عزلة دولية وتغيرات سياسية.. قراءة في زيارة وفد حماس إلى موسكو
يرى مراقبون أن
زيارة وفد حركة حماس برئاسة موسى أبومرزوق إلى موسكو، للتشاور بشأن القضية
الفلسطينية، هي محاولة للاستفادة من الأوضاع الإقليمية والدولية من اجل الترويج
لحضورها الاقليمي والدولي.
واختتم وفد حماس
زيارته الى موسكو، التقى خلالها الوفد الحمساوي مع مسؤولي وزارة الخارجية الروسية للترويج
لإمكانية عقد اجتماع رفيع المستوى بين قيادة حماس في الخارج ومسؤولين روس ، بمن فيهم
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
وعقدت المحادثات
حتى الآن على مستوى أدنى بلقاء مع نائب وزير الخارجية الروسي مايكل
بوغدانوف ، لكن جهود حماس تهدف الآن إلى رفع مستوى العلاقات.
وطرحت إمكانية عقد
لقاء بين رئيس حركة حماس إسماعيل هنية المقيم في قطر ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف
خلال محادثات مع مسؤول حماس البارز موسى أبو مرزوق خلال زيارته الأخيرة لموسكو قبل
أيام. وترأس ابو مرزوق وفدا حضره عضوا المكتب السياسي لحماس حسام بدران وفتحي حمد.
الرغبة في تقوية
العلاقات الدبلوماسية مع الروس تنبع من رغبة حماس في الحصول على الشرعية الدولية من
إحدى أهم القوى في العالم ، لكن ليس هذا فقط على الطاولة.
وتقول حماس إن لديها
انطباعًا بأن هناك استعدادًا من جانب الروس لعقد مثل هذا الاجتماع المشترك ، وفي الغالب
وجهت دعوة رسمية لهنية لزيارة موسكو.
وقال أبو مرزوق
"في زيارة رسمية مثمرة تأتي في إطار تعميق التشاور والتنسيق الثنائي بيننا مع
الأصدقاء الروس؛ بحثنا الاعتداءات الإسرائيلية في القدس، وتداعياتها الخطرة، والانتهاكات
في الضفة وغزة، إضافة إلى نقاش قضايا إقليمية ودولية، والتأكيد المشترك على رفض التفرّد
الأمريكي في القرار الدولي".
الهدف الأخر من
الزيارة الحمساوية إلى القيصر الروسي، تهدف لفك عزلة الحركة اقليميا ودوليا، في ظل العزلة التي شهدتها الحركة بعد مواقفها
الداعمة لمشروع الاخوان في المنطقة وتوتر علاقتها بغالبية الدول العربية .
أيضا تسعى حماس
من خلال زيارة موسكو، للتاكيد على شرعيتها الدولية، مع تصنيف الحركة كمنظمة
إرهابية في عدة دول أوروبية وعربية، وهو
ما يشكل تهديدا لنفوذ السياسي، وانعكاس ذلك على حضورها القوي في قطاع غزة والملف
الفلسطيني، فكانت أبواب القيصر الروسي، طوق نجاة للحركة في كسر عزلتها دوليا،
والتأكيد على موقعها في القضية الفلسطينية كجناح مهمة وذو تأثير على الأوضاع في
المنطقة.
لكن لأن السياسة
فن الممكن وقائمة على تحقيق المصالح لهذه الدول، يرى مراقبون أن زيارة حماس الى
روسيا لن تكون مجانية بل سيكون هناك ضغط روسي على قيادة الحركة من أجل التهدئة في
الأراضي المحتلة، والحفاظ على امن اسرائيل، في ظل العلاقات القوية بين موسكو وتل
أبيب، ومحاولة روسيا اللعب بالورقة الفلسطينية من أجل تحييد موقف اسرائيل في الحرب
الاوكرانية.
إنه بالرغم من وجود دعوة عامة من روسيا لرئيس
حركة حماس اسماعيل هنية للقاء لافروف ، فإن هذا لا يعني بالضرورة أن الروس في جيب حماس.
قبل نحو أسبوعين
، تحدث هنية عبر الهاتف مع وزير الخارجية الروسي ، وبحث معه ما وصفته حماس بـ
"العدوان الإسرائيلي على الأقصى".
حماس تحاول استغلال
ما يحدث لمصالحها الخاصة ، لكن حتى الآن لا يوجد اختراق يجعل الروس حليفاً لحماس ،
على الأقل ليس في هذه المرحلة. وروسيا من جهتها لا تخفي علاقاتها مع حماس ، وفي الماضي
كانت هناك محاولات من قبل التنظيم في غزة لإشراك الروس في قضية المصالحة الفلسطينية
الداخلية مع فتح.
كذلك تأتي زيارة
حماس الى موسكو من أجل الالتفاف على البرود التركي مع الحركة في الأشهر الاخيرة،
مع سعي أنقرة لتحسين علاقاتها مع الدول العربية وخاصة مصر والسعودية والإمارات،
وفشل دور الحركة في دعم تركيا على الأرض في سوريا.
بعد البرودة التي
تتلقاها حماس من الأتراك ، تشير المنظمة إلى أنها ترى أهمية في إعادة العلاقات مع سوريا.
كما تتذكرون ، طُردت شخصيات بارزة من حماس من سوريا في بداية الحرب الأهلية في البلاد
بعد تصريحات خالد مشعل ، أحد كبار قادة حماس ، الذي انتقد تصرفات نظام الأسد. بالنظر
إلى النفوذ الروسي في سوريا ، تأمل حماس أن يعيد الروس فتح أبوابهم لدمشق.
تصريحات أبو
مرزوق كشفت عن مساعي حركة حماس لاعادة علاقتها مع
الحكومة السورية، عقب انقطاع العلاقات واتخاذ الحركة موقف مناوئ لدمشق بعد
اندلاع الازمة السورية في 2011، واصطفاف الحركة بقيادة خالد مشعل آنذاك إلى مشروع تركيا وجماعة
الاخوان الإرهابية في سوريا، وهو ما اعتبرته حكومة الرئيس السوري بشار الأسد
وايران وحزب الله خيانة لسوريا والمحور الإيراني.
وعبر أبو مرزوق من
موسكو عن أمله أن "تكون هناك الكثير من التغيرات التي تسمح فعلًا باستئناف علاقاتنا
مع دمشق والأساس في مثل هذه الأمور هو علاقتنا مع شعبنا الفلسطيني الموجود في سوريا
ونأمل أن تكون هناك تغيرات إيجابية في المستقبل".
وقال رئيس مكتب العلاقات
الوطنية، وعضو المكتب السياسي للحركة حسام بدران، إن الزيارة إلى موسكو تأتي في
"إطار توثيق العلاقات الثنائية بين الحركة وبين الحكومة الروسية"، نافيًا
أن يكون لها علاقة بملف المصالحة".