات تركية
فيما قالت صحيفة "عكاظ" إن السلطات التركية أغلقت قناة مكملين الفضائية ضمن ملاحقاتها لجماعة الإخوان الإرهابية، وأعلنت القناة وقف بثها نهائياً من تركيا وإغلاق استديوهاتها.
وأضافت الصحيفة "تُعتبر هذه الخطوة استكمالًا لخطوات تركية سابقة تمهيدا لعودة العلاقات بين أنقرة والقاهرة. وكانت السلطات التركية قد طلبت من إدارة القناة العام الماضي ضبط سياستها التحريرية تجاه مصر في إطار التقارب المصري – التركي".
وقبل أيام طلبتِ السلطات التركية من أحد العناصر الإخوانية مغادرة أراضيها بعد مخالفته تعليماتها. وأعلن الإخواني ياسر العمدة مغادرته الأراضي التركية بعد طلب السلطات منه ذلك، على إثر فيديوهات بثها على صفحته على مواقع التواصل ينتقد فيها مصر، ويحرض المصريين على الخروج إلى الشارع.
ورجح مراقبون سياسيون بحسب عكاظ أن يكون أغلاق «أبواق» الإخوان وطرد عناصرهم مقدمة لترحيل قيادات إخوانية أخرى، مؤكدين أن مصر كانت واضحة في مطالبها بوقف التحريض وتسليم العديد من القيادات والعناصر الإخوانية التي صدرت بحقها أحكام قضائية أو تورطوا في أعمال قتل وإرهاب.
تطبيع العلاقات
فيما قالت صحيفة "الشرق الأوسط" إن محاولات المضي بمسار التطبيع بين مصر وتركيا لازالت تتفاعل على مستويات عدة.
وكشفت مصادر من داخل القناة لـ«الشرق الأوسط» أن "المفاضلة تدور بين الانطلاق من لندن أو إسبانيا أو ماليزيا". وقالت إن "لندن هي الأكثر ترجيحاً، نظرا لسماح السلطات البريطانية لقنوات أخرى تابعة لـ(الإخوان) بالعمل من هناك.
سيناريو لندن:
يعتقد البعض من عناصر الجماعة الإرهابية أو من المحللين العاملين في مجال الإسلام السياسي أن وجهة الجماعة وقنواتها سوف تكون العاصمة البريطانية لندن، وهذا السيناريو قد تناولته صحيفة العين الإخبارية وكشفت في تحقيق نشر في 21 يناير الماضي، أن السلطات البريطانية لم تمنح ترخيصا لأي قناة إخوانية جديدة، كما أنها تضع قواعد صارمة تمنع بث المحتوى المسيء الذي يحض على العنف، ودأبت عليه الجماعة في قنواتها.
وقال المتحدث باسم أوفكوم، هيئة تنظيمية حكومية للاتصالات في المملكة المتحدة، هاري ريبون، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، "قناة الشرق (الإخوانية) لا تحمل رخصة بث بريطانية من أوفكوم".
وتابع :"كل من يريد بث قناة فضائية يجب أن يحصل على رخصة بث، واتباع قانون البث البريطاني الذي يحمي المشاهدين والمستمعين من المحتوى الضار والمسيء".
وهنا بدا الأمر واضحا، فالشرق وغيرها لم يحصلوا على رخصة البث حتى لا تخضع للقانون البريطاني الذي يمنع المحتوى الضار والمسيء، وهما صفتان مميزتان لإعلام الإخوان الإرهابية، وفق مراقبين.
كما فشلت محاولات الإخوان التحايل على القانون البريطاني، وبث قناة الشرق عبر خدمات "Vision TV"؛ أي عبر الإنترنت، وقال ريبون ، إن البث عبر الإنترنت لا يعني خروج القناة من طائلة قوانين البث البريطانية، لأنها تبث من استوديوهات في الأراضي البريطانية.
أوروبا تغلق أبوابها:
وعكس ما يتوقع الجميع من أن تكون بعض الدول الأوروبية ملاذا آمنا للعناصر الجماعة، نجد أن وجودهم في أوروبا غير مرحب به، رغم ستارة الخداع التي شكلها هناك لتقديم وجه متسامح ومقبل على الحوار مع المجتمعات المستضيفة
فمنذ نوفمبر 2020، يعيش تنظيم الإخوان واقعا صعبا ومحكا تاريخيا في النمسا التي اعتبرت لعقود أحد الملاذات الآمنة للجماعة، إذ تخضعها السلطات لتحقيق جنائي على خلفية تهم تمويل الإرهاب وتشكيل مجموعة إرهابية.
ونتيجة هذا التحقيق المستمر منذ أكثر من عامين فقدت الإخوان حرية الحركة التي تعودت عليها في النمسا، ولم تعد قادرة على استغلال المناخ الاقتصادي والسياسي المنفتح لإدارة أنشطتها.
وفي ألمانيا المجاورة، بدأ البرلمان الألماني منذ منتصف مارس الماضي مناقشة مشاريع لمكافحة تمويل الإسلام السياسي، خاصة جماعة الإخوان الإرهابية، حسب المقترحات التي قدمها بشكل منفصل حزب البديل لأجل ألمانيا "شعبوي"، والاتحاد المسيحي "يمين وسط"، تناقش في لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان حاليا، ويمكن أن تعرض على التصويت العام خلال أسابيع.
وتنص المقترحات على تقييد التمويلات الأجنبية للمنظمات العاملة في الأراضي الألمانية، ودفع هذه المنظمات المرتبطة بالإسلام السياسي، لتقديم بيانات كاملة عن أوجه تمويلها ومعاملاتها.
فضلا عن تقوية مجموعة خبراء أسستها وزارة الداخلية الألمانية قبل عام لمكافحة الإخوان والإسلام السياسي، وتدشين كراسي في الجامعات الألمانية لدراسة هذا التيار وتبيان أنشطته وخطورته.
وجاءت هذه المقترحات بعد اشهر قليلة من قرار المجلس المركزي للمسلمين بألمانيا، طرد منظمة الجالية المسلمة، أكبر منظمة إخوانية بالبلاد، من عضويته، في خطوة رآها مراقبون "إيجابية وتعزل المنظمة الإخوانية".
وحتى سنوات قليلة مضى، كانت أوروبا تمثل ملاذا آمنا، ومركب نجاة للإخوان في حالة غرق سفينتها في الشرق الأوسط، لكن التحركات الحالية في دول القارة العجوز، تجعل الجماعة بلا أي مركب نجاة حقيقي.
الملاذ الأخير:
هل تكون أفغانستان هي الحل الأمثل لجماعة الإخوان، هذا ما تؤكده الزيارات المستمرة لمحمد الصغير أمين الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، التابع للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية والذي يتنقل بين قطر وتركيا، بعد هروبه من مصر، وهو أحد المحرضين على العنف والخروج على الدولة المصرية وعلى مؤسساتها الوطنية، وصدر ضده العديد من الأحكام الغيابية بسبب خروجه على الدولة المصرية، والتحريض على قتال الجيش والشرطة.
ولم تنشر حتى الأن تفاصيل أي من الزيارات التي قام بها لأفغانستان بعد سيطرة طالبان على كابول في أغسطس الماضي، ولا حتى تفاصيل لقاءه بقيادات طالبان في قطر، مما يؤكد أن هناك أمر ما يتم التكتم عليه.
وما يرجح التقارب بين الحركتين احتياج طالبان للأموال لإعادة الإعمار والتمكين وفي هذه الحالة ربما تلعب قطر دورا مهما مع طالبان للسماح باستقبال العناصر الاخوانية، وكذلك على التنظيم الدولي أن يقوم بضخ أموال كافية ولو في هيئة استثمارات لتسهيل وجود عناصره هناك.